الثلاثية تتبنّى النموذج الاقتصادي الجديد للنمو وتقرر:

إلزامية بلوغ 60 سنة للاستفادة من التقاعد

إلزامية بلوغ 60 سنة للاستفادة من التقاعد
  • 1399
محمد.ب / ت: ياسين. أ محمد.ب / ت: ياسين. أ

تبنّت أطراف الثلاثية في دورتها الـ19 أمس، النموذج الاقتصادي الجديد للنمو، واتفقت على اشتراط سن 60 سنة للاستفادة من التقاعد (بغض النظر عن سنوات الأقدمية)، كما أعلنت الأطراف الثلاثة التزامها بدعم النظرة البراغماتية للاقتصاد الوطني، والقائمة على تنويع وتكثيف الاستثمارات من أجل خلق الثروة ومناصب شغل، لتتوّج أشغالها بالتوقيع على عقد لاستقرار المؤسسة وتطويرها في القطاع الخاص.

اجتماع أطراف الثلاثية الممثلة بالحكومة والنقابة وأرباب العمل، والذي ترأسه الوزير الأول عبد المالك سلال، بإقامة الميثاق بالعاصمة، قرر إحالة بلورة مشروع النص المتعلق بإعادة النظر في نظام التقاعد إلى فوج عمل يكلّف بتحيين هذه المنظومة مع الواقع الإقتصادي والاجتماعي الحالي "مع الحفاظ على مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة بين الأجيال"، وكذا الحفاظ على إمكانيات وموارد الصندوق الوطني للتقاعد" على حد تعبير السيد سلال.

هذا الأخير أوضح بأن تحيين وتكييف نظام التقاعد يشمل العودة إلى ما كان عليه هذا النظام في صدور الأمر 97 / 13 الصادر في 1997 الذي ألغى شرط السن في حساب التقاعد "وذلك استجابة لظروف وأوضاع اقتصادية مرت بها البلاد في تلك الفترة، وشهدت غلق العديد من المؤسسات.الوزير الأول الذي أكد بأن الوضع الاقتصادي للجزائر اليوم مختلف تماما، حيث تتمتع البلاد بقدرات وإمكانيات اقتصادية تؤهلها لتحقيق النمو المنشود، أعلن بالمناسبة عن تشكيل فوج عمل مشترك سيتكفّل بإعداد مشروع نص قانوني جديد يؤطر نظام التقاعد وفق شرط السن المحدد بـ60 سنة.

من جانب ثان أكد رئيس الجهاز التنفيذي، أن اجتماع الثلاثية الذي ساده جو أخوي، انتهى إلى تبنّي شركاء الحكومة من ممثلي النقابات وأرباب العمل النموذج الإقتصادي الجديد للنمو والذي قدمته الحكومة، بعد أن وافق عليه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، موضحا بأن هذا النموذج يضع الخطوط العريضة والأهداف والإمكانيات والوسائل اللازمة لتطبيق برنامج النمو 2016 الممتد إلى 2019 الهادف إلى مواجهة الوضع المالي الحرج الذي تمر به الجزائر بفعل تراجع أسعار النفط.هذا النموذج الذي يعتبر انتقاليا ـ حسب السيد سلال ـ سيمهد الطريق للجزائر حتى تتوجه بصفة مباشرة إلى الاقتصاد المتنوع والمتحرر من قطاع المحروقات، حيث لفت المتحدث في هذا السياق إلى أن الحكومة تتطلع خلال السنة الجارية إلى بلوغ نسبة 9 بالمائة في مستوى مداخيل الصادرات، مبرزا بالمناسبة بأن النموذج الإقتصادي الجديد للنمو الذي سيقدم للحكومة للمصادقة عليه يعطي نظرة واضحة وبراغماتية للنمو الاقتصادي، ويراعي الطابع الديمقراطي الاجتماعي للدولة.كما اتفقت أطراف الثلاثية على النقطة الثالثة التي حملها جدول أعمال الاجتماع، والمتعلقة بتشجيع وتسهيل الاستثمار وخلق مناصب الشغل، حيث جددت الحكومة بالمناسبة إرادتها القوية للعمل مع كل الأطراف الشريكة من أجل رفع العوائق التي تعترض إنجاز المشاريع الاستثمارية وتطويرها، وشدّد الوزير الأول في هذا الإطار على أنه يتعين على كل إطار أو مسؤول في الهيئات العمومية تأدية المهام المنوطة به لتسهيل الاستثمار وتشجيع المتعاملين على توسيع نشاطهم، وأكد بأن التزام الجميع بالدور المنوط بهم كفيل بإنجاح مساعي ترقية اقتصاد وطني قوي ومدر للثروة ولمناصب الشغل، ملاحظا بأن أغلب الملفات التي تم الاتفاق حولها في الدورة السابقة لاجتماع الثلاثية تم تجسيدها في الميدان.

وتوّجت أشغال الثلاثية الذي حضرها وزراء القطاعات المعنية بالنمو الاقتصادي والاجتماعي، وعرفت لأول مرة مشاركة ممثلي نقابة مستقلة (سناباب) بالتوقيع على عقد استقرار المؤسسة وتطويرها في القطاع الخاص، حيث تم إبرام هذا العقد من قبل الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين من جهة وممثلي منظمات أرباب العمل من جهة ثانية، وذلك بإشراف الوزير الأول عبد المالك سلال.

الجزائر لها القدرة على مقاومة الصدمات الاقتصادية

في كلمته الافتتاحية لأشغال اجتماع الثلاثية أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أن الحكومة لم توقف أي مشروع كان قيد التنفيذ رغم مواجهتها للأزمتين الاقتصاديتين في 2008 و2014، وأوضح بأن الحكومة عمدت إلى تجميد بعض المشاريع التي كانت مقررة ولم تنطلق في الميدان، على غرار مشاريع السكك الحديدية وبعض الطرقات و5 مراكز استشفائية جامعية بسبب تراجع الإيرادات، مؤكدا بأن الجزائر تقاوم جيدا السياق الاقتصادي الصعب الذي تسبّب في تراجع مواردها المالية بأكثر من النصف.

وذكر سلال ببعض المؤشرات الايجابية التي تبرز مقاومة الجزائر للأزمة بخلاف العديد من الدول الأخرى، ومنها تراجع الواردات بنسبة 13 بالمائة في الأشهر الأولى لـ2016 مقارنة بنفس الفترة من 2015، استقرار نسبة التضخم عند حدود 4 بالمائة مع تواصل ارتفاع القروض الموجهة للاقتصاد بـ9 بالمائة خلال نفس الفترة المرجعية، فيما بلغت احتياطيات الصرف 136,9 مليار دولار مع تسجيل سيولة نقدية في البنوك تصل إلى 1684 مليار دينار.

العدالة الاجتماعية خط ثابت في عمل الحكومة

وإذ أشاد الوزير الأول بحكمة الشعب الجزائري وعبقريته التي تجلّت في رفضه الدائم لخطاب الخوف والهلع والمغامرة السياسية، وتأكيده في المقابل لخيار الاستقرار والتنمية والثقة في الرجل الذي فوّضه بكل سيادة لتسيير البلاد، جدد استعداد الحكومة للتشاور والحوار حول كل القضايا ذات الاهتمام الوطني في إطار الاحترام الصارم للقانون والتنظيم، مؤكدا أن العدالة الاجتماعية تعتبر معتركا يتعين على الدولة تجسيده يوميا بين فئات المجتمع في كل الميادين، وذلك بالمساواة أمام القانون وتوازن الأقاليم وتكافؤ الفرص وكذا الإنصاف في تطبيق النظم والمعايير.

كما شدد مسؤول الجهاز التنفيذي في نفس السياق على أن واجب العدالة الاجتماعية يعتبر خطا ثابتا في عمل الجهاز التنفيذي، وجدد بالمناسبة التزام الحكومة بهذا الواجب خلال التعديلات التشريعية القادمة لقانون العمل ومنظومة التقاعد "بعد تحقيق الإجماع في الثلاثية"، داعيا إلى ضرورة ضمان الحقوق  الاجتماعية للعمال دون استثناء للحفاظ على المنظومة الوطنية للتقاعد المبنية، واعتبر تكريس التضامن بين الأجيال يفرض القيام بإصلاحات عادلة على هذه المنظومة، ما يستدعي ـ حسبه ـ وضع قواعد عادلة وبسيطة تقبلها الأغلبية وتطبّق على الجميع بكل إنصاف وشفافية.