وصف الوزير الأول السيد عبد المالك سلال نتائج زيارته إلى الصين بالجد مرضية، مؤكدا أنها تعطي "هبة جديدة" للعلاقات بين الجزائر وهذا البلد الآسيوي الكبير لاسيما في المجال الاقتصادي، حيث توجت بالتوقيع على العديد من اتفاقات الشراكة الثنائية التي تندرج في إطار تنفيذ اتفاق شراكة استراتيجية شاملة. 

وأوضح السيد سلال، أول أمس، بشنغهاي التي كانت آخر محطة من زيارته إلى الصين، أن اتفاق الشراكة تم تعزيزه بوضع المخطط الخماسي للتعاون الاستراتيجي الشامل للفترة  2014 / 2018، مضيفا أن زيارته تركزت أساسا على الجانب الاقتصادي، بهدف توجيه التعاون نحو مجالات تستهدفها السياسة الاقتصادية (للجزائر)، الرامية أساسا إلى تنويع الاقتصاد، من خلال تعزيز الاستثمارات في القطاعات خارج المحروقات.

واعتبر السيد سلال أنه من المقرر أن تتضاعف  مشاريع الاستثمارات المنتجة الصينية في الجزائر في مختلف قطاعات النشاطات مثل الصناعة والفلاحة، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه من المفروض أن تعود  مشاريع الشراكة المستقبلية بالفائدة على الطرفين وأن تفيد الاقتصاد الجزائري لأن "الخزينة العمومية - كما  قال - لا يمكنها أن تبقى (تتحمل) وحدها الاحتياجات "المالية" لتطوير الاقتصاد الوطني"، مشيرا في هذا الصدد إلى أهمية تعزيز الاستثمارات المنتجة. 

وكان الوزير الأول قد حل أول أمس، بشنغهاي قادما من بكين، حيث زار ميناء يانغ شان، وأعرب بهذه المناسبة عن أمله في أن تستفيد الجزائر من خبرة ميناء يانغ شان لإنجاز المشروع الجديد لميناء الوسط الذي سيقام بين شرشال (ولاية تيبازة) وتنس (ولاية الشلف) وتطوير هياكلها المرفئية التي تعد عنصرا لوجستيكيا أساسيا لدعم الاستثمارات والتجارة الخارجية.

وفي هذا الصدد، أبدى الطرف الصيني، ممثلا في مجموعة "شنغهاي تونغ شنغ إنفستمنت" التي قامت بالدراسة المتعلقة بالإنجاز والبناء والتي تضمن تسيير الميناء، اهتمامه وإرادته في تقاسم خبرته مع الجزائر في هذا المجال.  

وقد تم إنجاز هذا الميناء الذي دخل حيّز الخدمة عام 2005 على جزيرة تقع على بعد 32 كلم من المنطقة الحضرية لشانغهاي ويمثل امتدادا للميناء القديم لهذه المدينة. 

أما بالنسبة لميناء الجزائر الجديد، فسيتم تهيئته لاستقبال بواخر الجيل الجديد وبفضاءات هامة للمعالجة خاصة الحاويات، إلى جانب قاعدة إمدادات. 

كما زار سلال برج التلفزيون "لؤلؤة الشرق" الذي يعتبر أقدم برج لشنغهاي ورمزا لتطورها، قبل أن يتوجه أيضا إلى المتحف التاريخي لشنغهاي الواقع في هذا البرج، حيث صورت كل مراحل تطور هذه المدينة. 

وقبل أن يغادر سلال برج "لؤلؤة الشرق"، وقع على السجل الذهبي لهذا المبنى وقدم له مجسما صغيرا يمثل هذا البرج. 

من جهة أخرى، اقترح الوزير الأول خلال لقاء جمعه مع عمدة شنغهاي السيد يانغ تشيونغ دراسة إمكانية إقامة توأمة بين هذه المدينة الصينية ومدينة جزائرية، حيث أكد السيد سلال في هذا الصدد على العلاقات السياسية "المميزة" والتحسن المعتبر الذي تشهده العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مشيرا إلى أهمية تواجد المؤسسات الصينية بالجزائر. 

وفي هذا الصدد، دعا الوزير الأول عمدة شنغهاي إلى المساهمة في تشجيع المؤسسات الصينية إلى المشاركة أكثر في الاستثمارات المنتجة بالجزائر. 

كما ذكر السيد سلال بالتوقيع على اتفاقات وعقود ومذكرة تفاهم بين البلدين خلال المنتدى الاقتصادي الجزائري - الصيني المنعقد الثلاثاء الماضي ببكين، حيث تم التوقيع على 15 بروتوكول اتفاق وعقود ومذكرة تفاهم تتعلق أساسا بمجال الصناعة والمناجم والفلاحة والسياحة. وأعرب في هذا الصدد عن أمله في مضاعفة الشراكات "التي تعود بالمنفعة على الطرفين".

من جهته، عبر عمدة شنغهاي عن الاستعداد الكامل لبلديته في بذل المزيد من الجهود من أجل توسيع التعاون مع الجزائر، مؤكدا أن إمكانية إقامة توأمة مع مدينة جزائرية قد تتم دراستها "بجدية". وقد استقبل السيد سلال خلال زيارته إلى الصين من قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، كما تحادث مع نظيره الصيني ومع رئيس اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني يو زينغ شينغ. من جانبه، وصف وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، يوم الأربعاء الماضي، تنظيم المنتدى الجزائري - الصيني حول التجارة والاستثمارات ببكين بـ"خطوة أولى" في تجسيد الاتفاق حول الشراكة الإستراتيجية بين البلدين. 

وأوضح الوزير في تصريح لـ(وأج) على هامش المنتدى الجزائري - الصيني حول التجارة والاستثمارات الذي عقد بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال أن "الإشارة الأولى التي تجلت عن هذا الاجتماع هي القفزة النوعية في العلاقات لتوجيه المبادلات التجارية نحو شراكات للإنتاج المشترك".

وأضاف أن "الإشارة القوية الأخرى التي انبثقت عن هذا اللقاء الكبير، تتمثل في أنها المرة الأولى التي يقوم فيها وزير أول (جزائري) بزيارة إلى الصين على رأس وفد هام يضم أزيد من ستين مؤسسة عمومية وخاصة". 

وأكد السيد بوشوارب أن الاتفاقات العشرين التي تم التوقيع عليها بمناسبة هذه الزيارة في شتى المجالات مثل مواد البناء والفلاحة والصناعة، "تبرز إرادة البلدين في المضي قدما وتعزيز الشراكة من خلال اتفاقات للإنتاج المشترك في الجزائر". 

كما تطرق الوزير إلى الشراكة الجزائرية الصينية في قطاع المناجم، مذكرا بالتوقيع على اتفاقين اثنين مع الصينيين لاستغلال الذهب والمنغنيز، مضيفا أن "هذا ما هو إلا تمهيد كوننا نتحادث مع الطرف الصيني حول معادن أخرى مثل حديد غار جبيلات وغيرها".

وبعد أن جدد إرادة الجزائر في تطوير قاعدة "هامة" للحديد والصلب، أشار السيد بوشوارب إلى المباحثات الجارية حاليا مع الصينيين لمساعدة الجزائر على "وضع شبكة في إطار المناولة، كوننا نتمتع اليوم بقاعدة ميكانيكية جد واسعة عبر مدن تيارت وسيدي بلعباس والرويبة وقسنطينة".  يذكر أن السيد سلال كان مرفوقا خلال هذه الزيارة بكل من وزير الصناعة والمناجم، عبد السلام بوشوارب والتجارة، عمارة بن يونس والسكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون، إضافة إلى وفد هام يضم رؤساء مؤسسات عامة وخاصة.