السلطات العمومية تشرع ابتداء من اليوم في تطبيق قانون البنايات غير المكتملة
الهدم لن يشمل إلا البنايات المشيَّدة في الأماكن غير المرخصة
- 4075
تشرع السلطات العمومية ابتداء من اليوم، في تطبيق ما نص عليه القانون رقم 15 /08 الخاص بالبنايات غير المكتملة وغير المطابقة أو التي بُنيت في أماكن غير مسموح بها قبل سنة 2008، والذي ينص على فرض عقوبات على أصحابها، تتمثل في الهدم بالنسبة للبنايات المشيّدة في الأماكن غير المرخصة، بالإضافة إلى عقوبات أخرى تتمثل في إغلاق المحلات، ومنع الإيجار بالبنايات غير المكتملة إلى غاية استكمال الأشغال بها، علما أن المخالفين الذين تأخروا عن موعد إيداع ملفاتهم سيتعرضون لعقوبات، ولن يستفيدوا من أي مهلة إضافية.
أحصت وزارة السكن والعمران والمدينة إيداع أكثر من 510 آلاف ملف على مستوى مصالح البلديات والدوائر من قبل أصحاب البنايات غير المطابقة قبل انتهاء آجال تطبيق القانون المحدد لقواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها أمس. وتمكنت المصالح المعنية إلى حد الآن من دراسة أزيد من 390 ألف ملف، حسبما أكد المكلف بالإعلام بالوزارة أحمد مداني لـ "المساء"، الذي ذكّر بأن الوزير أعطى تعليمات صارمة للجهات الإدارية للتخفيف من ملفات الحصول على شهادة مطابقة هذه البنايات، والإسراع في دراستها لتسوية وضعية أصحابها في أقرب الآجال.
وأوضح السيد مداني في اتصال مع "المساء" أمس، أن قرار الهدم لا يشمل البنايات غير المكتملة وغير المطابقة، "كما تروج له بعض الأطراف التي لم تفهم محتوى القانون"، بل سيخص البنايات المشيدة على الممرات والطرقات والمحميات وكذا شبكات توزيع المياه والغاز، كالغابات والأراضي الزراعية وغيرها من المناطق الممنوعة غير المرخصة للبناء أو التي تقع تحت خطوط كهربائية ذات الضغط العالي، نظرا لاستحالة تسوية وضعيتها التي تُعد مخالفة للقانون، مضيفا أن قرار هدم البنايات المبنية في هذه الأماكن ليس جديدا، بل ظل معمولا به من قبلُ من طرف السلطات المحلية، التي توكَل لها مهمة هدم البنايات الفوضوية وغير المرخصة.
ويمس القانون الذي يُشرع في تطبيقه ابتداء من اليوم، البنايات التي بنيت قبل سنة 2008؛ أي قبل صدوره، ولا يمس البنايات التي بنيت بعد ذلك والتي كان أصحابها على دراية بما ينص عليه القانون الذي كان منتظرا أن تنقضي آجاله سنة 2013، قبل أن تقرر وزارة السكن تمديدها إلى السنة الجارية؛ قصد منح الوقت الكافي للمعنيين بهذا النص وتسوية كافة الوضعيات العالقة.
ويخص القانون أيضا المحلات التجارية غير المكتملة أو التي توجد في بنايات غير مكتملة، حيث تم تشكيل فرق على مستوى جميع الولايات، تقوم بالسهر على تنفيذ المنشور الوزاري المشترك ما بين وزارات التجارة والداخلية والسكن، والذي يلزم أصحاب المحلات التجارية بإتمام عملية الإنجاز وتزيين الواجهة. وحسب السيد مدني فإن الفرق المختصة قامت بإعداد محاضر معاينة، بموجبها تم تسليم وثيقة لأصحاب المحلات التجارية تتضمن منحهم مهلة محددة حسب خصوصية كل بناية، لإنهاء أشغال البناء وتزيين الواجهة قبل إخضاعهم للعقوبات التي ينص عليها القانون، موضحا أن الغرض من الإجراء هو إضفاء لمسة جمالية على المدن والأحياء التي غزاها الإسمنت، فتحولت الكثير منها إلى ورشات مفتوحة، على أن يحرَم المخالفون من ممارسة النشاط التجاري، من خلال تشميع المحلات غير المطابقة وعدم تجديد السجل التجاري.
وتطبيقا لهذا القانون الهادف إلى تحسين صورة المدن التي شوّهها الآجر والإسمنت، أصدرت وزارة العدل مؤخرا تعليمة تمنع المحضرين القضائيين من إبرام عقود إيجار أو بيع لفائدة المحلات غير المكتملة وأيضا كافة البنايات غير المطابقة.
وقد بينت المعاينة المستمرة التي يقوم بها مسؤولون وإطارات بوزارة السكن، بالفعل تغيّر صورة الكثير من الأحياء والتجمعات السكنية، بعد أن سارع أصحابها إلى تزيين واجهة سكناتهم وإتمام أشغال البناء.
وكان وزير السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون قد أكد أنه سيتم هدم كل البنايات المبنية في أماكن غير مرخصة، وتطبيق عقوبات على أصحاب البنايات غير المكتملة وغير المطابقة للقواعد العمرانية إذا لم تتم تسوية وضعيتها قبل أوت 2016، موضحا أن الدولة لن تتردد في تطبيق القانون مهما كانت العواقب، ولن تتراجع عن قرارها بمعاقبة المخالفين لأن ذلك يتعلق بهيبتها. وللتذكير، فقد تم الشروع في سنة 2008 في عملية واسعة لاستقبال ملفات تسوية البنايات في إطار تنفيذ القانون 15 /08 الذي يحدد قواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها. وكان من المنتظر الانتهاء من هذه العملية في أوت 2012، لكنه تم تمديد هذا الأجل إلى أوت 2013، ثم إلى 2016.
وسبق أن قامت وزارة السكن خلال السنوات الأخيرة بمعالجة 332.991 بناية، من بينها 327.477 سكنا و5.514 مرفقا عموميا.
وتعتزم الوزارة مضاعفة جهودها لفرض الانضباط العمراني وتحسين وجه المدن والقرى الجزائرية، خاصة من خلال مراجعة الإطار التنظيمي لهذا المجال، حسب تصريحات الوزير الذي تعهّد بمعالجة الاختلالات العمرانية التي تعرفها البلاد، مع تسخير كل الوسائل والقدرات الوطنية لتحقيق هذا الهدف، وذلك بعد أن شوّهت هذه البنايات خاصة غير المكتملة، وجه المدن الكبرى بما فيها العاصمة؛ إذ أن أصحابها عادة ما يكونون من أصحاب المال ولهم الإمكانيات لإتمام بناياتهم التي تحوي محلات بالطابق الأرضي تحقق أرباحا كبيرة، غير أنهم يفضلون تركها غير مكتملة من الخارج لاعتقادات سخيفة خوفا من "عين الحسود"، كما يقولون، مع وضع عجلات السيارات على أسقفها، مثلما نلاحظه في عدة أحياء ومدن نأمل أن تحسّن وجهتها بتطبيق هذا القانون الذي سيعطيها صورة المدن الحضرية لا الأحياء القصديرية.