20 % من الألبسة الشتوية فقط صرفت
التجار يستنجدون مبكرا بـ"الصولد"
- 814
"ربي ايجيب الخير.. إن شاء الله تهطل الأمطار وتتغير الأحوال..." "لم نشهد سنة كساد في السلع الشتوية مثل هذه السنة.. خسارتنا كبيرة والصولد لن ينقذنا..." وغيرها من العبارات التي رددها باعة الألبسة الشتوية من الذين وجدوا صعوبة في تصريف بضاعتهم، بسبب عدم هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة التي حتمت على المواطنين الاستغناء عن الألبسة الشتوية والميل إلى كل ما هو ربيعي.
انصبت آراء المستجوبين من باعة الألبسة الشتوية، من الذين تحدثت إليهم "المساء"، في وعاء واحد انحصر في قلة الإقبال وركود حركة البيع حول كل ما يتعلق بالسلع الخاصة بموسم البرد، انطلاقا من المعاطف والقمصان الصوفية والأحذية الجلدية على اختلاف أشكالها، وصولا إلى القفازات والقبعات وحتى الإيشاربات الصوفية، الأمر الذي انعكس سلبا على التجار الذين عجزوا عن تصريف بضاعتهم، وحسب رفيق بائع بمحل للملابس الشتوية الرجالية في شارع العربي بن مهيدي، وردا على سؤالنا حول مدى تأثر حركة البيع بأحوال الطقس قال: "من المفترض أن جل الألبسة الشتوية يجري البدء في تصريفها مع حلول شهر أكتوبر، حيث تنخفض درجات الحرارة وتبدأ الأمطار في التهاطل، لكن للأسف الشديد، غياب المطر ولطافة الجو جعلنا عاجزين عن تصريف البضاعة التي لجأنا إلى تخفيض أثمانها ليتسنى لنا تصريف على الأقل 20 بالمائة منها، ومع هذا حركة البيع لا تبعث على الارتياح".
وغير بعيد عنه، حدثنا محمد، بائع ملابس نسائية شتوية، وعلامات الأسف والتذمر بادية على وجهه قائلا: "حركة البيع في كل ما يخص الملابس الشتوية، بدءا بالمعاطف، وصولا إلى الأحذية، وعلى الرغم من أننا لجأنا إلى (الصولد) مبكرا، فما كان يباع بـ16 ألف دينار خفضناه إلى نصف ثمنه، ومع هذا وجدنا صعوبة في تصريف البضاعة"، مشيرا إلى أنه لم يأت بسلع جديدة منذ شهريين بسبب كساد السلع وضعف الطلب وعلق بالقول: "نحن لا نعيش جوا ربيعا، وإنما جوا صيفيا، فالسلع التي أبيعها منذ حلول موسم البرد، أي بدخول شهر أكتوبر، عبارة عن بعض الفساتين والسراويل وكل ما أستطيع قوله؛ ربي ايجيب الخير".
أما سمير، بائع ألبسة رجالية في العاصمة، فربط إقبال المواطنين على اقتناء الألبسة الشتوية بتقلبات الطقس وقال: "عادة ما يبحث المواطنون عن الألبسة الدافئة من معاطف وأقمصة صوفية وأحذية جلدية بمجرد هطول المطر وانخفاض درجات الحرارة، وبما أن الأمطار شحيحة والأجواء ربيعية، فإن ما بعناه اقتصر على بعض الألبسة الخفيفة، في حين بقيت الألبسة الشتوية مركونة في الزاوية، ويعلق: "في السنوات الماضية، كان الطلب على الثياب الصوفية والمعاطف يبلغ أشده في شهر نوفمبر، حين نضطر إلى تزويد المحل بسلع إضافية من أجل سد الطلب الكبير وتحديدا على الملابس الصوفية والمعاطف، لكن في هذه السنة وللأسف الشديد، لم نتمكن من تصريف ثلث البضاعة، ما يعني أن حجم الخسارة التي يتكبدها المحل كبيرة، هذا من ناحية، ومن جهة أخرى نحن مضطرون إلى الانطلاق في عملية التخفيضات مبكرا لإنقاذ ما أمكن، خاصة أن السلع المرتبطة بفصل الربيع يجري التحضير لاستقبالها".
وإذا مس الكساد ألبسة البالغين من الجنسين بسبب قلة الطلب، فإن ألبسة الأطفال هي الأخرى لم تكن أوفر حظا، حسب عمي حميد بائع ألبسة أطفال في الأبيار، الذي أكد أن عملية البيع اقتصرت على بعض الأقمصة الصوفية البسيطة وبعض الجوارب العادية، في حين ظل الطلب شحيحا على المعاطف الشتوية والقفازات والقبعات التي كانت في السنوات الفارطة تنفذ مع نهاية شهر ديسمبر، بل وكنا نضطر إلى تزويد المحل بطلبات مضاعفة، وتحديدا ما يتعلق بالقفازات والقبعات وحتى المعاطف الشتوية.
"الصولد" يخفف من حجم الخسارة
أرجع الحاج طاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، ضعف الطلب على الألبسة الشتوية، سواء تعلق الأمر بتلك الموجهة للرجال أو النساء أو الأطفال على حد سواء، إلى شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي انعكس سلبا على التجار وجعل سلعتهم تتكدس، وقال بأن ثقافة المستهلك الجزائري فيما يخص اقتناء الألبسة الشتوية مرتبطة بنزول المطر وليس وفق برنامج معين، كأن تخطط العائلات للشروع في اقتناء الألبسة الشتوية بحلول شهر أكتوبر أو نوفمبر مثلا، وإنما الأمطار هي التي تذكر عادة المواطنين بشراء كل ما يخص هذا الموسم البارد، الأمر الذي عمق الأزمة، مشيرا إلى أن الموسم التجاري لهذه السنة سيكون صعبا على التجار، لأنه بالرجوع إلى السنوات الماضية يفترض أن التاجر بحلول شهر ديسمبر يكون قد صرف حوالي 50 بالمائة من بضاعته الشتوية لكن للأسف، عملية البيع لم تتعد عند جل التجار 20 بالمائة، مما يسبب ضائقة اقتصادية كبيرة للتاجر الذي يواجهه خطر تكدس السلع ومتابعة المتعاملين معهم الذين يستعدون، بناء على اتفاقيات العمل، على تزويدهم بسلع جديدة، فيما محلاتهم لا تزال معبأة بالملابس التي عجزوا عن تصريفها، يقول الحاج الطاهر بولنوار الذي اقترح أمام هذا الظرف الطبيعي الصعب على التجار التحلي بالصبر من جهة، والشروع خلال شهر جانفي وإلى غاية فيفري، في رفع طلباتهم إلى مقر الولاية للبدء في عمليات التخفيض الذي لا يتم إلا بموجب رخصة بغية تحديد كمية السلع المنتظر تخفيضها، وهذا الحل كفيل بالحد من حجم الخسارة أو التخفيف منها.