تساؤلات حول حظوظ نجاح اتفاق تونس في إنهاء الأزمة الليبية

كوبلر يتمسك بمسار السلام الأممي

كوبلر يتمسك بمسار السلام الأممي
  • 971
م. مرشدي م. مرشدي

أخلط اتفاق السلطتين الليبيتين في طبرق وطرابلس بمدينة تونس، أول أمس، حسابات المبعوث الخاص الاممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، الذي لم ينتظر طويلا ليؤكد أن الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة يبقى أساس الحل في هذا البلد الممزق. وبرر كوبلر موقفه بأن الاتفاق الاممي تم التفاوض بشأنه منذ سبتمبر من العام الماضي برعاية الأمم المتحدة كما أنه يحظى بدعم أغلبية كل من مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام بما يفتح الطريق أمام المحافظة على وحدة ليبيا وتعزيز الجهود لمحاربة الإرهاب.

وعكست تصريحات الدبلوماسي الألماني وقع المفاجأة التي أحدثها اتفاق تونس بين السلطتين الليبيتين المتصارعتين ثلاثة أسابيع فقد منذ توليه مهمة الخاصة بتسهيل الاتصالات بين برلماني طبرق وطرابلس خلفا لسابقه الاسباني برناردينو ليون الذي فشل في إكمال مهمته وسط اتهامات الفرقاء له بعدم الحياد وعدم جديته في الاضطلاع بمهمته وفق المقاييس المتعارف حولها بخصوص المساعي الحميدة والوساطات. وأدرك مارتن كوبلر قبل غيره أن الاتفاق سيعيد مساعيه إلى نقطة البداية من منطلق أن طرفي الحرب الليبية وضعا كل ما تم التوصل إليه في عهدة ليون وراء ظهورهم وبدؤوا مشوارا سياسيا جديدا "بعيدا عن أية ضغوط خارجية" حتى وإن كانت متأتية من الأمم المتحدة.

وهو الحرج الذي كرسته تصريحات نائب رئيس المؤتمر الوطني العام عوض محمد عبد الصادق الذي أكد أن أي حكومة ليبية منتظرة "لن تكون إلا في طرابلس ولن تمارس مهامها إلا من داخل ليبيا" في رد واضح على تصريحات كوبلر الذي سبق وأن أكد أن الحكومة التي يقترحها ستمارس مهامها من خارج العاصمة الليبية. وراح إلى أبعد من ذلك عندما، مؤكدا أنه لا يمكن أن تقود ليبيا حكومة في المهجر وأن مقرها سيكون في العاصمة طرابلس وسيعلنها الليبيون ولا يمكن أن يعلنها شخص غير ليبي" في تلميح واضح إلى المبعوث الاممي الخاص.  

ويأتي هذا التطور ليفتح المجال أمام سيل من التساؤلات وخاصة ما تعلق بمستقبل دور الأمم المتحدة في مواصلة مساعيها لوضع حد للمستنقع الليبي ولكن السؤال الأكثر إلحاحا يبقى حول خلفيات تحرك مسؤولي البرلمانيين للبحث عن حل ليبي دون الحاجة الى رعاية أممية. وإذا سلمنا بمبررات هؤلاء أن الأمم المتحدة ومبعوثها برناردينو ليون لم يقم بمهمته على أحسن وجه فلماذا انتظروا كل هذه المدة من أجل التحرك مادام الحل كان بين أيديهم وتجنيب الشعب الليبي بالتالي من ويلات حرب مدمرة أدخلت ليبيا في متاهة مستقبل مجهول وسط فلتان أمني استغله تنظيم "الدولة الإسلامية" لفرض سيطرته ومنطقه الإرهابي على مناطق شاسعة في وسط وشرق البلد أو ما يعرف بالهلال النفطي في خليج سرت الذي يبقى عصب الحرب والحياة في ليبيا كلها.

والمؤكد أن المجتمعين في تونس وضعوا أنفسهم أمام امتحان صعب بعد أن حددوا مهلة أسبوعين لتعيين رئيس للوزراء ونائبيه للشروع في تشكيل حكومة الوفاق الوطني في رهان إن هو تحقق فإنهم سيقطعون أول خطوة على طريق إخراج بلدهم من محنة الحرب الى مرحلة استعادة السلم المفقود. وهو ما يعني أن اسم فايز السراح الذي اقترحه البعوث الاممي السابق ونائبيه من طبرق وطرابلس قد تم الاستغناء عنهما لصالح شخصيات يتم البحث عنها حاليا. فهل يرفع هؤلاء التحدي ويطويان صفحة خلافاتهما التي تلطخت بالدماء والدمار المتبادل ويضعان مصلحة ليبيا فوق كل الاعتبارات الحزبية التي كان يطالب بها برناردينو ليون في كل جولات الحوار التي خاضها معهما ؟

ويطرح هذا التساؤل بالنظر إلى التداخلات الدولية والإقليمية التي أخذها الوضع في ليبيا وأصبح محل اهتمام دولي متزايد بدليل التحركات الدولية المبذولة في هذه العاصمة وتلك لبحث الموقف وخاصة في ظل الهوس المتزايد في مختلف البلدان الأوروبية من مخاطر تحول ليبيا إلى بؤرة إرهاب دولية أخرى أخطر مما هو جار في العراق وسوريا لقربها من أوروبا وفي ظل سيول المهاجرين المتدفقة على الشواطئ الايطالية واليونانية وحتى التركية مع احتمالات متزايدة لتسلل إرهابيين في أوساطهم لبلوغ الأرض الأوروبية.