" المساء" في مسقط رأس الزعيم
آيت أحمد سيدفن بجانب والدته
- 5958
علمت "المساء"، أمس، من مصادر رسمية، بأن الزعيم آيت أحمد سيتم دفنه بجانب قبر والدته بالقرب من مقام الولي الصالح، الشيخ محند الحسين. "المساء" وقفت بعين المكان على عديد الأشغال والتحضيرات الجارية "لاحتضان" آخر الثوريين، سواء تعلق الأمر بتعبيد الطريق الموصل إلى المقبرة أو الاستعداد لتنظيم جموع المعزين والمرافقين يوم تشييع الجنازة إلى مقبرة أث أحمد.
وتعرف بلدية آيت يحيى، الواقعة بدائرة عين الحمام (70 كلم جنوب ولاية تيزي وزو)، حركة مكثفة منذ صبيحة يوم الخميس، بعد انتشار خبر وفاة الزعيم المجاهد الزعيم "الدا الحسين" الذي وافته المنية يوم الأربعاء الماضي، حيث تجري التحضيرات لتشييع جنازة الفقيد بمسقط رأسه آث احمد، حيث تم تجنيد إمكانيات مادية وبشرية لضمان السير الحسن لمراسم دفن تليق برجل عشق الجزائر حتى النخاع وناضل من أجل استقلالها وتطورها.
كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف صباحا عندما وصلنا إلى بلدية آيت يحيى بدائرة عين الحمام، حيث كانت الطرقات شبه خالية بسبب البرد القارس بهذه المنطقة الجبلية التي يزيد علوها عن ألف متر، حيث كان السيد آيت آحمد قاسي صادق ينتظرنا بمقر فرع مكتب حزب جبهة القوى الاشتراكية لبلدية ايت يحي، لينقلنا إلى قرية اث احمد مسقط رأس "الدا الحسين" . وكانت الساعة تشير إلى الثامنة والنصف صباحا عندما بدأنا الطريق بالنزول إلى القرية، ونحن نسلك الطريق كانت الأجواء توحي بالحزن وكأن الطريق يريد أن يحكي حزنه لفقد عزيز على المنطقة وعلى القرية التي غاب عنها منذ سنين طويلة ليعود إليها محمولا على الأكتاف.
ورغم برودة الجو، كان شباب آث يحيى، قرية آث أحمد، تاقة... وغيرها من القرى يقومون بتنظيف حواف الطرق بنزع الأعشاب، فيما كان عتاد الأشغال العمومية يعمل على قدم وساق لتوسيع الطريق المؤدي إلى القرية وجميع الطرق التي عرفت بالمناسبة أشغال تهيئة تحسبا ليوم الجمعة المقبل. كما تم تجنيد عتاد للتكفل بتوسيع ملعب "ثيسرث نشيخ"، حيث سيسجى جثمان الفقيد فور وصوله من العصمة رفقة عائلته والموكب الرسمي المنتظر حلوله بالمنطقة يوم الجمعة. وسيتمكن المواطنون من إلقاء النظرة الأخيرة على الفقيد، ليتم بعدها نقله إلى القرية وتحديدا إلى بيت العائلة، حيث يوجد مقام جده الولي الصالح الشيخ محند الحسين، ومن ثمة يتم نقله إلى مقبرة القرية "سيدي علي اوعمارة"، حيث يرقد موتى عائلات اث احمد، اث عيسى، اث بلقاسم واث عمارة.
كما حرصت مصالح الدرك الوطني، من جهتها، على تنظيم حركة المرور عند الدخول والخروج من القرية، لا سيما أمام ازدياد الحركة مع بداية العد التنازلي لوصول جثمان الفقيد. أما المواطنون فراحوا يتوافدون طيلة النهار وبشكل يومي على القرية لتقديم التعازي لعائلة الفقيد، فيما تتكفل مجموعة من الشباب بتثبيت غرف بلاستيكية بثيسرث نشيخ، لتكون قاعة استقبال للضيوف.
آيت أحمد الخيضار، ابن عم "الدا الحسين": بعد جدي محند الحسين ولد رجل واحد مثله اسمه الحسين
عندما وصلنا إلى قرية اث أحمد كان أول شخص التقيناه هو آيت أحمد الخيضار ابن عم الفقيد "الدا الحسين" كان التعب باديا عليه، فمنذ انتشار خبر وفاته لم تذق عيناه طعم النوم من كثرة المعزين الذين يقصدون القرية، فكان يقضي رفقة أبناء عمومته الوقت كله ليلا ونهارا يسهرون على استقبال المعزين الذين يتوافدون جماعات إلى المنزل العائلي باث احمد.
ويقول المتحدث: صحيح أن "الدا الحسين" رحل عن هذا العالم لكن سيظل اسمه محفورا بكل مكان نشط فيه تجمعا شعبيا أسمع فيه الشباب أفكاره المنيرة والبناءة والتي غايتها أن تحيا الجزائر مستقرة وموحدة في مستوى الرقى الذي بلغته الأمم، مضيفا أنه كان يقول الجزائر بلد واحد وشعب واحد. وهدفه في مشواره السياسي لم يكن الكرسي لكن التغير السلمي، نشر الوعي والتنوير وتحقيق التعددية الحزبية التي أصبحت اليوم تميز الجزائر.
آيت أحمد بوسعد ابن عم الفقيد: سي الحسين أتم مهمته على أكمل وجه
يوضح بوسد أنه من الصعب أن يتمكن شخص وصف شخص فقده خاصة إذا كان هذا الشخص يمثل كل شيء بالنسبة له، فالدا الحسين كان الأب، الأخ والصديق، إنه كل شيء بالنسبة لعائلته، كان شخصا حنونا أحب العائلة كما أحب الشعب. ويضيف إن عمه كان دائما مع المواطن وانشغالاته، ولم يتوقف منذ بدء نضاله مبكرا (14 سنة)، كما أنه كان يتميز بالقوة والشجاعة ولا يعرف الاستسلام طريق إليه، كان دائما يقول سنواصل ونستمر، يدعو إلى الأمل. وختم بوسعد: وكان آخر مرة رأيته في سنة 2007، لقد قضينا وقتا ممتعا بالعاصمة، حيث قضى وقته هناك، ذكرياتي معه ستبقى خالدة".
يوسف آيت أعمر صديق الفقيد الحميمي: الجزائر فقدت رجلا حكيما
وكان مرورنا ببلدية ايت يحيى حيث يوجد فرع الافافاس، فرصة للقاء أحد رفقاء درب "الدا الحسين"، المجاهد يوسف ايت أعمر (70 سنة) من قرية تاقة، الذي سرد لنا بعض الحقائق وصفات شخصية حسين أيت احمد المناضل، المجاهد والسياسي. كان الحزن باديا عليه لاسيما وأن الأمر يتعلق برفيق الدرب، وهو يقول تعرفت على المجاهد ايت احمد في عام 1963، فقد كرس المجاهد آيت احمد شبابه لخدمة الثورة الجزائرية وناضل من أجل استقلال وطنه من قيود الاستعمار الفرنسي، وبعد الاستقلال سعى إلى تكريس مبادئ آمن بها، مؤكدا على أن "الدا الحسين" كان يحب الجميع ولا يكن أية عداوة لأحد، فهو شخص حساس يحزن لحزن غيره ويتأثر بواقع غيره كما أنه لا يحب سفك الدماء.
وقال إنه في ذلك الوقت كانت لـ«الدا الحسين" توجهات سياسية، لكن لا يمكن لأحد أن يقول شيئا سيئا عنه لأنه كان يحب الوطن وكان يسعى إلى أن يعمل من الجزائر دولة متطورة ومتقدمة بأفكارها وترقى إلى مستوى الأمم المتقدمة، كان يقول "إن الجزائر تملك رجالا بهم يمكن بناء وتشيد الوطن". وأشار المجاهد يوسف إلى أن آخر مرة رأى فيها "الدا الحسين" كان في عام 1999 خلال مشاركة حزبه في الانتخابات الرئاسية، حيث كان يرافقه في مختلف التجمعات الشعبية التي نشطها والتي كانت فرصة لهما لقضاء وقت معا بعد سنوات من الفراق. وبحزن شديد والدموع تغمر عينيه، يقول المجاهد "عندما سمعت بوفاة صديقي الحسين أحسست بأن جزءا قد ضاع مني، كنت أراه بمثابة الأب بأفكاره، شجاعته، ومبادئه المبنية على الاحترام ".
مدير الأشغال العمومية، السيد آيت قاسي مجيد لـ "المساء": جندنا ما يلزم من عتاد و500 عامل لتهيئة شبكة الطرق
أكد السيد مجيد آيت قاسي، مدير الأشغال العمومية لولاية تيزي وزو، أنه تم تجنيد كل الإمكانيات المطلوبة من أجل التحضير لهذا الموعد، حيث تم الشروع في تنظيف الطرق وتهيئتها تحسبا لهذا اليوم الذي يصل فيه الفقيد إلى قريته، مضيفا أن العمل لم يقتصر على الطريق الذي يسلكه الموكب الذي يرافق الفقيد فسحب، وإنما بتهيئة جل شبكة الطرق بالولاية، حيث تم وضع كل الإمكانيات المطلوبة والضرورية لضمان السير الحسن للجنازة. وأضاف أنه تم تجنيد كل فرق مديرية الأشغال العمومية والمؤسسات التي تم تجنيدها لتنظيف الطرق والتهيئة المطلوبة لهذا الحدث، تم تسخير أكثر من 100 عتاد وتجنيد و500 عامل الذين يسهرون على تنظيف الطرق تحسبا ليوم الجمعة، حيث بدأنا العمل منذ يوم الخميس صباحا.
المجاهد سعيد آيت حمو: "سي الحوسين" رجل لا مثيل له ومهما قيل عنه قليل
الفقيد كان رجلا لا مثيل له، كان يتسم بالفكر والعقل والحكمة الكل يشهد له منذ أن كان شابا إلى غاية وفاته بشهامته وتعامله مع الأمور بموضوعية، فقد عمل على نقل أفكاره للغير وما اكتسبه في الحياة وما تعلمه لم يحتفظ به لوحده ولقد عمل على أن يشارك غيره فيه فربى أجيالا، كما كان يحب قول الحق وتطبيقه أيضا، لكن للأسف لم ينصفه الزمن كان يعتبرالجزائر عائلته الثانية بعد أهله. وبعد الاستقلال كان يحلم بجزائر مزدهرة ومنيرة بأفكارها ومتقدمة كما كان يحلم بها المجاهديون والشهداء خلال الحرب.
ويضيف المتحدث أن، سي الحسين درس بقرية ثاقة اث يحي ودرس على يد معلم فرنسي يدعى ديبور، ثم تحول إلى الأباء البيض، حيث اكتسب معارف جديدة وتعلم اللغة الفرنسية بإتقان، فقد كان منذ صغره مفعما بالحيوية والنشاط وكان دائما يبحث عن المزيد، ففكره كان مفتوحا لاكتساب معارف جديدة، طموحه لم يكن يعرف الحدود، بعد سنوات من النضال ضد السياسية الوحشية الفرنسية أراد النضال ضد سياسة التخلف وكان يريد زرع ثقافة التنوير والفكر والديمقراطية، فنضج وعيه مما حفزه على البحث عن معارف جديدة حتى أصبح يتقن سبع لغات، فمهما قلت عن سي الحسين فهو قليل أمام عظمة وشهامة الرجل، فلقد ربى أجيالا ستحمل المشعل بعده بكل فخر واعتزاز كان قلبه متعلقا بالوطن وهو ما كان يؤكده في كل خطاباته الموجهة للشعب.
السكرتير الأول لفرع "الأفافاس" لبلدية آيت يحيى: "الدا الحسين" هو بمنزلة لوثر كينغ وتشي غيفارا ومانديلا
عينت كمسوؤل لتنظيم استقبال جثمان الفقيد على مستوى قرية اث احمد، مسقط رأس الفقيد سي الحسين، حيث أتكفل بما يتعلق بالاستقبال والأمور التنظيمية بالقرية طيلة التحضيرات الجارية على قدم وساق، تحسبا ليوم الجمعة المقبل، حيث سيصل جثمان حسين آيت أحمد في الساعات الأولى من صبيحة أول جانفي 2016.
بالنسبة لشخصية سي الحسين، فهو غني عن التعريف، لكن ماذا أقول أنا؟ الصحف، القنوات والإذاعة تحدثت كثيرا عن هذا الرجل الكبير العظيم عبر كل العصور، تاريخه مألوف ومعروف لدى الكل، بكل صراحة إنه شخص يوجد ثلاثة أشخاص فقط بعظمته وبحجمه وهم نيلسون مانديلا، مارتين لوثر كينغ وشيغفارة، فآيت أحمد يمكن مقارنته بهؤلاء الرجال الذين تركوا بصمتهم في التاريخ، رجل عمل طيلة شبابه وحياته من أجل وطنه الجزائر، كان دائما يحب الشعب والوطن. وأضاف الكل يعرف أنه كان مجبرا على أن يعيش في المنفى، للأسف اليوم يفارقنا رجل عظيم وكبير بكل ما تعنيه الكلمة.
وبشأن التحضيرات، يقول المتحدث، إن الحزب نظم يوم الجمعة اجتماعا لوضع برنامج العمل بغية ضمان السير الحسن للجنازة، حيث ينتظر حضور قوي وكبير للمواطنين، لذا استوجب الامر وضع مخطط عمل من خلال خلق لجان منها لجنة الاستقبال التي كلفت انا بها، لجنة التنظيم ولجنة النقل التي تتكفل بضمان النقل للمواطنين الراغبين في التنقل من مختلف بلديات الولاية إلى قرية اث احمد لمرافقة الفقيد إلى المقبرة وكذا لجنة الاتصال. ويتطلب ذلك توفير إمكانيات بشرية تزيد عن ألف شخص للسهر على تنظيم استقبال المواطنين بشكل يجعل الزوار يلقون نظرة على الفقيد قبل أن يدفن بالقرب من أسلافه من عائلة آيت أحمد، حيث قال" إن الحزب سيضع إمكانيات كبيرة من أجل إنجاح جنازة تكون جديرة برجل عظيم"
وبشأن وصول جثمانه إلى أرض الوطن، يقول المتحدث، إنه وحسب ما جاء في بيان الحزب، فإن جثمان الفقيد يصل يوم الخميس إلى المطار الدولي هواري بومدين ثم ينتقل مباشرة إلى مقر المديرية المركزية للحزب بالعاصمة ليتمكن المواطنين هناك والإطارات وكذا السفراء من إلقاء النظرة عليه والترحم عليه، وإلى حد الساعة فإن البيان يقول إنه سيقضي الليلة بمقر المكتب الوطني للحزب ليتم في الصباح الباكر ليوم الجمعة 1 جانفي 2016، نقله في موكب جنائزي رسمي إلى تيزي وزو وتحديدا بلدية ايت يحيى، حيث سيكون سكان القبائل ينتظرونه بملعب "ثيسيرث نشيخ" ويكون الحرس الجمهوري حاضرا، والإطارات الحكومية وغيرهم لإلقاء النظرة الأخيرة عليه قبل أن يحول إلى منزله العائلي ومن ثمة إلى مقبرة.
"الدا الحسين" سيدفن بجوار والدته
عملت "المساء" مساء أمس، أنه تم تغيير مكان دفن الفقيد حسين آيت أحمد، حسبما أكده أحد ممثلي حزب الأفافاس بمنطقة آيت يحيى المكلف بتنظيم جنازة الزعيم الثوري، حيث تلقى ممثلو الحزب تعليمات من المكتب المركزي بشأن القرار الجديد المتعلق بمكان الدفن، فبعدما كان مقررا دفنه بمقبرة سيدي علي أوعمارة بالقرب من أسلافه، تم تغيير المكان إلى وسط القرية وتحديدا بالقرب من مقام الوالي الصالح شيخ محند الحسين، حيث يوجد قبر والدته بن قداش مياسة التي وافتها المنية في 20 سبتمبر 1983 عندما كان الفقيد بالمنفى. وحسب مصدرنا، فإن هذا التغيير جاء تلبية لطلب الزعيم على لسان عائلته التي أرادت أن تحقق له هذه الأمنية ليكون الدفن بالقرب من والدته وجده شيخ محند الحسين، في حين سيطرأ تغيير على مخطط تنظيم الجنازة المسطر من قبل.