بابا عمي يعرض تسوية الميزانية لـ2014 التي تشهد أولى بوادر الأزمة

النواب يتأسفون لضعف تحصيل الضرائب ويطالبون بدعم مجلس المحاسبة

النواب يتأسفون لضعف تحصيل الضرائب ويطالبون بدعم مجلس المحاسبة
  • القراءات: 1013
حنان حيمر حنان حيمر

قدم وزير المالية، حاجي بابا عمي، أمس، تقريرا عن مشروع قانون تسوية ميزانية سنة 2014 أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، تضمن أرقاما تتعلق بالإطار الاقتصادي الكلي لتلك السنة. ولفت النواب خلال مناقشتهم للتقرير الانتباه إلى «الفرق الشاسع بين التقديرات والإنجازات» وإلى خطورة عدم أخذ ملاحظات مجلس المحاسبة بعين الاعتبار، داعين إلى ضرورة تشديد المراقبة على المال العام ولاسيما ظاهرة التهرب الضريبي، مشيرين إلى أنه باستثناء «الضريبة على الدخل» التي تقتطع من أجور العمال، فإن التحصيل الضريبي يسجل مستويات متدنية تتراوح بين 0.01 و8 بالمائة.

وتوضح الأرقام التي عرضها وزير المالية بوادر أثار الأزمة المالية على الجزائر التي بدأت منتصف سنة 2014، ببداية انهيار أسعار النفط بالرغم من أن متوسط سعر النفط وصل إلى 99.1 دولارا للبرميل متجاوزا ما كان متوقعا في قانون المالية 2014 والذي قدر بـ90 دولارا. ويظهر ذلك في تراجع نسبة النمو من 4.5 بالمائة، حسب التقديرات، إلى 3.8 بالمائة في الواقع، وتراجع رصيد الميزان التجاري من 6.18 ملايير دولار في 2013 إلى 4.31 ملايير دولار في 2014، إضافة إلى بداية انخفاض احتياطات الصرف التي انتقلت من 192.35 مليار دولار في 2013 إلى 177.38 مليار دولار في 2014، وكذا بداية الاستعانة بموارد صندوق ضبط الايرادات التي تراجعت من 6586 مليار دج في 2013 إلى 6245 مليار دج في 2014. وعرفت سنة 2014، حسبما أوضحه الوزير، نفقات غير متوقعة بلغت 169.48 مليار دج، ليتم تسجيل عجز في عمليات الميزانية بما فيها النفقات غير المتوقعة قدر بـ3221 مليار دج أي 18.69 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، فيما بلغ عجز الخزينة 3396 مليار دج. وأمام هذه الأرقام المقلقة، فإن لجنة المالية والميزانية أشارت في تقريرها المعد بالمناسبة إلى تركيزها على مجموعة من الاجراءات الواجب اتخاذها من طرف الحكومة وعلى رأسها «ترشيد النفقات» و«عصرنة قطاع الضرائب» لمحاربة الغش والتهرب الضريبي والسوق الموازية. وهي ذات الملاحظات التي عبرت عنها اللجنة بعد استماعها لرئيس مجلس المحاسبة، الذي أشار إلى الصعوبات التي تواجهها الإدارة الجبائية لتطوير بعض أنواع الضرائب وتخفيض حجم بواقي التحصيل ومواجهة الغش والتهرب الجبائيين، إضافة إلى التنبيه إلى أن»مضاعفة التحفيزات الضريبية» ذات العلاقة بالاستثمار «نتائجها اقل مما هو منتظر». ولهذا لم تتردد اللجنة في المطالبة بضرورة تقليص النفقات الجبائية وإلغاء التحفيزات التي «أثبتت عدم فعاليتها في تحقيق أية قيمة مضافة للاقتصاد الوطني»، كما أوصت اللجنة بالإسراع في مراجعة القانون المتعلق بإعداد قوانين المالية، والعمل على معالجة النقائص الملاحظة في التقرير التقييمي لمجلس المحاسبة بما يسمح بعدم تكرارها كل سنة، الحرص على إرساء سياسة فعالة للتقدير بوضع نظرة استشرافية مستقبلية لتحديد تقديرات الميزانية تسمح بتحديد الاحتياجات الفعلية للقطاعات سواء ما تعلق بالتسيير أو التجهيز، إضافة إلى الحرص على أن تستهدف عملية التطهير حسابات التخصيص الخاص للخزينة، «تلك الحسابات التي لم تسجل عمليات إنفاق، وذلك حتى لايكون التطهير مجرد عملية لتجميع الحسابات أو قفلها». وشددت اللجنة على ضرورة أخذ توصياتها وملاحظتها بعين الاعتبار ومتابعة تنفيذها إلى جانب أخذ ملاحظات مجلس المحاسبة بعين الاعتبار، تفاديا لتكرار نفس النقائص ضمانا للنجاعة والفعالية في تنفيذ الميزانية العامة للدولة.

وعادت هذه الملاحظات للبروز في تدخلات النواب خلال جلسة المناقشة التي عرفت تغيب العديد من المسجلين في قائمة المتدخلين. وهكذا طالب أغلبهم مجددا بضرورة برمجة مناقشة هذا القانون مثله مثل بيان الوضع المالي للبلاد -الذي قدمه أول أمس محافظ بنك الجزائر- قبل مناقشة قوانين المالية السنوية، متسائلين عن الجدوى وراء برمجتها بهذه الطريقة التي تجعل مناقشتها دون فائدة.

ورغم أن بعض نواب حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي القلائل الذين تدخلوا، نوهوا بالاحتراز المالي للحكومة،»الذي سمح بالاستمرار في الدعم الاجتماعي» حسب أحدهم، الذي طالب المعارضة المنتقدة إلى تقديم البدائل، كما أشار بعضهم الآخر إلى ضرورة توسيع «دائرة الوعي بالإجراءات المتخذة وتوفير شروط أفضل لتطبيقها، واستعمال كل الوسائل للنهوض بالاقتصاد الوطني»، فإن أغلب النواب أجمعوا على أهمية العمل الذي يقوم به مجلس المحاسبة، بالرغم من عدم أخذ توصياته بعين الاعتبار من طرف  الجهاز التنفيذي.

وكان التهرب الضريبي والغش في المشاريع وتضخيم الفواتير من أهم النقاط التي ركزت عليها تدخلات نواب «المعارضة» لاسيما من تكتل الجزائر الخضراء وحزب العمال وجبهة العدالة والتنمية. حيث تساءل هؤلاء بأسف عن سبب عجز الحكومة في مكافحة ظاهرة التهرب الضريبي وعدم التمكن من تحصيل 110 ملايير دولار من الضرائب، كما أشار إليه النائب محمد الصغير حماني من جبهة العدالة والتنمية، الذي أوضح أن الأرقام المقدمة تؤكد أن ما حصل في سنة 2014 من ضرائب لايمثل سوى 11 بالمائة من المستحقات! فضلا عن تراجع التحصيل الجمركي بنسبة 8 بالمائة وتسجيل 100 خرق للقانون في تحويل الاقتطاعات وتجاوزات بالجملة في تسيير الميزانية.

من جانبها، تحدثت النائب عن تكتل الجزائر الخضراء، فاطمة الزهراء بونار، عن إشكالية عدم متابعة تقارير مجلس المحاسبة وإنجاز دراسات لمشاريع تم التخلي عنها، معبرة عن اقتناعها بأن بلادنا لاتفتقد للقوانين أو التشريعات وإنما للمحاسبة والترشيد في النفقات. ودعت إلى استحداث «طريقة جديدة في تسيير المال العام تقوم على مبدأ الشفافية لكسب ثقة المواطن»، معتبرة أن الانتخابات القادمة فرصة لبداية ترسيخ هذه الشفافية.

وتساءل رشيد خان من حزب العمال «ما الفائدة من مناقشة بيان الوضع المالي وتسوية الميزانية والنتيجة صفر؟»، مشيرا إلى أنه ماعدا الضريبة على الدخل الاجمالي التي تقتطع بصفة آلية من أجور العمال، فإن باقي الضرائب تحصيلها يبقى جد ضعيف يتراوح بين 0.01 و8 بالمائة، مثلها مثل الغرامات القضائية التي بلغ العجز في تحصيلها 97 بالمائة، في وقت تلجأ الحكومة إلى فرض رسوم جديدة على المواطنين.