معاناة تنتهي بنهاية الدوام المدرسي

أولياء يرفعون التحدي لتمكين أطفالهم من الحق في التعلم

أولياء يرفعون التحدي لتمكين أطفالهم من الحق في التعلم
  • 1096
رشيدة بلال رشيدة بلال
التقت "المساء"، بمناسبة الزيارة التي قادتها إلى مقر جمعية "أنيت" للتكفل بالأطفال المصابين بمتلازمة داون، بعدد من الأولياء رفقة أبنائهم، بعضهم التحق بالجمعية طلبا للتسجيل البيداغوجي، وبعضهم الآخر لرفع بعض الانشغالات التي حالت دون تمكن أبنائهم من التمدرس. اقتربنا من بعض الأولياء وحول المشاق التي يتكبدونها لتمكين أبنائهم من الحق في التعلم رصدنا لكم جانبا منها.

همنا البحث عن قسم مع بداية كل دخول اجتماعي

يحدثنا أسامة، الأخ الأكبر للطفل سامي المصاب بمتلازمة داون، والذي قصد الجمعية أملا في الحصول على مقعد لأخيه في أية مدرسة قائلا: "أنا من سكان بلدية براقي، عندما بلغ أخي سن التمدرس وطرح إشكال عدم وجود أقسام خاصة، قررت إلحاقه بمدرسة خاصة، لكن المشكل المطروح أن المدارس الخاصة تستقبل عددا كبيرا من الأطفال ولا يحصلون على متابعة بيداغوجية كتلك التي تقدم في المدارس العادية، حيث لا يتجاوز عدد المتمدرسين فيها 12 تلميذا، كما تشرف على مرافقتهم ومتابعتهم معلمة ومختصة نفسانية وهو ما لا يتوفر في الأقسام الخاصة، مشيرا إلى أن السبب الوحيد الذي جعله يسجل أخاه بمدرسة خاصة، حتى لا يظل على قائمة الانتظار ولا يحرم كغيره من الأطفال من حقه في التمدرس. يتمنى أسامة أن تلتفت وزارة التربية إلى هذه الشريحة من خلال تسهيل الحصول على أقسام وتحديدا ببلديات براقي والكاليتوس وبئر خادم.

أقسام موجودة ومعلمون غائبون

من جهتها، عرضت سيدة من سكان بلدية الشراقة، إشكالا من نوع آخر، حيث قالت: "من بين الصعوبات التي نتلقاها مع كل دخول اجتماعي؛ عدم استقرار الأساتذة، بمعنى أنه خلال السنة الدراسية قد يتناوب على قسم الأطفال المصابين بمتلازمة داون أكثر من معلم واحد، الأمر الذي يحدث نوعا من الاضطراب والخلل النفسي، فبعد أن يتعود أبناؤنا على معلمة معينة تغادر المدرسة لأن التحاقها بتعليم هذه الشريحة كان بصورة مؤقتة إلى أن تحصل على عمل ولأنها في انتظار النجاح في مسابقة خاصة بالتوظيف تغادر دون سابق إنذار. وأكثر من هذا في كثير من الأحيان يحرم أبناؤنا من التمدرس بسبب عدم وجود من يخلف المعلم الغائب"، مشيرة إلى أن طفلتها التي كانت من بين المتفوقات جعلها المشكل تتراجع، لأن هذه الفئة عندها ما يسمى "الألفة" أي أنهم يتعودون على الأشخاص ويصعب عليهم تغييرهم. أتمنى، تقول محدثتنا، أن تحرص جمعية "انيت" باعتبارها المشرفة على هذه الأقسام على جعل المشرفين على تعليم أبنائنا يلتزمون بمهمتهم طيلة السنة الدراسية، لأن هذه الفئة في أمس الحاجة إلى من يدعمها لتتمكن من شق طريقها بكل أمان في المجتمع.

رفعت التحدي رغم بعد المسافة

حدثتنا والدة إيمان الطفلة البالغة من العمر 13 سنة، عن الصعوبات التي تتكبدها يوميا للتنقل من بلدية أولاد فايت إلى  بلدية الشراقة قصد تمكين ابنتها من التعلم قائلة؛ "عدم وجود أقسام خاصة على مستوى بلديتنا جعلني أتفرغ كليا لابنتي، حيث أغادر البيت في وقت مبكر في حدود الساعة الخامسة صباحا لألتحق بأول حافلة إلى غاية الوصول إلى المدرسة، في هذه الأثناء تستغل طفلتي الوقت للنوم من جديد، ومن ثمة أقصد السوق للتبضع وتضييع بعض الوقت، بعدها أعيد أدراجي إلى المدرسة في حدود الثالثة ونصف مساء لنعود إلى المنزل معا، فتتجه هي للنوم مباشرة بينما أباشر أشغالي المنزلية العالقة". وتضيف؛ "رغم حجم التعب الذي أعانيه إلا أنني عندما أرى البسمة مرتسمة على وجه ابنتي أنسى كل متاعبي"، وتعلق؛ "لا أنتظر الكثير من وراء تعليمها، لكن بما أن التعليم حق لكل الأطفال فمن حقها أن تتمتع به، لذا رفعت التحدي رغم بعد المسافة، خاصة أن لديها استعدادا كبيرا للتعلم، ولم لا قد يكون ما تعلمته السلاح الذي تعتمد عليه لمواجهة مصاعب هذا المجتمع الذي لا يرحم هذه الشريحة".