لوح من ميلة:
الدستور القادم يحمي الحريات الخاصة للأفراد
- 2206
يكفل المشروع التمهيدي للتعديل الدستوري بشكل كامل الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن، حيث يلزم الدولة بضمان عدم انتهاك حرمة الانسان أوالمساس بشرفه وبسلامته البدنية والمعنوية، كما تكفل الدولة بموجب هذا المشروع الحريات الشخصية للمواطنين، وتمنع تحت طائلة العقاب انتهاك حرمة الحياة الخاصة، ومنها التنصت على المراسلات والاتصالات الخاصة دون أمر معلل من السلطة القضائية. وانصبت التدابير التي تضمنها الباب الرابع من المشروع التمهيدي والخاص بالحريات والحقوق، حول ترقية الحقوق الأساسية والحريات الشخصية للمواطن، حسبما أكده وزير العدل، حافظ الأختام، الطيب لوح أول أمس بميلة، مبرزا أهمية ما تضمنته المادة 39 من هذا المشروع في مجال حماية سرية الاتصالات والمعطيات الشخصية للمواطنين.
بعدما أشار إلى أن هذه التدابير تهم بشكل مباشر المواطن الذي يعد المعني الأول والأساسي بهذه التعديلات المقترحة على الدستور، أكد الوزير أن مقترح المادة المذكورة يضمن حماية حرمة الحياة الخاصة للمواطن وشرفه وسرية اتصالاته ومعطياته الخاصة. ولفت إلى أن نفس المادة تمنع أي مساس بتلك الحقوق والحريات وتعاقب أي انتهاك لها إلا بأمر معلل من السلطة القضائية. كما أوضح لوح في شرحه لهذه الأحكام الجديدة على هامش تدشينه للمقر المؤقت للمجلس القضائي الجديد لميلة وتنصيب رئيس المجلس والنائب العام، بأن التعديلات الدستورية تمنع أي تنصت على المواطن في مكالماته الهاتفية إلا عن طريق القضاء وتحت رقابة القضاء، مشددا على أن كل انتهاك لهذا المنع من أي كان سيكون محل متابعة ومعاقبة من طرف القضاء.
تعزيز الحقوق المدنية والسياسية للمواطن
وفي حين ذكر بالإصلاحات العميقة التي أدخلها رئيس الجمهورية على السلطة القضائية، ولاسيما منها إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتعلقة بالتكنولوجيات الحديثة والاتصال ومحاربتها، أكد الوزير بأن الهدف المتوخى من الإجراءات المقترحة في المراجعة الدستورية هو زرع الاطمئنان والاستقرار في المجتمع وفي نفوس المواطنين من خلال تعزيز دور المواطن في مجال تمتعه بحقوقه المدنية والسياسية، مشيرا في هذا الصدد إلى ما تضمنته المادة 44 من المشروع من ضمان لحق المواطن في اختيار بحرية موطن إقامته، وحقه في التنقل عبر التراب الوطني وفي الدخول والخروج منه بكل حرية، مع التنصيص في نفس المادة على أن هذه الحقوق لا يمكن تقييدها إلا لفترة محددة وبقرار معلل صادر من السلطة القضائية.
فضلا عن حمايتها للحريات الخاصة للمواطن وحظرها لانتهاك حرمة المراسلات والمعطيات الخصوصية، تكفل التدابير الجديدة التي أدرجت في باب الحريات والحقوق في المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور، حق المواطن في الدفاع الفردي أو عن طريق الجمعية، عن حقوقه الأساسية والحريات الفردية والجماعية. وتم لأول مرة بعد توقيع الجزائر على الاتفاقيات المناهضة للتعذيب، دسترة منع المعاملات القاسية أو اللاانسانية أوالمهينة للأشخاص، مع ضمان عدم المساس بحرمة حرية المعتقد، وحرمة حرية الرأي وحرية ممارسة العبادة في ظل احترام القانون.
كما تضمن الدولة بموجب التعديل الدستوري المقترح، حرية الاستثمار والتجارة وحقوق المستهلكين وتمنع الاحتكار والمنافسة غير النزيهة، وإذ تكفل الدولة أيضا بموجب المادة 38 حرية الابتكار الفكري والفني والعلمي، المعززة ببند خاص بالحريات الأكاديمية وحرية البحث العلمي الذي تعمل الدولة على ترقيته وتثمينه، خدمة للتنمية المستدامة للأمة، فهي تكفل كذلك حرية التظاهر السلمي للمواطن في إطار القانون الذي يحدد كيفيات ممارستها.
ترقية حرية الإعلام وحق المواطن في الوصول للمعلومات
وخص المشروع مجال دعم حرية التعبير والصحافة بمادة كاملة تم إدراجها ضمن التعديلات، وهي المادة 41 مكرر 2 التي تمنع أي تقييد لحرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات الإعلامية، كما تسمح التعديلات بنشر المعلومات والأفكار والصور والآراء بكل حرية، شريطة عدم استعمال هذه الحرية للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم، وأن يتم ذلك في إطار القانون واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية، كما يمنع التعديل الدستوري إخضاع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية. ولم يقتصر تكريس حق الوصول للمعلومات على ممارسي مهنة الإعلام، بل تم توسيعه ليشمل أيضا المواطن الذي يحق له بموجب المادة 41 مكرر3 الحصول على المعلومات والوثائق والإحصائيات ونقلها، على أن لا تمس ممارسة هذا الحق بحياة الغير الخاصة وبحقوقهم وبالمصالح المشروعة للمقاولات وبمقتضيات الأمن الوطني.
ضمان حقوق الموقوفين تحت النظر والمتقاضين
من جانب آخر، عملت التعديلات الدستورية المقترحة على تكريس العمل بقرينة البراءة، مع تعزيز هذا المبدأ الأساسي في حقوق الإنسان بضمان حق المواطن المعني في محاكمة عادلة تؤمن له الضمانات اللازمة للدفاع عنه، بينما تكفل الدولة حق الأشخاص المعوزين في المساعدة القضائية. في نفس السياق، أدرج المشروع التمهيدي ضمن أحكامه عدة تدابير جديدة تضمنها مسار إصلاح العدالة وتقوية السلطة القضائية وحماية الحريات والحقوق للمواطن، ومنها التدابير التي تكفل ترقية حقوق الموقوفين ووضعهم تحت النظر، حيث شمل المشروع التدابير المتصلة بضبط الحبس الاحتياطي ومعاقبة الأفعال المرتبطة بالاعتقال التعسفي، فضلا عن حق الموقوفين تحت النظر من الدفاع وحقهم في الفحص الطبي الذي يعتبر إجباريا بالنسبة للقصر.
تعزيز مبدأ الدولة الاجتماعية
ورغم المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد على الصعيد الاقتصادي، إلا أن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور، لم يتخل عن تكريس الطابع الاجتماعي للدولة، بل يعمل من خلال التعديلات المقترحة على تعزيز هذا المبدأ المستمد من بيان أول نوفمبر 1954، من خلال التأكيد على واجب الدولة توفير شروط العلاج للأشخاص المعوزين وتشجيعها على إنجاز المساكن وتسهيل حصول الفئات المحرومة على السكن، فضلا عن ضمان حق المواطن في الصحة والشغل وإقرار مبدأ التناصف بين النساء والرجال في التشغيل ومعاقبة تشغيل الأطفال دون سن 16 سنة، مع الإشارة إلى أن الاقتراحات التي حملها مشروع التعديل يدستر لأول مرة حق المواطن العامل في الضمان الاجتماعي وحقه في بيئة نظيفة وسليمة.