تفجير انتحاري في السعودية وتفكيك خلايا نائمة في الكويت
"داعش" تسعى إلى نقل حربها إلى عمق الخليج

- 605

فجر انتحاري نفسه بحزام ناسف، قبل صلاة فجر أمس، على مقربة من مقر القنصلية الأمريكية بمدينة جدة السعودية، تزامنا مع إحياء الولايات المتحدة عيدها الوطني المصادف ليوم الرابع جويلية من كل عام.
وذكرت وزارة الداخلية السعودية أن الانتحاري فجر نفسه في موقف للسيارات لمستشفى محاذ لمقر القنصلية الأمريكية قبل أن يتفطن عونان أمنيان لتحركاته المشبوهة، حيث فجر نفسه بمجرد أن اقتربا منه في محاولة لإلقاء القبض عليه.
وأضافت مصادر سعودية أن عناصر مكافحة الإرهاب تمكنت من تفكيك ست عبوات ناسفة أخرى في عين المكان في نفس الوقت الذي تتواصل فيه التحقيقات لمعرفة هوية منفذ العملية الانتحارية التي وصفتها بـ"الفاشلة".
وتزامن تنفيذ عملية مدينة جدة مع إعلان السلطات الكويتية ساعات قبل ذلك تفكيكها لثلاث خلايا نائمة لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، كان عناصرها يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية انتحارية نوعية في هذا البلد الخليجي الصغير مع حلول عيد الفطر المبارك.
وأكد وقوع الحادثين في أهم بلدين خليجيين أن خطر تنظيم "داعش" في تمدد متواصل في دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تعد محصنة ضد "فيروس" هذا التنظيم الأخطبوطي الساعي إلى توسيع نطاق عملياته إلى كل دول المنطقة وعدم حصرها في العراق وسوريا كما تحمله تسميته. وعكس ذلك حقيقة قائمة بأن لا أحد أصبح في منأى عن الخطر الداهم لامتدادات هذه الظاهرة المفتعلة.
وحتى وإن تمكنت أجهزة الأمن الكويتية من إجهاض مخطط خلاياه ضمن عملية أمنية إستباقية وعدم تمكن انتحاري مدينة جدة من تجسيد خطته بتفجير القنصلية الأمريكية، فان ذلك عكس رغبة ملحة لهذا التنظيم لتوسيع نطاق عملياته الى هذه الدول ضمن خطته العالمية لتدويل الإرهاب.
ويكفي فقط معرفة الموقع الجغرافي لدول الخليج وقربها من المستنقعين العراقي والسوري ليجعل منها هدفا ذا أولوية في تخطيطات التنظيم وجعلها قواعد خلفية لعمليات انتقائية ونوعية في داخلها وفي كل منطقة الشرق الأوسط.
ثم أن دخول هاتين الدولتين وكل دول الخليج في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم شكل عاملا آخر لاحتمالات متزايدة لأن تكون أهدافا مفضلة له انتقاما منها على دخولها تحت مظلة هذا التحالف الذي دعت إليه الولايات المتحدة قبل عامين.
وإذا كانت عملية مدينة جدة الهدف منها ضرب المصالح الأمريكية ورسالة قوية للولايات المتحدة في ذكرى يوم استقلالها فإن ذلك يعد أيضا رسالة أقوى للعربية السعودية بأنها مرشحة لان تتحول إلى ساحة معركة لهذا التنظيم.
ويمكن القول أن وصول انتحاري مدينة جدة إلى محيط مقر القنصلية الأمريكية في ثاني أكبر المدن السعودية وفي وقت وضعت فيه كل المنطقة في حالة استنفار أمني وعسكري قصوى، بسبب ما يجري في العراق وسوريا، عكس قدرة التنظيم وإصراره على تنفيذ عملياته ورغبته الملحة في تأجيج نار الفتنة في كل المنطقة العربية.
وإذا أخذنا بالعمليات التي نفذها في العربية السعودية منذ ظهوره كتنظيم إرهابي بديل عن تنظيم القاعدة فإن عملية مدينة جدة جاءت لتؤكد نواياه في الانتقام من الدول التي انضوت تحت مظلة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
كما أنها جاءت لتؤكد استغلال التنظيم لكل ثغرة أمنية في عمل الأجهزة الأمنية في الدول التي وضعها ضمن نطاق عملياته ولم تكن عملية جدة إلا واحدة من ضمنها ولو نجح عناصر الخلايا المفككة في الكويت في تنفيذ عملياتها لكان ذلك اكبر اختراق يحققه في المنظومة الأمنية الخليجية كلها.
والمؤكد أن تزامن الحادثين وقبلهما عملية التفجير الدموية التي هزت حي الكرادة بالعاصمة العراقية وقبله الهجوم على مطار مدينة اسطنبول التركية، سيحتم على دول الخليج الإبقاء على درجة يقظة أجهزة مخابراتها في أعلى مستوياتها إذا سلمنا بأن تنظيم "داعش" يعتمد تكتيك إعادة الكرة في كل مرة للوصول إلى ضرب أهدافه حتى وإن فشل لمرات في تحقيق ذلك.
وإذا تأكد أن منفذ عملية جدة من جنسية سعودية بعد التأكد من الجنسية الكويتية لعناصر الخلايا المفككة أول أمس في "كويت سيتي"، فان ذلك يعني أن التنظيم استطاع استقطاب مواطنين خليجيين ،مبطلا بذلك فرضية استثماره في الأوضاع الاجتماعية المزرية لمجنديه من أجل إقناعهم بالانخراط في صفوفه إذا سلمنا أن المواطنين الخليجيين ليسوا في حاجة إلى إغراءاته المالية لقبول القيام بمهام انتحارية.
كما أن اكتشاف احد أعوان جهاز الأمن الكويتي ضمن عناصر الخلايا الكويتية المفككة وتبنيه لأفكاره الإرهابية المتطرفة وانخراطه في صفوفه، يؤكد أيضا أن هذا الأخير يريد اختراق الأجهزة الأمنية الخليجية ضمن خطة مدروسة لتسهيل مهام عناصره في تنفيذ عملياتهم الإرهابية.