تحضيرات عيد الفطر بعنابة

المقروض سيد الصينية وعادات الأجداد تطبع الأحياء العتيقة

المقروض سيد الصينية وعادات الأجداد تطبع الأحياء العتيقة
  • 1868
هبة أيوب هبة أيوب
تنطلق التحضيرات لعيد الفطر المبارك بعنابة عادة بداية من الأسبوع الأخير من شهر رمضان، حيث يركز سكان بونة على توفير كل مستلزمات الحلويات، إلى جانب تنظيف البيوت وترتيبها لاستقبال الضيوف.
وتتنوع العادات من منزل لآخر، لكن تشترك النسوة في تحضير أنواع مختلفة من الحلوى كالمقروض العنابي الذي يعتبر سيد الصينية العنابية، إلى جانب توفير البقلاوة والكعك، هذه الحلويات لا يستغني عنها أهل عنابة باعتبارها تدخل في الإرث الثقافي والتقليدي للمنطقة، خاصة أن العائلات العنابية قد توارثت هذه الحلويات عن الجدات، ورغم تطور وعصرنة المحلات التي توفر مثل هذه الحلوى، إلا أن ربات البيوت لا يستغنين عن التقليدية منها،  التي تحضر في المنزل لأنها فال خير على أهل البيت، إلى جانب رغبة الزوجة في الحفاظ على أجواء العيد وفرحة الصغار والكبار في هذه المناسبة، إلى جانب لمة الأهل والجيران الذين يجتمعون في صحن البيت الكبير لتحضير مختلف أنواع الحلوى. وتكون المرأة المسنة هي المشرفة على مائدة العيد حيث تتابع كل التحضيرات وتقدم نصائحها للعازبات لتدريبهن على تحضير المقروض العنابي والبقلاوة لأول مرة، ومن تفوز في امتحان تحضير هذه الحلويات تعطيها هدية ليلة العيد وتتمثل عادة في شراء الحنة والشموع والعطور.
القليل من النساء يترددن على محلات بيع الحلويات المشرقية  لشراء بعض الحلويات المكملة للصينية العنابية بعد المقروض والبقلاوة، لأن الكثيرات متشبثات بالعادات والتقاليد الراسخة في عنابة العتيقة، فرغم التعب بعد شهر كامل من الصيام هناك من النساء من تفتح منزلها لتوفير حلويات العيد وبيعها للمحلات الخاصة. حيث تؤكد السيدة الطاوس وهي امرأة مسنة  تقطن بقلب المدينة القديمة بلاص دارم مشهورة بإعداد المقروض وحلوى القريوش وكذلك البقلاوة، يعرف منزلها إقبالا واسعا من طرف سكان عنابة وسط وما جاورها ورغم ارتفاع أسعار الحلويات، إلا أن ذلك يحول أمام الطريقة الجيدة التي تحضر بها مثل هذه الحلوى ذات الألوان والأشكال المختلفة التي تحضر بطريقة مغايرة عن نظيرتها في المحلات العصرية.
وعلى صعيد متصل تستعد المساجد والزوايا بعنابة ليلة العيد بعد أن يتم ترتيبها وتنظيف السجاد من طرف المتطوعين والمصلين للاحتفال بهذا المناسبة الدينية، وما يميز تلك الليلة في مدينة عنابة هو تقديم مدائح دينية حتى طلوع الفجر، وتكريم حفظة القرآن مع تقديم زكاة الفطر لمستحقيها، أما النسوة فيفضلن البقاء في منازلهن لتحضير آخر الرتوشات بعد أن يقدم طبق الحنة المرصعة بالشموع في صحن المنزل ويأخذ منها كل الجيران، لتتحقق لمة الأحباب والأقارب بعنابة التي تتزين شوارعها بالفوانيس والبخور وتتداخل الأحياء العتيقة وتسمع صراخ الصغار وغبطتهم وهم يرتدون الملابس الجديدة ذات الألوان والأشكال المختلفة، في يوم الفوز والفرحة. والميزة التي تطبع أول يوم من عيد الفطر بعنابة هو إقامة ”وعدة رأس الحمراء” احتفالا بالعيد، حيث تذبح بقرة وتصدق على كل الفقراء والمساكين ويحضر هذه التظاهرة الدينية عدد من ممثلي الزوايا بكل ولايات الوطن يأتون لبونة للاحتفال مع أهل المنطقة، حيث تقدم أطباق الشخشوخة والكسكسي فرحة باستكمال شهر رمضان وعيد الفطر.