سهرات قصور أدرار  لها نكهة خاصة  

قرع "الدبيدبة" ينشط السهرات إلى وقت السحور

قرع "الدبيدبة" ينشط السهرات إلى وقت السحور
  • 544
بوشريفي بلقاسم بوشريفي بلقاسم

حياة الأدراريين الاجتماعية لها نكهة خاصة في شهر رمضان المعظم وتختلف حسب تنوع أقاليمها الأربعة، حيث تتميز كل منطقة بعاداتها وتقاليدها التي تطبع أيام هذا الشهر الفضيل وتقبل العائلات في عموم منطقة توات خلال هذه المناسبة الدينية العظيمة على تحضير وإعداد أنواع متعددة من الأطباق التقليدية، وفي مقدمتها وجبة ‘’الحساء’’ الذي يعتبر سلطان المائدة الرمضانية في أدرار.

يكتسي هذا الطبق أهميته من مادته الأساسية المتمثلة في القمح المنتج من البساتين المحلية، الذي يحمص بعد حصاده، ثم يطحن مشكلا ما يعرف عند السكان بـ’’زمبو’’ سرّ المذاق الفريد والمتميز لهذا الطبق التقليدي، ومن بين المكونات التي تعطي نكهة مميزة لهذه الوجبة التقليدية تلك التوابل التي تحرص العائلات على تحضيرها وإعدادها خصيصا لهذا الحدث الديني فيما يعرف محليا بمادة ‘’الختيم’’، وهي عبارة عن خلطة بعدة توابل تخمّر وتوضع على شكل عجائن صغيرة مجففة، ليتم فيما بعد استعمالها بشكل يومي في تحضير أكلة ‘’الحساء’’.

ومن العادات الاجتماعية الأخرى التي تبرز في هذا الشهر الفضيل في منطقة توات؛ جلسات الشاي والأنس خاصة بعد أداء صلاة التراويح كل حسب طريقته الخاصة، حيث يفضل البعض تناول الشاي في كنف العائلة طيلة ليالي الشهر العظيم، فيما يفضل البعض الآخر احتساء الشاي خارج المنزل برفقة الأصدقاء أو الأقارب في الساحات العمومية أو في الأماكن التي تستهوي بعض الشباب، كالكثبان الرملية خارج التجمعات السكانية لتحلو بذلك جلسات الأنس والسمر، خاصة مع الحرارة الشديدة التي تطبع الشهر الفضيل هذه السنة، ولا تزال بعض المدن والقرى بصفة خاصة محافظة على بعض العادات القديمة التي دأب عليها السكان في مثل هذا الموعد الديني المبارك، منها تلك التي تمارس عند وقت السحور، حيث يأخذ أحد المتطوعين على عاتقه مهمة القيام بدور ‘’المسحراتي’’ المتمثل في تنبيه السكان بقرب وقت الإمساك من خلال تجواله قبل الفجر بكل أحياء المدينة وقرعه على طبل كبير يعرف لدى سكان المنطقة بـ’’تكركبة’’ أو "الدبيدبة"، مرددا بعض المدائح الدينية التي تحث جمهور الصائمين على الاقتداء بسنة السحور. هذا الرجل عند نهاية شهر رمضان تقدم له الهدايا وبعض المساعدات من عند أهل القصور.  

كما تعطي العائلات الأدرارية أهمية كبيرة في مثل هذه المناسبة الدينية العظيمة للصائمين الجدد من خلال الاحتفاء بهم ودعوتهم لتناول وجبة الفطور في منازل الأقارب والأحباب، تشجيعا لهم على مواصلة هذه الشعيرة الدينية وتعريفا لمن لم يبلغوا بعد السن الذي يفرض عليهم فيه الصوم بمدى قداسة هذا الشهر المبجّل.

تبقي الأيام الرمضانية في ولاية أدرار تأخذ في طياتها تطبيق التقاليد الراسخة والمتوارثة أبا عن جد وهي تعتبر مجالا للتنشيط العام لهذا الشهر الكريم الذي يستقبله السكان بكل فرح وسرور، ورغم الحرارة المرتفعة، لكن حرصهم على مواصلة العادات والتقاليد ومزجها بسهرات رمضانية من التراث الشعبي المحلي وتغيير الليل إلى نشاط كبير، ينسي المواطنين أتعاب الصوم والحرارة العالية، كما عرف رمضان هذه السنة في ولاية أدرار انتشارا كبيرا لصور التضامن التي صنعت لوحات معبرة في تقديم المساعدات للعائلات المعوزة وعابري السبيل،  ينشطها شباب وجمعيات وطلبة والكشافة الإسلامية، هدفها غرس وإدخال الفرحة في قلوب المحتاجين، كما تسهر على تنظيم عمليات جمع كسوة العيد لتوزيعها على الأطفال اليتامى والمعوزين.