اعتبر رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، علي حداد، نهار أول أمس، أن التحدي الكبير الذي تواجهه الجزائر خلال المرحلة المقبلة، هو تحقيق وثبة اقتصادية ناجحة في عديد الميادين بعيدا عن مداخيل البترول، مبرزا أن العائق الوحيد في هذا التوجه هو عامل الزمن، وقال إن الجزائر مطالبة بتحقيق هذه التغير في التوجه الاقتصادي  والتحول الجذري في مدة ما بين 3 إلى 4 سنوات.

انخفاض سعر النّفط ليس ظرفيا

رئيس منتدى المؤسسات أكد أنه من أجل تجاوز هذه الوضعية الصعبة للاقتصاد الجزائري، والدخول في عملية إصلاح اقتصادي دائم يجب الاقتناع بأن انخفاض أسعار النّفط أمر غير ظرفي ويمكن أن يستمر على المدى الطويل، بذلك وجب اختيار قرار التوجه ولو بصعوبة بعيدا عن تغيرات أسعار النّفط والتعامل مع هذا الأمر بمرونة كبيرة ورفض المراهنة على فرضية تحسّن هذا الأسعار.  

السيّد علي حداد، دعا إلى ضرورة تجاوز الوضع الاقتصادي الراهن الذي تعيشه الدولة الجزائرية من خلال السعي لانخراطها في ما يسمى بمسار إنعاش اقتصادي دائم، مؤكدا خلال إشرافه على افتتاح الجامعة الصيفية للمنتدى في طبعتها الثانية بقسنطينة، بعد تلك المنعقدة في تلمسان، أن الاعتماد خلال الأسابيع الفارطة، لقانون جديد للاستثمار والقرارات المتعلقة بتخفيف الإجراءات في مجال التصدير يعد من أهم التدابير التي أراحت رؤساء المؤسسات، وعززت قرار خلق نموذج اقتصادي جديد، مشيرا في سياق حديثه إلى إمكانية بروز الجزائر كقوة إقليمية وقارية رائدة خلال السنوات المقبلة، وأن نجاح أي سياسة اقتصادية لا يعتمد على عدد النصوص التشريعية المتبنّاة ولا على التصريحات السياسية بقدر ما يعتمد أساسا على التأثير الإيجابي لهذه السياسة في سوق الشغل، القدرة الشرائية والعيش الكريم للمواطن.

دعوة الأحزاب والفاعلين إلى نقاش صريح

  وطالب حداد الذي اعتبر أن منتدى رؤساء المؤسسات فاعلا مهما في الساحة الاقتصادية الجزائرية، الحكومة بضرورة الإسراع في الإصلاحات من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، وأن مهمتها الرئيسية تتمثل في خلق نموذج اقتصادي متنوع وتنافسي لا يعتمد فقط على المحروقات ويكون متفتحا على المحيط الدولي، هذا لن يكون ـ كما قال ـ إلا بتعميق الإصلاحات الهيكلية لتجسيد الإرادة السياسية التي تم الإعلان عنها في هذا المجال، وكذا التحكم في الحسابات العمومية ومكافحة البيروقراطية وغيرها من العراقيل التي تواجه المستثمرين، داعيا كل الأطياف السياسية من أحزاب ومنظمات إلى نقاش بنّاء ومسؤول مع الحرص على إرساء قواعد متينة للحوار الاجتماعي بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين.

نحن شركاء في الحوكمة

رئيس منتدى رؤساء المؤسسات وخلال فعاليات المنتدى الذي جاء تحت شعار "التحوّل من أجل المضي قدما"، أثنى على المجهودات التي تبذلها الدولة في مجال تذليل العقبات أمام المستثمرين خاصة في السنوات الأخيرة، كما  جدد ثقته بالشباب حيث اعتبر أن شباب اليوم خزانا من الطاقة يتعين إشراكه في مسار البروز الاقتصادي من خلال ايجاد طرق لتحديد حاملي المشاريع المبتكرة خاصة في المجالات الهامة على غرار الرقمنة والطاقات المتجددة وكذا التكنولوجيات التي اعتبرها رهانات التنمية، كما دعا في ذات السياق المقاولين الشباب حاملي المشاريع إلى تعزيز صفوف تنظيمهم المهني لخلق ديناميكية جديدة، وأن منتدى رؤساء المؤسسات مفتوح لهم في حال إثبات قدرتهم عـلى تحسين الوضع الاقتصادي بالبلاد، والعمل أكثر من أجل تنمية الاقتصاد الوطني، وقال إن رؤساء المؤسسات الأعضاء في "الأف.سي.أو"، هم شركاء فاعلون في الحوكمة الاقتصادية والاجتماعية للجزائر، وسيواصلون مساعيهم بكل مسؤولية وبلغة الصراحة المعهودة بعيدا عن لغة النفاق التي لا تعتبر ـ حسبه ـ خيانة للشعب فقط بل تساهم في تفاقم المشاكل.

كما نوّه حداد بمجهودات رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة، من خلال دعوته لتبنّي نموذج اقتصادي جديد، وجدد في كلمته التي ألقاها على الحضور بقاعة المؤتمرات بنزل ماريوت، التأكيد على وجود إرادة سياسية حقيقية لإحداث تغيير جوهري في النماذج الاقتصادية، وكذا تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، مشيرا في ذات السياق أن هذه الجهود تعد بمثابة تدعيم للجزائريين وللمستثمرين وعلى رأسهم رؤساء المؤسسات الذين سيتجندون من أجل التحدي المشترك مع الحكومة لتنويع البدائل الاقتصادية خارج قطاع المحروقات وإخراج الجزائر من أزمتها الراهنة، وأوضح أنه رغم التغيرات الجذرية التي سجلتها الجزائر مؤخرا والتي أرضت رؤساء المؤسسات الاقتصادية خاصة في ظل تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد، إلا أن هناك، حسبه، إمكانيات لتقديم الأحسن من ذلك وفي أسرع وقت في ظل توفر المناخ وكل الظروف المواتية خاصة ما تعلق بإنشاء المؤسسات، تطوير النشاطات وخلق ديناميكية في الوسط، داعيا رؤساء المؤسسات وأصحاب المشاريع وكذا المستثمرين إلى عدم الاستسلام أمام العقبات التي يواجهونها. لأن دورهم ومسؤوليتهم كبيرة خاصة فئة جيل "أف.سي.أو" التي قال إن مهمتها هي إدخال الجزائر بنجاح في القرن الـ21.

قالوا على هامش الملتقى

السيّد بن عامر زهير مستورد  للسيارات:  الجامعة سمحت لنا بتبادل الخبرات

استحسن بن عامر زهير، مستورد للسيارات، المباردة التي قام بها رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، والتي جمعت شمل عديد المستثمرين من داخل وخارج الولاية، وكذا المئات من رؤساء المؤسسات والمختصين في الاقتصاد، حيث أكد بن عامر أن المنتدى سمح لهم كمستثمرين بتبادل الخبرات والتعرّف على اختصاصات عديدة لمستثمرين خواص تمكنهم من التعاون للمضي قدما، مشيرا في ذات السياق أن مثل هذه المنتديات التي عرفت تدخلات لوزراء على غرار وزير الصناعة والمناجم ووزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري وغيرهما من الأسماء الثقيلة سمحت لهم بالاحتكاك معهم بصفة مباشرة لنقل انشغالاتهم.

من جهة أخرى وعن دعم الحكومة للمستثمرين ـ أضاف المتحدث ـ أن هذه الأخيرة بدأت مؤخرا تبذل مجهودات كبيرة في مجال الاستثمار للنهوض بالقطاع وبالمستثمرين خاصة الخواص من خلال دعمها وتوفير الظروف المناسبة لهم، على الرغم من بقاء بعض العراقيل كالبيروقراطية وغيرها التي تواجه عدد معتبر منهم.

وعن الوضعية الراهنة التي تعيشها الدولة في ظل أزمة البترول، اعتبر بن عامر، أن النهوض بالاقتصاد الوطني  يستلزم العمل فهو الحل الأمثل، مؤكدا أن الوضع الراهن قد يكون نعمة وليس نقمة فهو اختبار من المولى عزوجل لاختبار الجزائريين في صبرهم والتحامهم، مضيفا أنه كشاب جزائري يسعى إلى رفع التحدي.

سامي عقلي عضو بجيل الافسيو: "نثمّن مجهود الدولة اقتصاديا"

أكد السيد سامي عقلي، عضو بجيل رؤساء المؤسسات "افسيو"، هذا التنظيم الجديد التابع للمؤسسة التي يرأسها السيّد علي حداد، أن المنتدى فتح لهم المجال كشباب لإثبات مهاراتهم وقدراتهم من خلال إنشاء رئيس المنتدى لصندوق دعم خاص بالشباب، الذي يعمل على تشجيع المنتوجات المحلية، والإبداعات الخاصة بالمشتركين في جيل "افسيو" وتقديم الإضافة للاقتصاد الوطني.

عن الاستثمار بالجزائر في ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد، أكد المتحدث أن الأمر صعب غير أن الإرادة موجودة، مثمّنا مجهودات الدولة في تهيئة الظروف الخاصة بالاستثمار من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني وإعطاء فرصة للمستثمرين لإثبات قدراتهم من خلال التسهيلات التي باتت تقدمها، مشيرا في ذات السياق إلى أن جيل "افسيو" وكغيرهم من المستثمرين الغيورين على بلدهم سيقفون جنب بلدهم للخروج من الأزمة التي يعيشها.من جهة أخرى وعن مشكل الاستيراد الذي بات يطغى على الحياة الاقتصادية الجزائرية ـ أضاف المتحدث ـ أنه لا يمكن القضاء عليه بما أننا مجتمع غير منتج، لذلك فإن الأولوية اليوم التي أعطتها الحكومة ستكون في صالح الشركات الصناعية المنتجة، وهو ما يستدعي العمل والمثابرة للنهوض بالاقتصاد الوطني. 

مناقشات ثرية لتشريح الوضعية:  تمار وبن أشنهو.. ووزراء سابقون حضروا

للإشارة فقد عرف المنتدى الذي احتضنته عاصمة الشرق على مدار ثلاثة أيام متتالية، والذي اختتم عشية أمس، التطرق لعديد المواضيع الهامة المتعلقة أساسا بالاقتصاد والمالية والمقاولاتية، حيث تضمّن البرنامج المسطر محاضرات حول تمويل المشاريع واستراتيجية التصدير والمقاولاتية لدى العنصر النّسوي ودور الدولة والأطراف المشاركة في مسار التحول الاقتصادي.

كما تم التطرق إلى عديد القضايا الهامة وعلى رأسها سياسة دعم مناخ الأعمال، وكذا السوق الموازية وصناديق الاستثمار، وتم منح وسم البصمة الجزائرية لعدد من المنتوجات المحلية التي تستجيب للمواصفات والشروط التي تجعل منها منتوجا رائدا وقابلا للتصدير والمنافسة، وكان النّقاش ثريا ومباشرا بين المستثمرين وأصحاب المؤسسات خاصة الشباب منهم والفاعلين من وزراء ومسؤولين، كما كان الحضور لوزراء سابقين من أصحاب الخبرة على غرار تمار وبن أشنهو الأثر الايجابي في إثراء النّقاش.