«ليلة الدم» لمسرح قسنطينة الجهوي
عندما يضع الإنسان قوانينه
- 644
تخوض مسرحية «ليلة دم» للمخرج كريم بودشيش وإنتاج مسرح قسنطينة الجهوي في مرحلة حساسة من التاريخ السياسي للجزائر، تتعلّق بقرار نشر المصالحة الوطنية بين الجزائريين للخروج من نفق العشرية السوداء التي عصفت بالبلاد، ووضع حدّ للنزيف، صيغ في قالب سياسي- اجتماعي، ألّفه الروائي الجزائري الحبيب السايح.
تعود هذه المسرحية المشاركة أول أمس، ضمن المهرجان الوطني الـ11 للمسرح المحترف بالمسرح الوطني الجزائري «محي الدين بشطارزي»، إلى فترة خروج الأزمة الأمنية الجزائرية من عنق الزجاجة الذي كان ضيّقا وصعبا بالنسبة للجزائريين الذين لم يستطيعوا هضم فكرة منح الغفران للمجرمين والسفاحين الذين قتلوا آلاف الأبرياء، والفكرة هي زرع المصالحة الوطنية بينهم، من خلال قصة «عزيز» (محمد دلوم) الذي يثأر لمقتل والديه وأخته من «ابن نوارة» الإرهابي.
تقفز الأحداث من مفارقة إلى أخرى، فيتساءل المجاهد والرجل الوطني «سي بلقاسم» (عبد الله حملاوي)، هل ما قام به «عزيز» يعدّ جناية؟ وهل من الممكن منح الحرية لمجرمين قتلى؟ وفي المقابل يطارد الأمن من صفاه ويجرّمه القانون، لأنّه ثأر لنفسه ولضحايا القاتل، وهل يعاقب قاتل المجرم الذي تم العفو عنه؟، ويجد «الضابط علي» (رمزي لبيض) نفسه أمام موقف معقّد لقضية «عزيز»، وفي محاولة القبض عليه يساعده على التنصل والهروب من العدالة.
بالرغم من أنّ «عزيز» قام بعمل مخالف للقانون، إلا أنه يجد مساندة من طرف «بلقاسم» المجاهد الذي كان صديق والده، والذي ضحى كثيرا إبان الثورة التحريرية من أجل أن تحيا الجزائر، وعرف بمناهضته لجميع أعمال العنف التي كانت سائدة خلال التسعينات.
يبرز العرض المسرحي أنّ الجزائر عاشت سنوات حالكة بسبب همجية الظلاميين، حيث تغلّب دويّ الرصاص على هدوء الحوار، مع نسج بقعة ضوء في الأفق، من خلال تطلّع الأشخاص لمستقبل أفضل والعيش في كنف الأمن والسلام.
من الناحية التقنية، اشتغل المخرج كريم بودشيش على تقنيات جديدة في السينوغرافيا، واعتمد تقنية المسرح السينمائي، ببث صور فيديو تتناسق مع عرض الخشبة، لكنه جاء متكلّفا ومبالغا فيه، إلى جانب استعمال تقنية الظلّ التي أضفت جمالية خاصة، ودعما للبنية الدرامية لهذا العمل. الجدير بالذكر أنّ الإضاءة شكّلت الحلقة الأضعف في العرض، إذ كانت غير منسجمة مع أحداث العرض.