انطلقت قبل أيام عبر كافة محلات العاصمة
ثقافة "الصولد" تستهوي الجزائريين
- 1509
ثقافة "الصولد" باتت حاضرة لدى المواطن على خلاف سنوات خلت، فقد تبنى هذا الأخير رتابة جديدة مرتين في السنة، عند التغير الموسمي، هذا ما لمسناه في جولة "المساء" الاستطلاعية إلى بعض محلات العاصمة التي تستقطب الزبائن منذ أولى ساعات النهار، بفضل تخفيضاتها التي وصفها البعض بـ"الجنونية".
تعود سياسة "الصولد" بفوائد عديدة على الاقتصاد الوطني، حيث تدعم المؤسسات الإنتاجية لزيادة الإنتاج، وتسمح للتاجر بتجديد مخزونه من السلع والمنتجات، كما يتسنى من خلالها للمستهلك اقتناء حاجياته بثمن أقل، وهو مجموعة من أساسيات ثقافة تبناها المستهلك الجزائري وأدخل معناها في قاموس مشترياته، حيث بات يخصص ميزانية في انتظار انطلاق موسم "الصولد". لم تأت تلك الثقافة من العدم، هذا ما تبين لنا من خلال جولتنا عبر تلك المحلات التي تعرف هذه الأيام نوعا من الاكتظاظ، ولعل تلك المحلات الأجنبية التي فتحت فروع لها بالعاصمة، هي التي حقنت تلك الثقافة عند باقي المحلات، لاسيما أنها تعمل بسياسة عالمية، أي بنفس التاريخ والنسبة عبر كل الفروع حول باقي الدول.
محلات علقت لافتات من أجل استقطاب الناس، كتب عليها بالبنط العريض "صولد بـ50 بالمائة أو 20 بالمائة أو 60 بالمائة"، باللغتين العربية والفرنسية، والبعض الآخر علق لافتات كتب عليها "تخفيض دون تحديد النسبة"، بينما لجأ آخرون إلى كتابة "الأثمان الجديدة للسلع". اتضح لنا من خلال الجولة التي قمنا بها في شوارع العاصمة، أن التجار أصبحوا يعرفون المعنى الحقيقي لـ«الصولد" أكثر، إذ فسر لنا البعض بأن تفتح السوق الجزائرية على السوق العالمية أدخل العديد من المفاهيم الجديدة، منها "الصولد" و«التخفيضات" أو "التنزيلات"، وهي لم تعد وسيلة للتخلص من السلعة المعروضة فقط، وإنما وسيلة للترويج للبضاعة تعود بالإيجاب على التاجر بالدرجة الأولى، وعلى الاقتصاد الوطني بالدرجة الثانية.
رغم التخفيضات الحقيقية.. "صولد" خارج التقنين
ما لمسناه أيضا هو أن بعض المحلات تعتمد سياسة "الصولد" من نسج هواها، دون الرجوع إلى الإجراءات القانونية التي تحكم تلك العملية، فبات من المعروف، لاسيما بالنسبة للمحلات البسيطة، أنها لا تعلن انطلاق العملية عبر تعليق لافتات، وتتفادى طلب الترخيص من الهيئات المعنية، وتعمل على تخفيض الأثمان قبل أو بعد موسم "الصولد"، وهو ما أكده لنا بائع بمحل ملابس نسائية في شارع ديدوش مراد، مشيرا إلى أن تلك السياسة خاطئة تعرض التاجر للخسارة، وكل ما يهمه هو طرح فائض تلك السلعة بأي سعر، بعدما يؤمن رأس ماله، حتى دون البحث عن فائدة أو هامش ربح ملموس خلال عملية "الصولد".
إلا أنه رغم الخروج عن الإجراءات القانونية، فإن "الصولد" أو التخفيض ملحوظ لدى بعض المحلات التي تنزل السعر أحيانا مباشرة إلى نسبة 50 بالمائة أو توحيده مثلا "كل شيئ بـ1000" دينار" مهما كان سعر السلعة في البداية، لتجد الزبائن يتهافتون على السلع، وأخذها أحيانا دون تجربتها بسبب إغراء السعر.
تجار لا يكترثون بـ"الصولد"
بينما أبدى البعض عدم اكتراثهم بسياسة "الصولد"، ففي بداية كل موسم يقومون بإخفاء السلعة المعروضة التي لم تسوق، ثم يعاد عرضها في الموسم القادم وما إلى ذلك حتى تنفد، حيث اعتبر هؤلاء أن "الصولد" غير المقنن ليس في صالح التاجر ويمكن أن يحقق له عكس ما كان يتوقعه ويتكبد خسارة لا يتحملها، من أجل إعادة تزويد محله بسلع جديدة. من جهة أخرى، يخطئ بعض البائعين في تحديد الوقت الذي ينطلق فيه موسم التنزيلات، ليقومون بالتخفيض في السعر بطريقة غير مدروسة تخلق فوضى حقيقية، بحكم أنها تخضع للموضة ولا تلبس في الموسم القادم.
تجار يستغلون فرصة "الصولد" في دول أجنبية
موسم "الصولد".. هو كذلك فرصة لا يفوتها تجار التجزئة الجزائريون، حيث يذهبون خلال هذا الموسم في رحلة بحث عن فرص "الصولد" في دول أجنبية، مثل فرنسا، إيطاليا، إسبانيا وتركيا، ليستغل هؤلاء الأسعار المغرية بهدف التبضع واقتناء منتجات بمواصفات عالمية، وإعادة بيعها أحيانا بالسعر الأصلي أو المرجعي للسلعة في الجزائر، هذا ما أوضحه لنا التاجر فؤاد، حيث قال: "بعد أيام معدودة، سأذهب إلى فرنسا بهدف اقتناء بعض الملابس لزبونات قمن بطلبها وسوف أنتظر المرحلة الثانية والثالثة من التخفيضات التي تمر من 50 بالمائة لتصل أحيانا في تلك الدول إلى ما يزيد عن نسبة 80 بالمائة، وهي الفرصة التي لا يمكن تفويتها بالنسبة لأي تاجر قادر على التنقل إلى تلك الدول في هذه المرحلة من السنة".
باب الزوار.. قبلة عشاق الماركات العالمية
يحتشد الزبائن منذ أولى ساعات النهار إلى غاية غلق الأبواب ليلا بالمركز التجاري في بلدية باب الزوار منذ أسبوع، وكذا بالمحلات التي تعرض ملابس لماركات عالمية مصطفة، إذ يجد عشاق "الموضة" ضالتهم في تلك المساحة التجارية، حيث فرغت الرفوف وكأن عاصفة هبت عليها، رغم أن نسبة التخفيضات لم تتعد 30 بالمائة إلى حد الآن، إلا أن جمال القطع ومطابقتها للمواصفات العالمية جعل الزبائن يقفزون عليها، فخصم 1000 دينار على بعض القطع تعتبر ربحا بالنسبة لهم وفرصة لا تعوض.
مواطنون يشككون في كلمة "الصولد"
من جهة أخرى، لا يزال بعض المواطنين يتهمون التجار بالفوضوية والغش!!، مدعين أن الأسعار تتنافى مع "الصولد"، مشيرين إلى قيام بعض التجار بإخفاء السعر المرجعي وتعليق السعر بعد التخفيض، فمن المفترض الكشف عن الثمن الأول وتحديد السعر بعد التخفيض حتى يتمكن الزبون من مقارنة السعرين وتحديد نسبة التخفيض، وليس فقط سماع ما يدعيه التاجر ـ تقول المواطنة فريال ـ ففي نظرها، هي سياسة ماكرة فقط لجلب الزبون وأن قيمة التخفيض رمزية لا تتعدى أحيانا 200 دينار وهذا ليس "صولدا" وإنما تخفيض بسيط.