يومان قبل انتخاب الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين
هل ستكون كلينتون أول سيدة تتربع على كرسي المكتب البيضاوي؟
- 858
تعيش الولايات المتحدة حالة ترقب يومين فقط قبل موعد انتخابات رئاسية خرجت عن المألوف ليس لأنها عرفت ترشح سيدة تريد أن تتربع على كرسي المكتب البيضاوي لأول مرة في تاريخ هذا البلد، ولكن أيضا بسبب مرشح «مشاكس» كسر قاعدة كل المرشحين الآخرين لقيادة أكبر قوة في العالم بسبب اتهاماته النارية تجاهل من خلالها ضوابط الممارسة السياسية التقليدية.
ودخل المرشحان منذ نهاية الأسبوع المنعرج الأخير في ماراطون انتخابي شاق وطويل امتد على مدى عدة أشهر، متنقلين بين عدة ولايات تعتبر مفتاح حسم النتيجة النهائية للانتخابات الأمريكية في محاولة أخيرة لإقناع كبار الناخبين فيها وكذا المترددين ممن يعرفون بـ «الأغلبية الصامتة» للتوجه بعد غد الثلاثاء إلى مكاتب التصويت واختيار المرشح الذي يرغبون أن يكون رئيسا لهم.
وأكدت عمليات سبر الآراء المنجزة بخصوص توجهات كبار الناخبين الذين عادة ما يحددون النتيجة النهائية للانتخابات ميل كفة هؤلاء لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي دون أن يمنع ذلك حدوث حالة استنفار في الدوائر المقربة من كلينتون بسبب العودة القوية لمنافسها.
وزاد تضارب نتائج عمليات السبر التي تم إنجازها إلى حد الآن لصالح كلينتون حينا و ترامب حينا آخر في درجة حالة الترقب وحتم على المرشحين تكثيف نشاطهما الانتخابي لتفادي أية مفاجآت غير سارة مساء الثلاثاء القادم.
وكانت آخر عملية سبر للآراء أكدت تقدم كلينتون بـ 2,4 نقاط عن منافسها بعد أن أكدت عملية سبر أخرى تقدم ترامب بقطة واحدة، وهي نتائج سارت إلى نقيض نتائج سابقة أعطت التقدم لمرشحة الحزب الديمقراطي بأربع نقاط كاملة دون أن يثني ذلك من عزيمة منافسها في مواصلة حملته بنفس الإصرار لقلب كل التكهنات التي أعطت كلينتون فائزة بهذا الموعد الانتخابي.
وكان حصول ترامب على أول تقدم بنقطة واحدة بمثابة إنذار حقيقي لمعسكر الديمقراطيين على اعتبار أن الفارق حتى وإن كان هيّنا ولكنه يبقى ذا وزن في عرف الانتخابات الأمريكية في وقت مازال المرشحان يراهنان على المترددين لكسب ودهم والذين عادة ما يكونون الفيصل بين المرشحين الجمهوري والديمقراطي.
وزادت المتاعب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بسبب عودة الحديث عن مراسلاتها السرية يوم كانت وزيرة للخارجية حول ظروف مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنس في مدينة بنغازي الليبية شهر سبتمبر 2012 وأثر على صورتها لدى الرأي العام الأمريكي وخاصة بعد أن تكفل مكتب «أف.بي.أي» بالتحقيق في تلك الأخطاء التي ما كان لكاتب للخارجية في الادارة الأمريكية أن يتساهل فيها.
وكان تركيز الإعلام الأمريكي على تلك المراسلات وعدم اتخاذ كلينتون لاحتياطات السرية التي يستدعيها العمل الدبلوماسي كلما تعلق الأمر بقضايا بمثل تلك الحساسية سببا في تراجع شعبيتها في وقت حاسم من حملة انتخابية عرفت أوجها خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن راح كل مرشح يكشف عن عيوب منافسه وسط انتقادات لاذعة أخذت طابعا شخصيا في انتخابات تهم أمة بكاملها.
كما أن تسريب خبر حصولها على مبلغ 28 مليون دولار من المخزن المغربي لصالح مؤسسة كلينتون «الخيرية» مقابل التزامها الصمت وعدم إثارتها قضية نهب الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية والوقوف في وجه كل تحرك دولي لإنهاء الاحتلال المغربي في آخر مستعمرة في إفريقيا، شوه صورتها وكشف عن الوجه الخفي لممارساتها.
وتمكن ترامب من استغلال تلك التسريبات لصالحه في محاولة لتجاوز الصدمة التي أحدثتها تسريبات نزواته الجنسية وتصريحاته التي تباهى فيها بمغامراته في عالم النساء التي تم تسجيلها قبل قرابة عشر سنوات وتم إخراجها لتشويه صورته لدى الناخب الأمريكي وخاصة العنصر النسوي منه دون نسيان تهربه الجبائي وتحايله على مصالح الضرائب في بلاده.
وإذا كانت مختلف التوقعات أكدت أن هيلاري كلينتون ستخلف الرئيس الأمريكي الحالي الذي وقف إلى جانبها رفقة زوجته ميشال، إلا أن ذلك لم يمنع من بقاء السؤال مطروحا حول اسم الرئيس الأمريكي القادم؟
وإذا سلمنا بقناعة أن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بكرسي الرئاسة الأمريكية يبقى أمرا عاديا لخلافة رئيس ديمقراطي ضمن عرف التداول على البيت الأبيض الأمريكي، عهدة بعهدة أو عهدتين بعهدتين حسب أداء كل رئيس منذ الحرب العالمية الثانية إلا أن فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وهي في سن التاسعة والستين سيكون بمثابة منعرج تاريخي في بلد لم يحكمه سوى الرجال من جورج واشنطن إلى باراك أوباما وستكون حينها الرئيس الخامس والأربعين الذي يحكم الولايات المتحدة.