من أجل المحافظة على إرث المنطقة والاستثمار في السياحة المهنية
حرفيات في عنابة يطالبن بالدعم لتطوير صناعة النحاس
- 3169
يعتبر النحاس من التحف الفريدة من نوعها في عنابة، تلقى اهتماما كبيرا من طرف ربات البيوت اللواتي يفضلن تزيين الصالون به، خاصة مرش ماء الزهر وبعض الصينيات والآواني المرافقة لها، فأغلب بيوت بونة تتوفر على قطع من النحاس، خاصة تلك التي تعود إلى حقبة زمنية معينة أو تحمل شيئا من التراث والهندسة الخاصة بكل منطقة.
رغم اهتمام العديد من "لعنانبة" بالنحاس، إلا أن الدكاكين المخصصة له شبه مغلقة وأخرى لا تقدم قطعا بالشكل المطلوب حسب احتياجات الزبائن، هذا ما وقفنا عنه خلال زيارة مقتضبة لبعض الأحياء العتيقة منها "رحبة الزرع" و"لاكلون"، وهي الأماكن والزوايا الأكثر استقطابا للعرائس والعائلات التي تعتبر النحاس من التحف الرائعة التي تعطي إضافة لكل منزل، خاصة في الأفراح وحفلات الختان.
وفي سياق متصل، قال عمي إبراهيم، صاحب محل صناعة النحاس بعنابة، بأنه أخذ هذه الحرفة عن والده رحمه الله، وبقي متشبثا بها رغم نقص المواد الأولية وتراجع عدد المتوافدين على الدكان، ليضيف أنه لم يستطع تطوير صناعة النحاس، لأن المختصين والحرفيين في هذا الميدان لا يطالبون بها، حتى في المعارض التي تقام بعنابة النحاس غائب وهو ما يحبط طموح الحرفيين في هذا النشاط وإن وجدوا فهم قليلون. علما أن غرفة الصناعة تحصي نحو 2500 حرفي، بينهم 12 شخصا في ميدان صناعة النحاس، وهو رقم ضئيل، مما يؤكد على أن هذه الحرفة تراجعت كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية. كما أن ثمن المادة الأولية مرتفع جدا، ناهيك عن غلاء الآلات المستخدمة في صناعة التحف، منها المرش والأواني الخاصة بالعروس.
ومن بين المحلات التي تروج للقطع النحاسية، تلك التي أصحابها من بني ميزاب الذين لايزالون يحافظون على هذه الحرفة، مع إضافة بعض اللمسات العصرية، لكن مع الحرص على إبقاء الأشكال والرسوم، علما أن العروس العنابية تأخذ في جهازها إلى حد اليوم بعض التحف منها الصينية التي توضع للضيوف، وهو ما يشير إلى اهتمام ربة البيت بالمطبخ، كما تقدم حناء حفل الختان في صحن مصنوع من النحاس ويرافقه المرش الخاص بالعطر وماء الزهر، وهي عادات خالدة بالمنطقة، كما لا تزال بعض العائلات الأصيلة بمدينة عنابة ترتشف الشاي في الاباريق النحاسية وتضع المياه المعطرة في آنية نحاسية.
وعن اندثار هذه الحرفة، أكدت لنا السيدة زينب صاحبة محل خاص ببيع الأواني العصرية، أن الأمر مرتبط بتطور المنتجات الصناعية المستعملة في مجالي الديكور والتصميم، مما أثر سلبا على هذه الحرفة، إلى جانب غياب السياح الذين كانوا ينعشون هذه الحرفة.
من جهة أخرى، أبدت بعض الحرفيات بعنابة اهتمامهن المتزايد بحرفة صناعة النحاس مع السعي إلى تطوير هذا النشاط والبحث عن مكان لترويجه، وقد أكدت إحداهن على ضرورة التكفل بمطالبهن للمحافظة على حرفة صناعة النحاس والحفاظ على تراث المنطقة التي تعتبر موقعا إستراتيجيا في السياحة، خاصة إذا تم التكفل بهذه المهنة ستحقق مناصب شغل للبطالين وحاملي الشهادات الجامعية والمتخرجين من مراكز التكوين المهني، والذين لهم نية في بعث فرع صناعة النحاس بعنابة.