معمر بن ظافر لـ "المساء":
الأغنية الثورية جزء من هويتنا
- 5419
حفظ الكثير من الأغاني الثورية منذ صغره ورددها كثيرا، وأول أغنية حفظها وعشقها هي "جيش الثوار"، أدى العديد من الأغاني الثورية في مناسبات تاريخية بقالمة، كما أدى العديد منها في إذاعة قالمة المحلية في حصة "صوت الجبال" ولا يزال يتمسك بها ويؤديها بكل إحساس، إنه الشيخ معمر بن ظافر، التقته "المساء" في دار الثقافة عبد المجيد الشافعي بقالمة وكانت هذه الدردشة.
❊ كيف تقدم نفسك؟
أولا، أنا مواطن جزائري يحب وطنه كثيرا، اسمي معمر بن ظافر، مولود سنة 1943، متزوج وأب لولدين، من عائلة ثورية، أصولي من ولاية جيجل، وأثناء الفترة الاستعمارية نزحنا إلى منطقة بني مزلين بقالمة وبالضبط في مشتة زيزوة أين استقرينا.
❊ لماذا اخترتم منطقة بني مزلين بالضبط بعد قدومكم من جيجل؟
قدمنا من جيجل هاربين من بطش الاستعمار الفرنسي، وزيزوة منطقة جبلية وعرة يجد فيها الاستعمار صعوبة في ملاحقتنا، فعندما انتشر الاستعمار الفرنسي في بلادنا كان يأخذ كل شيء بقوة، كانت منطقتنا آخر منطقة وصل إليها.
❊ وكيف كان نمط المعيشة أثناء الفترة الاستعمارية في زيزوة؟
كانت الحياة صعبة جدا، لا يوجد راديو للاستماع للأخبار، ولا توجد جريدة كذلك، ولا نسمع بأي خبر جديد إلا في الأفراح أو الأعراس، كما أن تسجيل المولود الجديد لا يتم إلا بعد عدة سنوات، أعطيك مثالا على ذلك، فأنا مسجل في شهادة الميلاد في عام 1950 والحقيقة أنا مولود سنة 1943، وحتى لمعرفة أول أيام شهر رمضان الكريم بصفة رسمية، كنا نصوم إلى غاية منتصف النهار حتى يعلن قائد المنطقة بمكبر الصوت عن اليوم الأول من الشهر الفضيل، وهو الشيء نفسه لأول يوم من شهر شوال، وهو عيد الفطر المبارك، وكان يصدر الخبر عن الزاوية الرحمانية للشيخ عمارة بديار بالناظور، حيث كان لها اتصال مع المدرسة القرآنية للشيخ عبد الحميد بن باديس بقسنطينة، وكانت العائلات تهتم بالفلاحة كغرس أشجار الزيتون، أشجار التين الشوكي، المياه، القمح وغيرها، لكن حياتنا كان يسودها التلاحم والمساعدة والتفاهم، كما كنا نمد يد العون للمجاهدين القادمين إلينا لعقد اجتماعات في إطار الثورة التحريرية من أكل ولباس وكل شيء، كما كنا نحفظ عن قلب الأناشيد والأغاني الثورية، فكانت تحفزنا على حب الوطن لإخراج المستعمر من بلادنا.
❊ لنتحدث عن الأغنية الثورية، كيف كان الاهتمام بها وما هو دورها في الثورة التحريرية؟
بعدما ينتهي المجاهدون من اجتماعاتهم حول الثورة في أحد المراكز الثورية وإصدار الأوامر، يقوم الجيش بتقديم أناشيد وطنية، في ذلك الوقت كان عمري حوالي 15 سنة، فكنت أحفظ النشيد والأغنية، كما أقوم بتدريبات عسكرية رفقة المجموعة وكانت بطريقة مثنى- مثنى، أي "حد...اثنين...حد...اثنين"، وأول أنشودة حفظتها وعشقتها هي "جيش الثوار" وحفظت في ذلك الوقت أزيد من 12 أغنية ثورية، لأنها كانت بمثابة سند كبير للشعب الجزائري للتعبير عن بطش فرنسا وحب الجزائر، كما أنها كانت بمثابة هول كبير، فكل الشعب الجزائري كان يغني الأناشيد الوطنية والأغاني الثورية، الكل يردد يوميا من نساء، شيوخ، أطفال، فتيات، الجيش وكان شعارنا "الوطن...نحيا كل...نموت كل"، فالأغنية الثورية كانت رسالة موجهة للشعب الجزائري لتحميسه وتحفيزه والالتفاف بالثورة، وكانت كلماتها هادفة، شائعة ومعممة لزعزعة جنود فرنسا، وكانت لكل حادثة أغنية ثورية، فكنا نحارب فرنسا بكل شيء وحتى بالكلمة المعبرة عن إحساسنا العميق.
❊ وكيف تقيم الأغنية الثورية بعد الاستقلال، خاصة في الوقت الحالي؟
بعد الاستقلال، كانت لها مكانة مثلما كانت عليه أثناء الفترة الاستعمارية، لكن حاليا هي في طريق النسيان والزوال وهي مهمشة، الجيل الحالي لا يهتم بها، وأنا عندما أستمع إلى الأغنية الثورية في بعض الأحيان أشعر كأن هؤلاء الشهداء لا يزالون على قيد الحياة، أتمنى أن يكون هناك باحثون في الأغنية الثورية مع تدوينها وتسجيلها ولما لا تقديمها للأجيال وحفظها، حتى تبقى متداولة، فهي جزء لا يتجزأ من هويتنا وأصالتنا.
❊ هل من كلمة أخيرة؟
الجزائر بلادنا وبلاد أجدادنا، فلا نستطيع الاستغناء عنها مهما كانت الصعوبات، تحيا الجزائر والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.