«في الصميم» تتناول موضوعا حساسا يثير الرأي العام

تفعيل مخطط الإنذار لاختفاء أو اختطاف الأطفال تحت مسؤولية الوزير الأول

تفعيل مخطط الإنذار لاختفاء أو اختطاف الأطفال تحت مسؤولية الوزير الأول
  • القراءات: 5382
  حنان. س حنان. س

تناولت حصة «في الصميم» الفضاء الإذاعي للأمن الوطني في عددها الأخير، موضوعا حساسا جدا يتعلق باختطاف الأطفال. وأبرز المتدخلون أن المسؤولية الأولى في حماية الأطفال تقع على الأسرة، لتأتي بعدها مختلف مؤسسات الدولة. كما نال مخطط الإنذار لاختفاء أو اختطاف الأطفال الذي نصبه مؤخرا الوزير الأول، حيزا كبيرا من النقاش، حيث بيّن ضيوف الحصة مختلف الآليات الموضوعة لحماية الطفل؛ سواء ضمن أسرته أو ضمن مجتمعه. كما ركزوا على عامل أساس اعتبروه قلب المعادلة الأمنية، وهو المواطن المطالَب بلعب دوره في التبليغ عن أي جريمة؛ حمايةً للمجتمع. ونالت قنوات الإعلام المختلفة وعلى رأسها القنوات الخاصة، حصتها من النقد، فالمطلوب منها العمل الإعلامي الاحترافي في توعية المجتمع ووقايته من مختلف الظواهر بعيدا عن التهويل أو التهوين. 

بإسهاب كبير تحدّث ضيوف «في الصميم» عن مخطط الإنذار لاختفاء أو اختطاف الأطفال ودور المديرية العامة للأمن الوطني فيه، إلى جانب باقي مؤسسات الدولة، حتى إن وقت الحصة كان قد انقضى، وعميد أول للشرطة خيرة مسعودان كانت مازالت تسدي النصائح للأسرة والمواطن ولكل المجتمع لحماية الأطفال ولسان حالها يردد: «لا نكلّ ولا نمل من إسداء النصح: يا ناس بالاكو على أولادكم». 

مخطط وطني لحماية الأطفال يشرف عليه الوزير الأول

بداية الحديث كانت عن المخطط الوطني للإنذار حول اختفاء أو اختطاف الأطفال وسياق وضعه من طرف الوزارة الأولى، حيث أشارت عميد أول للشرطة خيرة مسعودان المنصّبة حديثا كمديرة للمعهد الوطني للشرطة الجنائية بالسحاولة والمسؤولة عن ملف الطفولة بجهاز الأمن الوطني لسنوات، أشارت إلى أن مصالح الأمن تعمل بدون هوادة لردع كل الممارسات الإجرامية، ولفتت إلى كونها قضايا ليست جديدة أو دخيلة على المجتمع الجزائري مثلما تروّج له بعض وسائل الإعلام، وإنما كانت موجودة منذ القدم وعالجتها المصالح الأمنية منذ زمن، «وجاء هذا المخطط ليعزز الإجراءات المعمول بها من قبل»، تقول المسؤولة مضيفة: «ميزة هذا المخطط أنه عزّز الإجراءات الشُرطيّة أكثر، وعزز التنسيق ما بين المصالح سواء في القطاع الواحد أو مع مختلف القطاعات الأخرى. كما نؤكد من هذا المنبر أن المسؤول عن هذا المخطط هو السيد وكيل الجمهورية المخول له تسييره على المستوى المحلي في كل ولايات الوطن، لذلك حرص الوزير الأول على أن تشارك في إثراء المخطط كل القطاعات وليس الأجهزة الأمنية فحسب».

وتضيف عميد أول للشرطة أن السيد عبد المالك سلال كان في نهاية أوت المنصرم، قد أعطى تعليمات لكل الفعاليات الناشطة في مجال حماية الطفولة بتطبيق مخطط الإنذار لاختفاء أو اختطاف الأطفال، مذكرة بوجود على مستوى وزارة العدل أفواج عمل من أجل تثمين هذا المخطط والتحسيس الواسع به على مستوى المجتمع، والتحسيس كذلك بأهمية تحلي المواطن بالحس المدني للمشاركة في حماية المجتمع من كل أشكال الجريمة».

المخطط رد من الحكومة على  التهويل الإعلامي

من جهة أخرى لفتت المسؤولة إلى أن إرساء هذا المخطط الذي قالت إن التفكير فيه كان في جانفي 2016 بمبادرة من الوزير الأول، جاء بهدف وضع حد للتهويل والتأويل بشأن اختطاف الأطفال، وهو ما تكلَّل بوضع فوج عمل من طرف وزير العدل، يتكون من عدة شركاء، ومن بينهم مصالح الأمن والدرك الوطنيين، وزارة الداخلية والقضاة ووزارة النقل ووزارة الاتصال وكذا سلطة الضبط، هذه الأخيرة موكل لها مهمة مراقبة ما تبثه قنوات الإعلام المرئية والخاصة تحديدا، التي أوّلت كثيرا وهوّلت بعض حوادث الاختفاء والاختطاف، تقول السيدة مسعودان وتواصل: «الفاعلون في فوج العمل الذين أشرنا إليهم، قد باشروا عملهم خلال السداسي الأول من العام الجاري، وخلصوا بعد النقاشات والتوضيحات إلى إصدار مخطط وطني للإنذار حول اختفاء واختطاف الأطفال، الذي صادق عليه الوزير الأول مع إسدائه تعليمات إضافية ستأتي في مراحل قادمة».

وبالنسبة للأمن الوطني فإن هذا المخطط قد دخل حيز التطبيق منذ 25 جوان 2016، على شكل منشور داخلي مُرسل إلى جميع المصالح الأمنية وخاصة رؤساء أمن الولايات مع تعليمات صارمة لتفعيله، وهو ما سمح بتسجيل نتائج ملموسة، تضيف المسؤولة قائلة: «نذكر، على سبيل المثال، قضايا اختفاء أطفال بكل من عين الفكرون وتيسمسيلت وتمنراست، حيث تم حل تلك القضايا في ظرف قياسي جدا وإيقاف المعتدين».

الزخم الإعلامي ساهم في فبركة حوادث اختفاء!

وتواصل عميد أول للشرطة خيرة مسعودان، تحليلها لدواعي إرساء مخطط الإنذار من اختفاء واختطاف الأطفال، فتقول إن التفكير في ذلك يعود لسنتي 2012 و2013 بمبادرة من الوزير الأول، وكان العمل جاريا من وقتها، «ولكن التفعيل الجيد بدأ من جانفي 2016. ومن بين دوافعه، كما ذكرنا، التهويل والتضخيم والزخم الإعلامي الكبير الذي رافق حوادث الاختفاء والاختطاف مؤخرا، مما أرعب المواطنين والمجتمع على السواء، وليس فقط وسائل الإعلام المرئية وإنما أيضا بسبب وسائط التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، وهنا أفتح قوسا لأقول إن هذا التهويل والإشاعات قد أعطيا دوافع لبعض الأطفال لفبركة سيناريوهات الاختطاف أو ما نسميه الاختطاف المُبهم، حيث إن الكثير من التحقيقات في هذا الشأن أظهرت أن بعض الحوادث عبارة عن هروب من المنزل لعدة أسباب، ومنها الإخفاق المدرسي، ونلاحظ ذلك في أواخر الفصول الدراسية تحديدا مع ظهور النتائج الفصلية»، تضيف مسعودان مواصلة: «بعض ذلك التهويل الإعلامي شجع بعض الأطفال على وضع سيناريوهات للتملص من العقاب الأسري، مثلا عالجنا قضايا لفتيات يخرجن للتنزه مع أصدقائهن، وقد بلغت مصالح الأمن أنهن اختُطفن أو غير ذلك، أو ذكور يخرجون في مغامرات للهروب من نتائجهم الدراسية الضعيفة، حتى إننا عالجنا حالة طفل ضرب نفسه بسكين وقال: «إنني تعرضت للاختطاف، فوُضعت في سيارة، وتم اقتيادي إلى مكان مجهول!»، وبالتالي فمعظم القضايا من تحاليلنا ومعاينتنا اليومية تشير إلى أنها كانت حوادث هروب من المنزل العائلي تناولها الإعلام على أنها حوادث اختطاف.

وضمن النقاش قالت المسؤولة إن بعض القنوات الإعلامية الخاصة تحديدا، قد اتخذت من هذه القضايا مادة دسمة لجذب الجمهور بطريقة صنعت «من الحبة قبة» في الوقت الذي تتطلب التحقيقات التحلي بالكثير من السريّة لفك خيوط الجريمة. وأضافت قائلة: «إننا لا نهوّن تماما من قضايا الاختطاف، بل نقول بأنها محدودة، وكل تحقيقاتنا أظهرت أنها تكون ضمن نطاق العائلة الواحدة أو في وسط من معارف الطفل المختطف أو المختفي، خاصة منها قضايا الاختطاف المتبوع باعتداء جنسي أو اختطاف متبوع بقتل، كما تُظهر ذات التحقيقات أن المعتدي في تلك الحالات يكون دائما من محيط الطفل».

ما شجّع على الجريمة هو السكوت عليها

ولأنها مسؤولة عن ملف حماية الطفولة في جهاز الأمن الوطني منذ سنوات طويلة، أسهبت عميد أول للشرطة السيدة مسعودان، في حديثها عن الأسرة المسؤول رقم واحد عن حماية الطفل من منطلق تجربتها، ولكنها رمت بجانب من المسؤولية على المواطن بصفة عامة، واستعملت اللغة العامية لتدغدغ مشاعر المستمعين للحصة الإذاعية في صورة الشخص الذي يستعمل البوق ويتحدث به مباشرة في أذن المستمع، لتشديد لهجتها وهي تردد: «بالاكو على ولادكم، لا تضيّقوا عليهم الخناق حتى لا يفقدوا الثقة في أنفسهم، ولا تشددوا عليهم حتى لا تدفعوهم للهروب».

كما لفتت المسؤولة إلى ذات المخطط الذي قالت إنه تم ضمنه تعزيز آلية التبليغ لحماية المبلغ، حتى لا يتم متابعته قضائيا إذا بلّغ عن جريمة معيّنة، وهذا من شأنه ـ حسبها ـ تعزيز مساهمة المواطنين في حماية أمن المجتمع، «وهو في الحقيقة مسعى لتعزيز روح المواطنة لدى المواطنين حتى يساهموا حقيقة في حماية أمن الوطن بالتبليغ، فقد لمسنا في السنوات الأخيرة استقالة من طرف المواطن، الذي قد يكون شاهدا على جرائم سرقة أو قتل أو غيرها ولكنه لا يبلّغ.. ونحن نؤكد أنه ما شجع الجريمة هو السكوت عليها».

في السياق، دعت المسؤولة المواطن للتحلي بروح المسؤولية، والمساهمة في مساعدة عناصر الأمن في ردع الجريمة بكل أشكالها عن طريق التبليغ، منتقدة عقلية «تخطي راسي» المتفشية وسط الكثيرين.

لا تهويل ولا تهوين 

وقد اتفق ضيوف أثير القناة الإذاعية الأولى؛ كل من المسؤولة عن جهاز الأمن خيرة مسعودان، والمحامية لدى مجلس قضاء الجزائر أ.سهام حماش، والمختص النفساني بوعلام كشاشة، على أن التهويل الإعلامي بالنسبة لقضايا الاختفاء أو الاختطاف يُرعب المجتمع، وقد يكون لها نتائج عكسية تهدم أكثر مما تخدم، واتفقوا على التوعية الواسعة بأن للدولة أجهزة تحمي المواطنين مع وضع حد لهذا التهويل، الذي أوصل ببعض الجهات المغرّضة إلى المطالبة بأشياء أخرى، في إشارة إلى مطالبة الشارع الجزائري بتطبيق عقوبة الإعدام على خاطفي الأطفال، وهو الأمر الذي أكدت بشأنه عدة جهات، أنه أمر منوط بالجهات المختصة للبتّ فيه ضمن دولة القانون.

معالجة كل قضية على حدة

بعيدا عن كل مصادر التهويل والترعيب فإن مصالح الشرطة تعالج قضايا الاختفاء والاختطاف منذ سنوات، حسب مسعودان، التي أكدت أنها قضايا لم تخرج عن نطاق المراقبة الأمنية، مبررة بأن جهاز الشرطة يتابع الأمر قضية بقضية؛ «وليعرف الجميع أن كل قضية تحدث في تراب الجمهورية إلا وتسمع بها الجهات الأمنية؛ فعلى المستوى المركزي هناك خلايا تتبّع، وعلى المستوى الوطني أيضا. وضمن نفس المخطط لا بد من معرفة أن كل قضية تُرفع حول طفل مختف إلا وتتابَع بكثير من الأهمية وعلى أعلى مستوى للسلطة».

وتحدثت ذات المسؤولة عن السند القانوني للمخطط المذكور، ومنه المادة 17 من قانون الإجراءات الجزائية، الذي يسمح لكل ضباط الشرطة بإذن من السيد وكيل الجمهورية، بأن ينشروا خبر الاختفاء أو الاختطاف، وأيضا المادة 47 من قانون حماية الطفل الذي كرّس أيضا حماية كبيرة للطفل الجزائري، خاصة في آلية التبليغ؛ حيث إن هناك فوج عمل لتنظيم وضبط التبليغ لدى المواطن حماية له، مع التأكيد مرة أخرى على دور المواطن في مساعدة الجهاز الأمني. وللأمانة نذكر أن هناك قضايا عولجت من طرف المصالح الأمنية، كان فيها مساعدة كبيرة من طرف المواطنين»، تقول المسؤولة.

اختطاف الأطفال ضمن العائلة الواحدة!

المختص النفساني بوعلام كشاشة في تدخله ضمن «في الصميم»، قال إن 99% من الحالات التي تم معالجتها في قضايا اختطاف الأطفال، أظهرت أن الفاعل من داخل العائلة الكبيرة، حيث تحدّث المختص بالكثير من الثقة المكتسبة عن تجربته الشخصية في معالجة قضايا مماثلة بأن «عند الحديث عن اختطاف طفل في المجتمع، فإن الحالة النفسية العامة تصل إلى أقصاها، «ولكن لا بد من التفريق بين مفهومي الاختطاف والاختفاء وإن كان القاسم بينهما اليوم قد يكون واحدا حسب المفهوم العام، إلا أننا كمختصين، نوضح الفرق الشاسع بينهما. اليوم ـ يقول المختص ـ هناك تهويل وتداخل في الصلاحيات؛ فكل من هب ودب يتكلم عن الحدث (في إشارة إلى القنوات الإعلامية)؛ ما يعطي صيغة دراماتيكية للمجتمع برمته».

«أما بالحديث عن البعد النفسي لحادثة الاختفاء ـ يضيف ـ فلا بد من تفسيرها، أولا  ضمن هذا البعد، وطرح التساؤل: هل يعود السبب إلى مشاكل عائلية أو مشاكل دراسية أو إشكاليات أكثر تعقيدا من ذلك؟ ولكن في حالة الاختطاف فإن كل المعطيات الدولية تؤكد أن هناك أربع مستويات للظاهرة، وكلها تتقاطع في صلة العائلة؛ أي المستوى الأول لعائلة الطفل، وكذلك المستوى الثاني والثالث والرابع يبقى في نطاق العائلة. نحن نؤكد أن من المستحيل لطفل في أربع سنوات من عمره، أن يذهب تلقائيا مع شخص لا يعرفه أو لا تربطه به صلة قرابة، إلا في حالات يكون للمجرم طريقة خاصة لاستدراج الطفل، فعلى مستوى عملنا في مصلحة الصحة النفسية بمديرية الأمن الوطني، لم نعالج إطلاقا حالة مشابهة إلا نادرا، ومنها حالة في قسنطينة قبيل سنتين؛ حيث كان المختطف من خارج محيط الطفل، وهنا يظهر عامل البعد النفسي الشخصي للمختطف، وعليه يظهر عامل  التكفل النفسي ضمن مخطط الإنذار باختفاء أو اختطاف الأطفال المنصّب مؤخرا»، يشرح المختص.

إعادة بناء حياة جديدة للطفل المختطَف

عملُ المختص النفساني لا ينحصر في تحليل أسباب الظاهرة فحسب، وإنما ينتظره عمل آخر أكثر تعقيدا عندما يتم العثور على الطفل المختطف بنتا كانت أو ولدا؛ إذ يقول بوعلام كشاشة إنه لا يوجد إلا النفساني الذي يمكنه التدخل وفق تقنيات محددة، ومعرفة ما حدث للطفل أثناء اختطافه ومتابعته ومرافقته وكذا العمل على إعادة بناء حياة جديدة للطفل، وهذا ما يجعلنا نؤكد على أهمية التدخل النفساني ضمن هذا المخطط؛ لأنه من غير الممكن خلط «الحابل بالنابل» وفسح المجال أمام التهويل والتأويل الذي يضر أكثر مما ينفع، كونها قضية أمنية للتحقيق، وبعدها قضية نفسانية بعد العثور على الضحية.

ويتكامل عمل النفساني في هذه الحالة مع المرافقة الطبية التي توفرها آليات المخطط، مثلما تؤكد عميد أول للشرطة خيرة مسعودان، مشيرة إلى تدخّل الشرطة العلمية والطب الشرعي في معالجة كل حالة اختطاف طفل حالة بحالة، للوقوف على الحادثة من كل جوانبها؛ ما يعني أن مصالح الأمن لا تتحرك بمفردها، وحتى التصريحات تكون مبينة على دليل علمي وآخر طبي؛ تفاديا لأي إشاعات تضر بسمعة الطفل وعائلته.

في السياق، حيّت السيدة مسعودان عمل الشرطة في قضية الطفل ياسين من تيسمسيلت، الذي تم العثور عليه مصابا بجروح متفاوتة، وهو اليوم يخضع بمستشفى الولاية للمراقبة الطبية وللمرافقة النفسانية لأعوان مختصين تابعين للأمن الوطني، لإعادة البناء النفسي للطفل، خاصة أن الجرم ارتُكب من طرف أقرب الناس لهذا الطفل، وهو الوالد، مما سمح لنفس المسؤولة بالقول إن أغلب القضايا المعالَجة كانت المسؤولية فيها تُلقى على الوالدين، تقول: «أحيانا المختطفون أثناء ارتكابهم جرمهم لم يكن الاختطاف في نيتهم، ولكن تقاطع ظرفي الزمان والمكان أعطاهم الفرصة، فمثلا طلب من الطفل قصد دكان في وقت متأخر لشراء بعض الحاجيات وبتوفر عامل الزمن مع ظرف المكان، قد يحوّل أحدهم إلى خاطف، وإذا لم يختطف الطفل فقد يعتدي عليه جنسيا».

الشرطة تحمي المواطن فعلا وليس شعارا فقط

بعض تدخلات المستمعين خلال الحصة التي أثنت في مجملها على مجهودات مصالح الأمن في حماية أطفال الجزائر، أفادت كذلك باحتمال وجود مخططات لبعض المرتزقة، الساعين لضرب استقرار الوطن، حسب مستمع من عنابة، فيما أفادت متدخلة من العاصمة بأن سعي بعض الأطراف لاختطاف الأطفال إنما سببه المتاجرة بأعضاء البشر. وكان لممثلي الأمن الوطني تدخّل مفصلي لتفنيد هذا وذاك جملة وتفصيلا، حيث أكدت السيدة مسعودان أنها كمسؤولة عن ملف الطفولة منذ سنوات، لم تقف أبدا على تحقيقات في اختطاف أطفال أفضت إلى نتيجة المتاجرة بأعضائهم، أو محاولة استغلالهم في شبكات لبعض التنظيمات، ولفتت إلى كونها إشاعات مغرّضة لا أساس لها من الصحة. كما أكدت أن جهاز الشرطة موجود فعلا لحماية أمن المواطن والوطن، وليس مجرد شعار للتداول على الألسن. وختمت المسؤولة بقولها: «كل شخص اختفى ابنه ـ لا قدّر الله ـ ولديه أي معلومات أو مؤشرات عن الاختفاء عليه تقديمها للشرطة، والتحقيق وحده يبين إن كانت قضية اختفاء أم اختطاف. ونؤكد على دراسة حالة

بحالة، وأن جهاز الشرطة لديه الموارد البشرية والمادية الكفيلة بتفعيل مخطط الإنذار. كما إن المعادلة الأمنية تقضي بمشاركة المواطن في حماية الطفل والأسرة وكل المجتمع».

حسب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان  ...93 % من أسباب تفشي اختطاف الأطفال اجتماعية

أوضحت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن 93 % من أسباب تفشي جريمة الاختطاف وقتل الأطفال هي أسباب اجتماعية، نفسانية واقتصادية، نتيجة تشنجات وتعصب في المجتمع. وأفادت بأن اتفاقية حقوق الطفل لا تقتصر بنودها على الحكومات فقط، بل يجب أن يضطلع عليها كل أفراد المجتمع، بهدف ترجمة المعايير والمبادئ التي تضمنتها الاتفاقية إلى واقع يتعين على الجميع احترامها.

أفاد قدور هواري، الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة على مستوى الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن قضايا اختطاف الأطفال تهم الجميع وليس الحكومة فحسب، مشيرا في بيان تلقت «المساء» نسخة منه، إلى أن هذه القضايا أخذت منحى لا يمكن السكوت عنه وأضحت هاجسا مجتمعيا. 

وذكرت الرابطة في تحليلها لهذه الظاهرة أنه من أهم العوامل المؤثرة على ضوء التحليلات التي قامت بها في دراسة 15 قضية اختطاف وقتل الأطفال لسنة 2015 أنها تأتي كمايلي: 

* الشذوذ الجنسي 32 بالمائة من القضايا

* تصفية حسابات 15 بالمائة.

* ابتزاز والفدية 13 بالمائة.

* حب انتقام 12 بالمائة.

* الشعوذة والسحر 11 بالمائة.

* استغلال المرضى النفسيين من طرف تجار الرقية  الوهميين والدجالين 10 بالمائة.

* أسباب خفية 07 بالمائة.

أكدت الرابطة بأن تلك المجموعة من العوامل في بعض الأحيان قد تكون مرتبطة مع بعضها البعض، وتتداخل مع شخصية الجاني وتؤثر على سلوكه تجاه المجتمع المحيط به وتجاه نفسه.

وعليه فإن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ترى بأن الاهتمام يجب أن ينصب على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والمساواة والعدالة بين المواطنين والفقر والبطالة، إذ يجب معالجة هذه الأسباب وغيرها التي تدفع إلى القيام بالجرائم التي يعاقب عليها القانون بالإعدام، لأن التحدي يكمن في كيفية تطوير المجتمع، بحيث يتم التصدي للمشكلات والآفات الاجتماعية، بعد أن أصبحت نسبة 93 بالمائة من أسباب ظاهرة اختطاف الأطفال في الجزائر تعود إلى عوامل اجتماعية ونفسانية.

وفي هذا المجال، تطالب الرابطة من أهل الاختصاص في علم الاجتماع وعلم النفس أن يكونوا في مقدمة المجتمع المدني لمعالجة هذه الظواهر والآفات الاجتماعية، على ألا يكون النقاش نظريا بل عمليا في الميدان، بمشاركة كل الفاعلين من الجمعيات والمؤسسات المعنية بالطفولة حول كيفية التعامل مع المشاكل بصورة مباشرة، وأن تنصبّ على معالجة الجذور حول تزايد ظاهرة خطف وقتل الأطفال. «إننا نعلق على أهل الاختصاص آمالا كبيرة، عوض ترك الساحة للمجموعة التي تسعى إلى ركوب الموجة والمتاجرة  بآلام الأسرة الجزائرية، فإنه يتعين عليهم أن يكونوا في مستوى عظمة بلادهم، لأن معالجة الظواهر الاجتماعية  واجب وطني»، يضيف البيان.

من جهة أخرى، تضع الرابطة بعض الحلول التي تراها ممكنة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة ومنها:

* يجب على الأسرة أن تقوم بواجبها في حماية الأطفال.

* محاربة العمالة والتسول بالأطفال.

* محاربة تجار المخدرات.

* محاربة المشعوذين والدجالين، لاسيما الرقية الوهمية التي انتشرت وأصبحت تجارة رابحة ساهمت في التصاعد بدون رقابة أو ضوابط من الرقية الشرعية.

* على الجهات الأمنية أن تشرك الجمعيات الفاعلة في الميدان في حالة اختفاء الأطفال فورا، مع إعطاء التسهيلات للجمعيات من أجل القيام بدورها بالتوعية من مختلف الآفات الاجتماعية.