افتتاح الدورة البرلمانية 2016 - 2017
20 مشروع قانون في جدول الأعمال
- 1241
افتتح البرلمان بغرفتيه أمس دورته العادية لسنة 2016-2017، والتي تؤسس لمرحلة تشريعية جديدة، أعاد الدستور تنظيمها وفق قواعد معززة للعمل النيابي ولمختلف الوظائف التي يضطلع بها البرلمان في إطار مهامه التشريعية والرقابية والسياسية..
ويُرتقب أن تشهد الدورة أيضا حراكا سياسيا مكثفا بالنظر إلى الكم الهائل من مشاريع القوانين المنتظر دراستها، والتي يقارب عددها 20 نصا، وكذا لطبيعة ونوعية عدد من هذه المشاريع وعلاقتها الوثيقة والمباشرة بالحياة العامة للجزائريين، مثلما هي الحال بالنسبة لقانون المالية لسنة 2017 وكذا مشروعي القانونين المتعلقين بالتقاعد وبتحديد المهن والوظائف السامية في الدولة، التي تشترط الجنسية الجزائرية دون سواها.. فضلا عن تزامن الدورة مع نهاية العهدة التشريعية لنواب المجلس الشعبي الوطني وتنظيم استحقاقات مقررة في شهر أفريل القادم.
وتميزت مراسم افتتاح الدورة التي حضرها الوزير الأول عبد المالك سلال، بتجديد هذا الأخير التزام الحكومة بالمضيّ قدما في تطبيق النموذج الاقتصادي والاجتماعي الجديد الذي أقرته الثلاثية الأخيرة، مع طمأنة الجزائريين حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام، وقدرة الجزائر على تجاوز المرحلة الصعبة المترتبة عن تراجع أسعار النفط وما تبعه من انخفاض في مداخيل الدولة، فضلا عن تأكيده حرص السلطات العليا في البلاد على حماية المكاسب الاجتماعية، وانتهاج سياسة رشيدة ومدروسة في قراراتها الاقتصادية والاجتماعية. ومن جهتهما، دعا رئيسا الغرفتين البرلمانيتين الجزائريات والجزائريين إلى عدم الانسياق وراء الخطاب السياسي، الذي يحاول أصحابه رسم صورة سوداء عن الواقع في الجزائر، حيث اعتبر بن صالح هذا الخطاب مجانبا للحقيقة التي يعكسها الزخم التنموي الذي تعرفه البلاد، فيما أبرز ولد خليفة ضرورة التعاون بين مؤسسات الدولة وفعاليات المجتمع من أجل تجاوز تحديات المرحلة الراهنة.
بن صالح: الخطاب السياسي السائد مجانب للحقيقة
انتقد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، الخطاب السياسي السائد على الساحة الوطنية واعتبره "خطابا مجانبا للحقيقة"، وأشار إلى أن الدورة البرلمانية الجديدة تعتبر تدشينا لمرحلة دستورية متميّزة وواعدة، كونها "أول دورة سنوية للبرلمان بعد المراجعة الدستورية، لافتا إلى كثافة مشاريع القوانين المقرر دراستها خلال هذه الدورة في إطار تكييف وتحيين قوانين الدولة مع مضمون الدستور الجديد وسياسة الإصلاح التي اعتمدها رئيس الجمهورية.
ودعا السيد بن صالح، في كلمته الافتتاحية للدورة البرلمانية الجديدة بمجلس الأمة، إلى الكف عن تسويد المشهد والحقيقة والواقع الذي بلغته الجزائر، مشيرا إلى أن الواقع بما يحمله من زخم تنموي كبير في شتى المجالات وعبر ربوع الوطن، هو الذي يدحض مضامين الخطاب السياسي المجانب للحقيقة..
وأشار إلى أن هذا الخطاب يأتي متزامنا مع اقتراب موعد الحملات الانتخابية التي تأتي هذه المرة قبل أوانها لدى بعض الفعاليات والفاعلين في الطبقة السياسية، غير مستبعد أن تزداد حيوية النقاش والحراك في الساحة السياسية مع اقتراب الموعد الانتخابي المقرر العام المقبل، أعرب بن صالح عن أمله في أن تكون التجارب السابقة قد أنضجت المسار الديمقراطي والنقاش ذي الطابع الانتخابي، داعيا بالمناسبة إلى تبنّي نقاش سياسي قائم على النزاهة في التنافس بين البرامج ومواجهة الأفكار وعلى ثقافة ديمقراطية متحررة من الضغينة.
من جانب آخر أكد رئيس مجلس الأمة، أن الدورة البرلمانية الجديدة تدشن لمرحلة دستورية متميّزة وواعدة، وذلك كونها تعد أول دورة سنوية للبرلمان بعد المراجعة الدستورية، وأشار إلى أن مشاريع القوانين التي تنوي الحكومة تقديمها إلى حد الآن، التي تعكس رغبة الهيئة التنفيذية في تكييف وتحيين قوانين الدولة مع مضمون الدستور الجديد، وسياسة الإصلاح التي اعتمدها رئيس الجمهورية، مبرزا في نفس الصدد أهمية النصوص التشريعية التي سيعكف المجلس على دراستها خلال هذه الدورة، وفي مقدمتها مشروع قانون المالية لسنة 2017، الذي يأتي ـ حسبه ـ لتوفير الأدوات القانونية والمالية لتطبيق النموذج الجديد للنمو الإقتصادي والتحفيز على الاستثمار، ووضع تدابير أخرى في مجال ترشيد الإنفاق العام. كما ذكر السيد بن صالح، أن المجلس سيكون على موعد مع مشاريع قوانين في مجال الاقتصاد كقانون ضبط الميزانية لسنة 2014، وكذا مشروعي قانون الجمارك ومكافحة التهريب ومشاريع أخرى تتعلق بالتجارة الإلكترونية وحماية المعطيات الشخصية، وتحديد كيفيات ممارسة الحق في الحصول على المعلومات والوثائق ونقلها، فضلا عن مشاريع قوانين متعلقة بالحالة المدنية وبالنشاطات الإشهارية وكذا القواعد المتعلقة بالبريد وبالإتصالات الإلكترونية. وتتميّز الدورة البرلمانية الجديدة أيضا ـ حسب السيد بن صالح ـ بعرض مشاريع قوانين تخص الحياة الاجتماعية والمهنية على غرار مشروعي قانون التقاعد والصحة العمومية، علاوة على مشروع القانون الذي يحدد قائمة الوظائف والمسؤوليات التي يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها، تجسيدا لمضمون المادة 63 من الدستور، وكذا مناقشة مشروع القانون الخاص بالنظام الداخلي لمجلس الأمة، بشكل يسمح بمراجعة هذا النظام وتطعيمه بأحكام جديدة مستمدة من مضمون الدستور والقانون العضوي المنظم للعلاقات بين غرفتي البرلمان والحكومة.
وبالمناسبة لفت رئيس مجلس الأمة إلى أن هناك 25 مادة جديرة بأن تكرّس في مضمون النظام الداخلي الذي سيقترح على الدورة الجديدة دور المعارضة داخل الهيئة التشريعية، وكذا تقنين واجب التزام عضو مجلس الأمة، بالحضور في اجتماعات اللجان والجلسات العامة وتقنين منع التجوال السياسي بين الأحزاب وإجراءات طلبات الاستماع إلى أعضاء الحكومة من قبل لجان مجلس الأمة، فضلا عن تكريس حق مجلس الأمة في المبادرة القانونية طبقا للمادة 136 من التعديل الدستوري الجديد.
على صعيد آخر أشاد السيد بن صالح، بالترتيبات التي سهرت الدولة على توفيرها من أجل إنجاح الموسم المدرسي والجامعي ومرافقة التلاميذ والطلبة طيلة موسم 2016-2017، داعيا إلى التعاون بين الشركاء من وصاية وأولياء التلاميذ ونقابات لترقية الحوار وتوجيهه في المسار الذي يخدم المنظومة التربوية في توجهها نحو العصرنة وتمسكها بعناصر الهوية الوطنية.
كما أبرز لدى تطرقه إلى الجانب الاقتصادي والاجتماعي أهمية التوجيهات التي أعطاها رئيس الجمهورية بمناسبة ذكرى 20 أوت الأخيرة، وكذا نتائج اجتماع الثلاثية الأخيرة التي أقرت بتبنّي النموذج الإقتصادي والاجتماعي الجديد وبتمسكها بالعقد الاجتماعي، مقدرا بأن التوجيهات التي قدمها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، للحكومة لتحريك الآلة الاقتصادية والحفاظ على مناصب الشغل وتكريس كل أشكال الحماية الاجتماعية للعاملات والعمال تعتبر مفاتيح حلول للمشاكل التي تواجه البلاد، ومن شأنها أن ترشد إلى تجاوز الضغوطات الاقتصادية الراهنة.
ولد خليفة: أدعو النواب إلى الانضباط والإخلاص للشعب
أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، أن الدورة البرلمانية التي افتتحت أمس ستكون من أهم الدورات في تاريخ المجلس الشعبي الوطني، بالنظر لجدول أعمالها "المتميز كما ونوعا"، لافتا إلى أن انطلاق هذه الدورة يفتح عهدا تشريعيا جديدا قائما على مبادئ وقواعد دستورية تثمن العمل النيابي والممارسة الديمقراطية وترقي الدور الرقابي والتشريعي وتعزز دور البرلمان بغرفتيه في الهندسة المؤسساتية للنظام السياسي الجزائري.
وإذ ذكر الدكتور ولد خليفة في كلمته الافتتاحية للدورة البرلمانية الجديدة بالمجلس الشعبي الوطني بحضور الوزير الأول وأعضاء الحكومة والإطارات السامية للدولة، بأن الدورة البرلمانية الجديدة تعتبر دورة واحدة تتواصل بلا انقطاع لمدة لا تقل عن عشرة أشهر من أجل المساهمة في تكريس الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في إطار استراتيجيته النهضوية، توقع أن تشهد هذه الدورة البرلمانية نشاطا برلمانيا مكثفا، بالنظر إلى ما أتت به التعديلات الدستورية الجديدة من قواعد، تستدعي، حسبه، التكييف القانوني، فضلا عن قوانين أخرى مرتبطة بمختلف القطاعات الحكومية.
وتطرق رئيس الغرفة البرلمانية السفلى بالمناسبة إلى جملة المشاريع المنتظر دراستها على مستوى المجلس الشعبي الوطني، ومنها مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون 05-06 والمتعلق بمكافحة التهريب، مشروع القانون المحدد لتشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكيفيات تعيين أعضائه والقواعد المتعلقة بتنظيمه وسيره، مشروع القانون المحدد لقائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية التي يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها، علاوة على مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 83-12 والمتعلق بالتقاعد ومشروع القانون المتضمن القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا مشروع قانون يتعلق بالقواعد العامة للوقاية من أخطار الحريق والفزع وكل من مشروع القانون المعدل للأمر 70-20 المتعلق بالحالة المدنية ومشروع القانون المعدل للقانون 01-14 المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها.
كما ينتظر أن يدرس المجلس خلال هذه الدورة، إضافة إلى مشروع قانون المالية لسنة 2017، أزيد من عشرة مشاريع قوانين أخرى يرتقب حسب السيد ولد خليفة إيداعها لاحقا لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني.
وبالمناسبة، لفت ولد خليفة إلى أنه بغرض تطبيق القواعد الدستورية الجديدة الخاصة بعمل المجلس الشعبي الوطني، وما جاء به القانون العضوي المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعلاقتهما بالحكومة، سيكون من أولويات المجلس تعديل قانونه الداخلي بالتنسيق مع مجلس الأمة، وذلك للرفع من جودة أداء الخدمة بالهيئة التشريعية، والوفاء بالتزاماتها المواطنية وخدمة الجمهور، وقال في هذا الخصوص: "أدعو نواب الشعب إلى العمل بمثابرة وانضباط وإخلاص للشعب وللدولة مع الالتزام بالحوار الهادئ بين الجميع في مجلس تعددي يحترم دستور الجمهورية وكل اللوائح التنظيمية للمجلس الشعبي الوطني".
الدعوة لمزيد من التعاون لتجاوز مصاعب المرحلة
ولدى تطرقه لصعوبة المرحلة الاقتصادية المتميزة بتراجع أسعار النفط ومعها مداخيل الدولة، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن التحديات التي تفرضها الأوضاع الاقتصادية الراهنة تتطلب من الشركاء في مؤسسات الدولة وفعاليات المجتمع المزيد من التعاون لتجاوز المصاعب التي نواجهها في المرحلة الراهنة، مشيرا إلى أن الجزائر التي تزخر بإمكانات ضخمة من مصادر الثروة، هي الآن في حالة تفعيل للتقليل من آثار الأزمة التي تعاني منها غالبية اقتصاديات العالم المتقدم والأقل نموا..
وذكر ولد خليفة في سياق متصل بأن الجزائر التي حولت منذ بداية الألفية الجديدة إلى استثناء متميز عربيا وإفريقيا من حيث الأمن والاستقرار والتنمية والمشاركة الفعلية للمرأة في المجالس المنتخبة وتوسيع مجال المشاركة الديمقراطية لكل الفاعلين، بإمكانها تحقيق أولويات التنمية وإنجاز ما يطمح له شعبها على الرغم من السياق الاقتصادي العالمي المتأزم واستمرار الاضطرابات الهيكلية للسوق العالمية للمحروقات، مبرزا أهمية التدابير الاستباقية والعقلانية التي وظفتها الدولة منذ 1999 وساهمت في بناء ادخار وطني هام واحتياطي صرف من العملة الصعبة برؤية صائبة لرئيس الجمهورية للتخلص المسبق من المديونية.
كما لفت رئيس الغرفة البرلمانية السفلى إلى أن الجزائر وبشهادة المختصين والمراقبين الدوليين، تعتبر استثناء عربيا وإفريقيا فيما يتعلق بالاستقرار والتنمية وبناء الديمقراطية، مشيرا إلى أن ذلك يمكن تأكيده بموضوعية عند النظر لما يحدث من اضطرابات في الجوار الجيوسياسي "من تفاقم لعمليات التفكيك والإضعاف من الداخل وانهيار الدولة الوطنية وعجز مؤسساتها عن أداء وظائفها لضمان الأمن والاستقرار خاصة مع تزايد احتمالات انتشار المقاتلين الارهابيين الأجانب في المنطقة وتفاقم الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط والتهديدات القريبة من حدودنا في جوارنا الليبي ومالي".
وإذ أشاد بوقوف الجيش الوطني الشعبي، سدا منيعا أمام المخاطر والتهديدات المحيطة بالجزائر بمشاركة كل المؤسسات الأمنية تطبيقا للتوجيهات الرشيدة لرئيس الجمهورية، منوها بحصيلة العمليات الاستباقية والوقائية التي تستأصل الإرهاب وايديولوجيته المسيئة للدين الإسلامي الحنيف، ذكر السيد ولد خليفة بالمجهودات الكبيرة التي بذلتها الجزائر لمساعدة الشعبين الليبي والمالي على تحقيق الاستقرار والوحدة بالمصالحة الوطنية دون تدخل أو وصاية، مع حرصها على توثيق علاقات التضامن والتعاون مع دول الساحل وكل البلدان الإفريقية، مجددا في الأخير دعم الجزائر الدائم لشعب فلسطين المظلوم وقضيته العادلة وكذا وقوف الشعب الجزائري بأحزابه ومنظماته إلى جانب شعب الصحراء الغربية وكفاحه النظيف من أجل حقه في تقرير مصيره.