لأن مجتمعنا يقدس الروابط الأسرية

علاقة الأب بالابن تواصل اجتماعي ووجداني

علاقة الأب بالابن تواصل اجتماعي ووجداني
  • 1371
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

ساد الاعتقاد مؤخرا، بأن الأسرة الجزائرية لا تولي اهتماما خاصا للأطفال،  نظرا لتحول الأسرة الجزائرية إلى نووية مكونة من الأب والأم والأطفال، وما رسخ هذا الاعتقاد هو خروج الأبوين إلى العمل، إلا أن الاستطلاع الذي قامت به "المساء" أثبت عكس ذلك، حيث أبدى الآباء اهتمامهم بتربية ومرافقة أبنائهم، ومحاولة التفرغ لهم من حين إلى آخر من أجل تمضية بعض الأوقات معهم ومراجعة ما فاتهم خلال العمل. تؤدي العلاقة القوية بين الوالدين والأبناء إلى تواصل وجداني واجتماعي يساعد الطفل منذ صغره على تكوين شخصيته، بفضل ما يتلقاه من رعاية تجمع بين المحبة والتربية وتساهم في تذليل صعوبات الحياة، وتكسر حاجز الخوف والرهبة لدى الأبناء وتمنحهم الثقة في النفس.

وفي استطلاعها، تلقت "المساء" العديد من الآراء التي أجمعت أغلبيتها على أن الطفل في مجتمعنا يحظى باهتمام خاص، حتى وإن كان يبدو عكس ذلك، إلا أن الأب غالبا ما يكون حاضرا لطفله، وليس في الطفولة فقط، وإنما تكون مرافقة روحية واجتماعية حتى بعد نموه وكبره، حيث أوضح من مسهم استطلاعنا، أن الحوار الأسري بين الأب والطفل منذ صغر الابن، يعمل على تنمية شخصيته ويبصره بما حوله، بالنصح والرشد، حيث تم تأكيد أن ذلك ليس من باب التربية فقط وإنما تلك المحبة تدفع بالأب إلى البحث عن أوقات أسرية خاصة يشاطر فيها وقته أبناءه، حتى وإن كانت رزنامة العمل خلال الأسبوع لا تسمح له بذلك.

بين مرافقة للمساجد وتمضية عطل نهاية الأسبوع في المتنزهات، وبين خرجات عائلية اختلفت نشاطات المجتمع من أجل تمضية الآباء الوقت مع أبنائهم، وأشار البعض إلى أن التجمع الأسري شيء مقدس بالنسبة للعائلة الجزائرية، فمنذ القديم يولي الآباء والأجداد رعاية خاصة للأطفال، حيث يصرون على حقن المحبة والعاطفة لدى المواليد الجدد، فكان ذلك، ولا يزال هذا الأمر من أنجح الأساليب في التنشئة الاجتماعية، مع تقريب النفوس وترويضها وكبح جماحها. إلا أن هناك فئة أخرى اعترفت بأن واجبها تجاه أبنائها مهضوم بسبب ساعات العمل الطويلة، ليس إجحافا في حق أطفالهم وإنما ظروف معيشية فرضت قواعدها ودفعت بهم إلى جعل الاهتمام بالمرافقة الأسرية في المقام الثاني.

فكثير من الآباء والأمهات يدركون أهمية ترسيخ العلاقة بينهم وبين أبنائهم منذ مرحلة الطفولة التي تعتبر أكثر خطورة من أية مرحلة أخرى، إلا أن بعض الآباء لا يعطون المساحة الكافية للاهتمام بالأبناء وتربيتهم، لسبب أو لآخر، حتى تبقى فئة أخرى تعتقد أن توفير الطعام والملبس وأدوات الترفيه هي الرعاية بعينها، فنجد نماذج من إهمال التربية منذ الصغر تتمثل في عدم احترام الطفل لوالديه، جراء ما اكتسبوه من قيم وأخلاقيات في مرحلة الطفولة التي كان يعمها الإهمال وعدم المرافقة، فالانشغال الدائم للأولياء، خصوصا الأب، بالعمل أو السفر قد يترجمه الأبناء في صغرهم، على أنه نوع من الكراهية وعدم الاهتمام، فتنعكس سلبا على نمو الشخصية والثقة في النفس.