دستور 2016: تعميق للإصلاحات وتحوّل في الاقتصاد
- 6346
شكل التعديل الدستوري الذي صادق عليه نواب غرفتي البرلمان في 7 فيفري 2016 ودخل حيز التنفيذ في 7 مارس من نفس العام، أهم محطة سياسية ميزت الجزائر سنة 2016، بالنظر إلى قيمة هذا الإجراء الذي توج مسار تعميق الإصلاحات السياسية الذي بادر به رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وأعلن عنه في خطابه للأمة في 15 أفريل 2011، بالنظر إلى المكاسب الثمينة التي حملها هذا الدستور الجديد في مجال دعم الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وترقية الممارسة الديمقراطية في البلاد وترسيخ مبدأ الدولة الاجتماعية.
شملت هذه المكاسب التي استدعت تحيين الإطار التشريعي المنظم للحياة السياسية وكذا منظومة القوانين المرافقة لهذا التعديل الدستوري، العديد من المحاور الأساسية التي تستجيب لتطلعات الشعب الجزائري، من أبرزها.
- تمازيغت لغة رسمية.
- تحديد العهدات الرئاسية بعهدتين فقط.
- تعيين الوزير الأول باستشارة الأغلبية البرلمانية.
- تعزيز الدور الرقابي للهيئة التشريعية.
- تقوية دور المعارضة البرلمانية ومنع التجوال السياسي.
- إحداث هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات.
- تعزيز السلطة القضائية وضمان حقوق المتقاضين.
- دعم مكانة الشباب والمرأة في المجتمع.
- تكريس الطابع الاجتماعي للدولة وتعزيز الحريات.
- رفع التجريم عن الصحفي وحمايته وضمان حقه وحق كل مواطن في الحصول على المعلومات.
- إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تكريسا لإرادة الدولة في حماية حقوق الإنسان وترقيتها.
تكريسا لروح الدستور الجديد، تمت مرافقة النص بنحو 30 مشروع قانون، من أجل تحيين المنظومة التشريعية والقانونية ومطابقتها مع الواقع الجديد المنبثق عن التعديل الدستوري، وعرفت سنة 2016، المصادقة على غالبية هذه المشاريع التي شملت على وجه الخصوص..
تعديل النظام الانتخابي وإنشاء اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات
شكلت المصادقة على القانونين المتعلقين بالانتخابات وبإنشاء اللجنة الوطنية العليا لمراقبة الانتخابات، شهر رمضان الماضي، محطة هامة في الحياة السياسية في الجزائر، لما رافق العملية من تضارب في المواقف وملاسنات بين النواب داخل البرلمان، خاصة حول نسبة 4 بالمائة المشترطة على الأحزاب السياسية عند تقديم ملف ترشحها للانتخابات، والتي اعترضت عليها أحزاب المعارضة السياسية التي قاطعت جلسة التصويت.
واستكمالا لمسار تنصيب اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، عين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الدبلوماسي عبد الوهاب دربال رئيسا لهذه اللجنة بموافقة من الأحزاب السياسية الناشطة في الساحة والتي قام باستشارتها.
تحديد الوظائف والمسؤوليات السامية التي يشترط فيها الجنسية الجزائرية دون سواها
يحدد هذا القانون الجديد الذي يندرج في إطار تطبيق المادة 63 من الدستور، 15 وظيفة سامية في الدولة، يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية فقط، وشملت المجالات المحددة، مناصب عليا في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية، فضلا عن منصب محافظ بنك الجزائر.
تسريع وتيرة إصلاح وعصرنة العدالة والإدارة
يعتبر قطاع العدالة من أكثر القطاعات التي مسها مسار التحديث والعصرنة، بفضل مواصلة مسار الإصلاحات التي تمت مباشرتها في هذا القطاع منذ نحو عقدين من الزمن، مع تسريعه في الجانب المتعلق بترقية حقوق الفئات الهشة في المجتمع كالطفل والمرأة، وتدعيم حقوق المتقاضين والموقوفين، بفضل التعديلات التي أدخلت على قانون الإجراءات المدنية والجزائية، فضلا عن اعتماد تقنيات عصرية وتكنولوجية في الرقابة القضائية، وفي مجال تصحيح الأخطاء الواردة في سجلات الحالة المدنية.
وعلى خطى قطاع الداخلية والجماعات المحلية الذي حقق إنجازات لا يستهان بها في مجال تقريب الإدارة من المواطن وتشجيع العمل بالوسائل التكنولوجية المتطورة، من خلال استحداث وثائق الهوية الإلكترونية والبيومترية عن طريق الأنترنت، سجل قطاع العدالة قفزة نوعية في مجال تمكين المواطن من استخراج الوثائق القضائية، على غرار شهادة الجنسية وصحيفة السوابق العدلية عن بعد.
مراجعة نظام التقاعد
من القوانين التي أحدثت ضجة كبيرة منذ الإعلان عنها في إطار اجتماع الثلاثية الذي انعقد في جوان الماضي، مراجعة نظام التقاعد، بالعودة إلى النظام الأصلي الذي يرتكز على شرط السن المحدد بـ60 سنة. وقد تمت بالفعل المصادقة على التعديل الذي مس هذا النظام، وتم بموجب ذلك إلغاء التقاعد النسبي الذي تم اعتماده لظروف استثنائية في عام 1997، فيما استدعى الجدال الذي دار حول إلغاء اعتماد سنوات العمل (32 سنة) للإحالة على التقاعد، تدخل رئيس الجمهورية لإرجاء إلغاء هذا الشرط إلى ما بعد سنة 2018.
قانون جديد للاستثمار
سجل عمل الهيئات التشريعية خلال سنة 2016، مصادقة نواب الشعب على قانون الاستثمار الجديد الذي أدخل تدابير أكثر مرونة في مجال تشجيع واستقطاب المستثمرين، تضمن استقرار المنظومة التشريعية التي تؤطر هذا المجال، لا سيما عبر تخفيف الإجراءات الإدارية وتحويل التنصيص على الشروط المبدئية التي تنظم مجال الاستثمار في البلاد ومنها القاعدة 51/49 إلى قانون المالية.
قانون المالية 2017.. تدابير استثنائية لتسيير مرحلة أزمة
دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الجزائر جراء الأزمة العالمية، المترتبة عن تراجع أسعار المحروقات، الحكومة إلى تبني تدابير استثنائية في إطار المسعى الوطني لمواجهة الأوضاع العصيبة، فبالإظافة إلى الاستغناء لأول مرة منذ سنوات عن اعتماد قانون مالية تكميلي في عام 2016، اعتمدت الحكومة في قانون المالية لسنة 2017 للمرة الأولى تأطيرا ميزانياتيا يمتد على ثلاث سنوات من أجل مرافقة النموذج الجديد للنمو الذي تم اعتماده في اجتماع الثلاثية في 5 جوان الماضي، فضلا عن اعتمادها لأول مرة أيضا على سعر مرجعي بـ50 دولارا لبرميل النفط، وإقرارها لزيادات في بعض الرسوم والضرائب، في إطار تدعيم الموارد الجبائية وتنويع مداخيل الدولة.
ورغم ترسيخ الطابع الاجتماعي للدولة من خلال الحفاظ على حصة معتبرة من الميزانية للدعم الاجتماعي، إلا أن هذه الإجراءات صاحبتها حالة تهويل واسعة، أثارت العديد من المخاوف في وسط فئات متعددة من المواطنين، التي تخشى تأثير هذه التدابير على القدرة الشرائية.
تعديل حكومي يدعم التوجه الاقتصادي
تميزت سنة 2016 بتعديل حكومي واحد أجراه رئيس الجمهورية في جوان الماضي، وتم بموجبه استخلاف 5 وزراء أبرزهم الوزير عمار غول الذي قضى 17 سنة في الحكومة، ثم تم تعيينه لاحقا عضوا في مجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي. كما ضمت الأسماء المغادرة للحكومة وزير المالية عبد الرحمن بن خالفة، ووزير الطاقة صالح خبري، ووزير الفلاحة والتنمية الريفية سيد أحمد فروخي، والطاهر خاوة الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان. وتم في المقابل تعيين حاجي بابا عمي وزيرا للمالية وعبد الوهاب نوري وزيرا للسياحة وعبد القادر والي وزيرا للموارد المائية، وجمعة طلعي بإدارة وزارة الأشغال العمومية والنقل، وتعيين نور الدين بوطرفة وزيرا للطاقة وغنية الدالية وزيرة للعلاقات مع البرلمان، وعبد السلام شلغوم وزيرا للفلاحة. كما تم استحداث وزارة للاقتصاد الرقمي وعصرنة الأنظمة المصرفية، وتم تعيين منتصر بوضياف على رأسها.
تنصيب سلطة ضبط السمعي البصري
ميز تنصيب سلطة الضبط للسمعي البصري الذي أوليت رئاستها للإعلامي زواوي بن حمادي وكذا قضية مجمع «الخبر»، أهم الأحداث التي طبعت الساحة الإعلامية خلال العام المنقضي، حيث كرس التنصيب الرسمي لأعضاء سلطة الضبط للسمعي البصري التي ضمت 9 أسماء إعلامية، من قبل الوزير الأول عبد المالك سلال في جوان الماضي، أحكام المادة 57 من القانون 14/04 المتعلق بنشاط السمعي البصري، والمادتين 64 و65 من القانون 12/05 المتعلق بالإعلام.
استنادا لأحكام القانون الأخير أيضا، ألغت العدالة صفقة بيع مجمع «الخبر» لرجل الاعمال يسعد ربراب، بسبب مخالفتها لأحكام القانون المذكور الذي يمنع الاحتكار، ويحظر امتلاك جهة معينة لأكثر من وسيلة إعلامية واحدة.
ولد عباس يخلف سعداني على رأس «الأفلان»
صنع عمار سعداني الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحدث السياسي لفترة معتبرة بفعل خرجاته الجريئة، وتصريحاته النارية التي هاجم من خلالها عدة أطراف فاعلة في الساحة الوطنية، لذلك شكلت استقالته من رئاسة الأمانة العامة للحزب في 22 أكتوبر 2016 حدثا بارزا أحيط بالكثير من التساؤلات التي لازالت مطروحة إلى يومنا، وخلفه السيناتور والوزير السابق جمال ولد عباس على رأس الأمانة العامة للأفلان. ولد عباس اعتمد منهجا مغايرا لسابقه، من خلال ترجيحه للغة الحوار ولخيار المصالحة بين أبناء الحزب العتيد.
تحالف «النهضة والعدالة» وخلافات لا تنتهي في بيوت سياسية أخرى
تميزت أخبار السياسة في الجزائر مع نهاية العام الجاري، بإعلان أبناء النهضة التاريخية المنشقين العودة إلى البيت، بتجسيد اندماج حركة النهضة وجبهة العدالة التنمية، ودعوتهما أحزاب أخرى تشاركها التوجه السياسي إلى الالتحاق بالركب، غير أن هذه الدعوة التي باركتها وجوه سياسية معروفة في التيار الإسلامي، لم تحظ باستجابة جميع الأحزاب، وتم في المقابل إعلان مشاورات من أجل تكتل يجمع حركة التغيير وحركة مجتمع السلم، في وقت استمرت خلاله الخلافات والانشقاقات داخل أحزاب أخرى، على غرار التجمع الوطني الديمقراطي الذي أحال مجموعة من خصوم الأمين العام على لجنة الانضباط قبل إقصائهم من الحزب، فيما صاحب إصرار قيادة جبهة القوى الاشتراكية إلى إبعاد أحد إطاراتها (رشيد حاليت) إعلان القيادي والأمين الوطني الأول السابق أحمد باطاطش استقالته من الحزب، لتتوسع بذلك دائرة المنشقين عن حزب الزعيم التاريخي الراحل آيت أحمد، التي شملت في السنوات الماضية أسماء كان لها وزنها في الحزب.