"صحافة التحري" موضوع دورة تكوينية للصحفيين من القطاعين

الإعلام الجزائري لم يصل بعد إلى مستوى التحري

الإعلام الجزائري لم يصل بعد إلى مستوى التحري
  • 1971
نوال \ ح نوال \ ح

صرح وزير الاتصال السيد حميد قرين، أول أمس، أن الاعلام الجزائري لم يصل بعد إلى مستوى صحافة التحري بسبب ظروف العمل، وإجبار الناشرين بعض الصحفيين على كتابة ما بين مقالين وثلاث مقالات في اليوم، كما أن مختلف المقالات المصنّفة في خانة "التحقيقات" ـ يقول الوزير ـ هي عبارة عن مقالات عادية لا تتوفر على الأدلة الدامغة للموضوع المعالج، وهو ما جعل الوزارة تفكر في تنظيم دورات تكوينية حول صحافة التحري من تأطير المحقق الصحفي الفرنسي المعروف بيار بيون، الذي كتب عدة تحقيقات فضحت مخالفات العديد من المسؤولين الفرنسيين، الأمر الذي جعله يدخل أروقة المحاكم أكثر من مرة ويكون محل تهديدات.

الدورة المنظمة بقصر الثقافة، التي حضرها العديد من الصحفيين التابعين للقطاعين في مجال الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية، سمحت بفتح باب النقاش بين الحاضرين والمحقق الصحفي الفرنسي بيار بيون، الذي ألح طوال محاضرته على ضرورة الابتعاد عن فكرة البحث عن السبق الصحفي لأن التحقيق الصحفي كفيل بتوجيه الصحفي إلى السبق الاعلامي، كما أن كل معلومة تصل إلى الصحفي عن طريق صديق أو تلفت انتباهه عند قراءة الصحف والمجلات يمكن أن تكون عنصر إلهام لإعداد تحقيق دقيق مبني على عدة مصادر وحجم كبير من المعلومات. وللوصول إلى هذا المبتغى ـ يقول بيار بيون ـ يجب التحلّي بالصبر الطويل لأن التحقيق الناجح قد يأخذ من الوقت سنة ونصفا من العمل، وعليه فبحكم تجربته فقد كان يقترح فكرة التحقيق على الناشرين ويتفق مسبقا على أتعابه قبل الشروع في التحري داخل المكتبات والأرشيف الذي غالبا ما يكون يحمل بين طياته العديد من الأسرار.

كما تحدث الصحفي الفرنسي عن ضرورة اكتساب الصحفي المحقق لثقافة عامة تساعده على كشف المستور، والفضول الدائم لمعرفة الحقيقة التي يجب أن نبحث عنها من خلال الذهاب لأبعد وأعمق مما ذهب إليه الآخرون، مشيرا إلى أن المحقق الصحفي ليس شرطيا أو قاضيا حتى يحدد عقوبة المتهمين، بل هو مواطن مهمته كشف الحقيقة بطريقة موضوعية، وبالمقابل ركز المحاضر على ضرورة الرجوع إلى الضمير عند الانتهاء من التحقيق لكشف كل المعلومات المجمعة، مؤكدا أنه اضطر إلى عدم نشر تحقيقاته عدة مرات خوفا من المساس باستقرار بلاده فرنسا وإلحاق الضرر بها.

وقصد التعريف أكثر بصحافة التحري، أشار بيار بيون، إلى أن التحري غالبا ما يعرّض الصحفي لأخطار التهديدات والمضايقات وقد تصل إلى غاية الاعتداءات المعنوية اللفظية والجسدية، ومثل ردّات الفعل العنيفة هذه تعني أن الصحفي على حق وقد يفضح خصمه. ومن جهة أخرى تطرق بيون، إلى مختلف العقبات التي تعيق إنجاز التحري الصحفي على غرار عدم امتلاكه كل الوسائل والصلاحيات أو محدوديتها، ناهيك عن حاجته للكثير من الوقت والمال الكافي لتغطية كل نفقات عمله وهو ما لا توفره كل المؤسسات الإعلامية.

كما أن التحري الصحفي مضبوط بحدود ـ كما يضيف ـ أولها القانون وثانيها مبادئ الصحفي وضرورة الحفاظ على سلامة الأشخاص، فليس من المعقول نشر أي تحقيق أو تحر مهما كانت قيمته إذا تأكد أنه يعرّض حياة شخص ما إلى الخطر.

وعلى هامش هذه الدورة التكوينية صرح وزير الاتصال، الذي حضر جانبا منها رفقة إطارات من الوزارة أن الدورة تدخل في إطار مشروع احترافية الصحفي الجزائري، وسيتم تنظيم عدة دورات تكوينية مستقبلا يؤطرها صحفيون كبار من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول عربية.

وفي تعقيب الوزير على صحافة التحري بالجزائر، أشار إلى أن 90 بالمائة من التحقيقات المنشورة في الجرائد أو تلك التي تطرقت إليها وسائل الاعلام المرئية والصوتية تفتقد للأدلة، مما يجعلها مقالات بعيدة عن أخلاق مهنة الصحافة خاصة وأنها تركز على شخص معين بغرض تشويه صورته، ليدعو السيد حميد قرين، الصحفيين للتحلي بالمثابرة والصبر بهدف الوصول إلى كل مصادر الخبر.

ومن جهته أكد الصحفي والمستشار الإعلامي قاسي جغبيب، أن الإعلامي الجزائري لا يمارس صحافة التحري لأن وسائل الإعلام أصبحت تشبه المؤسسات الصناعية التي تسعى إلى تحقيق الربح فقط، مشيرا إلى أن بلوغ مستوى التحري يتطلب الكثير من الوقت والمال مع تكوين صحافيين في هذا المجال.