سلال داعيا إلى ديناميكية متجددة للتعاون مع مالطا:

البلَدان يملكان الإرادة لبناء شراكة معززة

البلَدان يملكان الإرادة لبناء شراكة معززة
  • 692
 محمد. ب محمد. ب

أكد الوزير الأول عبد المالك سلال أمس، الإرادة السياسية المشتركة لكل من الجزائر ومالطا؛ للعمل سويا على بناء شراكة معززة. وأشار إلى أن البلدين يملكان مؤهلات وقدرات كفيلة بإضفاء ديناميكية مجددة على التعاون الثنائي في عدة قطاعات، معلنا، بالمناسبة، عن فتح قنصلية مالطا بالجزائر، ووضع خط جوي يربط عاصمتي البلدين حيز الخدمة؛ قصد تعزيز تنقّل الأشخاص والممتلكات في إطار ترقية التبادل الثقافي والتقارب البشري. 

وأوضح السيد سلال أن اللقاء ونوعية المحادثات التي جمعته بنظيره المالطي جوزيف موسكات، تشهد على جودة العلاقات الثنائية، وعلى الإرادة السياسية المشتركة للبلدين في العمل بكل طموح على بناء شراكة تعاون معززة، وقائمة على الصداقة والمصالح التي تعود بالفائدة على البلدين.ولفت الوزير الأول إلى أن التقدم الذي شهدته المبادلات التجارية خلال السنوات الأخيرة بين البلدين وإن كان يدعو إلى الارتياح، حسبه، إلا أن مستواه لا يرقى إلى الأهداف الطموحة المتوخاة من التعاون القائم بينهما، لاسيما بالنظر إلى أهمية فرص الاستثمار والأعمال المتاحة لدى البلدين.

وأشاد، بالمناسبة، بوجود ممثلية لوكالة ترقية الاستثمارات في الجزائر، معتبرا ذلك مؤشرا على المشاركة الاقتصادية. كما عبّر عن تقدير الحكومة الجزائرية لأهمية هذه المشاركة وتشجيعها لها، والتزامها بمرافقتها من أجل ضمان نجاحها في محيط ملائم للاستثمار. وأشار، في نفس الصدد، إلى أن اللقاءات التي تجمع رجال الأعمال الجزائريين والمالطيين، على غرار المنتدى الاقتصادي الذي اعتبر نتائجه الأولية إيجابية، ستسمح بفتح آفاق جديدة لشراكة تعود آثارها بالفائدة على اقتصاد البلدين، مؤكدا على امتلاك كل من الجزائر ومالطا مؤهلات وقدرات كفيلة بإضفاء ديناميكية مجددة على التعاون الثنائي في العديد من القطاعات التي تتوفر على مزايا مقارنة. وللتأكيد على هذه الإرادة، أشار السيد سلال إلى فتح قنصلية مالطا بالجزائر، وكذا وضع خط جوي يربط عاصمتي البلدين حيز الخدمة؛ قصد تعزيز تنقّل الأشخاص والممتلكات في إطار ترقية التبادل الثقافي والتقارب البشري إلى مستوى تطلعات الشعبين الجزائري والمالطي.

وفي حين أشار إلى امتلاك مالطا مهارات وخبرات ممتازة في مجالات السياحة وبناء السفن وإصلاحها وكذا في مجال البنوك والتأمينات والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، اعتبر السيد سلال أن هذه المجالات كلها تُعتبر "مجالات واعدة، يجب استغلال إمكانيات الشراكة فيها بشكل أمثل"، مبرزا إمكانية توسيع الشراكة بين البلدين، لتشمل قطاع الطاقة والطاقات المتجددة، وتطوير علاقات الأعمال في مجالي المحروقات والبتروكيمياء. وأعرب الوزير الأول عن ثقته التامة في نجاح الشراكة بين الجزائر ومالطا، "طالما أن الإرادة السياسية المشتركة قائمة لتطويرها؛ بهدف تدعيم التعاون الذي يعود بالفائدة على البلدين"، على حد تأكيده.

الجزائر ومالطا مصدرا سلم وأمان بالمنطقة 

ولدى تطرقه للتعاون الأمني بين البلدين، أكد السيد سلال أن الجزائر ومالطا اكتسبتا خبرات يجدر تقاسمها بما يضمن تعزيز استقرار الفضاء المتوسطي، الذي يشكل الأساس الحضاري والبشري لانتمائهما المشترك، مشيدا، في هذا الصدد، بمساهمة البلدين بشكل فعال، في مبادرات الوساطة من أجل ترقية السلم، وكذا في مجال رفع التحدي الكبير، المتمثل في مكافحة الإرهاب الذي يهدد مصير المجتمع الدولي. وإذ جدد بالمناسبة التأكيد على أن التصدي للخطر الإرهابي يتطلب التشاور الموسع لتحديد الأهداف والوسائل وكذا التنسيق لتجسيد هذه الأهداف بشكل فعال في الميدان، ذكّر الوزير الأول بنجاح الجزائر في الوساطة الدولية بشأن الأزمة في مالي، واستمرارها حاليا في بذل المزيد من الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا، يقوم على الحوار بين كل الأطراف المعنية؛ من أجل التعجيل بإنشاء حكومة انتقالية في ظل احترام سلامة التراب الليبي. وعاد الوزير الأول للحديث عن القمة التي احتضنتها مالطا مؤخرا حول رهانات الهجرة، حيث سجل أن هذه القمة تعكس سعي مالطا للوساطة، بحكم انتمائها المتوسطي، مبرزا روح التضامن والسلم التي تميز هذا البلد، الذي وصفه بكونه "ملتقى بين عطر أوروبا ونفس إفريقيا". 

كما أكد سلال في نفس السياق، أن الجزائر تتقاسم الانشغالات الناجمة عن الهجرة؛ كونها بلد عبور يواجه هذه الظاهرة الحساسة، ويعكف على تسويتها في ظل احترام الكرامة الإنسانية. وسجل، بالمناسبة، أن هذه الظاهرة نشأت عن الإشكالية الشائكة للتنمية في القارة الإفريقية، مبرزا ضرورة معالجة أسبابها العميقة بصفة مستعجلة، وفي إطار تضامن دولي وثيق. وتطرق الوزير الأول في كلمته للوضع في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن هذا الأخير يشكل تحديا أمنيا كبيرا بالنسبة للمجتمع الدولي؛ بالنظر إلى التطورات التي شهدتها المنطقة مؤخرا". ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة العمل سويا من أجل رفع هذا التحدي الذي تنجرّ عنه انعكاسات جيواستراتيجية عديدة على الأمن والاستقرار والسلم في العالم.

من جهته، عبّر رئيس الوزراء المالطي عن إرادة بلده في تطوير تعاونه مع الجزائر في مختلف المجالات، مشيرا، في هذا الإطار، إلى أن حكومته تعمل على تعزيز تعاونها سواء مع البلدان الأوروبية أو مع بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط، ولاسيما منها الجزائر. وإذ أوضح أن مالطا تشاطر المقاربة الجزائرية في مجال التعاون الثنائي، والمتمثلة في ضبط عدد من قطاعات النشاطات ذات الأولوية وتشجيع إقامة شراكات تعود بالمنفعة على الطرفين، أكد أن الجزائر ومالطا اتفقتا على تعزيز تعاونهما في مجالات الصحة والسياحة والنقل والخدمات والطاقة، كما اتفقتا على إعادة تفعيل لجنتهما المختلطة؛ بهدف تعزيز تعاونهما. وقد جمعت الوزير الأول ونظيره المالطي جوزيف موسكات بقصر الحكومة، محادثات تناولت بحث السبل الكفيلة بتدعيم العلاقات الثنائية وآفاق تطويرها، لاسيما من خلال عقد منتدى اقتصادي بين متعاملي البلدين. 

وتوسعت هذه المحادثات بعد ذلك لتشمل أعضاء وفدي البلدين، على غرار تلك التي جمعت وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف، بالوزير المالطي للطاقة والمياه والصحة كونراد ميزي. وكان الوزير الأول المالطي جوزيف موسكات الذي شرع صباح أمس في زيارة رسمية للجزائر تدوم يومين، صرح عند وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي، بأنه جاء إلى الجزائر للتطرق للقضايا الأمنية، حيث أعرب عن أمله في إرساء تعاون في هذا المجال، مؤكدا، في سياق متصل، رغبة بلاده في استغلال فرص الاستثمار بين الجزائر ومالطا في مختلف الميادين والقطاعات. واستهل السيد موسكات زيارته للجزائر بالترحم بمقام الشهيد بالجزائر العاصمة، على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة، حيث قام بوضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري، ووقف دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء الثورة التحريرية.