رفع شكوى ضد بنك الجزائر واللجنة المصرفية والمسيّر الإداري والمصفي
دفاع خليفة يستند لنظرية "المؤامرة" في التماس البراءة والتخفيف
- 1045
البليدة: محمد / ب
طالب دفاع المتهم رفيق عبد المومن خليفة، هيئة محكمة الجنايات للبليدة، برفض تأسيس بنك الجزائر كطرف مدني في قضية بنك الخليفة بعد النقض، "باعتباره شارك في رقابة الخليفة البنك، وفي قرار سحب الاعتماد من هذا البنك"، وذهب إلى أبعد من ذلك بإعلانه رفع شكوى قضائية ضد كل من محافظ بنك الجزائر، والمتصرف الإداري والمصفي وكذا رئيس اللجنة المصرفية والمفتش العام لبنك الخليفة، متهما هؤلاء "بتدبير مهمة تدمير بنك الخليفة وتغليط العدالة"، فيما اعتبر المحامي مروان مجحودة، بأن متابعة "الفتى الذهبي" تمت على أساس تهمة "اختلاس أموال خاصة" التي وصفها بـ"التهمة الباطلة".
وبرأي نفس المحامي فإن بنك الجزائر "لم يكن من حقه التأسس كطرف مدني، وحمل شكاوى كل ضحايا بنك الخليفة، بالنظر إلى كونه هيئة مصرفية شاركت في الرقابة على بنك الخليفة، وكذا في إقرار سحب الاعتماد من هذا البنك"، ودعا إلى استبعاد كل الحسابات والمبالغ التي صرّح المصفي "بالنظر إلى كونها حسابات لم يتم المصادقة عليها من قبل محافظي الحسابات"، لافتا في نفس السياق إلى أن محافظي الحسابات اللذين عينهما المتصرف الإداري، محمد جلاب "كان يفترض أن يقدما تقريرهما ولكنهما لم يقوما بذلك".
وقدم الأستاذ مجحودة، أمام هيئة المحكمة إبلاغا بوقائع قال بأنه يمثل شكوى سيقوم بإيداعها لدى النائب العام، ضد كل من محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، المتصرف الإداري لبنك الخليفة محمد جلاب، مصفي البنك منصف باتسي، رئيس اللجنة المصرفية التي اتخذت قرار سحب الاعتماد من بنك الخليفة على تواتي، وكذا المفتش العام لبنك الجزائر محمد خموج، وذلك بدعوى أن "كل هؤلاء تواطؤوا في عملية مدبّرة لتدمير بنك الخليفة".
وخلال سرده لمختلف المراحل التي عرفها مسار تواجد بنك الخليفة في الساحة المصرفية، سعى محامي المتهم الرئيسي في القضية إلى لفت انتباه هيئة المحكمة والحضور في قاعة الجلسات إلى أن "بنك الخليفة دبّرت له مؤامرة، أهدافها خدمة المصالح الأجنبية، باعتبار أن البنك كان يقلق المستثمرين الأجانب وخاصة منهم الفرنسيون، ما استدعى تدميره لإخلاء الساحة لهؤلاء" على حد تعبيره.
وربط المحامي في تعليل طرحه هذا بين تاريخ إقرار سحب الاعتماد من البنك الخليفة، والذي تم في 2 مارس 2003، وزيارة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، رفقة وفد كبير من رجال الأعمال الفرنسيين إلى الجزائر والتي كانت في نفس اليوم".
وأضاف المتحدث أن بنك الخليفة عرف فيما بعد مرحلة إنشاء الفروع التي كانت تتكامل في وظيفتها مع عمل البنك على غرار الخليفة للطباعة، التي كانت تتولى عملية طبع الوثائق البنكية، فيما وصف المحامي المرحلة الثالثة بـ«مرحلة الاستفزاز التي كانت تتم من قبل بنك الجزائر"، قائلا في نفس الصدد بأن "بنك الجزائر ومن خلال المفتش العام محمد خموج، لم يدع بنك الخليفة يعمل بشكل عادي، وذلك تزامنا مع تنامي رغبة قوية لدى المؤسسات الأجنبية للدخول إلى الجزائر، مقابل انتشار واسع لبنك الخليفة عبر التراب الوطني".
أما المرحلة الثالثة التي مر بها بنك الخليفة فأسماها المحامي مجحودة بـ«مرحلة التآمر" والتي أشار فيها إلى قرار تجميد نشاط التجارة الخارجية، لافتا إلى أن "محافظ بنك الجزائر قدم تصريحات متناقضة بخصوص دوره في هذا القرار ما بين المحاكمة التي تمت في 2007، والمحاكمة الحالية"، فيما وصف المرحلة التي جاءت بعدها بـ«مرحلة التحايل" التي شملت ـ حسبه ـ تعيين المتصرف الإداري، "والتحضير لمرحلة التدمير الكلي لبنك الخليفة". مشيرا إلى أن "السيد جلاب لم يشر في تقريره الأول في أفريل 2003 إلى الـ4 ملايير سنتيم التي وجدها بالصندوق المركزي لبنك الخليفة وحولها إلى بنك الجزائر".
ولم يتوان محامي المتهم عبد المومن خليفة، في وصف كافة الإجراءات التي اتخذتها الهيئات العمومية المذكورة التي تولت مهام التفتيش، التسيير الإداري والتصفية ببنك الخليفة، بـ«الخيانة العظمى"، مشيرا إلى أن "مصالح الدرك الوطني التي كانت لها مهمة التحقيق عن طريق الإنابات القضائية، حررت تقريرا عن التجاوزات والخروقات التي ارتكبت من قبل المصفي منصف باتسي، ومنها تسجيل حساب بـ800 ألف دولار تابع لمؤسسة "ديبروشيم" وتمت مقاصاته بين هذه الشركة وشركة أخرى تسمى "أم في أس".
كما اتهم المحامي مجحودة، المصفي منصف باتسي، بإهمال التجهيزات التي تمت سرقتها من فرع "الخليفة للإعلام الآلي" والمقدرة قيمتها طبقا لتقرير الدرك الوطني بأكثر من 8 ملايين دينار، كما أعاب عليه التصريح بأن محطات تحلية مياه البحر الثلاث التي تم إرسال طلبية استلامها من الشركة السعودية "أوتا سيت" كانت قد ضاعت، "في حين أنه كان يعلم بأنها كانت قيد التصنيع بأثينا ورومانيا"، وشكك أيضا في الأرقام التي قدمها المصفي بخصوص ديون بنك الخليفة، معتبرا من غير المنطقي أن ترتفع هذه الديون من 77 ألف مليار في 2007 إلى 104 مليار دينار في 2014.
وانطلاقا من كل الملاحظات التمس المحامي مروان مجحودة، من هيئة المحكمة عدم الأخذ بعين الاعتبار شهادات أعضاء اللجنة المصرفية وبنك الجزائر واتخاذها فقط على سبيل الاستدلال، وأكد بأنه لن يسكت أمام تصرفات ممثلي الهيئات التي سبق ذكرها وسيقوم بإبلاغ النيابة العامة لمتابعتهم بجريمة، مضيفا يقوله "لا يمكن أن نقول بأن هذه الجرائم يمسها التقادم لأن القضية لازالت قائمة".
واعتبر المتحدث أن العقود المزوّرة التي يتابع بشأنها موكله وكذا الموثق رحال "جاءت من العدم"، منتقدا طريقة القيام بالتحقيق في الأمر "والتي لم تتم بشكل يثبت كل الأدلة بما فيها أدلة النفي" على حد تعبيره، مشيرا في سياق متصل إلى أن أركان التهم الـ10 المنسوبة لموكله ليست ثابتة، ملتمسا البراءة له، والتخفيف له في تهمة السرقة المقترنة بالتعدد من منطلق أن هذه الجريمة تم تحويلها من جناية إلى جنحة بموجب التعديل الذي شمله قانون العقويات في 2006.
وإذ ذكر الأستاذ مجحودة، بأن المتهم عبد المومن خليفة، متابع مع 30 شخصا في قضية تشكيل جمعية أشرار، ولكن من اعتبروا شركاؤه وهما قليمي جمال واسريدير مراد، ليسا متابعين معه، مما يبعد عنه تهمة تشكيل جمعية أشرار، داعيا إلى استبعاد تهمة التزوير في محررات مصرفية عنه، بالنظر إلى كون التهمة تخص الاشعارات البنكية الـ11 التي تم العثور عليها في فترة المتصرف الإداري وليس في فترة مسؤولية عبد المومن خليفة على البنك، كما استغرب توجيه التهمة باستعمال العقد التأسيسي لبنك الخليفة إلى موكله "بينما الرئيس المدير العام الأول الذي أدار البنك هو قاسي علي، وليس عبد المومن خليفة". ليختم المحامي مروان مجحودة، مرافعته بدعوة هيئة المحكمة إلى مقاومة كل الضغوط" والنطق بالأحكام التي تنصف موكله..
من جهته الأستاذ نصر الدين لزعر، المحامي الثاني للمتهم عبد المومن خليفة، بدأ مرافعته بالتنويه بالتسهيلات التي حظيت بها أطراف الدفاع من قبل رئيس هيئة المحكمة خلال مسار هذه المحاكمة التي وصلت أمس، يومها الـ34 من عمرها، أشار إلى أن هناك العديد من أوجه الاتهام التي يمكن إسقاطها على عبد المومن خليفة، موضحا بأن دفاع المتهم واجه خلال المحاكمة أربعة أطراف تمثلت في النيابة العامة، اللجنة المصرفية، بنك الجزائر ومصفي بنك الخليفة.
وإذ اعتبر بأن النيابة العامة "قامت بتضخيم الأمور"، اتهم المحامي لزعر، اللجنة المصرفية "بالاعتماد على الوقائع من منطلق سلطوي دون تمكين أطراف الدفاع من المناقشة"، بينما اعتبر بدوره بأنه "ليس من حق بنك الجزائر أن يتأسس كطرف مدني"، واستغرب اعتبار مصفي بنك الخليفة نفسه كضحية "وأعطى أهمية لنفسه كطرف في الاتهام".
واعتبر الأستاذ لزعر، بأن تأسيس بنك الخليفة تم وفق أطر قانونية، غير أنها ليست لها علاقة بالقرض الذي قيل بأن عبد المومن خليفة طلبه لمصلحة مؤسسة "الخليفة للدواء"، وتساءل في هذا الصدد "ما الذي يمنع عبد المومن خليفة، من طلب قرض لتأسيس البنك بشكل مباشر"، قبل أن ينتقل إلى قضية عقدي الرهن اللذين لم يتم حسب المحامي، إعدادهما "لا من قبل الموثق رحال، ولا من قبل عبد المومن خليفة ولا من قبل أحد أفراد عائلته"، مستدلا في هذا السياق بالأخطاء التي شملها وصف البيت الذي تم رهنه. كما أشار إلى أنه "لو كان هناك طلب للحصول على عقد لتم إيجاد ملف الطلب على مستوى بنك التنمية المحلية"، مقدّرا بأن السر الكامن وراء هذين الوثيقتين "هو منطلق تدبير تهمة التزوير واستعمال المزور للمتهم عبد المومن خليفة".
وذهب المحامي لزعر، في نفس الاتجاه الذي اتخذته مرافعة زميله مجحودة، باتهام بنك الجزائر واللجنة المصرفية بتكسير بنك الخليفة، مضيفا بأن الهيئات المذكورة قامت أيضا بعرقلة انتشار هذا البنك في الخارج، من خلال رفض مساعدة عبد المومن خليفة في إنشاء بنك في ألمانيا، مقدرا بأن "قرار تصفية بنك الخليفة "جاء كإجراء عقابي ضد بنك الخليفة وليس تبعا لإفلاسه"، قبل أن يتساءل "كيف لجمعية أشرار أن تدفع الضرائب"، في إشارة إلى أن بنك الخليفة كان يعمل بشكل عادي ويطمح كغيره من المؤسسات في تحقيق الربح كما كان يوفي بكل التزاماته الاقتصادية، "لا يعقل أن يتابع المسؤولون فيه اليوم بتهمة تشكيل جمعية أشرار".
وبرأي المحاميين فإن المتهم مولود توجان، المتابع بجناية تكوين جمعية أشرار، السرقة المقترنة بظرف التعدد، خيانة الأمانة، النصب والاحتيال والتزوير في محررات مصرفية، لا يمكن مواجهته بتهمة جديدة، من خلال سؤال احتياطي، "لأن ذلك يضيف له تهمة جديدة يفترض أن تكون لها إجراءات خاصة تستدعي إضافة التهمة في قرار الإحالة أو تأجيل المحاكمة لفتح تحقيق حولها بداعي الإهمال".
كما اعتبر دفاع المتهم توجان، بأن نسب تهمة السرقة لموكلهما يستلزم ذكر المال المسروق، بينما اعترضا على تهمة تكوين جمعية أشرار المتابع بها نفس المتهم، "لكونه موظف عادي في البنك ولم يكن مسؤولا مسيّرا ولا مساهما"، واستغربا في الوقت نفسه توجيه تهمة الخيانة لموكلهما، "في حين أن هذه الأمانة غير موجودة ولم يعرض أي شيء أؤتمن عليه للتلف أو التبديد". وتساءلت المحامية وعلي نصيرة، عن سبب عدم السماع للمتهم توجان مولود، من قبل اللجنة التي أنشأها المتصرف الإداري محمد جلاب، في مارس 2003، "مع أنه هو الذي رفض التوقيع على الكتابات المصرفية الـ11 التي كانت منطلق القضية"، مذكّرا بأن موكلها بقي رغم كل ما وقع يعمل مع المتصرف الإداري ثم مع مصفي بنك الخليفة إلى يومنا هذا، "ما يعبّر عن نيته الصادقة في تنوير كل الأطراف حول ما وقع في هذا البنك".
كما ذكرت بأن مفتشي بنك الجزائر كانوا على علم بأن بنك الخليفة يعمل بمديرين اثنين للمحاسبة، ولكنهم لم يتخذوا أي إجراء تأديبي، مع الإشارة إلى أن موكلهما توجان مولود قام في 2002 بتوجيه تقرير إلى المديرية العامة لبنك الخليفة يتضمن كل التجاوزات والخروقات التي كانت حاصلة بفعل تعيين مدير ثان في نفس المنصب الذي كان يعمل فيه.
أما بخصوص المتهم رضا عبد الوهاب، فأشارت المحامية إلى أنه "لم تكن تربطه أية علاقة مع المتهمين الآخرين لأنه كان يتكفّل بالأمور الشخصية لعبد المومن خليفة، مذكّرة بأن موكلها الذي أجبره المرض على مغادرة صفوف الجيش الوطني الشعبي وهو برتبة رائد، هو الذي طلب توظيفه لدى عبد المومن بسبب ظروف اجتماعية.
وأبرزت المتحدثة أقوال موكلها بخصوص إرساله من قبل مسؤوله عبد المومن خليفة لعدة مرات إلى أكلي يوسف، من أجل إحضار الأموال، واعتبرت ذلك قول صدق من موكلها "وذلك باعتراف المتهم عبد المومن خليفة، الذي أقر أمام هيئة المحكمة بأنه هو الذي كان يرسل رضا عبد الوهاب لجلب تلك الأموال"، قبل أن تخلص المحامية إلى أنه "لا وجود لأية أدلة على أن كلا من رضا عبد الوهاب وتوجان مولود ارتكبا جريمة السرقة"، ملتمسا البراءة لموكليها من كل التهم المنسوبة إليهما.
وبرأي نفس المحامي فإن بنك الجزائر "لم يكن من حقه التأسس كطرف مدني، وحمل شكاوى كل ضحايا بنك الخليفة، بالنظر إلى كونه هيئة مصرفية شاركت في الرقابة على بنك الخليفة، وكذا في إقرار سحب الاعتماد من هذا البنك"، ودعا إلى استبعاد كل الحسابات والمبالغ التي صرّح المصفي "بالنظر إلى كونها حسابات لم يتم المصادقة عليها من قبل محافظي الحسابات"، لافتا في نفس السياق إلى أن محافظي الحسابات اللذين عينهما المتصرف الإداري، محمد جلاب "كان يفترض أن يقدما تقريرهما ولكنهما لم يقوما بذلك".
وقدم الأستاذ مجحودة، أمام هيئة المحكمة إبلاغا بوقائع قال بأنه يمثل شكوى سيقوم بإيداعها لدى النائب العام، ضد كل من محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، المتصرف الإداري لبنك الخليفة محمد جلاب، مصفي البنك منصف باتسي، رئيس اللجنة المصرفية التي اتخذت قرار سحب الاعتماد من بنك الخليفة على تواتي، وكذا المفتش العام لبنك الجزائر محمد خموج، وذلك بدعوى أن "كل هؤلاء تواطؤوا في عملية مدبّرة لتدمير بنك الخليفة".
المتابعة بدأت بتهمة باطلة وتدميره كان لحساب الأجانب
واعتبر المحامي مجحودة مروان، في مرافعته بأن "قضية بنك الخليفة انطلقت بتهم باطلة تم الاستناد عليها في مذكّرة التوقيف الدولية التي صدرت ضد عبد المومن خليفة. وتمثلت في اختلاس أموال خاصة قبل إعادة تكييفها لتصبح اليوم تتضمن عدة تهم"، وأشار إلى أنه "من وجهة نظر قانونية لا يمكن متابعة عبد المومن خليفة، بتهمة اختلاس الأموال الخاصة لأنه لا يحمل صفة الموظف العام".وخلال سرده لمختلف المراحل التي عرفها مسار تواجد بنك الخليفة في الساحة المصرفية، سعى محامي المتهم الرئيسي في القضية إلى لفت انتباه هيئة المحكمة والحضور في قاعة الجلسات إلى أن "بنك الخليفة دبّرت له مؤامرة، أهدافها خدمة المصالح الأجنبية، باعتبار أن البنك كان يقلق المستثمرين الأجانب وخاصة منهم الفرنسيون، ما استدعى تدميره لإخلاء الساحة لهؤلاء" على حد تعبيره.
وربط المحامي في تعليل طرحه هذا بين تاريخ إقرار سحب الاعتماد من البنك الخليفة، والذي تم في 2 مارس 2003، وزيارة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، رفقة وفد كبير من رجال الأعمال الفرنسيين إلى الجزائر والتي كانت في نفس اليوم".
قصة بنك الخليفة بدأت بمغامرة الإنشاء وانتهت بالتدمير
وذكر المحامي في هذا الخصوص بأن بنك الخليفة، مر خلال تواجده بالساحة المصرفية بعدة مراحل، بدأت من مرحلة الإنشاء التي كانت ـ حسبه ـ "بمثابة المغامرة والجرأة بالنسبة لعبد المومن خليفة، في ظل ظروف مميّزة كانت فيها الجزائر غارقة في الدماء، ولم يكن هناك مستثمرون"، مذكّرا في سياق رده على قول النائب العام، بأن خليفة وضع كمينا للقوانين الجزائرية، بأن موكله "كان متواجدا في الساحة الاقتصادية الوطنية باستثماراته في مجال الأدوية".وأضاف المتحدث أن بنك الخليفة عرف فيما بعد مرحلة إنشاء الفروع التي كانت تتكامل في وظيفتها مع عمل البنك على غرار الخليفة للطباعة، التي كانت تتولى عملية طبع الوثائق البنكية، فيما وصف المحامي المرحلة الثالثة بـ«مرحلة الاستفزاز التي كانت تتم من قبل بنك الجزائر"، قائلا في نفس الصدد بأن "بنك الجزائر ومن خلال المفتش العام محمد خموج، لم يدع بنك الخليفة يعمل بشكل عادي، وذلك تزامنا مع تنامي رغبة قوية لدى المؤسسات الأجنبية للدخول إلى الجزائر، مقابل انتشار واسع لبنك الخليفة عبر التراب الوطني".
أما المرحلة الثالثة التي مر بها بنك الخليفة فأسماها المحامي مجحودة بـ«مرحلة التآمر" والتي أشار فيها إلى قرار تجميد نشاط التجارة الخارجية، لافتا إلى أن "محافظ بنك الجزائر قدم تصريحات متناقضة بخصوص دوره في هذا القرار ما بين المحاكمة التي تمت في 2007، والمحاكمة الحالية"، فيما وصف المرحلة التي جاءت بعدها بـ«مرحلة التحايل" التي شملت ـ حسبه ـ تعيين المتصرف الإداري، "والتحضير لمرحلة التدمير الكلي لبنك الخليفة". مشيرا إلى أن "السيد جلاب لم يشر في تقريره الأول في أفريل 2003 إلى الـ4 ملايير سنتيم التي وجدها بالصندوق المركزي لبنك الخليفة وحولها إلى بنك الجزائر".
ولم يتوان محامي المتهم عبد المومن خليفة، في وصف كافة الإجراءات التي اتخذتها الهيئات العمومية المذكورة التي تولت مهام التفتيش، التسيير الإداري والتصفية ببنك الخليفة، بـ«الخيانة العظمى"، مشيرا إلى أن "مصالح الدرك الوطني التي كانت لها مهمة التحقيق عن طريق الإنابات القضائية، حررت تقريرا عن التجاوزات والخروقات التي ارتكبت من قبل المصفي منصف باتسي، ومنها تسجيل حساب بـ800 ألف دولار تابع لمؤسسة "ديبروشيم" وتمت مقاصاته بين هذه الشركة وشركة أخرى تسمى "أم في أس".
كما اتهم المحامي مجحودة، المصفي منصف باتسي، بإهمال التجهيزات التي تمت سرقتها من فرع "الخليفة للإعلام الآلي" والمقدرة قيمتها طبقا لتقرير الدرك الوطني بأكثر من 8 ملايين دينار، كما أعاب عليه التصريح بأن محطات تحلية مياه البحر الثلاث التي تم إرسال طلبية استلامها من الشركة السعودية "أوتا سيت" كانت قد ضاعت، "في حين أنه كان يعلم بأنها كانت قيد التصنيع بأثينا ورومانيا"، وشكك أيضا في الأرقام التي قدمها المصفي بخصوص ديون بنك الخليفة، معتبرا من غير المنطقي أن ترتفع هذه الديون من 77 ألف مليار في 2007 إلى 104 مليار دينار في 2014.
وانطلاقا من كل الملاحظات التمس المحامي مروان مجحودة، من هيئة المحكمة عدم الأخذ بعين الاعتبار شهادات أعضاء اللجنة المصرفية وبنك الجزائر واتخاذها فقط على سبيل الاستدلال، وأكد بأنه لن يسكت أمام تصرفات ممثلي الهيئات التي سبق ذكرها وسيقوم بإبلاغ النيابة العامة لمتابعتهم بجريمة، مضيفا يقوله "لا يمكن أن نقول بأن هذه الجرائم يمسها التقادم لأن القضية لازالت قائمة".
من المتاعب الإدارية إلى المتاعب القضائية
وبعد محاولته إثبات وجود نية مسبقة لتدمير بنك الخليفة،" وجره إلى الموت والفناء"، أشار المحامي مجحودة، إلى أن "المتاعب الإدارية لبنك الخليفة تبعتها المتاعب مع الإجراءات القضائية التي تمت ضد المتهم عبد المومن خليفة"، موضحا بأن التقرير الأولي الذي أصدره المتصرف الإداري حول إفلاس البنك، "كان ينبغي أن توجه التهمة المستنبطة منه والمتمثلة في "الإفلاس الاحتيالي وتحويل أموال مشتركة" ضد كل من أكلي يوسف، وشبلي محمد، باعتبارهما مسؤولي الخزينة الرئيسية للبنك وليس ضد موكله عبد المومن خليفة، الذي كان في تلك الفترة خارج الوطن". كما تساءل المحامي عن "الدوافع التي أدت بقاضي التحقيق إلى إعادة تكييف القضية إلى اختلاس أموال خاصة وخيانة الأمانة، ثم بعدها إدراج تهم إضافية يتابع بخصوصها عبد المومن اليوم".واعتبر المتحدث أن العقود المزوّرة التي يتابع بشأنها موكله وكذا الموثق رحال "جاءت من العدم"، منتقدا طريقة القيام بالتحقيق في الأمر "والتي لم تتم بشكل يثبت كل الأدلة بما فيها أدلة النفي" على حد تعبيره، مشيرا في سياق متصل إلى أن أركان التهم الـ10 المنسوبة لموكله ليست ثابتة، ملتمسا البراءة له، والتخفيف له في تهمة السرقة المقترنة بالتعدد من منطلق أن هذه الجريمة تم تحويلها من جناية إلى جنحة بموجب التعديل الذي شمله قانون العقويات في 2006.
وإذ ذكر الأستاذ مجحودة، بأن المتهم عبد المومن خليفة، متابع مع 30 شخصا في قضية تشكيل جمعية أشرار، ولكن من اعتبروا شركاؤه وهما قليمي جمال واسريدير مراد، ليسا متابعين معه، مما يبعد عنه تهمة تشكيل جمعية أشرار، داعيا إلى استبعاد تهمة التزوير في محررات مصرفية عنه، بالنظر إلى كون التهمة تخص الاشعارات البنكية الـ11 التي تم العثور عليها في فترة المتصرف الإداري وليس في فترة مسؤولية عبد المومن خليفة على البنك، كما استغرب توجيه التهمة باستعمال العقد التأسيسي لبنك الخليفة إلى موكله "بينما الرئيس المدير العام الأول الذي أدار البنك هو قاسي علي، وليس عبد المومن خليفة". ليختم المحامي مروان مجحودة، مرافعته بدعوة هيئة المحكمة إلى مقاومة كل الضغوط" والنطق بالأحكام التي تنصف موكله..
من جهته الأستاذ نصر الدين لزعر، المحامي الثاني للمتهم عبد المومن خليفة، بدأ مرافعته بالتنويه بالتسهيلات التي حظيت بها أطراف الدفاع من قبل رئيس هيئة المحكمة خلال مسار هذه المحاكمة التي وصلت أمس، يومها الـ34 من عمرها، أشار إلى أن هناك العديد من أوجه الاتهام التي يمكن إسقاطها على عبد المومن خليفة، موضحا بأن دفاع المتهم واجه خلال المحاكمة أربعة أطراف تمثلت في النيابة العامة، اللجنة المصرفية، بنك الجزائر ومصفي بنك الخليفة.
وإذ اعتبر بأن النيابة العامة "قامت بتضخيم الأمور"، اتهم المحامي لزعر، اللجنة المصرفية "بالاعتماد على الوقائع من منطلق سلطوي دون تمكين أطراف الدفاع من المناقشة"، بينما اعتبر بدوره بأنه "ليس من حق بنك الجزائر أن يتأسس كطرف مدني"، واستغرب اعتبار مصفي بنك الخليفة نفسه كضحية "وأعطى أهمية لنفسه كطرف في الاتهام".
واعتبر الأستاذ لزعر، بأن تأسيس بنك الخليفة تم وفق أطر قانونية، غير أنها ليست لها علاقة بالقرض الذي قيل بأن عبد المومن خليفة طلبه لمصلحة مؤسسة "الخليفة للدواء"، وتساءل في هذا الصدد "ما الذي يمنع عبد المومن خليفة، من طلب قرض لتأسيس البنك بشكل مباشر"، قبل أن ينتقل إلى قضية عقدي الرهن اللذين لم يتم حسب المحامي، إعدادهما "لا من قبل الموثق رحال، ولا من قبل عبد المومن خليفة ولا من قبل أحد أفراد عائلته"، مستدلا في هذا السياق بالأخطاء التي شملها وصف البيت الذي تم رهنه. كما أشار إلى أنه "لو كان هناك طلب للحصول على عقد لتم إيجاد ملف الطلب على مستوى بنك التنمية المحلية"، مقدّرا بأن السر الكامن وراء هذين الوثيقتين "هو منطلق تدبير تهمة التزوير واستعمال المزور للمتهم عبد المومن خليفة".
وذهب المحامي لزعر، في نفس الاتجاه الذي اتخذته مرافعة زميله مجحودة، باتهام بنك الجزائر واللجنة المصرفية بتكسير بنك الخليفة، مضيفا بأن الهيئات المذكورة قامت أيضا بعرقلة انتشار هذا البنك في الخارج، من خلال رفض مساعدة عبد المومن خليفة في إنشاء بنك في ألمانيا، مقدرا بأن "قرار تصفية بنك الخليفة "جاء كإجراء عقابي ضد بنك الخليفة وليس تبعا لإفلاسه"، قبل أن يتساءل "كيف لجمعية أشرار أن تدفع الضرائب"، في إشارة إلى أن بنك الخليفة كان يعمل بشكل عادي ويطمح كغيره من المؤسسات في تحقيق الربح كما كان يوفي بكل التزاماته الاقتصادية، "لا يعقل أن يتابع المسؤولون فيه اليوم بتهمة تشكيل جمعية أشرار".
ملتمسا البراءة له وللحارس الشخصي لعبد المومن خليفة
دفاع مولود توجان يطالب باستبعاد التشديد في حق المتهم
طالب الأستاذان تيندبغار وواعلي، خلال مرافعتهما في حق كل من مولود توجان، المدير العام للمحاسبة ببنك الخليفة وعبد الوهاب رضا، الحارس الشخصي لعبد المومن خليفة بإبعاد السؤالين الاحتياطيين اللذين قدمتهما النيابة العامة لتشديد العقوبة على المتهم الأول، باعتباره يحمل صفة "المصرفي" وقام بإهمال دوره في التدقيق في الوثائق والحسابات المصرفية، فيما اعتبرت المتهم الثاني بريئا من كل التهم الموجهة إليه باعتبار أن مهامه لم تكن لها صلة بعمل البنك".وبرأي المحاميين فإن المتهم مولود توجان، المتابع بجناية تكوين جمعية أشرار، السرقة المقترنة بظرف التعدد، خيانة الأمانة، النصب والاحتيال والتزوير في محررات مصرفية، لا يمكن مواجهته بتهمة جديدة، من خلال سؤال احتياطي، "لأن ذلك يضيف له تهمة جديدة يفترض أن تكون لها إجراءات خاصة تستدعي إضافة التهمة في قرار الإحالة أو تأجيل المحاكمة لفتح تحقيق حولها بداعي الإهمال".
كما اعتبر دفاع المتهم توجان، بأن نسب تهمة السرقة لموكلهما يستلزم ذكر المال المسروق، بينما اعترضا على تهمة تكوين جمعية أشرار المتابع بها نفس المتهم، "لكونه موظف عادي في البنك ولم يكن مسؤولا مسيّرا ولا مساهما"، واستغربا في الوقت نفسه توجيه تهمة الخيانة لموكلهما، "في حين أن هذه الأمانة غير موجودة ولم يعرض أي شيء أؤتمن عليه للتلف أو التبديد". وتساءلت المحامية وعلي نصيرة، عن سبب عدم السماع للمتهم توجان مولود، من قبل اللجنة التي أنشأها المتصرف الإداري محمد جلاب، في مارس 2003، "مع أنه هو الذي رفض التوقيع على الكتابات المصرفية الـ11 التي كانت منطلق القضية"، مذكّرا بأن موكلها بقي رغم كل ما وقع يعمل مع المتصرف الإداري ثم مع مصفي بنك الخليفة إلى يومنا هذا، "ما يعبّر عن نيته الصادقة في تنوير كل الأطراف حول ما وقع في هذا البنك".
كما ذكرت بأن مفتشي بنك الجزائر كانوا على علم بأن بنك الخليفة يعمل بمديرين اثنين للمحاسبة، ولكنهم لم يتخذوا أي إجراء تأديبي، مع الإشارة إلى أن موكلهما توجان مولود قام في 2002 بتوجيه تقرير إلى المديرية العامة لبنك الخليفة يتضمن كل التجاوزات والخروقات التي كانت حاصلة بفعل تعيين مدير ثان في نفس المنصب الذي كان يعمل فيه.
أما بخصوص المتهم رضا عبد الوهاب، فأشارت المحامية إلى أنه "لم تكن تربطه أية علاقة مع المتهمين الآخرين لأنه كان يتكفّل بالأمور الشخصية لعبد المومن خليفة، مذكّرة بأن موكلها الذي أجبره المرض على مغادرة صفوف الجيش الوطني الشعبي وهو برتبة رائد، هو الذي طلب توظيفه لدى عبد المومن بسبب ظروف اجتماعية.
وأبرزت المتحدثة أقوال موكلها بخصوص إرساله من قبل مسؤوله عبد المومن خليفة لعدة مرات إلى أكلي يوسف، من أجل إحضار الأموال، واعتبرت ذلك قول صدق من موكلها "وذلك باعتراف المتهم عبد المومن خليفة، الذي أقر أمام هيئة المحكمة بأنه هو الذي كان يرسل رضا عبد الوهاب لجلب تلك الأموال"، قبل أن تخلص المحامية إلى أنه "لا وجود لأية أدلة على أن كلا من رضا عبد الوهاب وتوجان مولود ارتكبا جريمة السرقة"، ملتمسا البراءة لموكليها من كل التهم المنسوبة إليهما.