هيئة دفاع المتهمين في صفقة غرمول يلتمسون تبرئة موكليهم:
"هم ضحايا تفويض الوزير والرئيس المدير العام"
- 581
رافع أول أمس محامو المتهمين في قضية صفقة ترميم مبنى غرمول بالعاصمة، ملتمسين من هيئة محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر تبرئة ساحة موكليهم من التهم المنسوبة إليهم، وهي إبرام صفقات مخالفة للقانون، المشاركة في تبييض الأموال وتبديد المال العام، مؤكدين جمعيهم أن المتهمين لم يقوموا بتصرفات خارج إطار تنفيذ أوامر مسؤوليهم المباشرين، وفقما يتطلبه قانون العمل والقانون الداخلي، الذي يستوجب تنفيذ الأوامر.
صفقة غرمول أمضاها الوزير
وذكر الأستاذ قسنطي منصور، محامي المتهم شوقي رحال، نائب المدير العام المكلف بالنشاط التجاري والمتابع خاصة بتهمة تكوين عصابة أشرار، أن موكله لم تكن له سلطة منع أو قبول قضية عقد "كاد" الخاص بترميم مقر غرمول لأن كل الأمور تمت بمباركة "الفوق"، مفيدا أن الوزير شكيب خليل طلب منه الإسراع في ذلك وأكدها له المدير السابق مزيان محمد، وأنه حينما فازت "إيمتاك" بالمناقصة في 15 جويلية، طلب منه التفاوض مع الشركة على الأسعار إلى خفضها على الأقل بنسبة 10 بالمائة، وهو ما قام به المتهم رحال الذي خفضها إلى 12 بالمائة. وقال المحامي إن موكله وقّع العقد بإرادة مسؤوله المباشر محمد مزيان بأمر من الوزير، ملتمسا في نهاية مرافعته تبرئة موكله من كل التهم الموجهة إليه.
أركان التهمة غير ثابتة على آيت الحسين
كما رافع الأستاذ بلعباس محمد الأمين، عن موكله آيت الحسين مولود، رئيس دائرة تقنية بمديرية نشاط التسويق المتابع بجنحة إبرام اتفاق دون احترام قانون الصفقات ومحاولة تبديد المال العام، ملتمسا تبرئة موكله من كل الأفعال المنسوبة إليه، لاسيما أن أركان التهمة المتابع بها غير قائمة، مفيدا أن آيت الحسين لم يكن له أي سلطة لاتخاذ القرار أو إعطاء الأوامر حتى وإن عيّن كرئيس لجنة دراسة العروض التقنية لمشروع تهيئة مقر غرمول، ملقيا مسؤولية اتخاذ القرارات على عاتق مسؤول موكله المباشر الذي امتثل أمام محكمة جنايات العاصمة كشاهد في القضية. وأضاف الأستاذ بلعباس أن موكله قدم استقالته من منصبه في الشركة إثر هذه القضية، إلا أنه تم رفضها قبل أن يتقدم بطلب إحالة على الإيداع إلا أنه استدعي لمنصبه وهو لا يزال إلى حد اليوم يعمل بنفس الشركة كإطار مسير لعدة مشاريع، مما يدل على خبرته وتجربته في المجال، وهو ما جعل سوناطراك لا تتخلى عن خدماته رغم متابعته قضائيا.
لا علاقة لصنهاجي باختيار مكتب الدراسات
كما استمعت المحكمة إلى دفاع المتهم صنهاجي محمد، المدير التنفيذي السابق لمديرية النشاط المركزي، المتابع بتهمة منح امتيازات غير مستحقة للسيدة ملياني، مديرة مكتب الدراسات "كاد" الذي فاز بعقد مشروع غرمول بالتراضي البسيط والذي كان وفقا للمرافعة مجرد منفذ للأوامر التي كانت تصله مباشرة من شكيب خليل ومحمد مزيان. وقال الدفاع، ممثلا في الأستاذة إقداد راضية، إن الوزير السابق شكيب خليل تلقى إرسالية من رئيس الحكومة لتخصيص مقر غرمول بالعاصمة لصالح وزارة النقل، مع تقديم نسخة من تلك الوثيقة لرئيس محكمة جنايات العاصمة القاضي رقاد محمد قبل أن تشير إلى إرسالية ثانية تذكر الوزير بالوثيقة الأولى وضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة بخصوصها، وأكدت المحامية أن الوزير لم يأخذ بتلك المراسلات وقام بتوجيه تعليمات مخالفة إلى محمد مزيان من أجل الحفاظ على مقر غرمول لصالح وزارته، وهو ما وصل إلى المتهم صنهاجي كتعليمة سرية لتدبر الأمر، وكان أول ما خطر ببال المتهم صنهاجي هو ترميم ذلك المبنى من أجل الحفاظ عليه لصالح شركة سوناطراك ووزارة الطاقة والمناجم، حسبما قالته المحامية، عن طريق إبرام عقد بالتراضي البسيط لتسريع وتيرة الأشغال وإعطاء المشروع ككل صفة استعجالية، لاسيما أنه يملك السلطة التقديرية لذلك بحكم منصبه.
وحسب الأستاذة، فإن هذا القرار لا يخالف التعليمة التنظيمية الداخلية لسوناطراك "أر 15" التي تشير إلى الأوضاع والحالات التي يمكن أن تصنف في خانة "الاستعجال" وبالتالي منح مشاريع عن طريق عقود بالتراضي البسيط بدلا من الإعلان عنها كصفقات مفتوحة، وذكرت بتصريحات المتهم صنهاجي الذي نفى أن تكون له أي علاقة باختيار مكتب الدراسات "كاد" الذي فاز بالصفقة لأن ذلك لا يدخل ضمن اختصاصه، وأن ذلك ما أكده عدد من الشهود الذين امتثلوا أمام محكمة جنايات العاصمة للقول بأن "المتهم لم يتدخل في أي وقت من الأوقات لتفضيل مكتب على آخر في سياق ترميم المقر.
رئيسة مكتب الدراسات "كاد" أمضت عقدا ولم تبرم صفقة
ودفاعا عن المتهمة ملياني نورية، أكدت هيئة الدفاع المكونة من الأساتذة شايب صادق وبولنوار محمد والعايب بن اعمر أن موكلتهم بريئة من كل التهم الموجهة إليها بدليل أن الرئيس المدير العام السابق لشركة سوناطراك، عبد الحميد زرقين كان قد صرح مؤخرا بصفته شاهد أمام محكمة جنايات العاصمة أن شركة سوناطراك لم يلحقها أي ضرر جراء عقد الدراسات الذي أبرمته مع مسيرة مكتب "كاد" بخصوص إعادة تهيئة مقر غرمول. وأشار الدفاع إلى أن موكلته كانت تعتقد أنها فازت بصفقة الدراسة عن طريق المناقصة المفتوحة ولم تكن تعلم أن العقد الذي وقعته كان بصيغة التراضي البسيط، مضيفا أنه لا يمكن متابعة موكلته بتهمة إبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها لأنها لم تبرم أي صفقة، إنما وقعت على عقد بصيغة التراضي البسيط لإجراء دراسة لإعادة تهيئة مقر سوناطراك.
ومن جهته، أكد الأستاذ بولنوار دفاعا عن نفس المتهمة أن الدراسات المعمارية التي يقوم بها مكتب "كاد" هي "عبارة عن خدمات لا مادية لا تخضع للتعليمة "أر 15" وإنما تخضع لمبادئ القانون المدني والذي ينص على "أن العقد هو شريعة المتعاقدين". كما اعتبر الأستاذ العايب بن اعمر بدوره أن ملف القضية لا يحوي على أي دليل ملموس يؤكد أن موكلته ارتكبت جنحة تبييض الأموال، مضيفا أن هذه الأخيرة كانت الأولى التي أشارت في تقريرها المرسل إلى شركة سوناطراك أن الأسعار التي فرضتها الشركة الألمانية "إيمتاك" لترميم مقر غرمول مبالغ فيها.