نواب برلمان طبرق يشرعون في مناقشة برنامجها
مؤشرات الموافقة على حكومة السراج

- 760

توافد عشرات نواب برلمان طبرق أمس على مقر هيئتهم حيث شرعوا في جلسات تشاورية ترمي إلى وضع تصورات مقبولة بشأن احتواء مسألتي تعديل الدستور ومنح الثقة لحكومة الوفاق الوطني. وجاء وصول نواب طبرق بعد المحادثات التي تمت بين رئيس النواب عقيلة صالح واثنين من نوابه بالعاصمة المصرية بفايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني التي انتقلت مؤخرا إلى العاصمة طرابلس قبل أسبوعين. وأكدت مصادر برلمانية ليبية أن لقاءات القاهرة سمحت بتجاوز الخلافات بين الجانبين والقفز على حالة الانسداد والجمود الذي أصاب البرلمان بعد أن استحال عليه عقد جلسة بنصاب مكتمل. وكشف محمد الرعيض عضو مجلس النواب الليبي أمس أن البرلمان الليبي سيعقد جلسة رسمية نهاية الأسبوع القادم للتصويت على حكومة الوفاق في نفس الوقت الذي أكد فيه أن كتلة النواب الـ101 من إجمالي 198 نائب المشكلين لبرلمان طبرق طالبت رئيسه عقيلة صالح بالدعوة الى عقد هذه الجلسة وتوفير الظروف الأمنية اللازمة لإنجاحها.
وقال الرعيض أن أغلب النواب يؤيدون حكومة السراج وأن المعارضين لا يزيد عددهم عن 10 أعضاء غير أنه أبدى تخوفه من إحداث أي تغيير في الحكومة الأمر الذي قد "يؤخر عملها كثيرا". كما عبر عن أمله في أن تعتمد الحكومة كما هي وأن أي وزير يراد تغييره أو عليه ملاحظات يستطيع 40 عضوا من البرلمان فيما بعد التوقيع على تغييره. وتأتي هذه التطورات الإيجابية في وقت اعترف فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس بأن الخطأ الجسيم الذي يكون قد ارتكبه طيلة عشر سنوات قضاها على رأس أكبر قوة في العالم عدم متابعة مرحلة ما بعد التدخل العسكري في ليبيا سنة 2011 والذي أدى إلى الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي. وقال أوباما في اعترافات أدلى بها على قناة "فوكس نيوز" الأمريكية أن عدم وضع مخطط لمرحلة ما بعد التدخل العسكري في ليبيا يبقى أكبر خطأ ارتكبه طيلة عهدتيه الرئاسيتين في البيت الأبيض. وأن بلاده والدول الأوروبية التي تحالفت معها كان عليها القيام بمتابعة تدخلها العسكري وعدم التوقف مباشرة بعد الغارات الجوية التي شنها الطيران الأطلسي بقيادة فرنسا والمملكة المتحدة ضد الأهداف العسكرية الليبية.
وجدد الرئيس الامريكي التأكيد على المقاربة التي دافع عنها أمام الجمعية العامة الأممية شهر سبتمبر الماضي عندما أكد أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية مباشرة في ما حدث من فوضى عارمة في ليبيا التي انهارت مؤسساتها وسمح ذلك بظهور مليشيات مسلحة متصارعة من أجل بسط سيطرتها على مقاليد الحكم في طرابلس قبل أن تظهر "الدولة الإسلامية" كتنظيم إرهابي استغل الوضع لفرض منطقه على الجميع. وقال الرئيس الامريكي متسائلا "لماذا سارت الأوضاع باتجاه الأسوأ وكنت اعتقد أن الأوروبيين بحكم قرب موقعهم من ليبيا أنهم سيلعبون الدور الذي يتعين عليهم القيام به" بعد الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي. ولم يفوت الرئيس أوباما المناسبة ليوجه انتقادات لحلفائه الأوروبيين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الذي كان أكبر المتحمسين رفقة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي اللذين انشغلا بقضايا أخرى وتخلوا عما قاما به في ليبيا. وحتى وإن اعترف الرئيس الامريكي بأخطائه ليس فقط في ليبيا ولكن في عديد بؤر التوتر في العالم العربي فإن اعترافاته جاءت متأخرة وقد قارب على مغادرة مهامه الرئاسية، وهو ما يفقدها كل قيمة وينزع عن صاحبها الشجاعة التي كان يمكن أن يكتسبها لو أنه أدلى بها سنة 2011.
كما أن الولايات المتحدة كان بإمكانها أن تتدارك الموقف حتى بعد كارثة الفوضى التي تسببت فيها وتقوم بدور أكثر فعالية وحث حلفائها الأوروبيين وحتى الضغط عليهم من أجل إصلاح ما يجب إصلاحه للتكفير عن ذنبهم وتجنيب الشعب الليبي ويلات حرب أهلية مفتوحة. وفي محاولة لرأب الصدع الذي خلفه هذا التدخل الكارثي تحتضن تونس اليوم اجتماعا على مستوى كبار الموظفين للدعم الدولي لليبيا برعاية الأمم المتحدة وبريطانيا بمشاركة حوالي 40 دولة عربية وغربية وممثلين عن 15 مؤسسة مالية ومنظمة إقليمية ودولية متخصصة. وأكدت السلطات التونسية أن الاجتماع يهدف إلى "دعم الأطراف الليبية ولم شملها والدفع بهم باتجاه تحقيق التوافق ومساعدة حكومة الوفاق الوطني بما يخدم تطلعات الشعب الليبي فى الأمن والاستقرار". واحتضنت تونس شهر مارس الماضي اجتماعا لدول الجوار الليبي تم خلاله التأكيد على دعم العملية السياسية في ليبيا ورفض أي تدخل عسكري على اعتبار أن أمن واستقرار ليبيا يعد "مقوما أساسيا" لضمان أمن دول الجوار و«جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة".