أعراس القرارة:
حين تتوج العروس بالدبجة ويصبح العريس ملكا
- 1264
تعتبر أيام العطل المدرسية، وعلى رأسها عطل الربيع والخريف، من أنسب الأيام التي تختارها العائلات الغرداوية للمناسبات السعيدة وعلى رأسها تزويج العرسان، حيث تكثر الأعراس الجماعية لتصل إلى 25 عرسا أو أكثر، وقد شاهدنا خلال وجودنا هناك أفواج العرسان الذين يرتدون ثيابا موحدة وهو يجوبون شوارع المدينة لدخول بيت العشيرة لإكمال مراسم الفرح وسط الآهل والأحبة.
أعراس القرارة مميزة بالدف والطبل والأناشيد، علاوة على تنشيط محاضرة من قبل المختصين بدار العشيرة، حيث يكون المدعوون حاضرين لمقاسمة الابن أو الآخ آو القريب فرحته في أجواء يسودها التنظيم المحكم على مدار ثلاثة أيام وهي مدة الفرح، التي تبدأ بذبح عجول آو كباش للوليمة، حيث تذهب سيدات العائلات إلى بيت العشيرة التي ستحتضن الفرح لتحضير الذبائح وتقسيم اللحوم وسط القائمات من طباخات يقمن بالواجب طيلة أيام الفرح، ويتم في الليلة الأولى تخضيب أيادي العرسان بالحنة في بيوتهم ووسط أهالهم، حيث تحتفل العائلة بابنها من خلال سهرة الدف والطبل والقرقابو وتخضيب الأيادي بالحنة وسط الزغاريد والصلاة على النبي الحبيب، ويصبح كل عريس ملكا طيلة أيام عرسه، إذ يكلف وزيرا من أهلهب بخدمته طيلة تلك المدة. كما تحضر عائلة العروس لتفريش بيت ابنتها الجديد بالزرابي التقليدية التي تغطي أرجاء الغرفة، وتوضع صينية بها حليب وتمر على سريرها لجلب الخير والبركة، ويتم قراءة الفاتحة والمعوذتين وصورة الإخلاص فيها من قبل جموع النساء اللواتي يدخلن لمشاهدتها، كما يتم تعطيرها بالبخور المحلي في أجواء من الزغاريد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
أما اليوم الثاني من العرس، فتحرص فيه العروس على الظهور بأبهى حلة في بيت أهلها، حيث تبدأ مراسم الفرحة مع دخول الماشطة، وهنا يستوجب أن يكون شعر الفتاة طويلا، إذ لا يحق لها قص شعرها حتى تكون "الدبجة" وهي التسريحة التقليدية التي تصففها لها الماشطة من الضفائر وتتوج قمة الرأس بقطع مختلفة من الذهب الخالص على شكل تاج، ويتم خلالها ترديد الأناشيد والأغاني من طرف المدعوات، وترتدي يومها العروس لباسها المحلي والذي يطلق عليه اسم" الجربية" وهي قطعة منسوجة من الصوف وتحمل رموز الزربية الغرداوية تزيد صاحبتها بهاء".
وفي اليوم الذي تتجه فيه العرائس إلى دار العشيرة وهي التي تقام بها الأفراح، خاصة بالنساء فقط، تجتمع الأمهات والخالات والعمات والجارات لحضور الفرحة، وتنطلق الزغاريد مع قدوم كل عروس، والمميز في الأمر أنه لا يمكن التمييز بينهن لأنهن يرتدين نفس اللباس والبرنوس وغطاء الرأس، والمميز أن كل عروس تأتي مرفوقة بوزيرتها التي تتزين بدورها بأبهى حلة وتصفف شعرها بتسريحة "الكبوشة" هذه الأخيرة يكون عدد القطع الذهبية فيها أقل من تلك التي توضع في دبجة العروس، وبعد آن يتم الضرب على الدربوكة والقرقابو والطبل وترديد الأغاني الخاصة بالأعراس والأناشيد وعلى رأسها "قسما" وسط الزغاريد، تقوم إحدى السيدات المختصات بالدعاء للعرائس وتتمنى لهن بالسعادة، حيث تنطلق في التكبير والصلاة على الرسول الكريم والمدعوات يرددن خلفها.
وفيما يخص العرسان، فإنهم طيلة 15 يوما التي تسبق يوم الزفاف، يستفيدون من التكوين والدروس التي ينشطها مختصون لتعريفهم بالحياة الجديدة وكيفية التعامل مع المرأة والمحافظة عليها طيلة عمر الحياة الزوجية، كما يدخلون بيت العشيرة التي يتم فيها تحضير الغذاء ليحمل في قدور إلى دار عشيرة الرجال، حيث يلتف خمسة منهم آو 10 حسب أعداد العرسان في ذلك اليوم لحملها وسط الأهازيج والزغاريد، علما أن القدور هناك بها أياد كثيرة لتفي بالغرض. وفي يوم" الحجبة" الموافق لليوم الذي تدخل فيه العروس إلى البيت يتجه العرسان فجرا إلى المساجد للصلاة والدعاء أمام القبور لتذكر الموت وأن الإنسان ملاق ربه، لهذا لابد أن يحسن معاملة زوجته.
ومن أهم الأطباق المحضرة في أعراس القرارة، طبق "البنة" الذي يحضر في صبوح العرسان، وقوامه الكسكسي المدهون بالزبدة آو السمن والمسقى بالمرق الحلو من التمر. كما يصب للحضور مشروب الكرواية، من قنينة خاصة وهو مشروب التمر الذي تحضره سيدات مختصات في عصر التمر، لأنه ياخد وقتا طويلا للتحضير، ويمتاز بذوقه المميز ومده بالطاقة لشاربه، حيث تضيف له بعض السيدات الليمون.