أويحيى يستكمل اليوم برنامج الأسبوع الأول من المشاورات حول الدستور
تثمين مبدأ التوافق لتكريس الوحدة الوطنية
- 896
ركزت المقترحات التي قدمتها الدفعة الأولى من المدعوين للمشاورات حول تعديل الدستور، والتي يشرف عليها وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية، وتثمين مكاسب الديمقراطية المحققة في البلاد وتعزيزها أكثر، مع إجماعها على ضرورة الوصول إلى صياغة الدستور التوافقي الطويل الأمد، الضامن للتداول على السلطة ولاستقلالية السلطات، فيما رجّحت أولى الاقتراحات حول طبيعة النظام السياسي لحد الآن كفّة النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي..
فاليوم وقد دخلت جلسات المشاورات حول مسعى تعديل الدستور الذي التزم بتجسيده رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، وكلف لأجل ذلك مدير ديوانه أحمد أويحيى، لقيادة التشاور الواسع لإثراء مسودة صياغته، يومها الخامس وبعد تداول عدد من الشخصيات الوطنية ورؤساء الأحزاب السياسية على اللقاءات التي يحتضنها مقر رئاسة الجمهورية، بمعدل أربعة لقاءات في اليوم، التقت كافة الانطباعات حول تثمين المسعى، ونبل أهدافه الرامية إلى إيجاد دستور توافقي يحقق أكبر إجماع ممكن بين مختلف الفعاليات الوطنية، ويعزز مسار الممارسة الديمقراطية التي انتهجتها الجزائر منذ 1989، وكذا المكاسب التي حققتها خلال تجربتها الفتية، والتي أبانت عن اختلالات ونقائص تستدعي تصحيحها، ومستجدات تتطلب احتواءها وتأطيرها في القانون الأسمى للبلاد.
وإذ حملت انطباعات الدفعة الأولى من المشاركين في المشاورات خلال الأسبوع الأول منها، تعابير الإشادة بمسودة التعديل الدستوري وما حملته هذه الوثيقة من مقترحات معروضة للنقاش، والتي بلغ عددها 47 مقترح تعديل، شملت على وجه الخصوص محاور تعزيز الحريات الفردية والجماعية والدفاع عن حقوق الإنسان والفصل بين السلطات، إلا أنها لم تمنع ضيوف السيد أويحيى، من حمل جملة من الاقتراحات الجديدة والإضافية المراد منها تعزيز وإثراء هذه المسودة، على غرار اقتراح بعض المدعوين اعتماد النظام السياسي الرئاسي أو شبه الرئاسي، ودعوة البعض الآخر إلى استبدال المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية العليا، مع اعتماد أسلوب الانتخاب بدلا من التعيين لاختيار رئيسه، فيما ركز عدد من المشاركين على ضرورة منح الاستقلالية التامة لهيئات الرقابة، وفي مقدمتها مجلس المحاسبة.
من جانب آخر وفيما استحسن غالبية المشاركين في المشاورات إقرار تعديل المادة 74 التي تنص على تحديد العهدات الرئاسية بعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، دعا البعض الآخر إلى تمديد فترة العهدة الرئاسية من 5 إلى 7 سنوات، فيما طالب آخرون بتوسيع اعتماد هذه المادة لتشمل باقي الهيئات المنتخبة، وسجلت بعض الأطراف التي تمت استشارتها، بأسف إسقاط مقترح التعديل الخاص بالمادة 73 للبند السابع المرتبط بشرط إثبات المترشح للرئاسيات عدم تورط والديه في أعمال ضد الثورة التحريرية، ودعوا إلى العودة على التنصيص على هذا الشرط، لأن حذفه ـ حسبهم ـ "يفتح المجال لإشراك أعداء الثورة من "الحركى" في قيادة البلاد".
ولم يغفل المشاركون في الجلسات الأولى للمشاورات حول تعديل الدستور، الدعوة إلى تثمين مكاسب المصالحة الوطنية وترسيخ قيمها، وما كرسته هذه السياسة التي جاء بها رئيس الجمهورية، من معالم السلم والاستقرار والتصالح بين الجزائريين، غير أن هناك من لم يخف تحفظه إزاء إدراج المصالحة الوطنية ضمن الثوابت الوطنية، وذلك خوفا من أن تشمل فئات لا تستحق ـ حسبه ـ الاستفادة من العفو.
على صعيد آخر حصرت بعض الشخصيات المشاركة في الجلسات الأولى للتشاور الواسع حول تعديل الدستور اقتراحاتها في مجالات تخصصها، حيث طالب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، بدسترة هذه الهيئة وتقنين عملها وهياكلها، بينما ركز رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية للدفاع عن حقوق الإنسان وترقيتها، على ضرورة تكريس استقلالية قطاع العدالة واستقلالية القاضي على وجه الخصوص، من أجل إرساء الديمقراطية الحقّة ودولة القانون، في حين شدد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى على أهمية الاعتناء بمقومات وحدة الشعب الجزائري، ولا سيما من خلال تربية وتكوين الأجيال.
وعموما فقد بارك جميع المشاركين في اللقاءات الأولى للمشاورات مسعى فتح النقاش حول مسودة تعديل الدستور التي أعدتها لجنة الخبراء، وتوسيعه ليشمل كافة الفعالية الوطنية من أجل الوصول إلى صياغة نهائية لدستور توافقي بمبادئ ثابتة تستجيب لتطلعات كافة أفراد الشعب الجزائري، وتخدم راهن البلاد ومستقبل أجيالها، ولم يفوت المعنيون الفرصة لتجديد دعوتهم للأطراف المدعوة إلى المشاركة في هذا المشروع الوطني.