جوبي يختتم زيارته إلى الجزائر بعد استقباله من طرف الرئيس بوتفليقة:
"لنا مواقف متطابقة وأخرى مختلفة، لكن يهمنا المستقبل"
- 629
قال عمدة بلدية بوردو الفرنسية، آلان جوبي إن زيارته للجزائر جاءت من أجل التطلع نحو المستقبل وليس الحديث عن الماضي، مشيرا إلى أن الفرص متاحة بين البلدين لتعزيز علاقات التعاون في شتى المجالات والذهاب بها إلى أبعد الحدود، على ضوء نظرة مستقبلية لبناء التعاون الثنائي. كما وصف لقاءاته بالمسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الرئيس بوتفليقة بالمثمرة والبناءة.
في ندوة صحفية عقدها عقب اختتام زيارته للجزائر بالمطار، تطرق جوبي إلى أبرز المحطات التي ميزت زيارته لولايتي وهران والعاصمة. وسجل عمدة بوردو إعجابه بالتفتح الاقتصادي الذي تعرفه الجزائر من خلال استقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية، على غرار الصينية التي تنشط في مجال البناء، في حين أكد أن التواجد الاقتصادي الفرنسي الممثل بـ500 مؤسسة توفر 40 ألف منصب شغل، يترجم إرادة بلاده في تعزيز علاقات الشراكة مع الجزائر التي تعد شريكا أساسيا لبلاده. في هذا الصدد، أشار جوبي إلى ضرورة أن تنوع الجزائر اقتصادها بحيث لا ينحصر فقط على قطاع المحروقات، مبرزا استعداد فرنسا للتعاون في مجال تبادل المعارف والخبرات التكنولوجية.
بخصوص لقاءاته مع المسؤولين الجزائريين، أشار جوبي إلى أن هناك نقاط اتفاق واختلاف مثلما هو جار في العلاقات الدولية، ففيما يتعلق بالنقاط العالقة فهي تنحصر في مسألة تعويضات التجارب النووية في الصحراء الجزائرية، بالإضافة إلى تسوية أملاك المعمرين الذين يجدون صعوبة في تحويل أموالهم .أما بخصوص تخفيف توترات الماضي، أشار مرشح الرئاسيات الفرنسية إلى أنها من مهام سفراء البلدين. جوبي تحدث أيضا عن تسليم التأشيرات للشباب الجزائري، مشيرا إلى أنها تشهد وتيرة حثيثة ولا توجد مشاكل بهذا الخصوص، وأضاف أن العملية تشهد ارتفاعا كل عام من حيث منح عدد التأشيرات، في حين دعا السلطات الجزائرية أيضا إلى تسريع عملية منح التأشيرات للفرنسيين الذين يرغبون في زيارة الجزائر. حول موضوع المغتربين المهمشين لاسيما بعد الاعتداءات التي عرفتها فرنسا مؤخرا، أوضح المسؤول الفرنسي أن الأمر تم تضخيمه، وتحدث في هذا الصدد عن نماذج ناجحة لمغتربين من أصول مغاربية عبرت عن رفضها للإرهاب وتمسكها بمبادئ الجمهورية الفرنسية.
أشار ضيف الجزائر إلى أن محادثاته تناولت أيضا القضايا الدولية، وعلى رأسها الأزمة الليبية، حيث تفادى انتقاد سياسة الرئيس السابق ساركوزي، بالقول إن باريس بتدخلها العسكري في هذا البلد استجابت لطلب الشعب الليبي الذي كان يتوق للحرية، لتجد نفسها فيما بعد ملامة من قبل المجموعة الدولية التي اتهمتها بنشر الفوضى. كما أوضح أن تدخل فرنسا في مالي وسوريا جاء من باب ترصد الجماعات الإرهابية مثل "داعش"، داعيا المجموعة الدولية للتجند من أجل تجفيف مصادر تمويلها. بهذا الخصوص، أوضح عمدة بوردو أن الجزائر لها نظرة مختلفة بخصوص تسوية الأزمة الليبية التي ترى أن الحل السياسي يشكل ركيزة لأي أزمة، مضيفا أن فرنسا تشاطر أيضا هذا الرأي وتدعو الأطراف الليبية إلى الانخراط فيه حتى يتم سد المنافذ أمام الجماعات الإرهابية. جوبي الذي رفض تشبيهه بديغول، تأسف لتعطل مسار السلام في الشرق الأوسط، داعيا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لوضع حد لهذا الجمود.
عمدة بوردو عرج على أهم محطات زيارته لبلادنا والتي كانت البداية من ولاية وهران، مشيرا إلى أن لقاءاته بالمسؤولين المحليين سمحت باستعراض مجالات الصحة والسياحة والفندقة. على صعيد آخر، كان رئيس بلدية بوردو قد نشط بالمعهد الدبلوماسي والعلاقات الدولية والمدرسة العليا للأعمال، بحضور وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة ندوة، أكد فيها أن سحب الجنسية لن يثني الإرهابيين عن ارتكاب اعتداءات وأن الوسيلة الحقيقية لمحاربة هذه الآفة تتم على الصعيد الأمني. كما ذكر أن المادة 25 من القانون المدني الفرنسي تسمح بإسقاط الجنسية من مواطنين فرنسيين في بعض الحالات. ومع ذلك أوضح السيد جوبي أن مكافحة الإرهاب "تتطلب تعزيز عدد قوات الأمن والاستخبارات" من خلال التركيز على الاستخبارات العامة الكفيلة ـ حسب رئيس بلدية بوردو - بالوقاية من الاعتداءات.
من جهة أخرى، كان الوزير الأول، عبد المالك سلال، استقبل رئيس بلدية بوردو الفرنسية، وشكل اللقاء فرصة لتناول عدة مواضيع، لاسيما العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا في الشق المتعلق بلامركزية التعاون. حسبما أفاد به بيان لمصالح الوزير الأول فإن الطرفين اتفقا على ضرورة تكثيف تجارب الشراكة والتوأمة بين الجماعات المحلية للبلدين في إطار برامج تنمية الأقاليم والمناطق. كما أجرى ضيف الجزائر محادثات مع وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي السيد رمطان لعمامرة. وأكد رئيس بلدية بوردو الفرنسية أن الحوار الفرنسي الجزائري في أوجه، بالإضافة إلى كونه "جد بناء"، مشيرا إلى "أهمية مواصلته".
جوبي أشار إلى أنه تطرق مع رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى المسائل ذات الاهتمام المشترك، لا سيما الوضع في سوريا وكيفية الخروج من الوضع في ليبيا من خلال "دعم مسار المصالحة الوطنية". كما بحث جوبي مع السيد لعمامرة سبل ووسائل تعزيز التعاون الجزائري الفرنسي الذي يعد "ممتازا اليوم" أمام الخطر الإرهابي في الساحل. رئيس عمدة بوردو قام أيضا بجولة عبر الشارع المحاذي للبريد المركزي رفقة وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب إلى جانب والي العاصمة عبد القادر زوخ. وكانت له دردشة مع بعض أصحاب المحلات والمواطنين بساحة إحدى المقاهي المحاذية للبريد، اغتنم الفرصة لتبادل أطراف الحديث وتناول الشاي.