المركز الوطني للمخطوطات بأدرار
تنسيق مع ملاّك الخزائن لإنقاذ المخطوطات
- 721
بوشريفي بلقاسم
تزخر منطقة أدرار بتراث كبير أهّلها لأن تكون خزّانا وطنيا يحوي ثروة من المخطوطات المكدّسة عبر مختلف الخزائن المنتشرة عبر إقليم الولاية، بتعداد يفوق 50 خزانة تضم 12 ألف مخطوط ـ حسب الإحصائيات الرسمية ـ هي اليوم ملك للخواص والعائلات التي ورثتها أبا عن جد، وتكتسي أهمية بالغة بسبب قيمتها العلمية والثقافية والدينية.
وضعية هذا التراث الوطني القيّم الذي أصابه الاهتراء، دفعت بالسلطات إلى دق ناقوس الخطر؛ قصد حمايته من الاندثار والزوال. وتبلورت مساعي التدخل عند القائمين على الشأن الثقافي؛ بهدف الحفاظ على هذا الإرث، وجعله في متناول الباحثين مع ترقية وضعيته.
وتَقرّر إنجاز مركز وطني للمخطوطات بولاية أدرار لأجل الاهتمام بتراث المخطوط الذي يحمل في طياته تاريخ مجتمع وحضارة.
وبالمناسبة، أوضح الدكتور أحمد جعفري مدير المركز، أنّه يتم السعي لترقية هذا المخطوط بالتعاون مع أصحاب الخزائن؛ من خلال حملات تحسيسية تشيد بالحفاظ على المخطوطات، وبضرورة التعاون مع المركز لحماية هذه الكنوز بالوسائل العلمية وبالفهرسة والترميم والتصوير والتنظيف وعلاج المخطوط؛ حتى لا يزول أو يندثر.
وفيما يتعلق ببعض أصحاب الخزائن فهم لا يحبّذون التخلي عن مخطوطاتهم المتوارَثة، لكنّهم واعون بضرورة التدخّل من أجل صيانتها، وبالتالي يتوجّهون إلى المركز لطلب المساعدة والتدخّل، وبالتالي ترميم ما يمكن ترميمه حتى تلك المخطوطات المنتشرة عبر قصور ولاية أدرار.
ومن بين ما يوجد في المنطقة خزانة تمنطيط التي تحتوي، حسب ملاّكها، على أكثر من 700 مخطوط، وهم يتعاملون مع المركز بشكل جيد، ولكن تبقى فكرة أخذ المخطوط والاستيلاء عليه نهائيا، غير مستساغة، علما أنّ الكثيرين يربطون بين ضياع المخطوط وضياع الخزينة كتراث عائلي لا ينبغي التنازل عنه لأيّة جهة مهما كانت، لكن مقابل ذلك، يتّفق الملاّك على قيمة الجهود واهتمام الدولة بالمخطوط والخزائن، لتبقى، حسبهم، مفتوحة على مصراعيها لكل من يرغب في الاطلاع عليها.
وأكّد الدكتور أحمد جعفري مدير مخبر المخطوطات بغرب إفريقيا من جامعة أدرار، أنّ غزارة الإنتاج العلمي ساهمت في ازدهار حركة نسخ مؤلّفات المخطوط التي لها أبعاد اجتماعية طويلة الزمن، مما ساهم في نشر العلوم بشتى أنواعها في غرب إفريقيا، انطلاقا من أدرار إلى السنغال بواسطة الرحّالة التجّار والقوافل.
وفي السنوات الأخيرة، انتشر الوعي بأهمية تراث المخطوط، مما كان عاملا أساسيا في إنقاذه من الضياع بواسطة الباحثين والمتخصصين، ليتم إنشاء المركز الوطني للمخطوطات بأدرار، لتبقى هذه الأخيرة قلعة لتراث المخطوط، مشيرا إلى أنّ الجامعة اليوم تعمل سويا مع المركز لأجل تطوير المخطوط، فنظمّت عدّة ملتقيات دولية حول المخطوطات في غرب إفريقيا، كما تتعامل مع أصحاب الخزائن لأجل نشر ثقافة ترقية المخطوطات والحفاظ عليها؛ باعتبارها ذاكرة جماعية جزائرية، ولكل مواطن الحق في الاطلاع وأخذ المعلومات منها.
ونتيجة هذا الوعي أصبح أصحاب الخزائن يتفاعلون مع الهيئات المتخصصة لأجل إدخال عنصر التكنولوجيا المكتبية، وكذا الحفظ والترميم والفهرسة وإعادة النسخ والتصوير. كما يقوم المركز الوطني من حين لآخر بتنظيم أيام دراسية وكذا جولات ميدانية، للاطلاع على واقع الخزائن، مع تقديم إرشادات والدعم في كيفية الحفظ ونقل المخطوط من الخزائن، للعلاج بالمركز، ويتم إعادته إليها بموافقة أصحابها. كما يوجد بالمركز عدّة مخطوطات، أهداها أشخاص من كلّ ربوع الوطن، ليسعى جاهدا إلى تجميع المخطوطات بالمركز، على الأقل النسخ الثانية منها. وعموما، هذه الحركية في الحفاظ وترقية المخطوطات بولاية أدرار، أعطت نتائج إيجابية، وبالتالي أصبحت مقروئية المخطوط أكثر من أيّ وقت مضى بعد إدخال أسس علمية ساعدت الطلبة والباحثين في شتي العلوم التي يحتويها المخطوط، في ترجمة حضارة ذات قيم إنسانية وعلمية.