قطاع الصيد البحري ببومرداس
4 ملايير دينار لـ27 مشروعا
- 10104
سجلت ولاية بومرداس خلال عام 2016 ما يصل إلى 06 آلاف طن من المنتوجات الصيدية، وهو ما يجعلها في المرتبة الرابعة وطنيا، غير أن تناقص المخزون الصيدي بالبحر المتوسط يجعل من الصعب تحقيق الموازنة بين العرض والطلب المتزايد، وهو ما حفز المراهنة على تربية المائيات للرفع من حظوظ الولاية، بترقية منتوجاتها الصيدية عبر 27 مشروعا استثماريا بمبلغ يفوق 04 ملايير دينار، تحقق أكثر من 15 ألف طن وتخلق 2000 منصب شغل.
ثلاثة موانئ ببومرداس بأسطول بحري يحصي 519 قاربا وسفينة و4577 مسجلا بحريا، مع تسجيل 27 مشروعا استثماريا في تربية المائيات لتحقيق 15 ألف طن من المنتوجات البحرية. ثلاثة مشاريع منها دخلت حيز الإنتاج خلال العام الماضي بكل من زموري البحري ورأس جنات وسي مصطفى لإنتاج أسماك القاروس وذئب البحر تحديدا، والأخرى في طور الإطلاق.
إحصائيات تجعل من بومرداس الولاية الرابعة وطنيا في المنتوجات البحرية، غير أن هذا لا يجعلها تحقق الموازنة بين العرض والطلب المتزايد، مما حذا بالوصاية إلى مشاريع استزراع السدود وأحواض السقي لدى الفلاحين، عبر اتفاقيات شراكة مع التكوين المهني للفلاحين في المجال، وتسجيل تكوين 40 فلاحا في العام الماضي. وتم استزراع أسماك البلطي والشبوط والساندر في مستثمراتهم الفلاحية.
خطوات ثقيلة بالنظر إلى الوقت المستهلك، الذي معه يتزايد الطلب، لكنها في المقابل ثابتة تسعى من خلالها مديرية الصيد البحري إلى توفير الأسماك وتخفيض الأسعار، هذه التي تجاوزت كل معقول في أسواق التجزئة بين 1000 إلى 2000 دينار في المتوسط لأنواع الأسماك، على غرار الدوراد وسلطان ابراهيم (الروجي) والحبار والجمبري.
في السياق، علق شريف قادري مدير الصيد البحري والموارد الصيدية في مقابلة خاصة مع "المساء" أول أمس، بأن عدة عوامل متداخلة أثرت على ارتفاع أسعار المنتجات البحرية، لعل أهمها سوء الأحوال الجوية في الأسابيع الأخيرة التي أحالت الصيادين على بطالة تقنية، ولفت إلى أن معيار حساب الأسعار هو السردين: "معيار ارتفاع أو انخفاض أسعار الأسماك هو السردين، هذا الأخير وصل في موسمه بين جوان وسبتمبر إلى 150 دينارا بفضل وفرة الإنتاج، وعليه عرفت أسعار أنواع الأسماك الأخرى انخفاضا ملحوظا والعكس صحيح، حاليا السردين وصل إلى حدود 800 دينار، وعليه ارتفعت الأسعار فوق الألف دينار، مثلا القاروس وصل إلى 1200 دينار"، يشرح المسؤول، مضيفا بأن الصيادين لم يخرجوا إلى عرض البحر منذ أكثر من 20 يوما بسبب سوء الأحوال الجوية، وهو أيضا عامل مؤثر في ارتفاع الأسعار مع احتساب فترة الراحة البيولوجية بين نوفمبر ومارس.
استثمار بأربعة ملايير دينار و2000 منصب شغل وآفاق للتصدير
مديرية الصيد البحري درست 25 مشروعا استثماريا يتعلق بمهن الصيد البحري وتربية المائيات على مستوى منطقة النشاطات بزموري، بمبلغ إجمالي يفوق أربعة ملايير دينار، تسمح بخلق حوالي 2000 منصب شغل، والمشاريع تتمثل مجملا في بناء واستصلاح السفن، صناعة عتاد الصيد البحري وتربية المائيات، ومنه شباك الصيد وخيوط الترقيع والرافعات وغيره، وكذا غرف التبريد وتصنيع الثلج وغيرها من المشاريع الحيوية التي سترفع من قدرات الإنتاج الصيدي وتقوية الاقتصاد المحلي والوطني عموما، من خلال خلق الثروة المحلية والاعتماد على الصناعة الوطنية والكف عن استيراد هذه المنتوجات بمبالغ ضخمة.
وفي سياق تشجيع الاستثمار، كان لمدير الصيد البحري أول أمس الإثنين، اجتماعا بمستثمرين "تم خلاله تحرير عقود الامتياز لعشرة مستثمرين من ربوع الوطن لتطبيق مشاريعهم في المجال الصيدي بولاية بومرداس، لاسيما بمنطقة النشاطات التي تجمع منطقة حاج احمد بزموري البحري المتربعة على مساحة 20 هكتارا. وهي المنطقة المُعول عليها لاستقطاب مزيد من الاستثمارات لترقية الإنتاج الصيدي وتحقيق الموازنة بين العرض والطلب.
من جهة أخرى، فإن مستثمرا خاصا يدخل حيز التصنيع في غضون الثلاثي الجاري في الصناعة التحويلية للمنتجات البحرية بميناء زموري البحري، ويتعلق الأمر بمصنع لتعليب أنواع الأسماك لاسيما السردين والتونة، إلى جانب تصبير المنتجات البحرية المختلفة، والهدف تغطية الطلب المحلي مع تفكير جاد في التصدير، لاسيما لبلدان إفريقيا التي فتحت حدودها للمنتوجات الجزائرية عقب المنتدى الاقتصادي الإفريقي المنعقد بالعاصمة الجزائر، من بداية ديسمبر الفارط، علما أن هذا الاستثمار سيخلق أكثر من 120 منصب شغل.
مسمكة الكرمة الأولى وطنيا من نوعها تفتح نهاية فيفري
ومن أجل ترقية مكانة بومرداس من حيث الإنتاج الصيدي وطنيا، فإنه تم إنجاز مسمكة بمنطقة الكرمة في الولاية، تعتبر الأولى وطنيا من حيث معايير الخدمات التي تقدمها في مجال تسويق المنتجات الصيدية، حيث لفت المدير شريف قادري إلى أنها مسمكة متكاملة التجهيز وفق شروط صحية مضبوطة، وهي تحوي على 10 مربعات لتجار التجزئة مكيفة وبها غرفة تبريد وغرفة لتصنيع الثلج. أشغال الإنجاز انطلقت في عام 2015، وقد تم استلامها في نهاية 2016 بمبلغ مالي يقدر بـ2.5 مليار سنتيم.
والمسمكة باحتوائها على كل شروط عرض وبيع وتبريد المنتجات الصيدية، تريد من ورائها بومرداس، أن تكون "مشروعا نموذجيا وطنيا ناجحا في تسويق منتجات البحر من خلال معايير مضبوطة"، يقول نفس المسؤول، ملفتا إلى مشروع مماثل تريده مديرية الصيد البحري في الدوائر المتبقية للولاية مستقبلا "لما لا في كل دائرة من الولاية مسمكة ذات معايير تقرّب المنتوج الصيدي من المستهلك، وفق شروط صحية صارمة، بالتالي تنظيم سلسلة البيع والقضاء على البيع الفوضوي للأسماك".
وأشار المدير إلى أن الوالي عبد الرحمان مدني فواتيح، أسند مؤخرا مهام تسيير المسمكة إلى الغرفة الولائية للصيد البحري وتربية المائيات من أجل المحافظة على هذا المرفق العام، وينتظر افتتاحها في غضون الشهر الجاري.
تكوين 3064 مسجلا بحريا وخلق 6313 منصب شغل
تمكنت مصالح الصيد البحري والتكوين المهني خلال عام 2016، من تكوين 3064 مسجلا بحريا في مهن الصيد البحري والحرف المرتبطة به وتربية المائيات بالولاية. شملت عمليات التكوين تخصصات بحار مؤهل وكفاءة في الصيد وكهروميكانيكي وربان الصيد الساحلي وتقنيات تربية المائيات. وجرت عمليات التكوين التي تتواصل أيضا خلال العام الجاري بملحقات تقع بالقرب من موانئ الصيد في زموري البحري ودلس ورأس جنات.
من جهة أخرى، حقق قطاع الصيد البحري 6313 منصب شغل مباشر وغير مباشر خلال سنة 2016، مع السعي إلى مضاعفة العدد خلال العام الجاري 2017، لاسيما بعد دخول المستثمرات الصيدية حيز الخدمة، ناهيك عن مشاريع أخرى تطلق قريبا في مجال تهيئة ميناءي الصيد بزموري البحري ودلس.
في السياق، أوضح المدير شريف قادري بأن الدراسات انتهت لتوسعة ميناء دلس الذي يتسع حاليا لـ180 سفينة، يتضاعف العدد مع بدء التوسعة في غضون العام الجاري مع مصالح الأشغال العمومية، ويتعلق الأمر بمعالجة مشكل ترمل مدخل الميناء، إضافة إلى إنجاز ملجأ القوس بمنطقة سيدي لمجني بنفس الميناء، وهو ميناء تقليدي صغير يتسع لـ120 سفينة.
نفس أشغال معالجة ترمّل مدخل الميناء بزموري البحري تنطلق هي الأخرى، بالتنسيق مع نفس المصالح خلال العام الجاري، علما أن الميناء مغلق منذ عشرة أيام بسبب سوء الأحوال الجوية والرياح التي ضاعفت من مشكل ترمل المدخل.
فيما دخل ميناء رأس جنات حيز الاستغلال خلال عام 2016 بقدرة استيعاب تصل إلى 120 قارب صيد، ويضم حاليا 96. مما يرفع الأسطول البحري لبومرداس في نهاية نفس السنة إلى 519 قارب صيد، مع تحرير 171 رخصة صيد حرفي وكذا 208 رخص صيد ترفيهي، و40 رخصة صيد تحت الماء.
الصيد.. من المهن الشاقة
لا حديث عن الأسماك أو عن محبوب المائدة الجزائرية؛ السردين، دون الحديث عمن يوفره في الأسواق؛ الصيادون، هؤلاء وفي حديث لـ«المساء" بميناء زموري البحري قالوا بأن مهنتهم شاقة والتمسوا من الوصاية التوسط لدى وزارة العمل للتأكيد على هذا الأمر، بالتالي التقاعد دون شرط 32 سنة، يقول الصياد محمد سفرون رئيس باخرة الصيد "فوزية"، ملفتا إلى أن أمراض الروماتيزم واعوجاج العمود الفقري تنخر أجسام الصيادين، بسبب التعامل اليومي مع برودة مياه البحر وملوحتها والرطوبة العالية، وهو نفس ما أشار إليه الصياد أحمد بندو رئيس باخرة الصيد "عبد النور" الذي قال؛ "البحري يعمل سنة في ثلاث سنوات، بمعنى يحقق غلة جيدة سنة واحدة كل ثلاث سنوات بسبب تناقص الثروة السمكية بالمتوسط، وهو ما ينجر عنه صعوبات في تخليص التأمينات الاجتماعية وغيره، لذلك نطالب حقيقة اعتبار مهنة الصياد من المهن الشاقة والسماح بالتقاعد قبل سن الـ60".
هذه الانشغالات علق عليها مدير القطاع شريف قادري بالقول؛ إن الملف على طاولة وزارة العمل والضمان الاجتماعي للبت فيه، مطمئنا الصيادين باعتبار مهنتهم فعلا من المهن الشاقة.