نباتيون جزائريون يتحدثون لـ«المساء»:
مقتنعون بخيارنا ولا نعاني من أي مشاكل صحية
- 3207
النباتيون فئات فهناك من يرفض أكل كل أنواع اللحوم وهناك من يرضى ببعضها، وهناك من لا يتناول ولا منتوجا حيوانيا مثل الحليب ومشتقاته والبيض فيما يقبل البعض بها ويرفض اللحوم. وفي هذا الإطار اتصلت «المساء» بأشخاص قرروا التحول إلى نباتيين بدافع إنساني أخلاقي لأنهم ضد إزهاق أرواح الحيوانات وآخر صحي، مفنّدين تصريحات بعض الأطباء واللوبيات حول تسجيل خلل في الفيتامينات والمعادن لدى النباتيين وثالث بيئي حيث قدمت الأمم المتحدة تقريرا يفيد أن الصناعة الحيوانية تساهم في الاحتباس الحراري أكثر من قطاع المواصلات. فكان هذا الموضوع:
«وئام.أ»: النباتات تضم كل الفيتامينات والمعادن ما عدا B12
اعتبرت وئام (الطالبة في الصيدلة)، أنها أصبحت نباتية منذ أكثر من سنة، سبقها عامان من البحث والتفكير في الموضوع، فشرعت في الإنقاص من كمية اللحوم التي تستهلكها إلى وصولها لدرجة تحولت فيها إلى نباتية، والسبب احترامها للحيوانات. كما اعتبرت المتحدثة أن الحيوانات تتعرض لعنف شديد وغير معقول قبل أن تتحول إلى لحم يؤكل، مشيرة إلى رفضها أن تكون شريكة في هذا «التعذيب»، كما أضافت أن قرارها هذا يعود أيضا إلى مسألة تتعلق بالبيئة، حيث أن هكتارات كثيرة تزرع فيها أغذية الحيوانات كي تتحول إلى غذاء للإنسان، لتتساءل عن كمية المياه الهائلة التي تستعمل لتحقيق هذا الغرض!. بالمقابل، منذ أن تحولت وئام إلى نباتية أصبحت تطبخ أكثر وتقدم وجبات متوازنة وصحية، وتكتشف في كل مرة مقادير جديدة لتؤكد أنها أصبحت تشعر بسلام كلما رأت بقرة أو خروفا. وأكدت وئام تفهم عائلتها لتحولها إلى نباتية، بالمقابل تنزعج من الأسئلة التي تتردد على مسامعها مثل أن الحيوانات خلقت لتأكل وأنها حتما سيتعرض جسدها إلى خلل في الفيتامينات والمعادن، لتضيف أنها تستغرب الأفكار الخاطئة الكثيرة التي يتم تداولها حول هذا الموضوع، وفي هذا تقول: «ماذا عن الألياف؟ وعن الحموضة الناتجة عن اللحوم وكذا المضادات الحيوية والعنف وغيرها من الأمور غير الحميدة المتعلقة بأكل اللحوم»؟.أما قضية تناولها للحليب ومشتقاته وكذا البيض، قالت وسام إنها تتناول مشتقات الحليب وكذا البيض لأنه من الصعب في الجزائر، إيجاد منتوج خال من كل هذه العناصر، معتبرة أن توجهها لأن تكون نباتية مائة بالمائة يتأتى بالتدريج، ولكنها مصممة على الوصول إلى مبتغاها لأنها ترى أن عملية توفير الحليب والبيض أيضا توصف بالكارثية. وأكدت وئام أنها بصحة جيدة، وأضافت أنها تمارس الرياضة، كما أشارت إلى وجود دراسة تؤكد أن آكلي اللحوم معرضون أكثر من النباتيين وبنسبة 40 بالمائة لأمراض مختلفة مثل سرطان القولون والنوبة القلبية. لتنتقل إلى ضم النباتات لكل الفيتامينات والمعادن خاصة الكلسيوم والبروتين والحديد وهو رد لكل من يعتبر أن النباتي حتما يعاني من نقائص في هذه العناصر الثلاث.-تضيف وئام-. ومن بينهم لوبيات الصحة والماركتينيغ. مؤكدة أن النبات يضم كل هذه الأمور ما عدا 112 التي يمكن أخذها كمكمل. كما أشارت وئام إلى صداقتها مع نباتيين وآخريين يقللون من أكل اللحوم، بينما لم تقصد في حياتها مختصا في التغذية، لأنها بحثت في الموضوع طويلا، علاوة على دراستها في المجال الطبي التي ساعدتها في هذا المجال، كما تعتبر أن الأطباء والصيادلة لا يملكون معلومات صحيحة عن النباتيين.
أمينة غناي: تحولت إلى نباتية بعد مشاهدتي شريط «بيتا»
توقفت أمينة، عن أكل اللحوم حينما بلغت من العمر عشرين سنة، بعد أن تبلورت الفكرة لديها منذ أن كانت طفلة، ولكن القرار اتخذته سنة 2013، بعد مشاهدتها لشريط وثائقي لمنظمة «لأجل أخلاقية التعامل مع الحيوانات» (بيتا)، لتتخذ هذا القرار «الإنساني» والذي ربطته بالرهانات البيئية وفوائده الصحية. وفي هذا قالت أمينة، إن الغابات في الجزائر تموت تدريجيا جراء تحويلها إلى أراضي للرعي وكذا لتربية الماشية مما يؤدي إلى انبعاث غازات الاحتباس الحراري واستنزاف المياه وكذا إحداث التلوث، حتى أن الحيوانات توضع في أماكن ضيقة وتتعرض لتعنيف وتحقن بأدوية تسبب خطرا لصحة المستهلك.
في إطار آخر لم يؤثر هذا القرار كثيرا على حياة أمينة، اللهم التحقق من المواد التي يصنع منها المنتوج، لتضيف أنها في الأصل تأكل قليلا مع العلم أن محيطها يتقبل خيارها هذا في أن تكون نباتية، إلا أنها تصطدم بأحكام يصدرها أناس غرباء عنها، خاصة أنها لا تتناول البيض ولا حتى الحليب ومشتقاته إلا إذا كانت مضطرة إلى ذلك عندما تنزل ضيفة، في حين أنها تطبخ نباتي حينما تكون في بيتها، وتضيف أن يكون الشخص نباتي ينقص من خطر إصابته بأمراض القلب، كما أشارت أنها تأكل كثيرا الخضر والفواكه والنشويات والبذور الزيتية، كما تشرب الماء كثيرا. بالمقابل لم تلجأ أمينة إلى المختص في دراسة التغذية، كما أنها أجرت تحاليل طبية في أول عام من تحولها إلى نباتية وكانت النتائج جيدة، لتضيف أنها في السابق كانت تعاني من فقر دم وكانت تأكل أي شيء.
سفيان عبار: أرفض أكل اللحوم بدافع إنساني
اعتبر سفيان، رفضه لأكل اللحوم قضية إنسانية إن لم نقل أخلاقية، حيث أنه لا يجد أمرا في تعذيب الحيوانات، وأشار إلى جشع البعض الذي يدفعهم إلى الأنانية والإفراط ليؤكد أن الإنسان يمكن له أن يعيش من دون أكل اللحوم، أبعد من ذلك بل أنه سيتمتع بصحة أفضل ليعود ويطالب بعدم أذية كائنات تشعر بالألم. بالمقابل أشار سفيان إلى أنه بدأ الاستفسار عن موضوع «النباتيين» ليتحول بنفسه إلى نباتي أيضا ويتوقف نهائيا عن أكل اللحوم وهذا منذ أربع سنوات، حتى أنه لا يأكل كل ما تنتجه الحيوانات من بيض وحليب ومشتقاته، وبالتالي أتبع إحساسه وسمع لمتطلبات جسده. كما أكد سفيان تمتعه بصحة جيدة نافيا مزاعم البعض حول معاناة النباتيين من نقائص كبيرة في الفيتامينات والمعادن، بل اعتبر أنه أفضل صحة عما كان عليه حينما كان يأكل اللحوم، مشيرا أن لوبيات عالمية هي من تنشر هذه «الشائعات»، لينتقل إلى تأسيسه لصفحة على «الفايسبوك» حول النباتيين الجزائريين، معلنا أنه لا يهدف من خلالها إلى تقديم النصائح بل دفع البعض إلى التوجه نحو الكثير من المواضيع في الأنترنت التي تتناول هذه التظاهرة. فمثلا من خلال دراسة ما يكتب عن النباتيين، امتنع حتى عن تناول السكر الأبيض غير صحي، وغيرها، ليؤكد عدم توجهه إلى مختص في دراسة التغذية لأنه لن يتفق معه في هذا الشأن، ليعود ويؤكد أن الإنسان قديم كان نباتيا فلم لا نعود إلى أصلنا؟.
«فريال.أ»: هدفي عدم تناول أي منتوج حيواني
قالت فريال، إنها حاولت الامتناع عن أكل اللحوم منذ بلوغها سن 15 أي منذ أربع سنوات ولكنها لم تحقق مرادها بفعل ضغط والديها وكذا الإغراءات، ومع ذلك لم تستلم وهاهي اليوم لا تأكل اللحوم ولا تشرب الحليب إلا نادرا، في انتظار أن تتحول إلى نباتية مائة بالمائة، معتبرة أن ما دفعها للتفكير في الإقلاع عن أكل اللحوم هو تساؤلها حول شعور الحيوانات، واستغربت كيف أنها تمتنع عن أكل الحيوانات التي ربتها في حين يمكنها أن تأكل الحيوانات الأخرى؟ ومع المرور الوقت، نضجت الفكرة عند فريال خاصة مع البحوث التي قامت بها في هذا الشأن، لتقول إنه بدافع احترامها للحيوانات قررت أن تكون نباتية خاصة بعد أن تأكدت أن أكل اللحوم يهدد البيئة بل يحطمها بشكل تدريجي، ليتغير أسلوب عيش فريال، ويقل أكلها ما بين الوجبات، كما أصبحت تبدع أكثر في المطبخ حيث تكتشف كل يوم أذواقا أخرى للخضار والحبوب علاوة على استعمالها للتوابل عوض الجبن لإضفاء ذوق أكثر على الطعام. بالمقابل لم تعج فريال تستعمل أي نوع من غسول الشعر والعطور واللباس التي ترى أن أغلبها يؤثر سلبا على البيئة ولم تعد تقبل دعوات حول أكلات لا يمكن أن تتناولها، وهي تفعل ذلك –حسبها- ليس لجذب الانتباه، بل لأنها على طبيعتها حتى أنها لا تهتم بمن يصدر أحكاما عليها، أما عن عائلتها فتحاول دائما أن تدفعها لأن تكون «عادية» ولكنها تقاوم هذا المد بل تعتقد أن الكثير من الأشخاص لا يتحولون إلى نباتيين بفعل خوفهم من التقاليد الدينية والاجتماعية. كما لا تأكل فريال، اللحوم ولا تشرب الحليب وتحاول أن تصل في يوم قريب إلى درجة لا تأكل فيها أي منتوج صادر من الحيوان. لتؤكد أن عدم أكل اللحوم ينقص من خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب وكذا ارتفاع الكولسترول، مؤكدة أن الكالسيوم لا يوجد إلا في الحليب وأن البروتين لا يقع إلا في اللحوم، مضيفة أنها لم تلجأ إلى مختص في دراسة التغذية لأنها تؤمن بتجربتها الخاصة.
الغذاء غير الصحي ... تأثير سلبي على السلوك والصحة العقلية
يجمع الأطباء والمختصون على أن للغذاء تأثيرا مباشرا على الصحة النفسية والعقلية، فكلما اختل ميزان الغذاء واضطربت منظومته، ظهرت الاضطرابات وتولد المزاج السيئ، لذلك يوجد اليوم جزائريون كثيرون يعانون من هذه الاضطرابات نتيجة ما يأكلون.
الدكتور سفيان بودور (مختص في الأمراض العقلية): الصحة العقلية بحاجة لغذاء جيد
أكد الدكتور سفيان بودور خلال حديثه لـ«المساء» أن كل الدراسات العلمية أثبتت مدى تأثير الغذاء على صحة الإنسان، فإذا صلح الغذاء صلحت الصحة وإذا ساء كان العكس. ويذكر المتحدث أنه بالنسبة إلى اختصاصه في الطب العقلي، يتم مثلا تزويد المراهقين ذوي السلوك غير السوي بـ (الأوميغا3 والأوميغا6) التي توجد غالبا في السمك فيتحول سلوك هؤلاء المراهقين ويصبحوا أقل ضررا سواء على أنفسهم أو على محيطهم الاجتماعي ويعتدل سلوكهم نحو الهدوء، وهو دليل على مدى أهمية الغذاء في صحة الإنسان منها الصحة العقلية.
أشار الدكتور بودور إلى وجود الكثير من الأطعمة التي يتناولها الجزائريون اليوم دخلت بقوة في يومياتهم، أصبحت تمثل ضررا حتميا منها الأطعمة المقلية خاصة البطاطا وكذا السكريات والمشروبات الغازية وعلى رأسها «الكوكاكولا» معتبرا ذلك سوء تغذية، كما قال إنه إذا اجتمعت كل هذه المأكولات مع قلة ممارسة الرياضة والحركة فسيكون التأثير أكبر ومع الوقت يظهر الاضطراب والقلق وضربات القلب المتسارعة وغيرها من الأعراض.
أشار الطبيب إلى أن 70 بالمائة من حالات القلق عند الجزائريين تعود إلى نوعية الغذاء الذي يتناولونه، زد على ذلك حالات القولون العصبي التي يساهم الغذاء بشكل كبير في تأجيجها، محذرا من أكل السكريات، فالجزائر في مقدمة دول العالم المستهلكة للسكر والسبب يعود إلى أن الجزائريين يفرطون في تناول السكر وبمنحنى تصاعدي، وهنا استعرض خطورة هذه المادة على الصحة العقلية إذ تمس خلايا الدماغ ويؤدي الإفراط في استهلاكها إلى الإدمان تماما كما هو الحال بالنسبة للمخدرات مثلا ويصبح تناولها عادة لا يمكن التخلي عنها وأضاف قائلا «لا حرج من أكل الحلويات أو الشكولاطة فهي مطلوبة أحيانا وقد يسبب تناولها البهجة ولكن إذا ما زادت عن حدها أضرت بصحة الإنسان الجسمية والنفسية».
الدكتورة صبرينة قهار أخصائية نفسية: المحافظة على الصحة أولوية
من جهتها، أكدت الأخصائية قهار أن للغذاء انعكاس على الصحة البدنية والنفسية لذلك على الإنسان أن يكون طبيب نفسه ويتجنب الأطعمة التي تثيره وتأجج قلقه وتنغص حياته حتى ولو كانت مفضلة عنده، المتحدثة تنصح من يستشيرها بالتوجه إلى طبيب مختص في التغذية كي يعدل المعني من نظامه الغذائي ليرى بنفسه أثر ذلك على صحته النفسية واستقرارها، أما بالنسبة للأطفال المدمنون على تناول الأطعمة غير الصحية منها الحلوى وأنواع «الشيبس» والعصائر الاصطناعية فاعتبرتهم المتحدثة مسؤولية أوليائهم الذين لهم كامل السلطة والحق في أن يمنعوا عنهم هذا الخطر وعليهم بتوجيههم إلى أغذية صحية وعدم الانسياق وراء كل ما يقدمه السوق من مغريات.
الدكتور فتحي بن أشنهو: الأطفال ضحية التغذية السيئة
يردد الطبيب بن أشنهو دوما في تصريحاته الإعلامية في تصريحات سابقة أن الصحة تبدأ من الوقاية والوعي وبالتالي فعلى الإنسان أن يراقب ما يأكل تجنبا للأمراض، فلا إفراط ولا تفريط فالغذاء الجيد بمثابة الدواء الذي يحمي الإنسان من المرض .
بالنسبة للأطفال، حذّر الدكتور بن أشنهو من اللمجة التي تضم أغذية غير صحية تدجج بها الأمهات محافظ أبنائهم فتسبب لهم السمنة وبعض السلوكات منها فرط الحركة وعدم التركيز، مقترحا الأغذية الصحية المفيدة وعلى رأسها الفاكهة التي من الأفضل إعطاؤها للطفل وإبعاده تماما عن المواد المصنعة.