بهدف ترقيتها إلى مصاف الحدائق العالمية
24 مليار دج لاعادة تهيئة حديقة بن عكنون
- 2189
أصبح الاعتناء بمستقبل حديقة الحيوانات والتسلية في بن عكنون أكثر من ضرورة، بالنسبة للسلطات العمومية التي تطمح إلى ترقية هذا الفضاء الترفيهي الطبيعي إلى مصاف الحدائق العالمية. ويترجم هذا الاهتمام من خلال دراسة النجاعة التقنية والاقتصادية لحديقة "الوئام المدني" بن عكنون ذات مساحة قدرها 307 هكتارات. وقد اقترح للمشروع الواعد ما يربو عن 24 مليار دج لتصبح الحديقة "قطبا ترفيهيا ورياضيا وثقافيا وإيكولوجيا، حسبما أشار إليه السيد صالح باي، رئيس المكتب الوطني للدراسات الخاصة بالتنمية الريفية في وزارة الفلاحة.
تضم الحديقة 1555 حيوانا توزع على 137 نوعا حيوانيا، تشرف عليها عيادة بيطرية ووحدة خدمات وحيدة أيضا، تعيش هذه الحيوانات في مساحة قدرها 70 هكتارا. وقد لخصت وثيقة الدراسة الواقع في هذه الجهة من الحديقة بالقول؛ إنها "قديمة لا تستجيب للمعايير المطلوبة" في هذا الاختصاص. وقد تبين بالمعاينة أن الأقفاص وشبابيك الحديد ما تزال تأوي تلك الكائنات، كأنها أسيرة. ولتدارك هذا الوضع، قال السيد باي بأن هذه الحيوانات بحاجة إلى "رعاية أكبر" من حيث المأكل والمشرب وكذا الرعاية البيطرية، وأن الوضع الحالي لا يستجيب لمنطق الطبيعة ولا لجماليات المكان الذي يؤم إليه الناس.
كما يقترح المكتب "تحرير" الحيوانات من أقفاصها وتقديمها في شكل مثير لفضول الزوار، ويشعرهم أن زيارتهم هي جزء من "مغامرة" في قلب الطبيعة. مع توفير شروط الأمان التي يجب أن يضمنها عمال مؤهلون تلقوا تكوين في هذا الإطار. مشيرا إلى الحالة "المتأخرة" لحديقة التسلية، وأن الألعاب "عتيقة ومنتهية الصلاحية" أغلبها يشغل ميكانيكيا وبحاجة إلى تجديد "جذري".
تستقطب هذه الجهة من الحديقة الكثير من العائلات والشباب الباحث عن الترفيه في أيام العطل الموسيمية والأعياد، وتقدر مساحتها بـ76 هكتارا، بها 11 لعبة للكبار و9 للصغار وقاعة متعددة للألعاب وقطار صغير بعجلات.
يقترح مكتب الدراسات ألعابا بديلة متطورة تناسب مختلف الفئات العمرية، ولتحقيق ذلك يجب اللجوء -حسب صالح باي- إلى شراكة أجنبية، حيث تم التواصل مؤخرا مع شركة من كوريا الجنوبية متخصصة في إنجاز أشهر الألعاب عبر العالم، على غرار عالم "ديزني" الساحر، وهي تضمن أيضا التكوين والمتابعة في آن واحد.
إعادة الحياة للتليفريك والقطار وتثمين الغطاء النباتي
يتحول التجوال عبر أرجاء الحديقة إلى مهمة شاقة بالنسبة للزائر الباحث عن فسحة ترفيهية ومعرفية في آن واحد. وتقترح الدارسة تدعيم الأرجاء بإشارات تعريفية ولوحات وخرائط تقود المتجول إلى تفاصيل المكان. وإضافة إلى المزرعة النموذجية المرتقبة التي ستساهم في الثقافة البيئية، يرى المشرف على الدراسة أن الغابة التي يغطيها شجر الصنوبر الحلبي بنسبة 50 % بحاجة إلى تهيئة الممرات وتأثيث الفضاء بطاولات وكراس خشبية، والأهم تطويق كل الزوايا بكاميرات مراقبة لوضع حد للاعتداءات المسجلة هناك من حين إلى آخر. تبقى حديقة بن عكنون فضاء طبيعيا "مفتوحا على الهواء" ولا ينتمي إلى "أي تصنيف"، كما هو حال الحدائق عبر الدول المتطورة، وسيزداد تدهوره لو فكرت بعض الجهات العمومية في فتح طريق عابر لغابتها، لأن ذلك "سيقطع شريان الحياة" في هذه المساحة الشاسعة، على حد قول المدير العام للمكتب السيد صالح باي.
تشير الرسومات التوضيحية للمشروع المقترح على الوزارة الوصية، إنشاء 3 أجنحة كبرى للعرض بمساحة 15000 متر مربع، لتكون قاعدة فلاحية تحتضن أكبر التظاهرات الدولية والوطنية في المجال. وهناك مساع ترمي إلى إنشاء حي للمؤتمرات على مساحة قدرها 3000 متر مربع، وقرية للذاكرة والثقافة وملاحق أخرى.
يلاحظ بالحديقة الحالة المزرية التي آلت إليها محطة التلفيريك المتوقفة عن الخدمة منذ أزيد من عشرية، بعدما كانت فيما مضى مصدر سعادة الزوار، لما تمنحه من نظرة شاملة على الغطاء الأخضر للحديقة. وعن مستقبل هذه الوسيلة الهامة للنقل، أكد المدير العام لمكتب الدراسات الخاصة بالتنمية الريفية أن مشروع عصرنة الحديقة لا يمكن أن يكتمل دون عودة الحياة إلى التلفيريك، وإلى خط السكة الحديدية المتوقف بدوره لمدة طويلة جدا، حتى أصبحت محطته الوحيدة مكانا مهجورا.
وكشف السيد صالح باي من جهة أخرى، عن أن الدراسة اقترحت إمكانية استغلال السد القديم المتواجد بقلب الغابة. وتبلغ قدرة استيعابه أزيد من 3000 متر مربع، وهو قابل للتهيئة من جديد وخلق مساحة حوله تعنى بالنشاطات المرتبطة بالماء. علاوة على استغلاله لرسكلة المياه المتدفقة في ناحيته، كوادي الرمان أو تلك المخزونة في جوف الأرض.
وعن سؤال حول مصير المؤسسات الفندقية هناك، أجاب المسؤول بالقول؛ إن الدراسة في مرحلتها الأولى لم تركز كثيرا على الشق الخاص بالفندقة الذي يضم فندقين "المونكادا"
(إقامة خاصة) و«الأروية الذهبية" (60 غرفة)، لأن "الفنادق مسألة شراكة سواء مع القطاع العام أو الخاص أو الدولي".
وقد استقبلت الحديقة ما يزيد عن مليون زائر (960 20 10 زائر) قبل نهاية عام 2016، حسب إحصاء قام به مركز الشرطة المتواجد بعين المكان، والذي يسهر على الحفاظ على الممتلكات وتأمين مقتضيات المواطنين، مع العمل على تحسيس الزوار بضرورة احترام المقومات الطبيعية للحديقة من أجل ديمومتها كوسط بيئي مثالي للمدينة.
وكأي مكان عام، يزداد الازدحام في أيام العطل الأسبوعية والسنوية والأعياد، فقد سجلت مصالح أمن ولاية الجزائر في نهاية العام المنصرم 19 حالة سرقة، وتوقيف 10 أشخاص بحوزتهم مخدرات و12 آخر كان محل بحث. كما تم تنقيط ما يربو عن 1310 حالة خضعت للمراقبة، وفق عميد الشرطة رابح زواوي، المكلف بالإعلام لدى أمن ولاية الجزائر.
ولأن الحديقة تتميز بمسالك وعرة ومنعرجات ومرتفعات، فإن العائلات المرفقة عادة بأبنائها تتعرض لحوادث كثيرة. وقد أحصى مركز الشرطة بالحديقة، حسب نفس المصدر، 15 حالة تم إسعافها عقب إصابات متعددة. ويعود الفضل في ذلك إلى الدوريات الراكبة والراجلة على مستوى الحديقة والمسرح اليومي الذي تقوم به الشرطة في الفترات المسائية غالبا.