من أجل المحافظة على الإرث الذي خلفه الأجداد
زهرة باشا تستلهم أفكارها من خزف "راكو" الياباني

- 1200

تسعى زهرة باشا الحرفية في السيراميك، إلى تطوير حرفتها من أجل المحافظة على الإرث الذي خلفه الأجداد في هذا المجال، فمنذ سنوات تعمل الحرفية على معرفة كل خبايا هذه الصنعة حتى تطورها أكثر فأكثر، مضيفة لمساتها الفنية الخاصة.. تبدع السيدة زهرة باشا في صناعة الخزف البني الأسيوي الذي يختلف عن الخزف المحلي من حيث اللون والملمس، حسب قولها، إذ يمتاز الخزف الآسيوي بنعومة الملمس ولون بني غامق تميل حوافه إلى الأسود الداكن، يضفي مزيدا من الدفء في المنزل عند التزيين به.
وتفرغت الحرفية زهرة بعد تقاعدها المسبق من التعليم، إلى الحرفة اليدوية التي تستهويها كثيرا، حيث نهلت من خبرة شقيقتها الكبرى في نفس الحرفة التي كانت هي الأخرى تمارسها بشغف كبير، لتنطلق بعدها إلى فضاء أرحب عبر انتسابها إلى ورشات التربص في الفخار ووجدت ضالتها في الثقافة الآسيوية، حيث كان الأسيويون من السباقين إلى إتقان فنون هذه الحرفة.
وعن ميولها للخزف الآسيوي، قالت المتحدثة بأن عالم الخزف في آسيا يمتاز بالتعددية من حيث النوع والتصاميم والألوان، إلا أنه ذا جودة عالية، مضيفة أن هناك الخزف الياباني الذي يشبه كثيرا الخزف الصيني، وللكوريين فضل كبير في تطوير هذا الفن، وتعد الدول الآسيوية الرائدة في الصناعة الخزفية اليدوية، تمتاز قطعها بالجمال والدقة وتحتوي رسومات بتفاصيل متناهية. وعليه توضح أن مطابقة أعمالها للطابع الآسيوي هو بفضل اشتهار الخزف الصيني والياباني إلى درجة صار نموذجا عالميا للمقارنة الراقية والرفيعة في مجال هذا الفن.
وتستلهم الحرفية أعمالها من الآثار القديمة، حيث تتصفح المواقع الإلكترونية، تزور المتاحف القديمة، وتشاهد البرامج التلفزيونية المتعلقة بالخزف القديم، لتنهل منها أفكارا وتعيد صياغتها في أعمالها التي تجعل منها تحفا فنية تتميز بالجمال والروعة والرسوم الخلابة، سواء كانت محاكاة للطبيعة أو دلالات شعبية مختلفة، أو لأساطير ومعتقدات سائدة، تعتمد اللون البني الغامق، وهو لون التراب الذي يستحسنه كثيرا زوار المعارض.
وتعمل الحرفية بتقنية ‘راكو’ السيراميك اليابانية، وهي تقنية ابتكرها حرفي ياباني مختص في الفخار في القرن الثامن عشر، وكان هذا الأخير خبير في تذوق الشاي في نفس الوقت، طلب منه ابتكار فناجين جميلة وبسيطة تليق بجودة الشاي الياباني المشهور، لكن من دون لفت النظر إليها على حساب الشاي، احتفالا بعيد هذا المشروب، ولقد وافق الحرفي الملقب بـ«شورجيوا" على ذلك الطلب وصنع فناجين بتدريج الأسود والأحمر، وقدمت تلك الفناجين للإمبراطور آنذاك الذي استحسن كثيرا عمل الحرفي منحه حينها له ولجميع سلالته شرف ختم أعمالهم ‘بايديوغرام راكو’ ـ "الذي يعتبر ختما خاصا بأعمال تلك السلالة"- والتي تعني التمتع الروحي، ويعكس الجودة العالية لتلك الصناعة اليدوية.
تعتمد هذه التقنية على وضع المنحوتات من مرتين إلى ثلاث في فرن كهربائي، ثم يتم تبريدها وبعدها تغمس في شمع الخشب، ثم يعاد إدخالها إلى فرن ‘راكو’ في ألف درجة مئوية لمدة نصف ساعة، مما يجعلها سوداء اللون، تصيبها بعض الشقوق التي تزيدها جمالا، ثم تخرج القطع بملقاط خاص. وفي هذه المرحلة، يمكن إضفاء بعض التغييرات في ظرف زمني لا يتعدى 60 ثانية، حيث تكون القطعة لا تزال ذائبة وطرية، وهي المرحلة التي يتم خلالها تحديد شكل ولون التحفة، وتمنح هذه التقنية في الطهي متانة وصلابة للقطع الفنية تتحمل مختلف الصدمات وتقيها من التكسر. يذكر أن مشاركة الحرفية في معارض الصناعة التقليدية، جعلتها تتميز بفضل أعمالها عن باقي الحرفيين، وكانت مشاركتها الأخيرة في معرض هدايا رأس السنة الذي احتضنه مركز فنون وثقافة "مصطفى كاتب".