عوف موخاليفة تعرض برواق "عائشة حداد"

تسابيح من حنايا الطبيعة الجزائرية

تسابيح من حنايا الطبيعة الجزائرية
  • 737
  مريم. ن مريم. ن

تبتسم الطبيعة لكلّ من يدخل معرض الفنانة عوف موخاليفة المقام إلى غاية الرابع أكتوبر المقبل برواق "عائشة حداد"، حيث لا مجال إلاّ للجمال الربّاني الذي يمنح الفؤاد والبصر السكينة والبهجة، وكلّما توغّل النظر كلّما أدرك حرفية هذه الفنانة التي تمكّنت من أساليب فنية عدّة على الرغم من ميولها الواضح للواقعية الكلاسيكية.

تتأرجح الطبيعة لتداعب الزائر وترمي ببصره من مشهد إلى آخر ليصيبه السحر لما رآه من آيات غاية في الحسن، إنّه بمثابة احتفاء بالطبيعة الجزائرية الخلابة عبر أكثر من 40 لوحة في شتى المدارس الفنية منها الواقعي والانطباعي والتشخيصي وكذا التجريدي، تتجسد في مجموعة من اللوحات بين الجديدة والقديمة، بعضها بالألوان الزيتية والأخرى بالألوان المائية. 

من بين الأعمال المعروضة، لوحات زيتية تبرز حياة البحر في شتى تقلباته وفصوله وأمكنته، منها لوحة "ميناء وهران" التي تظهر حياة الصيادين البسطاء، وكذا "الشاطئ الصخري" التي تصور قدرة الخالق في الإبداع من خلال إلتطام البحر بصخرة كبيرة تشبه الجبل وبها فوهة لتتحول وكأنها نافورة  وهناك أيضا "قارب في عرض البحر" يشق الأمواج المتلونة التي تنعكس على هيكله الخشبي.

وبعيدا عن البحر، تقدم الفنانة في لوحات من الحجم المتوسط وشوشات الطبيعة وأسرارها المنبعثة من الجبال والحقول الممتدة والزهور كما في "جبل مرجاجو" بوهران و"حقل القمح" بسطيف و"شلال الماء" بقالمة و"حقل النخيل" بالصحراء ولوحات أخرى ساد فيها الورد والزهر ، ناهيك عن مظاهر المزهريات المنمّقة المستقرة بالبيوت وأخرى برية تتراقص بفعل النسائم العليلة خاصة في زمن الربيع.

وفي الفن التشخيصي، تعرض الفنانة لوحتي "المدّاحات" و"نساء مدينة الجزائر"، اللتين تعتبران تكريما للفن واللباس التقليدي لنساء الغرب الجزائري والعاصمة، كانت تلك المدّاحات تجلسن في فناء الدار المزين بالنباتات وبالقرميد الأخضر والشبابيك المزركشة مرتديات الجبة الوهرانية وهن يضربن على الطار والبندير... وغير بعيد، تظهر في لوحة أخرى عاصميات بالحايك والسروال التقليدي يمشين في الأزقة القديمة المطلة على البحر.

للإشارة، فقد غابت الفنانة أكثر من 20 سنة عن الساحة، لكنها لم تغب عن وطنها الذي تعشق ترابه لذلك صورت كنوزه التي لم تجدها في أي مكان آخر، علما أنها زارت الجزائر وتأثرت بالطبيعة المحلية وبتنوعها.

يكاد الزائر يتنسم رحيق الأقحوان المنبعث من كل زاوية في المعرض، وسرعان ما يلتفت إلى باقات الورد ثم إلى المروج الخضراء المرصعة بكل أنواع الزهور، ثم يمتد في المشاهد ليصل إلى المدن القديمة وإلى آثار المساجد والقلاع، ثم إلى واحات النخيل وإلى الموانئ القديمة والقرى المترامية في الجبال والوهاد.  

وشاركت الفنانة - وهي من مواليد تلمسان عام 1943 بتلمسان - في العديد من المعارض التشكيلية بالجزائر وخارجها على غرار بلغاريا (1978) ومصر (1992)، تحصلت بجامعة القاهرة على شهادة في الفنون المطبعية سنة 1990.

دخلت الفنانة هذا العالم الجميل بفضل والدها الذي سجلها بمدرسة الفنون الجملية التي كانت تتبع آنذاك لبلدية وهران سنة 1962 لتنتقل بعدها إلى العاصمة من أجل إتمام دراستها بالمدرسة العليا للفنون بالحراش وتتخرج كأستاذة في الرسم الفني لتعود بعدها إلى مدينة وهران وتشرع في ممارسة مهنة التدريس بمعهد تكوين المعلمين بيغموراسن إلى غاية سنة 1982 حيث اختارتها وزارة الثقافة كسيدة وحيدة من الغرب الجزائري لتلتحق بالعاصمة وتمارس تكوين المفتشين في المادة التي كانت تدرسها وظلت تمارس عملها إلى أن أحيلت على التقاعد سنة 1999.

البداية مع المعرض داخل الوطن كانت أثناء مشاركتها سنة 1974 في عرض خاص بتزيين ستائر القصر الرئاسي وكان اختيارها للمهمة تشجيعا كبيرا لها وقد قدمت فيه أوبيرات على شرف الناجحين في شهادة البكالوريا، زيادة على مشاركاتها سنة 1978. ومن 1990 إلى سنة 1992 بالمعرض الدولي للقاهرة.

أصدرت عام 2004 كتابا يؤرخ للزي التقليدي الجزائري وما تزخر به كل منطقة من الوطن بالنسبة للرجل والمرأة ويضم صورا نادرة، كما أنجزت كتابا يؤرخ كذلك لتاريخ الرسامين الأوائل من أبناء مدينة وهران.