اختتام الملتقى الدولي للتعليم عن بعد بتيزي وزو
دعوة إلى اهتمام أكبر بالتعليم عن بعد وتأكيد على نجاعته
- 2729
قال الدكتور صالح بلعيد، مدير مخبر الممارسات اللغوية بجامعة تيزي وزو ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية في ختام الملتقى الدولي «التعليم عن بعد بين النظرية والتطبيق، التجربة الجزائرية، أنموذجا»، الذي نُظم من 15 إلى 18 نوفمبر الجاري، إن التعليم الافتراضي مفروض على الأساتذة «باعتبار أننا نعيش في مجتمع المعرفة»، وأن من يرفضه الأفضل له التقاعد، مضيفا أن تجربة من هذا النوع متمثلة في تقديم محاضرات عن بعد، فشلت منذ أربع سنوات، والسبب الأستاذ نفسه، لينتقل إلى موضوع الطبعة المقبلة للملتقى الدولي، والمتمثل في «التعدد اللغوي والتنمية البشرية».
وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور بلعيد أن الاتجاه نحو التعليم عن بعد، يمكّننا من التقليص من استعمال الورق، وهو ما يحدث في كوريا الجنوبية التي تستعمل نسبة 0.28 بالمائة في العام الواحد، ليضيف أن تنظيم المختبر لهذا الملتقى يُعد خطوة نحو هذا التعليم، قد تعقبها خطوات أخرى من خلال تكاتف الجهود في هذا المجال، ويضيف: «إما أن نكون أو أن لا نكون».
بالمقابل، افتتح وزير التعليم العالي والبحث العلمي طاهر حجار، الملتقى الدولي للتعليم عن بعد بتيزي وزو، وهناك أعلن عن وشك فتح قناة تلفزيونية خاصة بالتعليم عن بعد، يتواجد مقرها بجامعة التكوين المتواصل في إطار سياسة الوزارة في هذا الشأن، مذكرا بفتح تخصص جديد للتدرج يُعنى بالماستر، وهذا على مستوى خمس مؤسسات جامعية، استقطبت أكثر من خمسة آلاف طلب تسجيل.
كما أكد الوزير على أهمية التعليم عن بعد من حيث سد النقص الذي تعرفه بعض التخصصات، وكذا استقطاب الكم الهائل من الطلبة في الجامعات، ليؤكد على صعوبة المهمة خاصة من ناحية الاعتراف بشهادات التعليم عن بعد.
توصيات الملتقى
من جهته، نوّه الدكتور فهد بجهود أعضاء اللجنة العلمية التي ترأسها، معتبرا أن حبه للجزائر لا يضاهيه حب ثان، والدليل كتابته أكثر من قصيدة عنها، وقد تغنى ببعضها في هذه الفعاليات. كما قدّم اللباس الكويتي الفخم لكل من وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية.
بالمقابل، ذكر التوصيات الناجمة عن هذا الملتقى، والبداية كانت بضرورة طبع كل المداخلات التي قُدمت في سبع جلسات وخمس ورشات، إضافة إلى عدة نقاط أخرى، حملها تقرير الجلسات، وهي: ضرورة وضع معايير لتقييم ما يقدم في هذا النمط من التعليم، إلى جانب وضع أرضية لبرامج التعليم عن بعد بالجزائر، وتخصيص التعليم عن بعد لذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى.
وجاء في التوصيات أيضا: مرافقة متعلمي التعليم عن بعد بأدلة خاصة بهذا النمط من التعليم، وتكثيف اللقاءات العلمية في مجال توصيل التعليم إلى كافة فئات المجتمع، وكذا الرفع من قوة الدفق الشبكي لتصل المعلومات إلى كافة الولايات والقرى والمداشر والسير مع نمط التعليم عن بعد للرفع من التنمية البشرية ووصولا إلى مجتمع المعرفة.
أما عن التوصيات التي انبثقت من الورشات الخمس المنظمة في هذه الفعاليات، فتتلخص في «تعميم مشروع التعليم الإلكتروني في كل الجامعات العربية، وضرورة التكوين المستمر للخبراء والمهندسين في التعليم الإلكتروني إلى جانب الدعوة إلى إنشاء مركز أو مدرسة لتكوين الخبراء في هذا المجال وفي كل جامعة، والقيام بإدراج وحدة التعليم الإلكتروني ببرنامجها ومحاضراتها كوحدة للتدريس في كل أقسام الجامعات؛ مراعاة للتخصصات والفروع».
وجاء في توصيات الورشات أيضا: «التعاون وتبادل الأفكار بين الجامعات العربية والجامعات الأجنبية في إطار تطوير التعليم الإلكتروني والوعي بمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة في التعليم عامة وفي التعليم الإلكتروني بمراعاة المعايير الدولية، بالإضافة إلى العناية بتوفير الوسائل والأجهزة التقنية للمتعلمين، والتدريب المستمر للمتعلمين بتقديم الأنشطة والتمارين والأسئلة والمشاريع؛ تماشيا ونموهم الجسمي والعقلي والنفسي، والاهتمام بتكوين المعلمين لاكتساب مهارات تقنية في الحاسوب لتسهيل عملية الدخول إلى أي موقع إلكتروني معيّن».
اليوم الأول للملتقى
وقد عرف اليوم الأول من الملتقى تنظيم جلستين علميتين، الأولى برئاسة الدكتور العراقي المقيم بالمغرب علي القاسمي، والتي عرفت مشاركة أساتذة جزائريين، تطرقوا فيها لمفهوم التعليم عن بعد وتاريخه. وفي هذا الصدد، قدم الدكتور السعيد عواشرية مداخلة، جاء في بعضها أن فكرة التعليم عن بعد لا يمكن أن تنجح ما لم يكن هناك وعي بها لدى كل من المعلمين والمتعلمين والإداريين وغيرهم ممن هم على علاقة به. أما الدكتور أحمد عزوز فقال إن التعليم عن بعد يعد نمطا جديدا من أنماط التعليم؛ حيث يسمح بنقل وتوصيل المحتوى التعليمي للمتعلّم بطرق سهلة وجيّدة عبر وسائل ووسائط متعدّدة بدون حاجة الطالب إلى حضور قاعة الصفّ بشكل منتظم، مضيفا أن الاهتمام به جاء بسبب التطوّرات الهائلة التي حدثت في حقل تقنية المعلومات والاتصالات من جهة، وبسبب الحاجة الملحة لتحديث مهارات الموارد البشرية العاملة وما طرأ من تغييرات واسعة في مجال التعلّم عامة، والتعليم العالي على وجه الخصوص.
وترأّس الدكتور عزوز الجلسة العلمية الثانية لليوم الأول من الملتقى، والتي نشطها أساتذة جزائريون وكذا الأستاذ علي القاسمي من المغرب، وقدّموا فيها المزيد من التوضيحات حول مفهوم التعليم عن بعد، فقال الدكتور إسماعيل ونوغي إن هذا النوع من الدراسة يوفر فرص التعليم الجامعي لمن لم يحالفهم الحظ في الالتحاق بإحدى المؤسسات التعليمية التقليدية المعتادة لأسباب اجتماعية، أو ثقافية، أو مادية، فيعدّ بذلك وسيلة مثالية لمساعدة أفراد المجتمع الذين لا يستطيعون مغادرة مجتمعاتهم أو بلادهم، إذ كثير من الطلبة يستطيعون الوصول إلى الأنترنت من مكاتبهم أو منازلهم أومن أي مركز يتواجدون فيه، كما يسمح هذا النوع من التعليم للطلبة بالجمع بين التحصيل الدراسي والعمل اليومي، وهو الأمر الذي يحفز الكثير من الطلبة على استكمال دراستهم الثانوية أو الجامعية للاستفادة منها في التطبيق العملي على أرض الواقع، والارتقاء في المجالات الوظيفية المتعددة.
أما عن الورشة الأولى للملتقى التي تتكون من الدكتورة شامة ملكي رئيسة، والأستاذة مباركة عماري مقررة، فعرفت تقديم عدة مداخلات حول نشأة التعليم عن بعد في الجزائر وكذا آفاق إدراجه في المستشفيات الجزائرية وغيرها.
اليوم الثاني للملتقى
ترأست الدكتورة مارية البحصي من المغرب، الجلسة العلمية الثالثة من اليوم الثاني للملتقى، التي عرفت عرضا للتجارب العربية والأوروبية في مجال التعليم عن بعد. وفي هذا السياق، قدمت الدكتورة الجزائرية المقيمة بالمملكة السعودية، وردة بلقاسم العياشي، مداخلة حول تطبيق معايير الجودة التعليم عن بعد بجامعة الأميرة نورة بالسعودية، فقالت إن الجامعة تهتم بتصميم المنظومة المتكاملة للتعلم عن بعد، وكذا بتحديد المعايير الأكاديمية ومعايير الجودة في مراحل تصميم البرامج واعتمادها ومراجعتها، إضافة إلى ضبط الجودة والمعايير في إدارة برامج التعلم عن بعد وكذا تطوير ودعم الطلاب. كما عرض الدكتور الكويتي بدر حمد العازمي، تجربة التعليم عن بعد في تدريس اللغة العربية للجاليات الإسلامية في المهجر، وبالضبط تجربة البرازيل، حيث أسست الكويت مركزا لتعليم اللغة العربية بالبرازيل.
أما الجلسة العلمية الرابعة فجرت أحداثها تحت رئاسة الدكتور بن الدين بخولة، وعرفت مواصلة في ذكر تجارب عدة دول في هذا النوع من التعليم، من بينها تجربة الجامعات السودانية ونظيرتها المغربية والعمانية. كما تطرقت الدكتورة الجزائرية فتيحة حداد لتجربة المرصد العربي بباريس، وهو عبارة عن هيئة تعليمية غير حكومية مقره باريس، كما يهتم بتدريس اللغة العربية للجالية في فرنسا وكذا في دول أخرى مثل بريطانيا وهولندا، في حين تناولت رئيسة الملتقى الدكتورة جوهر مودر، مداخلة حول المركز الوطني للتّعليم عن بعد بفرنسا، وقالت إنه أهم مراكز التّعليم عن بعد، وهو تابع لوزارة التّعليم الوطني الفرنسي، يعتمد على المناهج الرّسميّة، والذي تتعامل معه كثير من مؤسّسات التعليم المهتمة بالمناهج الفرنسيّة، وهذه المؤّسسات معترف بها لدى السّلطات الفرنسية شرط الالتزام التام بالمناهج التي أقرتها وزارة التعليم، مضيفة أنه نظرا للنتائج الباهرة في تعليم اللّغة الفرنسية في ظرف قياسي، تعتمد كثير من المدارس الخاصّة برنامج هذا المركز، وهو عامل أدى إلى إقبال الأولياء على تسجيل أولادهم قبل مرحلة التّمدرس.
وترأس الجلسة العلمية الخامسة البروفسور الدكتور فهد خليل سالم الراشد، تم فيها عرض تجربة الديوان الوطني للتعليم والتكوين بالجزائر، مركز التعليم عن بعد بفرع عين الدفلى، جامعة التكوين المتواصل بالمدية وغيرها. وفي هذا السياق، قال الدكتور جهاد غرام إن خلية التعليم عن بعد بجامعة التكوين المتواصل في ولاية المدية، تعتبر من التجارب التي تسحق الدراسة والبحث؛ لأنها استخدمت تكنولوجيا الاتصال الحديثة من خلال استخدام وسيلة الأنترنت وشبكة «الإكسترانت» التي قدمت منصة للتعليم الإلكتروني، تتيح للطالب الدخول لدروس كل تخصص على حده، كما تحتوي المنصة على فيديوهات وشروحات تبين طريقة وكيفية استخدام المنصة، ليضيف: «ولكن في المقابل نجد غيابا تاما لتكوين الطلبة على استخدام هذا النمط من التعليم، ونقصا كبيرا في عدد الأساتذة المكونين، الذين يعملون على هذه البرامج التكوينية التي تكون في أغلبها برامج مكملة لسابقاتها مع غياب المتابعة المستمرة لتطوير هذه البرامج على هذه الشبكة».
بالمقابل، عرف اليوم الثاني من الملتقى تنظيم ثلاث ورشات كاملة، الأولى برئاسة الدكتورة نادية قادة، أما عن مقررة الورشة فكانت الأستاذة زهرة دوادي، قدمت فيها عدة مداخلات حول مزايا التعليم الإلكتروني، وكذا فاعلية الفايسبوك في تطوير عملية التعليم عن بعد. أما الورشة الموالية فكانت تحت رئاسة الدكتورة حياة خليفاتي، ومن تقرير الأستاذة قابوش فهيمة، تم فيها التطرق لتجربة مركز التكوين والتعليم الجهوي عن بعد بولاية الشلف وغيرها، في حين حملت الورشة الأخيرة في اليوم الثاني للملتقى، موضوع تجربة التعليم عن بعد في الجزائر، واقعا ومأمولا، وكانت تحت رئاسة الدكتورة جميلة رجاح وتقرير من الأستاذة نوال قادري.
اليوم الثالث للملتقى
الجلسة العلمية السادسة للملتقى ترأسها الدكتور سيف بن ناصر العزري من سلطة عمان، قدم فيها الدكتور العراقي ثاني حسين خاجي، مداخلة، قال في بعضها إن بحثه هذا هو استجابة للاتجاهات العالمية التي تنادي بضرورة إلمام كل من الطالب والمعلم بالمستحدثات والطرائق الحديثة في التعلم، ومنها التعلم المعكوس (هو نموذج تربوي تنعكس فيه المحاضرة والواجبات المنزلية بكافة أشكالها، وتقوم فكرته على قلب (عكس) العملية التعليمية، فبدلا من أن يتلقى الطلبة المفاهيم الجديدة بالصف، ثم العودة للمنزل لأداء الواجبات المنزلية في التعليم التقليدي،
مضيفا أن الطالب هنا يتلقى في التعلم المعكوس، المفاهيم الجديدة للدرس في المنزل من خلال إعداد المعلم مقطع فيديو مدته ما بين خمس إلى عشر دقائق ومشاركته لهم في أحد مواقع التواصل الاجتماعي «الفايبر، الواتسب، الفيسبوك»، أو مشاركتهم أحد مقاطع الفيديو المتوفرة في الأنترنيت، أو إرسال موضوع يتضمن توضيحا لأحد مفاهيم الدرس ليشاهده الطلبة في منازلهم أو في أي مكان آخر قبل حضور الدرس، في حين يُخصص وقت المحاضرة للمناقشات والمشاريع والتدريبات.
من جهتها، قدمت الأستاذة عائشة قاسمي الحسني مداخلة بعنوان: «إنشاء مركز تواصل بين ذوي الاحتياجات الخاصة ومؤسسات التعليم عن بعد»، وقالت إن إنشاء هذا المركز الهدف منه رصد الحالات المرضية صعبة الحركة في جميع الولايات والمستشفيات والسجون، ثم فرزها وتصنيفها على هيئة عينات فردية، وإعداد ملفات شخصية لكل عيّنة على حدة، لسهولة التواصل معها ومتابعتها، لاسيما الحالات الحرجة. وأشارت الأستاذة إلى إعداد المركز فريق عمل ميداني متخصص للمقابلات الشخصية، من مهامه تحليل الاحتياجات وتقديرها وكذا إعداد دراسة حالة لكل فرد من هذه العينة اجتماعيا وأسريا وصحيا، كما أن الغاية من هذا المركز هي إنشاء قنوات إرسال واستقبال نشطة، للتعامل النفسي مع العينات واحتوائها والتقرب منها نصحا ودعما.
أما الجلسة العلمية الأخيرة فكانت تحت إشراف الدكتورة وردة العياشي، وتمحورت حول أهمية التعليم الإلكتروني في الجامعة الجزائرية، وأهم استراتيجيات تعليم اللغة العربية بغير الناطقين بها. وفي هذا ذكرت الدكتورة نوارة بوعياد أن التعليم الإلكتروني شكل من أشكال التعليم عن بعد، فهو من إحدى الوسائل التعليمية الحديثة التي تعتمد على الوسائط الإلكترونية لإتاحة المعرفة للموجودين خارج القاعات الدراسية، وإيصال المعلومات بأسرع وقت وأقل تكلفة، مع العلم أن مصطلح «التعليم الإلكتروني» هو ترجمة للمصطلح الإنجليزي «Electronic Learning» أو «E-Learning».
كما عرف اليوم الأخير للملتقى تنظيم الورشة الأخيرة برئاسة الدكتورة سامية تومي، تم التطرق فيها لعدة مواضيع، من بينها: «التعليم عن بعد لدى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة: بين اندماج في التعليم الإلكتروني وتهميش في التعليم التقليدي، دراسة ميدانية على عينة من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بولاية أم البواقي» من طرف الأستاذة قابوش فهيمة.