رسالة الرئيس بوتفليقة في الذكرى ٥٤ لعيد الاستقلال
استرجاع الممتلكات الشاغرة بعد الاستقلال مشروع
- 832
أعرب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عن أمله في أن يدلي الشباب بآرائه لخدمة الوطن في إطار المجلس الأعلى للشباب الذي سيتم تنصيبه قريبا، داعيا الشباب الجزائري إلى تحقيق "وثبة سلمية وخيرة" من أجل كسب معركة التنمية التي تسمو فوق النعرات السياسية والإيديولوجية من أي نوع كانت.
على الشباب تحقيق وثبة سلمية لكسب معركة التنمية
جاء ذلك في الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى الأمة بمناسبة إحياء الذكرى الـ54 للاستقلال والعيد الوطني للشباب، مخاطبا إياهم "بالرغم من نقائص لا تنكر، منحتكم الجزائر أنتم شبابها تعليما وبيئة اجتماعية كريمة وها هي اليوم تضع بين أيديكم مكتسباتها وثرواتها التي يتعين عليكم تثميرها بالقدر الأوفى" .
الرئيس بوتفليقة حرص على التذكير بواجب الشباب تجاه الوطن مشيرا إلى" أن هذا النداء الذي أتوجه به إليكم أيها الشباب نداء ليس فيه من الأبوية شيء، إنه نداء صادر من واحد من الذين يكبرونكم سنا واحد نذر شبابه وكل حياته لخدمة هذا الوطن. إنه نداء يدعوكم في هذا العيد الوطني للاستقلال والشباب إلى الاقتداء بالأمجاد من أسلافكم وأعني بهم المجاهدين الأخيار والشهداء" .
من باب التذكير بأهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية، دعا رئيس الجمهورية القائمين على المنظومة التعليمية وجموع الباحثين والمثقفين إلى مضاعفة الجهود من أجل تلقين التاريخ الوطني والتعريف به أكثر، لا سيما ما تعلق منه بتاريخ استرجاع السيادة الوطنية، مشددا على أنه يتعين على الشباب الجزائري أن لا ينسى ما تكبده الشعب من ويلات طوال 132 سنة من الاستعمار .
كما ذكر بأن الاحتفال بهاته المناسبة المزدوجة يعد فرصة مواتية لـ«مراجعة ما فات واستشراف ما هو آت فالرجوع إلى الماضي بمثابة واجب تذكر لا بد من الوفاء به لكي لا ينسى شعبنا على مر أجياله المتعاقبة ثمن استقلاله وحريته"، مضيفا أنه "علينا أن نجعل أبناءنا على علم بممارسات الغطرسة الهمجية التي طالت أسلافهم كلما حاولوا كسر قيود الاستعمار وقد بلغت حد نفي الآلاف منهم إلى ما وراء المحيطات" .
كما أكد أيضا ضرورة إطلاع الأجيال الصاعدة على التجنيد القسري الذي طال الجزائريين آنذاك في صفوف قوات المحتل في كل الحروب التي خاضها وكذا المجازر التي ارتكبت في حق ذويهم بالجزائر في 8 ماي 1945، في حين كان العالم بأسره يحتفل بالانتصار على النازية.
الرئيس بوتفليقة عاد للتذكير بما حققته الجزائر من إنجازات عقب الاستقلال قبل أن تعطلها "ملابسات سياسية واقتصادية أفضت إلى مأساة وطنية دامية كادت أن تدمر
البلاد، والتي تم تجاوزها بفضل تمسك الشعب الجزائري بالوطن وقيم الإسلام وبفضل تحقيق المصالحة الوطنية واسترجاع السلم المدني.
تحسن الوضع الأمني في البلاد مكن الجزائر-مثلما يؤكد الرئيس بوتفليقة - من إقامة ورشات كبيرة ساهمت في تقليص البطالة التي كانت تنخر المجتمع قبل عقدين من الزمن، فضلا عن تطوير المنشآت القاعدية مع استفادت المؤسسات المحلية العمومية منها والخاصة من حوافز جبائية ومالية هامة منها تخفيض فوائد القروض وإعادة جدولة الديون البنكية والجبائية.
كما عرج رئيس الجمهورية على التعديل الدستوري الذي يوفر مكاسب جديدة في مجال ترقية والحريات الفردية والجماعية وحمايتها، علاوة على دعم الفصل بين السلطات واستقلالية السلطة القضائية ودسترة حقوق المعارضة.
الخروج من الأزمة المالية في متناولنا
في المقابل طمأن رئيس الجمهورية بالخروج من الأزمة على إثر تذبذب أسعار البترول قائلا في هذا الصدد "يحق لبلادنا أن تأمل بطمأنينة وتفاؤل في خروجها من الأزمة المالية الحالية بل هي في متناولنا بفضل ما دأبنا عليه من حوار وتشاور بين الحكومة وشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين".
رئيس الجمهورية ذكر في هذا الصدد بالقرارات الاحترازية التي تم اتخاذها قبل بضع سنوات، لا سيما منها قرار التسديد المسبق لمعظم المديونية الخارجية بما فيها العسكرية مما ساعد على القيام بقفزة نوعية في تحيين طاقات ومعدات الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، فضلا عن الدفع المسبق للمديونية في المقابل يرى أن الأزمة الراهنة قد تتحول إلى فرصة لتعجيل الوثبة الجماعية والإقلاع عن الريع والتخلص من التثبيط البيروقراطي للعزائم، مع إعادة الاعتبار لفضائل
العمل. واستشهد في هذا الصدد بالتحول الذي تشهده قطاعات بفضل تسارع الإصلاحات والتوافق المتنامي من أجل ترشيد النموذج الاجتماعي ووتيرة تحقيق النتائج الملموسة في التنمية الاقتصادية من دون المحروقات، مثلما أجمعت عليه الحكومة وشركاؤها الاقتصاديون والاجتماعيون خلال اجتماع الثلاثية.
كما يراهن الرئيس بوتفليقة على أن تشهد القاعدة الصناعية توسعا، من منطلق أن "سوقنا الداخلية تقتضي ذلك ولأن حاجتنا من التصدير تتطلب ذلك مع العلم أن مواردنا المنجمية القابلة للتحويل والتثمين معتبرة، وأن ما يتوفر لدينا من الطاقات المتجددة يبعث على التفاؤل.
من جهة أخرى أكد الرئيس بوتفليقة أن استرجاع الجزائر للممتلكات الشاغرة عقب الاستقلال كان إجراء "مشروعا" جاء في سياق ما فعله المستعمر الفرنسي بممتلكات الشعب الجزائري، حيث أصبح "جزء لا رجعة فيه من تشريع الدولة"، مشيرا إلى أن الجزائر اتخذت في سياق سيادتها الوطنية "إجراءات مشروعة لاسترجاع ضمن ملكية الدولة الممتلكات الفردية والجماعية التي أصبحت شاغرة غداة الاستقلال.
كما أوضح أن هذا الإجراء جاء "في سياق ما فعله المستعمر الغاشم في الأربعينيات من القرن الماضي بممتلكات أبناء بلادنا، إجراء أصبح كذلك جزء لا رجعة فيه من تشريع دولتنا المعاصرة" ، مشيرا إلى أن أولوية السيادة الوطنية "سرعان ما تجسدت من خلال قرارات تاريخية متعاقبة شملت الأراضي الفلاحية والموارد المنجمية والمنظومة المالية المحلية إلى جانب تخليص البلاد تدريجيا من الوجود العسكري الأجنبي".