المثقفون يدعون الأحزاب إلى مراعاة المشروع الثقافي ويؤكدون:

النخبة تركت الساحة لأصحاب «الشكارة»

النخبة تركت الساحة لأصحاب «الشكارة»
  • 2288
مريم/ن مريم/ن

يرى الكثيرون من أبناء الطبقة المثقفة أن الثقافة تأتي أولاً وكل شيء آخر يأتي بعدها، فهي المُبتدأ والمنتهى في أي مشروع وطني شامل، وإذا كانت السياسة تعتمد في خطابها على الآني وعلى المصالح فإن الثقافة عمادها الضمير وهدفها تجميع ما تفرقه السياسة، وليس خافياً أن بعض المثقفين يشعر بالتهميش، وبعضهم يُكابد مشاعر اليأس والغربة ويقف على جزيرة مقطوعة وسط محيط هائج. ينتظر أن يكون المثقف اليوم شريكاً في البناء عبر تقديم البدائل، وأن ينتقل من دائرة العداء أو الولاء المغلقة إلى فضاء التكامل والتعاون ليجسد الحُلم بالأفضل والأمل بالتغيير على أسس راسخة على أرض الواقع. عن دور المثقف في مجريات التشريعيات وعن مدى انخراطه فيها وسعيه لولوج المعترك السياسي والمشاركة في هذه الاستحقاقات تحدث بعض هؤلاء المثقفين لـ»المساء».

المؤلف علي ملاّحي: المثقف ليس سمسارا

يرى المؤلف والأستاذ الجامعي الدكتور علي ملاّحي، أنه ككل المثقفين يتطلع إلى تقديم ما فيه مصلحة الجزائر من خلال انتخابات شريفة ونزيهة ليس فقط من جانب الدولة، لكن أيضا من قبل الأحزاب، ذلك أن الدولة تقدم جهدها في التشريعيات على أحسن وجه لكن على المترشح أيضا أن لا يتحول إلى سمسار، وبالنسبة للمثقف فإن المتحدث يؤكد على أن له دور في التفاتة المشرعين للجانب الثقافي وأهميته في حياة الجزائريين، الجزائر التي هي قامة حضارية وبالتالي تستوجب في أن يكون المشرع ذو كفاءة.

أشار الدكتور ملاّحي، على ضرورة إعطاء المثقف دوره الحقيقي الذي يمكّن الجزائر من أن تكون في مستوى رائد أو على الأقل أن لا تكون في مؤخرة القافلة ولو بالنسبة للدول العربية، وبالتالي تعزيز موقعنا كبلد نموذجي أخذ تجربته بدمه وكنموذج عاش العشرية السوداء وخرج منها منتصرا، وفي ضوء هذه المرحلة التي يعيشها الوطن العربي بشتى مشاربه حاليا -يضيف المتحدث-، والجزائر انتصرت وهي الآن تمثل النموذج الإنساني المتحرر، والجزائر الآن هي التي يمكنها أن تقدم للآخرين مفاتيح الحل لكثير من المشكلات التي يعيشها هؤلاء العرب ويقول: «نحن مثقفون لا يخيفنا «ربيع عربي» لأننا عشناه وخرجنا منه بقلوب عميقة قادرة على التأمل والتحكم في حركية المستقبل».

مسألة ترشح المثقف للانتخابات يراها المتحدث اختيارا شخصيا ومساهمة منه في بناء الوطن وهي لا تقتصر فقط على الجانب التشريعي المحض.

بالنسبة للبرلمان يراه المتحدث مقاما له حدوده ووظيفته ودوره ويتجاوز النظرة الضيقة كونه فرصة سانحة لتحقيق أغراض شخصية ويقول: «نحن المثقفون ننظر إلى البرلمان كنافذة من النوافذ التي تخدم البلاد بشكل أو بآخر، ومؤسسة لها وظيفتها المقدسة التي يجب أن تكون عند حسن المواطن، والإشكال نعيشه مع برامج الأحزاب لتأخذ بعين الاعتبار عجلة الثقافة في أفقها السياسي وكي لا تبدو أحزابا تشجع الجهل وقلّة الحيلة والمناورة والمتاجرة بكل شيء بطريقة غير شريفة، وأؤكد من موقعي كمثقف ومبدع أن تكون لدى الأحزاب هذه الحساسية التي نسميها شرف خدمة الوطن فوق كل الاعتبارات».

الكاتب عزوز عقيل: المثقف يضرب بسوطه أصحاب «الشكارة»

بالنسبة للتشريعيات يراها الكاتب والشاعر عقيل، ضرورية وحتمية نظرا للوضع العام الذي يسود مختلف دول العالم بينما في الجزائر ـ يضيف ـ اكتسبنا شرعية انتخابية بالرغم مما يقال عنها هنا وهناك لكنها تكرس لمبدأ ديمقراطي يجب على الجميع المساهمة والمضي لإنجاح هذا المشروع وتفويت الفرصة على كل الذين يتربصون بهذا الوطن الجميل لكن يجب الإعداد لها الإعداد الحسن، والابتعاد عن الغوغائية التي بدورها قد ترجعها إلى الخلف سنوات وسنوات.

يقول: «أما بالنسبة لي فأعتبر ذلك واجبا لابد من المساهمة فيه دون اللجوء إلى الضغوطات والخطابات التي تدعو إلى العنف وتؤسس له».

أشار الأستاذ عقيل، أنه بالرغم من أن الكثير من الأحزاب السياسية أو نقل جلها غيّبت الجانب الثقافي من برامجها وحتى تلك التي دعت إليه في مناسبات سابقة لم يكن ذلك إلا مجرد ذر للرماد في العيون، متمنيا من كل الأحزاب السياسية أن تراعي المشروع الثقافي في برامجها لأنه اللبنة الأساسية في بناء المجتمعات فشعب مثقف شعب متحضّر.

أوضح المتحدث أن المثقف يبعد من الأحزاب ومن السياسة عموما ليترك بذلك الساحة لأصحاب «الشكارة»، على اعتبار أن نظام «الشكارة» أصبح هو السائد في مختلف الأحزاب بكل تنوعاتها وأطيافها لأن صوت المثقف كالسوط يجلد به كل الخارجين عن القانون واستثنى من هذا كله المثقف المنبطح الذي باع ثقافته بالمبيت في الفنادق الفخمة.

الروائي إسماعيل يبرير: لست في علاقة طيّبة مع الانتخابات

أشار الروائي إسماعيل يبرير، أنه ليس في علاقة طيّبة مع الانتخابات، لكنه بالرغم من ذلك يدعم بعض زملائه وأصدقائه من المثقفين الذين ترشحوا.

بالنسبة لإسماعيل يرى أنه لم يجد حزبا ينسجم مع أفكاره، كما أن الرجل السياسي الحالي بالجزائر حاليا متواضع بمستواه الثقافي والمعرفي وبالتالي عيب على المثقف أن يكون مرتبا في مرتبة دنيا هي أقل من هذا الشخص المحدود.

يرى المتحدث عملية الانتخاب واجب في مسار الدولة لا يمكن توقيفه، وقد تتغير الأمور إلى الأحسن مستقبلا إلى ذلك يبقى الخطاب الحزبي لا مكانة للثقافة والمعرفة فيه فهو يعتمد أساسا على خطاب البطن.

الأستاذ خالد بن ققة: الاستحقاقات حدث ثقافي

يرى الكاتب والإعلامي خالد بن ققة، أن الموعد مهم بالنسبة لهذه التشريعيات، والتي تمثل تراكما في العمل السياسي، وهي ليست تجربة انتخابية جديدة ولا يتم الدخول إليها بشكل فردي بل في تعددية، والاستحقاق هو في حد ذاته ثقافة سياسية.

رغم إقامته بدولة الإمارات يتابع المتحدث الحدث الانتخابي كمهتم بالرؤية السياسية وكمحلل يعيش ويتعامل مع العرب على اعتبار أنه يكتب لعدة صحف مما يحتم عليه المتابعة ثم كونه جزائريا معنيا بالانتخاب، مذكرا أن العملية فضاء للتنفس ولقاء الجماهير ولمحاسبة 5 سنوات ماضية ويقول: «لدينا أخطاء لا شك لكن التجربة تراكمت وتأثير المال والاقتصاد عليها أمر طبيعي يحدث في كل العالم ضمن توازنات مطلوبة والإفتاء في النزاهة تحدده اللجنة المشرفة، كما أنه حدث ثقافي واجتماعي ووفاء بالعهد لكل 5 سنوات لتستمر المسيرة.

بالنسبة لتهميش الأحزاب للثقافة فالاستحقاقات عمل ثقافي في حد ذاته وجزء من منظومته فالسلطة في أي شعب نابعة من ثقافته.

يرى بن ققة، أيضا أن الثقافة مهمشة في المشهد لأنها ببساطة لم تعد مطلبا شعبيا ولا إجتماعيا إذ أن هذا الأخير منشغل عنها بالتعليم وبظروف المعيشة وبحسابات أخرى لا علاقة لها بالثقافة.

يؤكد المتحدث أنه ملتزم بالانتخاب وهو في ديار المهجر ولو بورقة بيضاء، معتبرا إياه حدثا يجمع أسرته بوطنها الأم.

يوسف شقرة رئيس اتحاد الكتاب: ترشح المثقفين أمر عادي

أكد شقرة أن التشريعيات هي حلقة من الحلقات التي دأبت الدولة الجزائرية على احترامها في مواعيدها، وهو أمر يثمّن ويشهر به وقد لا نجده في دول أخرى فالالتزام هو شيء حضاري، أما فيما يخص البرامج المتنافسة فهي تصب في الجوانب السياسية والاقتصادية، ويتساءل المتحدث عن واضعي برامج هذه الأحزاب وهل يدركون أن المثقف هو عصب الحياة وهو النور الذي يهتدي به، وأن الحضارات الأممية الراقية والباقية هي التي وضع أسسها المثقف المتنور لذا يتعجب كيف تفقد كثير من البرامج حتى لا يقول كلها إلى الجانب الثقافي وهل ذلك جهل أو خوف؟.

عند الحديث عن ترشح المثقفين فذلك ـ حسب السيد شقرة ـ أمر طبيعي بالنظر إلى أن هذا المثقف هو كائن إنساني يتفاعل مجتمعه ويتلمس بدقة وإحساس مشاكله ومواجع المواطن وبالتالي هو القادر على نقلها وليس الآخر الذي يتقن فن المراوغة والمماطلة، ومن هنا دعا المثقفين الذين تتاح لهم الفرص لتبوء هذه المكانات أن يستغلوها ولا يتركوا الفراغ حتى يحتله ذلك الذي همّه هو بطنه ومصلحته الخاصة، أو من لهم تعصب لجهة أو منطقة أو من له تطرف فكري أو انتماء متحيز، فإذا ما حدث ذلك فلا يجب على المثقف أن يلطم وجهه، وأن يتباكى على ملك ضاع منه بل عليه أن يتحمّل مسؤوليته كاملة لأن التاريخ لا يرحم.

الدكتور بن تومي اليمين: إفلاس في البرامج السياسية

أكد الكاتب بن تومي، أن هناك إفلاسا رهيبا بالنسبة للبرامج الحزبية التي لا تعير اهتماما للثقافة لعدة أسباب منها أن معظم السياسيين ليسوا مثقفين أصلا بل إداريين أو تقنوقراطيين أو هواة لا يمارسون الفعل السياسي بشكل معرفي، كما أن الفعل السياسي غلبت عليه الكارنفالات وبالتالي يعزف عن الثقافي ويتجه للاجتماعي، زد على ذلك تغير القيم السياسية حيث أصبح التاجر مقدما على المثقف وكأننا في مزاد علني تباع فيه الممارسة السياسية لمن يشتري أكثر، وبالتالي فإن المثقف إما أن يكون باحثا أو معلما أو موظفا لا يملك طرقا لمجابهة التسليع السياسي وكأن القيم الاجتماعية أصبحت مبررا للتجار السياسيين من أجل أن يزيدوا في شهرتهم أو وعائهم الاجتماعي، أما المثقف فيتوجه أساسا للأفكار ولا يملك سندا ماديا يقوم عليه ليروج ما يقوله، وهكذا تغلّب الشعبي على المثقف وتغلبت المهرجانات التي هي ـ حسب المتحدث ـ ليست حلا لمشكلات المجتمع والبلد لذلك نشاهد عزوف المثقفين والكتّاب والعلماء عن العمل السياسي.