ملتقى الرواية والسينما بوهران

الرواية أجرأ من السينما في تناول الثورة التحريرية

الرواية أجرأ من السينما  في تناول الثورة التحريرية
  • 1128
خ. نافع خ. نافع
أكّد الكاتب واسيني الأعرج في مداخلة عنوانها ”عقدة الثورة التحريرية الجزائرية في السينما”، في اليوم الثاني من أشغال الملتقى الدولي حول الرواية والسينما بوهران، أنّ السينما الجزائرية غائبة، وأثبتت فشلها في التعبير وتناول محور الثورة بما يتجاوز النظرة الأحادية، وظلّت معالجتها والخوض فيها حماسيين جدا، وهو نفس التوجّه الذي تميّزت به الرواية في تلك الفترة، هذا المنظور الأحادي يتمثّل في ثنائية المستعمر السيد والمناضل المثالي.
قال الدكتور واسيني الأعرج إنّ السينما الجزائرية انتقلت إلى معالجة المشاكل الاجتماعية مع جيل من المخرجين، على غرار محمد بوعماري ومرزاق علواش في أفلامهما التي امتلكت الجرأة في نقد فترة ما بعد الثورة، على غرار فيلم ”عمر قتلاتو الرجلة”، وهو ما سمح بالانتقال من تمجيد الثورة إلى نقدها، وبالتالي التحرّر من قيود النظرة الأحادية في الطرح السينمائي.
وأشار واسيني الأعرج إلى أنّ الجزائر كانت تمتلك سينما قوية خلال سبعينات القرن الماضي، جعلت منها سينما رائدة في العالم الثالث وإفريقيا، لكنها كُسرت بالإرادة؛ مما جعلها تفقد أولويتها. وتشهد السينما الجزائرية حاليا عودة إلى إنتاج أفلام سينمائية حول الثورة، فيما تبقى الإشكالية الوحيدة في طريقة العودة إلى التاريخ، وبرغم هذا كلّه ـ يضيف واسيني ـ لم تتغيّر وجهة النظر النقدية في مجمل هذه الأفلام، وما يجب أن تقوم به حاليا الأفلام التي تطرح قضية الثورة الجزائرية هو الذهاب إلى أبعد حدّ في الشخصية التاريخية، التي يتمّ التطرّق إليها في هذه الأفلام، فيما كانت الرواية أكثر جرأة في التطرّق وطرح مسألة الثورة الجزائرية.من جهتها، طرحت الدكتورة يولاندا غواردي مؤسّسة قسم اللغة العربية بجامعة ميلانو الإيطالية، مسألة تقاطع الرؤى بين الروائي عبد الحميد بن هدوقة والمخرج سليم رياض حول رواية ”ريح الجنوب”، التي حُوّلت إلى فيلم سينمائي، حيث صوّر سليم رياض من خلال البطلة ”نفيسة”، وضعية المرأة وواقعها الاجتماعي آنذاك، داعيا من خلالها إلى التحرّر وأخذ زمام الأمور، فيما بدا طرح الروائي عبد الحميد بن هدوقة مغايرا، متشعّبا، مركّزا على الظروف المحيطة بالمرأة بين الريف والمدينة.
كما اعتبر الكاتب الجزائري محمد جعفر، في مداخلته حول ”ثورات الشعوب في السينما والرواية”، أنّ الرواية من أهم أساليب التعبير عن الواقع الاجتماعي، لكن يجب أن نعي، حسبه، أنّ العلاقة بين الرواية والسينما هي علاقة تاريخية، ارتبطت بتاريخ الثورة من خلال استنباطها من روايات كبرى أرّخت للثورة، على غرار روايتي ”الدار الكبيرة” و«ريح الجنوب”.
وشهدت فترة الستينات إنتاج 21 فيلما ثوريا جزائريا، ليتراجع العدد إلى 15 فيلما خلال فترة السبعينات، ليعود عدد الأفلام الثورية المنتجة خلال سنوات الثمانينات، إلى 26 فيلما، فيما نشهد حاليا عودة قوية للأفلام الثورية. ونلاحظ ـ حسب محمد جعفر ـ انحصار الخطاب السينمائي، واقتصاره على تمرير الخطاب السياسي، ”فيما تنقل الرواية خطابا مغايرا وإنسانيا بامتياز، وهذا يجرنا إلى الحديث والجزم بأنّ الأفلام نادرا ما تخلص للرواية”.
من جهته، تناول الأستاذ مراد وزناجي من كلية الإعلام بجامعة الجزائر، إشكالية ”الثورة التحريرية في السينما الجزائرية، الدلالة والتأثير”، أكّد فيها أنّه بعد مرور أزيد من 50 سنة على استقلال الجزائر، لازالت هناك أصوات تطالب بإعادة كتابة تاريخ الثورة التحريرية، وإذا كانت السينما كفن قائم بذاته غايتها إمتاع المشاهد والترفيه عنه، إلاّ أنّها تُعتبر من أهم الوسائل الاتصالية الفعّالة لقراءة ومراجعة تاريخ المجتمعات والشعوب وكتابته أيضا. وبالرغم من هامش الإبداع الذي يملكه السينمائي أثناء إنجازه لعمله، إلاّ أنّه مطالَب في كلّ مرة بعدم تزييف حقيقة الحدث التاريخي أو تشويهه.
وقال وزناجي إنّ الأفلام السينمائية الثورية الجزائرية صوّرت الحرب والمعارك لنقل واقع الحياة اليومية للسكان أثناء الثورة التحريرية؛ من خلال تجسيد البؤس والفقر وبعض الظواهر الاجتماعية التي تدخل ضمن الحياة اليومية للسكان، غير أنّها لم تعالَج بالشكل التام، وتركت مواضيع أخرى ضمن الطابوهات.