نواب المعارضة سعوا بكل ما أوتوا لمنع تمريره

المصادقة على مشروع قانون المالية 2016 في أجواء مشحونة

المصادقة على مشروع قانون المالية 2016 في أجواء مشحونة
  • 3168
محمد. ب محمد. ب

صادق المجلس الشعبي الوطني، أمس، بالأغلبية، على مشروع قانون المالية لسنة 2016 في أجواء مشحونة ومكهربة، صنعها نواب أحزاب المعارضة الذين عبّروا عن رفضهم لهذا المشروع، وسعوا بكل ما أوتوا لمنع تمريره، بسبب ما اعتبروه خطورة بعض المواد التي تكرس، حسبهم، "تخلي الجزائر عن طابعها الاجتماعي". فقد اعترض نواب كل من حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية وتكتل الجزائر الخضراء وجبهة العدالة والتنمية، منذ افتتاح الجلسة التي ترأسها السيد محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس وحضرها 263 نائبا، على عملية التصويت لهذا المشروع، واصفين إياه "بأخطر قانون في تاريخ الجزائر"، وعبّروا عن سخطهم لإعادة تمرير المادة 71 من المشروع، والتي تسمح للحكومة بتحويل الاعتمادات المالية من قطاع إلى آخر، وكذا المادة 66 التي تسمح بفتح رأسمال المؤسسة الاقتصادية العمومية للمتعاملين المقيمين بالجزائر، حيث لم يشف التعديل الشفوي الذي أدرجه وزير المالية، عبد الرحمان بن خالفة، غليل النواب المعارضين، بل زاد من تذمرهم بإعلان الوزير عن هذا الإجراء الذي تم اعتماده خلال جلسة التصويت، "في وقت كان عمل النواب ولجنة المالية والميزانية بالمجلس قد انتهى بالاتفاق على إسقاط هذه المادة، وكذا المادة 71" على حد تعبيرهم.

وحمل النواب المحتجون خلال جلسة التصويت التي تواصلت لمدة تفوق الـ5 ساعات دون انقطاع، لافتات تعبر عن رفضهم لتمرير مشروع القانون في صيغته التي اقترحتها الحكومة، محذرين من التأثيرات المترتبة عن هذا القانون على الفئات الهشة من المجتمع، كما اعترضوا على بعض المواد التي تحمل تخفيضات في الضرائب لصالح المستثمرين، وكذا التنازل عن بعض الممتلكات التابعة للجماعات المحلية للمتعاملين الاقتصاديين بالتراضي، مستغربين في المقابل إقرار رسوم جديدة في أسعار الكهرباء والغاز والوقود والمواد الصيدلانية، والتي يتحملها المواطن البسيط على حد تعبيرهم. ولم يتوقف نواب كتلة حزب العمال، عند التعبير عن موقفهم بالشعارات المرددة والمرفوعة، بل سعوا أيضا إلى التشويش على مقررة لجنة المالية والميزانية، واحتلال منصة رئيس المجلس، الأمر الذي أدى إلى تدخل نواب من حزب جبهة التحرير الوطني، وانفلات الأمور التي تطورت خلال لحظات، من مناوشات كلامية إلى اشتباكات بالأيادي، تم التحكم فيها بفضل برودة أعصاب العقلاء من الجانبين.

وفيما اختار نواب جبهة القوى الاشتراكية وتكتل الجزائر الخضراء وكذا جبهة العدالة والتنمية، التعبير عن رفضهم لمشروع القانون، انطلاقا من مقاعدهم والاكتفاء برفع الشعارات المكتوبة وترديد هتافات منتقدة للمشروع، لم يفوّت نواب حزب العمال فرصتهم في التدخل في إطار التعديلات التي اقترحوها على المشروع، لتجديد رفضهم للمشروع. واستمرت الأجواء المشحونة والتي تميزت بإعلان النائب نادية حناشي من حزب جبهة التحرير الوطني، التحاقها بمعسكر المعارضين لمشروع القانون المالية، إلى قرب استكمال عملية التصويت على المواد المعدلة، حيث اختار حينها نواب كافة الكتل المعارضة، النزول إلى وسط قاعة الجلسات وترديد احتجاجهم على مضمون النص، قبل مغادرتهم القاعة والخروج إلى بهو المجلس الشعبي الوطني ثم إلى خارجه لإعلان اعتراضهم  على المشروع. واستكملت عملية التصويت على مشروع قانون المالية بحضور أحزاب الأغلبية البرلمانية الممثلة في حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، إلى أن انتهت بالتصويت بالأغلبية على هذا المشروع، الذي عرف إدراج وتعديل نحو 15 مادة.

بن خالفة يصف أجواء التصويت بالعراك العسير والحضاري

وصف وزير المالية، عبد الرحمان بن خالفة، الأجواء المشحونة التي ميزت أشغال التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2016 بالمجلس الشعبي الوطني أمس، بالعراك العسير والحضاري، مشيرا إلى أن حضارة هذا العراك تجد فحواها ضمن مسعى تكريس حرية الرأي والتعبير، "بالرغم من بعض التجاوزات التي حصلت..". وإذ حيا لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني على المجهودات التي بذلتها في إطار مناقشة مشروع القانون، أشار الوزير إلى أن التصويت على المشروع يعد إنجازا تم في ظروف غير سهلة، وبفضل مجهودات تصب كلها في خدمة الوطن والمواطن، مجددا حرص الحكومة على تطوير الاقتصاد الوطني وعصرنته ووضع الجزائر على مسار النمو الحقيقي في ظل ظروف دولية صعبة.

كما ذكر الوزير بأن هذا المشروع يأتي أيضا في إطار تجسيد مخطط رئيس الجمهورية لدعم النمو وفق مقتضيات المرحلة. وأوضح بأن جلسات نقاش مشروع قانون المالية 2016، أتاحت لجميع الشركاء من حكومة ونواب وإطارات مركزيين فرصة للتحاور والاستماع لبعضهم البعض، معربا عن امتنانه لحرص نواب المجلس الشعبي الوطني على خدمة المصالح العليا للوطن. وأشار السيد بن خالفة في الأخير إلى أنه سجل باسم الحكومة كافة الانشغالات التي طرحها النواب خلال جلسات النقاش، مؤكدا استعداد الحكومة لبذل كل الجهود للقفز بهذا القانون إلى ما هو أحسن للبلاد.