فضيحة مدوية تهزّ شركة كوكا كولا بوهران

1277 مليار مشروبات استخرجت بسجلات أشخاص بدون علمهم

1277 مليار مشروبات استخرجت بسجلات أشخاص بدون علمهم
  • 1134
رضوان.ق رضوان.ق

عالجت أمس محكمة السانيا بوهران قضية خطيرة اتهم فيها 5 أشخاص بينهم مسؤولون بشركة المشروبات الغازية والكحولية كوكا كولا وموزعين بالجملة بتهمة استخراج مشروبات غازية بقيمة 1277 مليار سنتيم وذلك باستخدام سجلات أشخاص بدون علمهم. وهي القضية التي استمرت لساعات طويلة بمحكمة السانيا وعرفت حضورا مميزا وتمثيلا كبيرا لمحامي الأطراف المتنازعة.

بتهمة التزوير في محررات تجارية مع استعمال المزور والنصب والاحتيال والمضاربة غير الشرعية واستعمال سجل تجاري باسم الغير، امتثل أمس أمام محكمة السانيا 5 متهمين بينهم المدير الوطني للمبيعات لشركة كوكا كولا المدعو «ع.ل» ومدير المبيعات بمصنع وادي تليلات بوهران المدعو «ا.م» ومسؤول المبيعات بذات المصنع المدعو «ك.س»، إلى جانب شقيقين يعملان كموزعين وتاجرين بالجملة للمنتجات الغازية لشركة كوكا كولا، والذين ذهب ضحيتهم حسبما دار في جلسة المحاكمة وقرار الإحالة، 4 شبان استغلت سجلاتهم التجارية في استخراج المشروبات الغازية بدون علمهم.. لقد كانوا ضحية احتيال من طرف تاجرين شقيقين بتواطؤ من المسؤولين المحالين على العدالة. تمت إحالتهم على قاضي التحقيق منذ أكثر من شهرين بعد استكمال التحقيق القضائي حول القضية التي فجرها تاجر يدعى «ز.أ» والذي أكد خلال الجلسة بأن مبلغ التعاملات التجارية التي تمت باسم الضحايا تجاوز 1277 مليار في تصريحه أمام المحكمة. عدد الضحايا بلغ ٥ أشخاص امتثل منهم 4 أمام محكمة السانيا. لكن العدد مرشح للارتفاع عند استكمال التحقيقات بوادي تليلات ووهران.

استنادا إلى ما دار في جلسة أمس، والتي تواصلت لساعات متأخرة من الليل ورافع فيها 9 محامين بولاية وهران، فإن القضية تعود إلى شهر أفريل من عام 2016 عندما اكتشف مفجر القضية المدعو (ز. أ) وجود مشروبات غازية من نوع كوكا كولا تباع بالسوق بسعر أقل من السعر المتداول. كان يشتغل كموزع لكوكا كولا وفق عقد يجمعه بالشركة، الأمر الذي دفعه للبحث حول مصدر هذه المشروبات ليكتشف بأنها توزع باسم شبان دخلوا المجال حديثا. دفعه هذا الاستغراب إلى البحث عنهم للاستفسار. غير أنه، وخلال عملية بحثه، اكتشف بأن الضحية الأول المدعو «م.م.أ» يشتغل بائعا بسوق فوضوي، فيما كان الضحية الثاني يعمل فوضويا كذلك. أما الضحية الثالث فقد كان يقطن في حي فوضوي ثالث في حالة يرثى لها حسب وصفه.

بعد التواصل مع أول الضحايا، تم التقرب من شركة كوكا كولا حيث اكتشف الضحية الأول بأن رقم أعماله مع الشركة لمدة عام قد تجاوز 48 مليار سنتيم، فيما كان مبلغ الضحية الثاني يقارب 107 مليار، أما الضحية الثالث فقد بلغ رقم أعماله 104 مليار، الأمر الذي أدخل الضحايا في متاهات أمام مصالح الضرائب ليتم إيداع شكوى لدى وكيل الجمهورية لدى محكمة السانيا الذي أمر بفتح تحقيق أولى والذي توصل إلى إحالة المتهمين أمام المحكمة بالتهم المذكورة بقرار الإحالة.

أحد الضحايا أكد أنه وقع في الشراك بعد اتصاله بالمتهم الرابع الذي يشتغل كموزع وبائع بالجملة والذي تعرف عليه ليقوم بعقد صفقة معه والتي يقوم بموجبها الضحية بإعداد ملف إداري قصد استخراج سجل تجاري والذي يقوم من خلاله باستخراج مشروبات كوكا كولا وبيعها في السوق مقابل أن يدفع له المتهم، غير أن الضحية أكد قيامه باستخراج السجل وإيداع ملف كامل لدى الشركة الأم بالعاصمة إلا أنه لم يتم الرد على طلبه. وخلال محاولته التواصل مع المتهم لم يجد هاتفه في الخدمة ولعدة مرات الأمر الذي دفعه لنسيان الملف، وبعد سنة كاملة تواصل مع مفجر القضية الذي أطلعه على القضية ليقوم بالاتصال بإدرة شركة كوكا كولا التي أكدت له بأنه يتعامل مع الشركة منذ سنة وأنه لا يزال مدان لها بمبلغ 900 مليون سنتيم، إلى جانب رقم الأعمال الضخم والملزم بدفع ضرائبه لمصالح الضرائب بوهران، وهو نفس ما ذهب إليه باقي الضحايا الذين أكدوا بأن المتهمين هما من استغلا السجلات التجارية التي تحمل أسماءهم لاستخراج المشروبات وبيعها في السوق.

كما كشف مفجر القضية أمام العدالة وجود محاولات للضغط عليه قصد إقناع الضحايا بالتنازل عن القضية الأمر الذي رفضه ما كلفه إلغاء عقد التعامل مع الشركة والتي أوقعه مسؤولوها في فخ الدين، حيث أمضى إقرار بالدين بمبلغ يقارب 3 مليارات من أجل تجديد عقده وهو ما لم يتم ليجد نفسه أمام متابعات قضائية من طرف الشركة.

كشف دفاع الضحايا وجود تسجيل صوتي أخذ بعد إذن من وكيل الجمهورية والذي قام من خلاله بعض المتهمين بمحاولة التفاوض مع الضحايا مقابل تقديم مبالغ مالية ضخمة وهو التسجيل الصوتي الذي أكد عليه دفاع أحد المتهمين وقرأ بعضا مما جاء فيه والذي اعتبره دليلا قاطعا على تورط المتهمين.

كما كشف خلال الجلسة على أن شركة كوكا كولا تتعامل مع شركة أخرى تدعى «السهم الأخضر» وهي الشركة المكلفة بنقل المشروبات الغازية لصالح التجار والموزعين لمستودعاتهم وذلك باستخدام ورقة الطريق التي تمنح لها من طرف إدارة شركة كوكا كولا والتي تحوي اسم التاجر ومقر مستودعه. وكشف سائق بشركة «السهم الأخضر» عن معلومات أكد من خلالها بأنه كان يقوم باستخراج كميات كبيرة من المشروبات الغازية باسم الضحايا غير أنه كان يقوم بتوصيلها إلى مستودعات الشقيقين المتهمين في القضية وذلك وفق ورقة الطريق مؤكدا أن ما يثبت أقواله هو أن كل شاحنات شركة «السهم الأزرق» تعمل ببرنامج تحدي المواقع العالمي «جي بي أس» والذي يمكن الاضطلاع عليه حسب سائق الشركة. كما كشف دفاع الضحايا وجود تعاملات بنكية تمت بواسطة حسابات بنكية للمتهمين والتي كانت تصب في حسابات الضحايا ليتم بعدها صبها في حساب شركة كوكا كولا، وهو السند الذي قدم أمام العدالة من طرف الدفاع.

في المقابل، رافع المتهمون على براءتهم وعلى رأسهم المدير الوطني للمبيعات بشركة كوكا كولا من خلال النفي. موضحين بأن كل ما نسب لهم لا أساس له من الصحة مقدمين توضيحات تقنية أكدوا من خلالها بأن الضحايا تقدموا فعلا بإيداع السجلات وهم من كانوا يستفيدون من المشروبات الغازية بدليل أن مبالغ المستحقات كانت تودع بالبنوك عبر حساباتهم البنكية، كما أن الطلبيات تتم وفق نظام للإعلام الآلي وعبر الانترنت بواسطة البريد الإلكتروني «إيمايل» كما تتم العملية في بعض الأحيان بواسطة طلبية مكتوبة ومختومة تودع لدى الإدارة ومن ثمة تتبع مسارها العادي إلى غاية الوصول إلى منح الكوطة المقررة لكل زبون.

دفاع المتهمين عن شركة كوكا كولا كشف بأن أحد المتهمين يتعامل بنفس السجل التجاري مع شركة خاصة أخرى ويوزع منتوجاتها الغازية وذلك بالكشف عن سند من هذه المعاملات الأمر الذي رأى فيه الدفاع بأنه يفند التهم على موكليه، فيما نفى التاجران بالجملة معرفتهما للضحايا أصلا أمام تضارب في التصريحات بين الأطراف واتهامات متبادلة مع مفجر القضية.ما تمت ملاحظته خلال الجلسة بأنه، ورغم القيمة المالية لرقم أعمال الضحايا فإن مصالح مديرية الضرائب لم تتأسس في قضية الأمس كطرف مدني بالرغم من أن قرار الإحالة أكد بأنه وبتاريخ 21 جوان 2016 وعملا بإرسالية وكيل الجمهورية الحاملة لرقم 004381 المتضمن استكمال التحقيق، تم السماع لممثل الضرائب بولاية وهران لأجل واقعة التهرب الضريبي ضد الشقيقين المتهمين مع تفتيش محلاتهما لغرض حجز الأختام المستعملة بأسماء الضحايا وكذا وصولات الطلب غير أن التفتيش لم يتوصل لأي مخالفات حسب نص الإحالة ما ترك التساؤل مطروحا حول غياب مصالح الضرائب.من جهته، التمس ممثل الحق العام ٤ سنوات سجنا نافذا في حق كل من المدير الوطني للمبيعات لشركة كوكا كولا بوهران ومدير المبيعات، وعاما نافذا لمسؤول المبيعات، وعامين نافذين للشقيقين البائعين بالجملة والموزعين.