الملتقى الوطني حول العالِم والوليّ الصالح سيدي الهواري
نادٍ ثقافي بنيويورك باسم الإمام
- 1688
عرف الملتقى الوطني حول العالم والولي الصالح سيدي الهواري الذي نظّمه مخبر مخطوطات الحضارة الإسلامية في شمال إفريقيا بالتعاون مع الجمعية الجزائرية للزوايا والثقافة الصوفية الذي اختُتم أول أمس، إلقاء 35 محاضرة، تناولت جوانب عدة من حياة الإمام الهواري وآثاره، ودلت على اهتمام كبير بهذه الشخصية الجهادية، العلمية، الفقهية والمتشبعة بالثقافة الصوفية. وتُوّج الملتقى بإبرام اتفاقية تقضي بتسمية ناد ثقافي بنيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، باسم الإمام الهواري. وحسب الأستاذ زناتي فؤاد عضو مخبر مخطوطات الحضارة الإسلامية في شمال إفريقيا، فإن وفدا من مدينة وهران سيشارك في احتفالية تأسيس هذا النادي.
توّج الملتقى بتوصيات هامة كطبع أعمال الملتقى، والدعوة إلى إنشاء مؤسّسة ثقافية اجتماعية باسم الإمام الهواري، والعمل على جمع تراث الإمام الهواري ونشره وتحقيقه والتعريف به، وتنظيم ملتقى دولي حوله وإعطائه بعده المكاني علميا ومعرفيا، وتخصيص ملتقى وطني لتلاميذ الإمام وعلى رأسهم الشيخ إبراهيم التازي، وتعزيز المحتوى الرقمي حول الإمام الهواري من خلال رفع المحاضرات، وتسجيل المداخلات على الأنترنيت، واستثمار جهود الإمام الهواري وأمثاله في ترسيخ الأمن الفكري وتحصين الهوية الوطنية الجزائرية.
وثمّن المشاركون تنظيم مثل هذه الملتقيات التي تقصد التعريف بأعلام الجزائر، خاصة لدى الشباب والجيل الحالي الذي يجهل الكثير عنها، وكذلك العناية أصلا بهذه القامات العلمية والصوفية، التي تركت آثارا واضحة فيمن عايشها، ووقف على غزارة عطائها سواء بالاحتكاك المباشر أو تدارسه جيلا بعد جيل.
وحتى إن كان الملتقى الوطني لم يُجب على العديد من الأسئلة والإشكاليات المطروحة على غرار دفن العالم سيدي الهواري، والتطرق إلى عائلته كابنتيه «لالا خدومة» و»لالا شريفة»، والتوسّع في سرد تاريخ مدينة وهران حسب بعض الأساتذة المشاركين، إلاّ أنّ مثل هذه المواعيد الثقافية والعلمية، يبقى هاما جدا من حيث أنّه مقصد للتعرف على الشخصيات التاريخية، التي ساهمت في صنع تاريخ وطنها ومدنه، وتمحيص آثارها على غرار العالم الجليل سيدي الهواري، وهو ما أكّده السيد عبد المجيد بن نعمية مدير مخبر مخطوطات الحضارة الإسلامية في شمال إفريقيا، عندما كشف أنّ المخبر يسعى إلى جمع وتحقيق ونشر تراث الإمام الهواري عن طريق الأساتذة والطلبة الذين ينتمون إلى المخبر، ومن خلال التعاون مع أساتذة آخرين معروفين بشغفهم الكبير في البحث في التراث.
وستكون الانطلاقة، حسب المتحدّث، بتحقيق المخطوط الفقهي والعلمي المعروف بكتاب «السهو»، وهو يتناول بصفة أساسية، مسألة كيفية ترقيع المسلم صلاته، وهو مكتوب باللغة العربية العامية من ضمن ثلاثة مخطوطات متوفرة في الساحة حسب الدكتور بن عافية.
ولعلّ من الإشكاليات الهامة التي طرحت في هذا الملتقى بعض الجوانب الشائبة والإضافات الكاذبة التي ألصقت بالعالم سيدي الهواري، والتي اعتبرها الدكتور أحسن زقور أستاذ الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة وهران، من صنع المخابرات الإسبانية والفرنسية وبعض الجهلة، الهدف منها تشويه صورة هذا العالم والرجل الفقيه، معترفا بوجود مسائل شائكة، تقتضي من الباحثين التمحيص والنظر فيها نظرة علمية.
كان الملتقى الوطني حول الإمام سيدي الهواري، فرصة ليكشف الشيخ نور الدين مشوط رئيس الجمعية الجزائرية للزوايا والثقافة الصوفية، عن برنامج ملتقيات أخرى من تسطير جمعيته، تستحضر من خلالها أعلام الجزائر، منها ملتقى علمي حول الشيخ البومرداسي، وملتقى علمي آخر حول طرق التدريس في الزوايا الذي يقام بأدرار، يتوج لقاءات فرعية في كل أنحاء الوطن، مؤكدا على ضرورة تثمين التراث المادي وغير المادي الذي يُعد من أهداف الجمعية، مدافعا باستماتة عن الزاويا، ومشيرا إلى أنّها جاءت لخدمة الدين وليس العمل به، داعيا إلى تشجيع السياحة الروحية التي قال عنها بأنها منعدمة في الجزائر من خلال خلق قرى سياحية بالنمط القديم تجلب السياح الأجانب. للإشارة، أعلن والي وهران عبد الغني زعلان لدى افتتاحه الملتقى، عن تصنيف حي سيدي الهواري كقطاع محمي من طرف الحكومة، وتخصيص مبلغ مالي لعملية ترميمه، وأنّ مصالحه بصدد القيام بالإجراءات الإدارية حتى تشرع في الترميمات اللازمة حول هذا الحي الذي يحمل الذاكرة الكبيرة لوهران، واسما من أسمائها الكبيرة، وعرف على مدار التاريخ تآكلا وانهيارات كثيرة تستوجب العناية به.