أطراف ليبية ترفض التدخل العسكري حتى ولو كان عربيّا

تعزيز مقاربة الجزائر في تسوية الأزمة سياسيّا

تعزيز مقاربة الجزائر في تسوية الأزمة سياسيّا
  • 1030
مليكة. خ مليكة. خ
يعزّز تصريح المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بشير الكبتي الرافض للتدخل العسكري في بلاده حتى وإن كان عربيّا، مقاربة الجزائر بخصوص استبعاد الحل العسكري في تسوية الأزمة الليبية، وهو ما يشكل أيضا ردا على قرار الجامعة العربية، التي خصصت مؤخرا دورتها الطارئة لبحث التطورات في ليبيا، والقاضي بدعم هذا البلد عسكريا.
 وأكثر من ذلك، حذّر الكبتي في حديثه إلى وكالة الأنباء الألمانية، من أي محاولة لإرسال قوات إلى ليبيا، معتبرا أن أي تدخّل خارجي سوف يعتبره الليبيون غزوا يتطلب المواجهة، وأن الليبيين بمفردهم قادرون على تطهير مدنهم من "داعش"، مضيفا أن ليبيا تسير في مسار حوار وطني برعاية أممية بين المؤتمر الوطني ومجلس النواب، بحضور بعض المستقلين وبعض الأحزاب منذ أكثر من عام، والذي سوف يترتب عليه تكوين حكومة وفاق وطني.
 ياتي ذلك في وقت كانت الجزائر قد جددت خلال الاجتماع الطارئ للجامعة العربية بالقاهرة، نداءها العاجل لتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا، قادرة على حفظ الوحدة الوطنية وسيادة البلاد وتلاحم الشعب الليبي، مشيرة إلى أنها على ثقة بأن الحل السياسي التوافقي يُعد الحل السلمي الوحيد للأزمة في ليبيا، كما تدعّم جهود الأمم المتحدة في هذا المجال، وتشجّع الأشقاء الليبيين على مضاعفة الجهود لإنجاح مسار المفاوضات.
وهو الموقف الذي عبّرت عنه أيضا بلادنا خلال القمة العربية الأخيرة المنعقدة شهر مارس الماضي بمصر، حيث دعت الدول العربية إلى دعم الحوار الليبي ورعايته بعيدا عن الحل العسكري، من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة وطنية؛ تمهيدا لبناء المؤسسات الدستورية وضمان ترتيبات أمنية لجمع السلاح والتأكيد على ضرورة الحل السياسي ورفض التدخل الأجنبي.
 وقد عملت الجزائر في إطار آلية دول الجوار، على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين باستثناء الجماعات المصنّفة على لوائح الإرهاب قبل انطلاق جولات الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة. كما رحّبت باحتضان لقاءات لشخصيات وأحزاب سياسية؛ في محاولة للتوصل إلى حلول أكثر واقعية توحّد الصف الليبي لمواجهة التحديات الكثيرة، خاصة الأمنية منها. وكان وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، قد أكد أن الحل في ليبيا سياسي لا عسكري ”حتى لا ندخل في دوامة المواجهات العسكرية الخطيرة”، مؤكدا أن الجزائر ترفض الإرهاب بصوره وأشكاله كافة، وتتكاتف مع جميع الدول العربية للقضاء على مظاهره السياسية والأمنية والثقافية، في حين شدد على أن العمليات العسكرية تحتاج إلى التمهل وعدم التسرع حتى لا تجني الدول العربية الخسائر من قرار صحيح في وقت خاطئ.
 وهو ما تتمسك به البعثة الأممية في ليبيا عندما تؤكد أن استمرار العنف في الداخل الليبي يعرقل جهود الحوار الوطني، الذي اتخذ خطوات أكثر إيجابية خلال الفترة الأخيرة، منوّهة بإبداء الأطراف الليبية مرونة غير مسبوقة، مما يشجع الأمم المتحدة على بذل مزيد من الجهود لإنجاح الحوار. من جهتها، كانت الأطراف الليبية قد أكدت خلال الجولة الأولى من الحوار التي احتضنتها الجزائر، رفضها لكل شكل من أشكال التدخل الأجنبي، والتزمت بالبحث عن حل سياسي للازمة من أجل الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدتها الوطنية وسلامتها الترابية. كما شددت على رفضها لكل أشكال الإرهاب في ليبيا، وأدانت الجماعات الإرهابية المسماة ”داعش” و"أنصار الشريعة” و"القاعدة”، مبرزة ضرورة تضافر الجهود من أجل مكافحة هذه الآفة.  
 ولم تتوان الجزائر في دعوة كافة الليبيين إلى تغليب المصلحة العليا لبلادهم من خلال توحيد الجهود، وإخلاص النية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وناشدتهم وضع حد للاقتتال ووقف إطلاق النار، حيث ترى بلادنا أن عدو ليبيا ليس الفرد الليبي، بل هو الإرهاب وعدم الاستقرار والفوضى. وتؤكد بلادنا أن الحل الوحيد هو بيد الليبيين دون غيرهم، يختارونه بكل سيادة واقتدار انطلاقا من أن الأزمة الليبية تشكل انشغالا كبيرا بالنسبة للسلم والأمن الإقليمي والدولي، في ظل سياق إقليمي زاد من هشاشته التهديد الإرهابي والجريمة المنظمة العابرة للأوطان، علما أن الجزائر ما فتئت تحذّر من الخطر الذي تشكله هذه الأزمة على وحدة الشعب والتراب الليبي، وكذا على أمنها الوطني وأمن دول الجوار.
 ويرتكز موقف الجزائر فيما يتعلق بمعالجة أزمات دول الجوار، على المبدأ السلمي وليس لعب دور الشرطي؛ حيث ترفض الظهور كقوة إقليمية تستعرض قوّتها من أجل الهيمنة هنا وهناك، علما أن دستور الجزائر يمنع جيشها من التدخل العسكري في الجبهات الخارجية، كما تضع، في المقابل، دبلوماسيتها في خدمة المنطقة؛ خلافا للدول التي توافق على القيام بعدة أمور بالوكالة.