زهرة فاسي محللة اجتماعية:
سذاجة مغني الراي أفسدت المجتمع
- 1701
أرجعت المختصة في علم الاجتماع، الأستاذة زهرة فاسي، جانبا من الانحطاط الأخلاقي الذي يتخبط فيه المجتمع، إلى تفشي أغاني الراي الهابطة التي لعبت دورا كبيرا في إفساد الشباب، وقالت في حديث خاص لـ"المساء"؛ منذ سنة 2002 تقريبا إلى غاية اليوم، نعيش أزمة أخلاقية رهيبة وحادة، تسبب فيها أصحاب دور إنتاج الأغاني من الذين استغلوا سذاجة الشباب لتبني كلمات منحطة ونابية، فقط من أجل تحقيق الربح السريع.
ذهب توجه المهتمين بإفساد أخلاق الشباب إلى استغلال أغاني الراي بسبب إقبالهم الكبير عليها، كما أضحوا لا يحسنون اختيار ما يسمعونه، وإنما ينساقون فقط وراء الأغاني التي تهز أجسامهم وتجعلهم يشعرون بالنشوة، إن صح التعبير، حسب المختصة الاجتماعية، وتضيف "الأغنية الراوية محبوبة عند الشباب ولا مجال مطلقا لمنعهم من الاستماع إليها، لاسيما أنها من الأغاني الناجحة عالميا، لكن اليوم تحولت إلى سلاح مهدم للأخلاق، وتتسائل: كيف لكاتب الأغاني أن يسمح لنفسه بكتابة كلمات تشجع على استهلاك وتعاطي المخدرات والترويج لها بطريقة صاخبة في قالب غنائي خفيف؟ أليس في هذه الأغاني تشجيع على تعاطيها؟ خاصة أن بعض الأغاني تركز على ذكر منافعها الجمة في القضاء على التوتر والشعور بالراحة والسعادة، وتذهب إلى أبعد من هذا بتعداد أنواعها بمعنى أن من يجهل بعضها تدفعه الأغاني إلى البحث عنها من باب الفضول الذي يقود طبعا إلى تجريبها، ومن ثمة إدمانها".
أغاني الراي أيضا كانت واحدة من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار بعض الظواهر التي كانت محتشمة في مجتمعنا، والمتمثلة في هروب الفتيات من المنازل، لأن الكلمات كانت صريحة بل ومحفزة، حسب المختصة في علم الاجتماع، كقول بعض المغنيين "اهربي من داركم ورواحي انقلشك"، هذه الكلمات عندما تلتقطها مسامع الفتيات في سن المراهقة ينجرفن وراءها، فيقع المحضور وتكون النتيجة انتشار آفة اجتماعية روج لها من لا أخلاق لهم".
الأغاني الرايوية أضحت أكثر إباحية، أي أن كلماتها تعتمد على كلمات نابية أضحت عادية، بل ومقبولة في المجتمع، والعديد يتساءل: كيف تعلم الأطفال من المتمدرسين العديد من الكلمات النابية، رغم أنها لا تتداول في العائلة؟ غير أن الإجابة واضحة، كون المتمدرسين من الأطفال أصبح لديهم إدمان كبير على أغاني الراي المنحطة، وللأسف، عندما وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيها الكلمات النابية تلحن وتغنى، فلنقرئ السلام على أخلاق المجتمع، تقول الأستاذة فاسي.
لم تكتف المختصة الاجتماعية باتهام أغاني الراي بأنها كانت السبب في تفشي بعض الظواهر السلبية، وإنما ذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث اعتبرتها وسيلة مشجعة على انتشار الجريمة، وإلا كيف تفهم هذه الأغاني؟ على غرار ما قاله البعض من الذين يدعون أنهم يقدمون فنّا "نديك ونروح ولا أطيح روح"، "نديك ونروح ونقتل"... "أعليك راني رايح أنجيب السيف والبوشية"....وأغنية "جيبي البيّأ أرصاصة وحدة قليلة فيا"... وأغاني أخرى تحمل كلمات نابية لا داعي لذكرها.
وفي ردها على سؤالنا حول سبب توجه الشباب تحديدا إلى اختيار هذا اللون الغنائي المنحط، أكدت محدثتنا أن الشباب الذين يختارون دخول عالم الفن باختيار الأغاني الرايوية المنحطة، سذج يجري تشجيعهم من طرف دور الإنتاج الذين يقدمون لهم هذا النوع من الكلمات غير المحترمة في طابع غنائي مليء بالصخب والموسيقى، بالتالي اعتبرهم فئة مستغلة تستهدف تحقيق الربح السريع والشهرة فحسب، في حين المسؤولية تتحملها دور الإنتاج التي تستهدف تخريب المجتمع بتشجيع الظواهر السلبية من تعاط للمخدرات والخمور والزنا وغيرها من الانحلال الأخلاقي الذي غذاه غياب الرقابة على ما يجري إنتاجه، مشيرة إلى أنه لم يحدث مطلقا في مجتمعنا أن بادر شخص إلى رفض ما يجري التسويق له عن طريق، مثلا، اللجوء إلى المحاكم، لأننا مجتمع لا يحترم فيه القانون.
تقول الأستاذة زهرة "كمختصة في علم الاجتماع، أطالب باحترام الأغنية الرايوية بالعودة إلى أغاني الراي القديمة، فمثلا سلوى رحمها الله غنت، "كيف رايي هملني" جاءت في طابع رايوي محترم، وأغاني بلاوي الهواري، وتوضح "أنا لست ضد أغاني الراي، فهذا طابع غنائي مشهور بالغرب الجزائري، ويعتبر من تراثنا الغنائي، لكن بالعودة طبعا إلى الكلمات المهذبة، فمثلا بلال الصغيّر أعد أغنية (أرواحي أنصفي ألي بيني وبينك) هذه الأغنية حصلت على شهرتها بكلمات مهذبة، بالتالي نجاح الأغاني لا يكون بالضرورة بالاعتماد على كلمات غير مهذبة وأعتقد أن الفنان لابد أن تكون له رسالة يود إيصالها للمتجمع، لا تخريبه ونشر الفواحش في وسطه".