فيما تبقى وضعية العقار عائقا أمام تنفيذ القوانين
80 بالمائة من النسيج العمراني بالعاصمة فوضوي
- 746
أضحى مشكل وضعية العقار الفوضوي هاجسا كبيرا يقف حجرة عثرة في وجه القانون 18-05 الخاص بتسوية البنايات ومطابقتها الذي انتهى سريان مفعوله يوم 3 أوت الجاري، وهو ما يجعل أكثر من 65 ألف بناية غير مكتملة تواجه مصير الهدم، علما أن أكثر من 80 بالمائة من مجمل العقارات التي شُيّدت عليها هذه البنايات تبقى فوضوية، ووضعيتها غير قانونية.
أكد رئيس لجنة البناء والتعمير بالمجلس الشعبي الولائي بولاية الجزائر العاصمة عبد القادر صافي، أن الوضعية غير القانونية التي يتواجد عليها العقار بالجزائر وبالعاصمة على وجه التحديد، ساهمت في تعميق مشكل تسوية البنايات ومطابقتها؛ تماشيا مع إجراءات النص القانوني 18-05 الخاص بالتسوية والمطابقة، باعتبار أن الأولوية في ذلك لا بد أن تشمل تسوية وضعية العقار أولا قبل أن ينتقل الأمر إلى البنايات والمساكن.
وأوضح صافي لـ "المساء" أنه لا يمكن تطبيق شروط القانون المذكور بدون التعجيل بتسوية العقار أو النسيج العقاري بالعاصمة، في الوقت الذي شُيّدت آلاف البنايات والمساكن بطرق مخالفة للنصوص والتشريعات المعمول بها في هذا الإطار، مشيرا إلى أن مصالح أملاك الدولة ولجان البناء والتعمير على مستوى البلديات والدوائر، في نزاع دائم ومستمر مع شاغلي هذه الأراضي والبنايات، التي يبقى جزء كبير منها تابعا لمديرية أملاك الدولة أو الجماعات المحلية، وهو ما يجعل أصحابها في حرج كبير مع القانون فيما يخص التسوية ومطابقتها.
وذكّر بأن الدليل على هذه الصعوبة هو توصّل مختلف لجان التعمير إلى دراسة 17 ألف ملف خاصة بهذه البنايات والعقارات من أصل 65 ألف ملف لبنايات غير مكتملة بالعاصمة وحدها، في حين لم يتم قبول إلا 06 آلاف ملف خاصة بالتسوية العقارية إلى حد الساعة، ما يشكل عجزا كبيرا في إطار عملية التسوية بسبب ضعف الإقبال والعراقيل الإدارية المطروحة في بعض البلديات، إلى جانب طول فترة المعالجة التي غالبا ما تكون في حدود 10 إلى 20 يوما، مع العلم أن هذا الموضوع كان مطروحا منذ أواخر الثمانينيات، وهي الفترة التي شهدت منع العديد من القطع الأرضية للمواطنين.
كما أن مشكل غلاء العقار ـ حسب المتحدث ـ يبقى سببا آخر يصطدم بقضية التسوية العقارية للمباني والسكنات وحتى التي شُيّدت خلال الحقبة الاستعمارية وبعد الاستقلال، علما أن المصالح المختصة حددت سعر المربع الواحد بـ 300 دينار بالنسبة للأوعية العقارية التي وزّعها رؤساء البلديات منذ 1989 بتخصيص عقد استفادة بسيط، مبرزا أن هذا السعر ارتفع كثيرا مع مطلع التسعينيات، ليتجاوز 12 ألف دينار للمتر المربع الواحد، مع الاستفادة من عقود الملكية التي تمنحها مديرية أملاك الدولة، وهو ما يجعل وضعية سكناتهم والعقارات التي شيّدت عليها قانونية وشرعية.
وللإشارة، عُلم من بعض المصادر الرسمية أن بلديات ودوائر العاصمة أحصت إلى حد الساعة أكثر من 51 ألف ملف لطلب استخراج شهادات مطابقة البنايات والقطع الأرضية، في الوقت الذي يسجَّل حصول ما يفوق 30 ألف مؤسسة على هذه الشهادة منذ صدور القانون المذكور المؤرخ في 20 جويلية 2008.
منتخبون محليون متهمون بالتواطؤ
ناشدت جمعيات ناشطة ببلدية الكرمة التابعة لدائرة السانيا بوهران الوالي عبد الغني زعلان التدخل العاجل لوضع حد لتوسع البنايات الفوضوية التي طالت بعض مناطق البلدية، على غرار تلك المحاذية لمحطة السكة الحديدية القديمة بمدخل البلدية أمام سكوت وتواطؤ بعض المنتخبين المحليين بعدم التبليغ عنها.
وأفادت مصادر مطلعة بأن هذه البنايات لم تكن تتجاوز السنة الماضية 13 بناية شيدها أصحابها في السابق، أغلبهم من عمال مؤسسة السكة الحديدية، ليتضاعف عددها منذ بداية السنة الجارية، إلى 30 بناية، ولازال العدد مرشحا للارتفاع في ظل سياسة غض البصر التي ينتهجها المنتخبون وكذا السلطات الأمنية على مستوى ذات البلدية.
وكان الوالي عبد الغني زعلان أشار في أحد اجتماعاته السابقة بالهيئة التنفيذية، بأصابع الاتهام صراحة، إلى رؤساء المجالس الشعبية بتواطئهم في انتشار البنايات الفوضوية بأقاليم البلديات التي يسيّرونها، محملا إياهم المسؤولية مستقبلا عند تسجيل أي حالة بناء جديدة، غير أن الواقع الذي تعرفه بعض هذه البلديات، كما هي الحال ببلدية الكرمة، يعكس تجاهل تهديد ووعيد المسؤول التنفيذي الأول عن الولاية، مما ساهم في انتشار هذه الظاهرة وإجهاض مساعي السلطات المحلية ورهانها للقضاء عليها في غضون السنوات القليلة المقبلة؛ من خلال البرامج السكنية الضخمة التي شرعت في توزيعها منذ سنة 2014.
للإشارة، فقد عرفت بلدية الكرمة شهر فيفري الفارط، توزيع 74 مسكنا عموميا إيجاريا لفائدة قاطني البنايات الفوضوية بعد 14 سنة عن آخر عملية توزيع، فيما سجلت مصالح دائرة السانيا استقبال أزيد من 6 آلاف طلب استفادة مقابل 200 مسكن جاهز تنتظر التوزيع بعدما أنهت لجنة التحقيق شهر جوان القارط، عملها الميداني في انتظار الشروع في دراسة الملفات وإعداد قوائم المستفيدين من قبل اللجنة المختصة، حسب تأكيدات رئيس دائرة السانيا.