الدكتوران جمال وسامية أولمان بمنبر ”حوار الأفكار”

الكتابة الصوتية لتعميم قراءة القرآن لغير الناطقين باللغة العربية

الكتابة الصوتية لتعميم قراءة القرآن لغير الناطقين باللغة العربية
  • 1671
دليلة مالك دليلة مالك
قام الزوجان جمال وسامية أولمان بتجربة بحثية هدفها إيصال معاني القرآن لغير القارئين للغة العربية، من خلال جداول مقسّمة على ثلاث خانات، الأولى للآية القرآنية والثانية للكتابة الصوتية أو ”الفونيتيكية” والثالثة وضعت لتفسير مبسّط ويسير لمدلول الآية، ويأمل الباحثان أن يصدر العمل على شكل كتاب، غير أنّه يحتاج إلى دعائم فقهية وأدوات لغوية من شأنهما صقل هذا البحث الذي وصفه المتتبعون، سهرة أول أمس بمقر المجلس الأعلى للغة العربية، بالمهم.
دعا الباحثان، وهما غير مختصان فمجال عملهما هو الطب، إلى ضرورة إدخال رموز جديدة تتناسب مع أصوات اللغة العربية على غرار المد والشدة، بحيث يسهل للقارئ قراءة الآيات القرآنية بنطق سليم بالحروف اللاتينية، ويقدّم بحثهم كذلك إشارات عن معاني القرآن الكريم، وعن التجربة قالا أنّ البحث انطلق من إشكالية ”كيف يمكن رفع عدد قرّاء القرآن الكريم في العالم وكيف يمكن خدمة القارئين للقرآن الكريم من غير الناطقين باللغة العربية؟”، فوجدا أنّ المستوى اللغوي والفكري وعدم التمكّن من اللغة من بين الأسباب الرئيسية للحيلولة دونه، لذلك خاضا هذه التجربة البحثية.
وقالت سامية أولمان أنّ العمل انبثق عن مغامرة بدأتها وزوجها منذ سبع سنوات في قراءة القرآن وكتابته ونقله بأحرف غير العربية، بعد أن لاحظا أنّ أقارب لهما لا يعرفون العربية ولا يتحكّمون في نطقها السليم، ففكّرا وقاما بتجارب لغوية وكتابية قصد تسهيل القراءة، وأردفت المتحدثة تقول؛ إنّ والدتها حفيدة الشيخ المجاوي أحد أكبر المدافعين عن الدين الإسلامي أمية بسبب السياسة القمعية وطمس الهوية الجزائرية التي اعتمدها المحتل الفرنسي للسيطرة على الجزائر وإضعافها في كلّ مقوماتها، فكان انشغالها منصبا على إبقاء الصلة بين هذه الفئة ودينها ولو ببعض الآيات القرآنية، وقالت ”كيف أترك أمي لا تقرأ القرآن، ولو بعض الآيات”.
وعبر البحث المقدّم المعنون بـ”العربية الميسرة لغير الناطقين بها لخدمة ترجمة معاني القرآن الكريم”، استعرض الزوجان مسار تاريخ ترجمة القرآن الكريم وقد أخذ حيزا كبيرا من مدة العرض، وتعمّقا فيه إلى غاية الوصول لفئة غير القارئين للغة العربية والحلّ الذي يقترحانه في وضع كتابة صوتية بالحروف اللاتينية، وأشارا بالمناسبة إلى ضرورة الحذر من بعض التراجم باللغة الفرنسية التي تشكّل خطرا على معاني القرآن الكريم، والتزام اليقظة تجاه التراجم التي وضعت في القرون الوسطى فقد كان هدفها تشويه القرآن والحد من انتشار الدين الإسلامي الحنيف، ذلك من خلال الحروب الصليبية، التي مازالت معالمها موجودة إلى الآن من خلال حرق مدن علمية بامتياز وأقطاب فقهية كبيرة على غرار ما حدث في طومبكتو في مالي العام الماضي حيث أتلفت مكتباتها بالغة الأهمية.
ووجد ضيفا منبر ”حوار الأفكار” أنّ الترجمة الحديثة إلى الفرنسية متأثّرة في أغلبها بالتي ترجمت في القرون السابقة، لذلك توجّب الحذر في التعامل معها، وأسهب المتدخلان في إعطاء أمثلة عن هذه الأخطاء، كما عرجا على مسألة ترجمة السور وطرحا إشكالية كبيرة مفادها ”هل يسمح بترجمة الأسماء الحسنى؟” بعد أن وجدا العديد من الترجمات غير المنسجمة والقاصرة في أداء معناها العظيم.
وأكّدا بالمناسبة أنه لا بد من تحرير الترجمات من بصمات القرون الوسطى، والمعلوماتية والأنترنت تشكّل خطرا كبيرا يحدق بمعاني القرآن الكريم، مشيرين إلى أنه من الصعب الحصول على قواميس ومعاجم للمصطلحات القرآنية لذلك استحسنا ترك بعض الكلمات دون ترجمتها فقد يساء إليها.
جدير بالذكر أنّ المحاضرة نشّطها رئيس المجلس الأعلى للغة العربية عز الدين ميهوبي، وحضرها العديد من الأساتذة والوزير الأسبق العربي دماغ العتروس، إذ أجمع الحاضرون على أنّه لا يمكن ترجمة القرآن الكريم بل ترجمة معانيه، وعلى المسلم أن يكتسب معرفة معقولة باللغة العربية لأداء فرائضه وسننه، وأن البحث المقدّم من شأنه تحبيب اللغة العربية لمن لا يعرفها عبر آيات القرآن المجيد.