يرون أن التكوين مكمّل للشهادة الجامعية
جامعيون يحلمون بخلق مؤسسات مصغرة بعد تخرجهم
- 970
من بين التسهيلات الممنوحة للشباب خاصة خريجي الجامعات والمعاهد لولوج عالم الشغل، محاولة استمالتهم نحو إنشاء مؤسساتهم المصغرة سواء في مجال تخصصهم الأكاديمي او تخصصات أخرى، وهذا عن طريق تظاهرات موجهة لإعلامهم بمختلف أجهزة دعم تشغيل الشباب، ليتقربوا منها ويستفسروا عن كل ما يشغلهم. كشف جامعيون على وشك التخرج تحدثوا إلى "المساء" أنهم يحملون أفكارا ومشاريع لخلق مؤسسات مصغرة فور حصولهم على الشهادة العليا، من بينهم رضا قارة علي طالب ماستر1 في تخصص التحكم الآلي بقسم الكهرباء الصناعية بجامعة بومرداس، الذي قال أن الاستقلالية بمؤسسة خاصة يعني ولوج السوق من بابه الواسع، خاصة في مجاله التكويني الذي له علاقة مباشرة مع الصناعة، ولذلك فهو يرى أن النجاح في تحقيق طموحه هذا، لا بد أن يصاحبه تكوين آخر في تطوير الذات عن طريق الالتحاق بمعاهد خاصة في التكوين على غرار ترقية اللغات الأجنبية والتكوين في الإعلام الآلي، إضافة إلى تكوين تكميلي لتطوير مهاراته في تخصصه الجامعي.
ويعتبر الطالب أن انتماءه للنادي العلمي ‘رؤية جديدة او نيوفيجين’ الخاص بطلبة التخصص الجامعي الذي يزاوله حاليا، "يعني بالنسبة لي نافذة على عالم الشغل، لأننا في النادي نشتغل على ابتكار مشاريع لتسهيل الحياة العملية، والاهم أن تكون تلك المشاريع قابلة للتسويق فيما بعد، لذلك فان أهم هدف لنا في النادي هو كيفية الاعتماد على أفكارنا لتطوير مشاريع مؤسساتنا الخاصة بعد التخرج". ويتحدث الشاب عن مشروع شارك فيه ضمن النادي والخاص بإبداع ماكينة تلفيف خاصة بكل أنواع المحركات، ويشرح مشروعه بكون الماكينات الموجودة حاليا تشغل يدويا وآي خطأ يعني إعادة المحاولة من جديد، أما النموذج الذي نعمل على تطويره في النادي فهو آلة تقوم بكل الأعمال الخاصة بالمحركات اتوماتيكيا، "ونحن ننوي تسويق فكرتنا ولكن بعد العمل على تطويرها أكثر"، يقول رضا.
من جهته يرى الجامعي نبيل ملوعجمي، طالب ماستر1 بمعهد الهندسة الكهربائية ورئيس النادي العلمي المسمى ‘الكترو’، انه من الأحسن لخريجي الجامعات التريث قبل المغامرة في إنشاء مؤسسات مصغرة، وذلك حتى يكتسب الشاب مهارات وخبرات عملية تؤهله بعدها من خلق مؤسسة تكون ناجحة، "اعتقد أن خلق مؤسسة مباشرة بعد التخرج انتحار..آي انتحار لفكرة مؤسسة قد لا تنجح وبالتالي الإصابة بإحباط من سوق العمل في بدايته، عن نفسي أريد أولا البقاء في مجال البحث العلمي والعمل على إبداع اختراعات تفيد مجالات تخصصي، وكذلك العمل بشركات في مجال الهندسة الكهربائية، لاكتساب الخبرة في التسيير وغيره وبعدها أفكر في خلق مؤسسة مصغرة لأضمن النجاح". وقد شارك نبيل في تظاهرة خاصة بالنوادي العلمية، بمشروع بيت بلاستيكي ذكي، قال انه موجه لتطوير شعبة الفلاحة والخروج بها من الفلاحة التقليدية إلى الفلاحة الذكية التي بفضلها يمكن للفلاح التحكم في عناصر الرطوبة والحرارة والضوء بجهاز ذكي، وبالتالي إنقاص الخسائر وتجاوز معضلة نقص اليد العاملة.
بالنسبة للجامعي انس بلعطار، طالب سنة ثالثة في تخصص الجيوفيزياء بمعهد المحروقات والكيمياء بجامعة بومرداس، فانه يرى أن التكوين مكمل للشهادة الجامعية لذلك على الطالب أن يفكر في الالتحاق بتربصات أخرى في مجال شهادته الجامعية لتطوير مهاراته، وكذلك تكوينات أخرى مثلا في الإعلام الآلي واللغات الأجنبية كفيل بتطوير مهارات الجامعيّ حتى يضمن منصب عمل جيد، وذلك تماما ما انوي فعله بعد تخرجي حيث أسعى لتلقي تكوين في مجال الاتصال وفي تحسين اللغات الأجنبية لأن فرص الظفر بعمل في شركات متعددة الجنسيات يكون بتحسين اللغات الأجنبية ومهارات التواصل".ويشير انس إلى انه ليس عليه انتظار استكمال المشوار الجامعي لخوض تجربة التكوين، بل يرى في العطلة الصفية خير وقت عليه استغلاله من اجل ذلك.
أما عن خلق مؤسسة مصغرة خاصة وان أجهزة الدولة في هذا المجال متعددة، فيرى انس أن تخصصه الجامعي في الاستكشاف والتنقيب عن البترول لا يخول له ذلك:«وإنما من الممكن جدا التفكير في مؤسسة تعنى بالإعلام الآلي والبرمجيات، رغم ذلك لابد من التريث فالسوق صعبة على خريج جامعة ليست له خبرة مهنية، وعليه فان ما يشغلني بعد الشهادة هو الظفر بمنصب عمل أولا يكسبني خبرة وبعدها الانطلاق في الحياة المهنية الخاصة". وتحدثت "المساء" إلى هؤلاء الجامعيين من أعضاء النوادي العلمية، على هامش تظاهرة أقيمت بالمكتبة المركزية لجامعة بومرداس احتفالا بيوم العلم المصادف لـ16 افريل من كل سنة، والتي شاركت فيها أجهزة الدولة لدعم تشغيل الشباب حول لقي الطلبة في ذلك فرصة للتقرب من وكالة التشغيل ‘انام’ والاطلاع على عروض العمل التي توفرها الوكالة، وكيفية التسجيل بها وفرص الحصول على وظيفة معينة سواء في القطاع العام آو الخاص.
وتقول ممثلة الوكالة، أن الكثير من الشباب وخاصة الجامعيون يحملون نظرة سلبية على ‘لانام’ فباعتقادهم ان الأجرة الشهرية المحددة بـ15 الف دينار بالنسبة لحاملي الشهادات الجامعية زهيدة جدا، "ولكننا نؤكد على أنها فرصة عمل ثمينة لمن يدرك انه سيكتسب خبرة مهنية تخوله لايجاد منصب عمل قار بعدها، كما أنها كذلك فرصة ثمينة للشاب الذي تخرج حديثا آو غيره ولم يعمل أبدا ليتلقى أجرة ثابتة عوض البطالة، ونحن نؤكد على أن الكثير من الشباب ممن وظفوا عن طريق ‘لانام’ نجحوا في التثبيت في وظائفهم سواء بعد انقضاء مدة سنة عن العقد، او اقل من ذلك"، تقول المتحدثة مواصلة:« نحن ندعو الشباب من خريجي الجامعات او غيره ليغيروا نظرتهم الاستباقية لوكالة ‘انام’ على أنها تستغل الشاب في عمل باجرة زهيدة، والتقرب من مختلف فروع وكالات التشغيل المتواجدة بكل الوطن والاطلاع على فرصة عمل تضمن لهم الاستقلالية المادية وتفتح لهم آفاق العمل".
كذلك لقي جناح الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر ‘انجام’ هو الآخر، إقبالا من الطلبة يستفسرون عن مبالغ القروض التي تقدمها الوكالة من اجل إنشاء مؤسسات مصغرة، حيث وقفنا على عينة تسأل عن الحد الأقصى للقرض المصغر في إطار انجام لفتح مؤسسة تعنى بالالكترونيك، فيما أكدت ممثلة الوكالة السيدة حكيمة املول موساوي ان كل الاستفسارت تكون مجملا عن قيمة القرض، وإذا كان الطالب ينوي فتح مؤسسة ويرى ان مبلغ 100 مليون سنتيم وهو اقصى مبلغ تقدمه الانجام، يتم توجهيه نحو جهاز انساج، الذي هو الآخر يحمل نفس الهدف وهو ترقية خلق المؤسسات المصغرة وسط الشباب خاصة من حاملي الشهادات العليا وحاملي أفكار لمشاريع تنموية كذلك.
ومن العينات التي نجحت في هذا الإطار، تقول المتحدثة، حالة شاب جامعي تخرج قبيل سنتين وتمكن من فتح مؤسسة مصغرة في مجال صناعة مواد التنظيف، وهذا بعد أن استفاد من قرض انجام، تماما مثل عينة أخرى لجامعية فتحت مؤخرا صيدلية بعد استفادتها من قرض مصغر:«وهو ما يجعلنا كوسيط بين التكوين، سواء الأكاديمي او المهني، وسوق العمل ندعو الشباب للتقرب من مختلف الأجهزة التي تضعها الدولة تحت تصرفهم ومنها وكالة تسيير القرض المصغر، من اجل الاطلاع على فرص الاستفادة من قرض لخلق مؤسسة مصغرة، وبالتالي ولوج سوق العمل من أبوابه الواسعة وتحقيق الاستقلالية"، تقول المتحدثة.