يصفون هوسهم بها بالمرض الذي لا علاج له
عشاق السيارات الكلاسيكية يجمعون تحفا نادرة
- 3031
وصل هوس جماعة من الشباب بالسيارات الكلاسيكية، إلى حد وصفه بالفيروس شديد العدوى الذي لا يوجد له مضاد حيوي، فرغم أن هذه الهواية مكلفة جدا وهادرة للوقت والجهد، إلا أن هؤلاء المهوسين يصفون أنفسهم بالمعجبين المرضى الذين أصابوا غيرهم بفيروس جمع السيارات القديمة، التي يشبهونها إلى حد ما بجامعي التحف النادرة، لاسيما أنهم يعتبرون معظم السيارات تحفا نادرة وصل سعر بعضها إلى أكثر من 300 مليون سنتيم.. ولم تبع!
جمع الأشياء القديمة والتحف النادرة قد يصل بصاحبها إلى حد الهوس، لدرجة جعلت صاحب هواية جمع السيارات القديمة أمين دمارجي يصف نفسه بالمريض المصاب بفيروس لا شفاء منه، ففي مرابه الخاص، الواقع بتعاونية ‘باجو’ بتسالة المرجة غربي العاصمة، استقبلنا أمين وهو ‘يعرفنا’ بسيارة ‘بيجو 604’ التي تعود إلى سنة 1976، وهو يردد بأنها من "أفراد العائلة"، ويوضح أنه من المستحيلات السبع أن يتم بيعها، كونه مرتبط بها ارتباط الأم بوليدها.
ويتحدث محب السيارات الكلاسيكية القديمة فيقول بأنه عشق هذه الهواية منذ سن السادسة، وأصبح منذ ذلك الوقت شغوفا باقتناء كل رمز يجسد في مدلوله السيارة، لدرجة أنه يمتلك أمورا للحياة اليومية على شكل سيارة، ومن ذلك هاتفه النقال أو أباجورة أو حتى ‘دي في دي’، فهو الذي يؤكد عن نفسه بأنه مجنون السيارات الذي عشق سيارة "كيت" في مسلسل ‘نايت رايدر’، ومنذ ذلك الحين رسم لنفسه طريقا كمهتم بالسيارات من الميكانيك إلى القيادة، والمفارقة بأنه ليس ميكانيكا، بل هو نجار طوع حرفته هذه في خدمة هوسه بدليل وجود الكثير من التحف الديكورية في منزله على شكل.. سيارة.
وفي سنوات شبابه، بلغ به الهوس إلى حد السعي إلى امتلاك السيارات الكلاسيكية، خاصة النادرة منها التي تعود إلى سنوات الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، بدءا بسيارتهم العائلية التي يعتبرها جالبة الحظ له وفاتحة الشهية، ليمتلك سيارات أخرى، يقول بأنه يستعين بمعارفه أو أصدقائه من أجل إرشاده نحو سيارة قديمة قد تكون ‘متهالكة’ تماما فيطير إليها -حسب تعبيره- ويجرها إلى مرأبه، لتبدأ بعدها رحلة البحث عن قطع الغيار لإعادة بعث السيارة.
كما يتحدث أمين العربي، عاشق آخر للسيارات الكلاسيكية، عن ولعه الشديد بهذه الهواية، لما سألته "المساء" عن سر تعلقه بالسيارات القديمة، أجاب بقوله: "مرض خطير لم يوجد له بعد ترياق"، ويشرح بأن ولعه هذا جعله يبحث في ربوع الوطن عن سيارة قديمة لشرائها وإعادة إصلاحها، وكذلك الشأن بالنسبة لمنير شباح الذي قال عن نفسه وعن أصدقائه في الهواية بأنهم شغوفون بهواية قلما تجد لها مثيلا، وفرحهم الكبير لا يوصف لما يخرجون بسياراتهم في ‘كورتاج’، تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، بالتالي يثيرون إعجاب الناس، ثم أردف يقول: "إذا كان عمال النظافة ينظفون الشوارع فنحن ننظف الخردة"، ليعقب أمين العربي بقوله؛ "نحن نبحث فقط عمن يرمينا في الخردة.. ويخلونا تمْ".
وبمجرد تفوهنا بكلمة بيع، أي من تلك السيارات التحف، أجابوا جميعهم ‘جامي’، أي أبدا، وكيف لهم ذلك وهم الذين وصل بهم الأمر إلى حد التسليم في شؤونهم الشخصية للتفرغ لهوايتهم، على حد قول أمين دمارجي الذي أكد أنها هواية مكلفة، وهو ما جعله يؤجل أمر إكمال نصف دينه، فقد أكد أن جمع السيارات الكلاسيكية يتطلب، إلى جانب الجهد، مالا يمكنه من شراء قطع الغيار الملائمة، التي تشكل من جهتها إشكالا يطرحه عشاق هذه الهواية، وهو ما جعلهم يستعينون بموقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" من أجل الإشهار لسياراتهم وما يحتاجونه من قطع، بهدف إعادة إحياء بعضها. وهو الموقع الذي سمح لهؤلاء المهوسين بفتح مجموعة تضم إليها أكثر من سبعين عضوا من محبي السيارات القديمة في خطوة أولى عملوا من خلالها على إقامة بعض المعارض الجهوية بالعاصمة، كما سمحت لهم بنسج علاقات تقارب مع جمعية تونسية لهواة السيارات العتيقة، وهو ما جعلهم يفكرون في إنشاء اتحاد مغاربي لهواة السيارات الكلاسيكية.
في هذا الصدد، طالب الهواة بتسهيل أمور استيراد قطع الغيار الأصلية لبعض السيارات، حيث يقول منير شباح؛ "نحن كعشاق السيارات العتيقة، نوفر من أموالنا الخاصة لشراء سيارة وإصلاحها، لكن في مقابل ذلك نريد تسهيلات لجلب بعض قطع الغيار التي تتطلب جلبها من الخارج، وهنا تحديدا من تونس، أين وجدنا شخصا يمتلك قطع غيار أصلية من المجموعات التي نبحث عنها".