التنصيب الرسمي للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات
دربال: الانتخابات ستكون نظيفة وشفّافة
- 1453
أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبد الوهاب دربال، أمس، عزم الهيئة الراسخ وإرادتها القوية من أجل تنظيم انتخابات نظيفة في كنف الهدوء واحترام قوانين الجمهورية. وأشار إلى أن حرص رئيس الجمهورية، شخصيا على توفير المناخ الملائم وكافة الشروط المادية والمعنوية والقانونية كي تقوم الهيئة العليا بمهامها، يؤكد رغبة السلطات العليا في البلاد في مواصلة مسار الإصلاحات، وإضفاء المزيد من الشفافية في تسيير الشأن العام وتوفير الضمانات السياسية والقانونية المطلوبة لتكريس المثل التي تبعث على الثقة والارتياح في تأدية الواجب الانتخابي.
واعتبر السيد دربال، في كلمته خلال مراسم تنصيب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بقصر الأمم بالجزائر العاصمة، أن جلسة التنصيب تعد موعدا مع التاريخ باعتبار هذه الهيئة تشكل إطارا دستوريا وصمام أمان لتثمين الفعل الانتخابي وحماية حق الاختيار، فضلا عن مراقبة عمليات الاقتراع بما يوفر للمواطن مناخا يساعده على اختيار ما يراه مناسبا لتمثيله بكل حرية ودون إكراه.
وأبرز المتحدث خلال مراسم التنصيب التي حضرها رئيسيا غرفتي البرلمان والوزير الأول وأعضاء من الطاقم الحكومي، أهمية الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي تستمد شرعيتها وقوتها ومصداقيتها من الدستور ولا سيما المادة 194 منه، حيث أشار إلى أن هذه الهيئة تعد بحكم مهمتها الرقابية الإطار السياسي والقانوني الأمثل لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات وتأمين خيار الشعب.
وإذ لفت إلى حيادية الهيئة من حيث استقلاليتها القانونية والمالية، أكد دربال، أن عدم انتماء أعضائها لأي حزب سياسي وعدم ممارستهم لأي نشاط تنظمه الأحزاب، باستثناء الحالات التي يزاول فيها عضو الهيئة مهامه الرقابية المنصوص عليها في قانونها العضوي، سيجسد بالتأكيد استقلالية الهيئة وممارستها لمهامها بمنأى عن كل أشكال الضغط لمعنوي والمادي، مبرزا في سياق متصل بأن صلاحيات الهيئة العليا التي تمارسها قبل وخلال وبعد الاقتراع بواسطة مداومتها عبر الوطن وحسب الحالة في الخارج، تشكل في مجملها مؤشرات ودلائل وضمانات لتنظيم انتخابات نظيفة وشفّافة لا يرقى الشك إلى نتائجها.
واعتبر رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بالمناسبة الحرص الذي أبداه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، شخصيا من أجل توفير المناخ الملائم وكافة الشروط المادية والمعنوية والقانونية كي تقوم الهيئة العليا بمهامها في أحسن الظروف ووفق المقاييس المعمول بها دوليا، «يؤكد بما لا يدع مجالا للشك رغبة السلطات العليا في البلاد مواصلة مسار الإصلاحات التي باشرتها الجزائر على أكثر من صعيد في السنوات الاخيرة، وكذا إضفاء المزيد من الشفافية في تسيير الشأن العام، وتوفير المطلوب من الضمانات السياسية والقانونية وتكريس المثل التي تبعث على الثقة والارتياح في تأدية الواجب الانتخابي».
كما شدد السيد دربال، على أن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لن تتوانى في القيام بواجبها تجاه الشعب الجزائري، من خلال العمل على زرع الأمل في نفوسهم بهدف تعميق الثقة بين الحاكم والمحكوم، وصيانة خيار المواطن وحماية إرادته وتكريس حقه في حرية الاختيار.
وبعد أن ذكر بأن هذه الهيئة المشكلة من 410 أعضاء نصفهم قضاة والنصف الأخر يمثل تنظيمات المجتمع المدني، جاءت استجابة لمتطلبات المرحلة التي تمر بها الجزائر ومحيطها الإقليمي والدولي، أكد دربال بأن ميلاد هذا المشروع كان لابد منه ليساهم في وضع أسس التنمية البشرية والمادية وتحقيق المزيد من الاستقرار، حيث تنعكس حماية صوت الناخب ـ حسبه ـ إيجابا على حركية البناء والدفاع عن منجزات البلاد، ويساهم ذلك في «الانتقال بالجزائر إلى مرحلة جديدة تقوم على احترام صوت المواطن وتثمينه بما يخدم مصلحة البلاد، ويساعد على تكريس تعددية سياسية حقيقية في ظل الثقة والتعاون والاحترام المتبادل بين كافة الجزائريين».
بالمناسبة وجّه رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات نداء إلى كل السلطات ومن تهمه الانتخابات بضرورة التجند التام لتحقيق هدف الهيئة في المساهمة في إنجاح المواعيد الانتخابية بشكل فعّال وهادئ ومسؤول، مشيرا إلى أن الهيئة وحدها لا تستطيع تحقيق هدفها دون عمل متناغم مع الجهات الأخرى لمحاصرة أي سلوك يمس بسلامة العملية الانتخابية. كما اعتبر المتحدث نجاح أي موعد انتخابي رهين بمدى مشاركة المواطن فيه، ملاحظا بأن هذه المشاركة تبقى رهينة اقتناع الناخب بحماية صوته، «حيث يرفع شعور المواطن وإحساسه بعدم ضياع صوته مستوى الإحساس بالوطنية ويزيد في حرصه على بناء الوطن»، داعيا إلى استنفار وطني لتحقيق هذه الغاية لاسيما من خلال العمل على تحسيس كافة الجزائريين على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية بضرورة الاستمرار في تحسين أوضاع البلاد نحو الأفضل من خلال انتخابات نزيهة.
وبعد تأكيده على أن المواطن يبقى هو السيد وبيت القصيد وجوهر كل جهد سياسي أو اجتماعي أو ثقافي، أوضح السيد دربال، أن تهيئة المناخ الانتخابي تعني بالضرورة تمكين المواطن الجزائري من التعبير عن رأيه والإدلاء بصوته والتصريح بموقفه بعيدا عن كل إكراه، باعتباره صاحب القرار وصاحب كلمة الفصل، مشيرا في هذا الخصوص إلى أن تنصيب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، يراد من خلاله تمرير رسالة مفادها أن كل ما ستبذله هذه الهيئة وما ستقدمه هو خدمة الناخب وخدمة الوطن، لا سيما من خلال الإسهام في إنجاح مسار الإصلاحات السياسية نحو ترقية الحريات والديمقراطية في ظل الاحترام الصارم لقوانين الجمهورية.
وخلص دربال، إلى أن تحقيق حماية الحرية الفردية والجماعية في شقها الانتخابي غاية سامية يعمل لها كل الشرفاء ويناضل من أجلها الوطنيون الأوفياء، داعيا الجميع للعمل على المشاركة في رفع الوعي حتى تصبح غاية الشفافية والنظافة سلوك الجميع.
وتواصلت أشغال الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات في اجتماعها الأول الذي تم في جلسة مغلقة، بمناقشة النظام الداخلي للهيئة والذي تنبثق عنه عملية تشكيل مجلسها الوطني واللجنة الدائمة وأعضاء المداومات التي ستتوزع مهامها عبر ولايات الوطن.
تباين مواقف الأحزاب حول الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات
تباينت مواقف الأحزاب السياسية التي شارك مسؤولوها وممثلوها، أمس، في مراسم تنصيب الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات بين مثمن لهذه الهيئة ومهامها، ومتحفظ على استقلاليتها وحيادها.
ففي هذا الإطار، بارك كل من رئيس حزب تجمع أمل الجزائر «تاج» عمار غول ورئيس الجبهة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس تنصيب هذه الهيئة الدستورية واعتبراه لبنة إضافية لضمان شفافية الانتخابات القادمة، مبرزين الدور الأساسي الذي ينبغي أن تلعبه الأحزاب السياسية في مجال التحسيس والدعوة للمشاركة بقوة في هذا لموعد الانتخابي وكذا في ضمان مراقبته من خلال التواجد عبر المكاتب ومراكز الاقتراع.
من جهته، قال رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد أن حزبه الذي سيبقى يطالب بإنشاء هيئة مستقلة تتشكل تركيبتها على أساس الانتخاب وليس التعيين، يعتبر تنصيب الهيئة التي يقودها السيد دربال، إجراء قانونيا ودستوريا يلتزم باحترامه، كما يعتبرها أيضا خطوة أولى للوصول الى الديمقراطية الحقيقية. كما جدد الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي التأكيد على أن حزبه سيتعامل مع الهيئة من منطلق الأمر الواقع، مذكرا بمطلب الحركة الداعي إلى إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الإنتخابات. في حين دعا جلول جودي ممثل حزب العمال رئيس الجمهورية إلى تقديم ضمانات أكثر تضمن الشفافية الحقيقية والنزاهة المطلوبة للانتخابات القادمة، مذكرا بأن حزبه لا يقدم أي أحكام مسبقة على الأشخاص، ولكنه يحرص على ضرورة تدارك كافة النقائص والثغرات التي يمكن أن تستغل للمساس بمصداقية المواعيد الانتخابية الهامة.
في المقابل، حيا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، تنصيب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، التي تندرج حسبه ضمن تطبيق أحكام الدستور الجديد، مذكرا بأن الآفلان الذي يعتبر حزب الأغلبية ساهم بقسط كبير في استحداث هذه الهيئة من خلال المقترحات التي تقدم بها خلال المشاورات السياسية الخاصة بتعديل الدستور.
وبعد أن أشار إلى أنها المرة الأولى منذ الاستقلال التي يتم فيها تنصيب مثل هذه الهيئة، دعا ولد عباس الاحزاب التي تشكك في مصداقية الإنتخابات إلى جلب مراقبين لمراقبة العملية الانتخابية.
ولدى تطرقه للعمل الذي يقوم به الآفلان تحضيرا للانتخابات التشريعية القادمة، ذكر ولد عباس بالتعليمات التي قدمها لأمناء المحافظات من أجل تفادي التلاعب بقوائم الترشيحات، وتمكين كل مناضل من حقه في الترشح، مشددا على رفضه استعمال المال من أجل الترشح في قوائم الحزب. أما بخصوص ترشح الوزراء، فأكد ولد عباس أن الانضباط يستدعي منهم الاستئذان من رئيس الجمهورية الذي عينهم، ثم العودة إلى القواعد، مذكرا بأن أمام الوزراء الراغبين في الترشح في قوائم الحزب، مهلة الشهرين التي تسبق موعد الانتخابات لتقديم استقالتهم من الحكومة وإيداع ملف ترشحهم.